Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دوغين بوتين والأوراسية: صراع القدر الإمبراطوري

تساؤلات عما تجنيه كييف من جريمة قد يستفيد منها الرئيس الروسي في حشد العصبية ضد أوكرانيا

ألكسندر دوغين وضع الأساس الجيوسياسي والاستراتيجي والفكري للأوراسية في كتاب "النظرية السياسية الرابعة" (أ ف ب)

سياسة الاغتيالات فاشلة، وإن أصرت على ممارستها دول عدة في طليعتها أميركا وروسيا وإيران وإسرائيل، وسواها. فاشلة في إضعاف العدو. فاشلة في إرهاب المعارضين. وفاشلة حتى حين تكون مجرد "رسالة دموية" في بريد صراع كبير. وإذا  صحت الرواية الروسية السريعة حول اغتيال داريا دوغينا، ابنة المفكر ألكسندر دوغين في موسكو، بصرف النظر عن الثغرات فيها، فإن قرار الاغتيال حماقة أوكرانية، لكن خبراء الاستخبارات في العالم يشككون في الرواية. ويتساءلون، ليس فقط إن كانت كييف قادرة، بل أيضاً عما تربحه من جريمة يستفيد منها الرئيس فلاديمير بوتين في مزيد من حشد العصبية الروسية ضد أوكرانيا. وإذا  كانت متضايقة من منظر الأوراسية، فما الذي يفيدها لو اغتالت دوغين نفسه لا ابنته، وهي تواجه حرب المشروع الأوراسي على أرضها؟

ألكسندر دوغين الذي يوصف بأنه "عقل بوتين". ويقول إنه لا يقابل سيد الكرملين، وليس المنظر الروسي الوحيد، ولا الأول، للحلم الأوراسي ضد الحلم الأوروبي. قبله دعا نيكولاي تروبيتزكوي المثقفين الروس إلى "تحرير أنفسهم من التعلق بأوروبا والتركيز على إرث جنكيزخان لإنشاء دولة روسية أوروآسيوية تقف أوكرانيا عقبة في وجهها"، وكذلك المهاجر المعادي للشيوعية إيفان إيلين معه وبعده دعا فلاديمير إيفيسييق إلى احتلال كل أوكرانيا وإقامة "أوراسيا الكبرى". ولم يتردد بوتين في القول إنه "يحقق المهمة التاريخية لروسيا كفضاء للأوراسية"، لكن دوغين وضع الأساس الجيوسياسي والاستراتيجي والفكري للأوراسية في كتاب "النظرية السياسية الرابعة"، التي رآها البديل من "ثالوث الليبرالية والاشتراكية والفاشية"، فهو مع اختراق الحدود وخرائط الدول ضد النظام القائم على معاهدة وستفاليا، كما كتبت ابنته في المقال الأخير لها، وهو يريد قيام قوة عظمى أوراسية عبر اتحاد روسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة ودول أخرى، لتشكيل "مركز قرار دولي، وقوة اقتصادية وسياسية ضاغطة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والترجمة العملية لذلك أن قدر روسيا أن تكون "إمبراطورية"، مرة "إمبراطورية قيصرية ليس لها سوى حليفين: الجيش والأسطول"، كما قال القيصر ألكسندر الثالث. ومرة إمبراطورية سوفياتية بعقيدة شيوعية. والآن أبراطورية روسية أوراسية كقطب مواجه لأوروبا، بعقيدة النظرية السياسية الرابعة، لكن النظرية شيء، والواقع شيء آخر. فالاتحاد الأوراسي الشامل لم يتحقق. والجمهورية السوفياتية السابقة الوحيدة التي أعلنت الاستعداد لقبوله هي بيلاروس، المحكومة سلطوياً من ألكسندر لوكاشينكو حليف بوتين. وما تحقق هو مجرد فضاء اقتصادي أوراسي. وليس من السهل التعامل مع العالم على أساس أن "الصراع مع الغرب حتمي، وليس سياسياً، بل وجودي على روح روسيا"، كما يقول دوغين.

ولم يكن ديمتري ترينين الشاب يرجم بالغيب حين كتب قبل نصف قرن، "لا شيء أهم من أوكرانيا". وما كان يبالغ بعد سقوط الاتحاد السوفياتي بالقول، "روسيا خرجت من القرن العشرين من بابين، باب يقود إلى السوق المعولمة في القرن الحادي والعشرين، وآخر مفتوح على اللعبة السياسية الكبرى في القرن التاسع عشر". فسياسة بوتين هي اللعب عبر البابين. فمن جهة، يقول في "المنتدى الاقتصادي الأوراسي"، إن روسيا "تدرك المزايا التكنولوجية الهائلة في التقنيات العالمية في الاقتصادات المتقدمة، ولن نقطع أنفسنا عن ذلك". ومن جهة أخرى، يخوض في أوكرانيا واحدة من حروب التوسع الإمبراطوري في القرن التاسع عشر وقبله. و"من دون أوكرانيا تبطل روسيا أن تكون إمبراطورية"، كما كان يقول البروفيسور بريجنسكي. واليوم "تتطور الإمبراطوريات بوتيرة مدهشة يعجز سبعون ماركس عن تحليلها"، بحسب ألكسندر باكوفليف.

المزيد من تحلیل