Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصة تونس مع الإرهاب...

الهجومان أعادا الخوف والرعب إلى نفوس التونسيين الذين عانوا من تاريخ مؤلم مع الإرهاب

عناصر الشرطة التونسية في حال تأهب عقب الهجومين الانتحاريين في تونس العاصمة 27 يونيو 2019 (أ.ب)

بعد أشهر من الهدوء الذي أعقب سلسلة تفجيرات دامية ضربت تونس، استهدف تفجيران إرهابيان قلب العاصمة الخميس 27 يونيو (حزيران)، أسفرا عن سقوط عدد من الجرحى من بينهم رجلا أمن.

وبحسب مصادر أمنية، فقد استهدف التفجير الانتحاري الأول سيارة شرطة في شارع شارل ديغول، الذي يُعد أحد أهم الشوارع التجارية بمدينة تونس، وهو مواز لشارع جمال عبد الناصر، على بعد 100 متر من السفارة الفرنسية. في حين استهدف التفجير الثاني وحدة مكافحة الإرهاب في القرجاني في العاصمة.

هذان الهجومان أعادا الخوف والرعب إلى نفوس التونسيين الذين عانوا من تاريخ مؤلم مع الإرهاب، وأعادا إلى الذاكرة أبرز الأحداث الدامية التي شهدتها تونس بسبب الإرهاب، وأودت بحياة الكثير من الأبرياء.

تاريخ مؤلم

ففي 11 أبريل (نيسان) 2002، شهدت جزيرة جربة التونسية هجوماً تم خلاله استهداف كنيس الغريبة اليهودي بسيارة مليئة بالمتفجرات، ما أدى إلى مقتل 14 سائحاً ألمانياً وثلاثة تونسيين وفرنسيين اثنين، إضافة إلى إصابة 30 آخرين، كما قتل المسلح الذي فجر السيارة.

وفي عام 2011، أصبحت أخبار الإرهاب أمراً شائعاً في أوساط التونسيين، فبعد أشهر قليلة على تداعي حكم زين العابدين بن علي للسقوط، كثرت العمليات التي ضربت البلاد وتسارعت وتيرتها. ففي 18 مايو (أيار) 2011، شنت مجموعة إرهابية عملية ضد الجيش ما أدى إلى مقتل عنصري أمن في الجيش الوطني، لتنطلق بعدها المواجهات المباشرة بين المؤسستين الأمنية والعسكرية والتنظيمات الإرهابية في تونس.

وشهد عام 2012، تحركات للعناصر الإرهابية، وتمكنت قوات الأمن التونسية، في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2012، من إيقاف أول خلية إرهابية في القصرين.

أما عام 2013 فكان الأكثر ضراوة وقسوة وقد لُقّب بـ "السنة السوداء"، إذ شهدت أكبر عدد من العمليات الإرهابية التي أوقعت عشرات الضحايا من منتسبي مؤسستي الجيش والأمن، في مواقع عدة في الجبال والطرقات ومراكز الأمن والثكنات في عملياتٍ مباغتةٍ، علاوة عن اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

وبعد سلسلة من العمليات الإرهابية، نجحت المؤسستان الأمنية والعسكرية في عام 2014 في تنفيذ عمليات أمنية ناجحة.

لكن هذه النجاحات الأمنية، لم تكبح جماح العناصر الإرهابية التي واصلت عملياتها، وبلغت حد استهداف منزل وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو، في 27 مايو (أيار) 2014، في أول عملية إرهابية تطال الوزير بشكل علني في مكان سكنه، في حي الزهور بالقصرين وسط غربي البلاد. وأسفر الهجوم عن مقتل أربعة أمنيين.

وفي الأشهر التي أعقبت تلك العمليات، سقط عدد من العسكريين في عمليات متفرقة.

2015 عام الإرهاب

يمكن القول إن عام 2015، كان عام الإرهاب بامتياز وقد شهدت منعرجاً خطيراً في سجل العمل الإرهابي في البلاد، من خلال عمليات كبرى في العمق التونسي.

ولعل الهجوم الأبرز الذي شهدته تونس خلال الأعوام الأخيرة، هو ذلك الذي استهدف متحف باردو في 18 مارس (آذار) 2015، عندما قام مسلحان باقتحام أهم المتاحف في العاصمة، الأمر الذي أدى إلى مقتل 22 شخصاً، غالبيتهم من السياح الأجانب، وجرح 45 آخرين. وانتهى الهجوم بمقتل المسلحين الاثنين على يد القوات الخاصة داخل المتحف.

هذه العملية الإرهابية طرحت وقتها أسئلة أمنية، لا سيما في ما يتعلق بكيفية وصول مسلحين إلى أهم مؤسسة سيادية في تونس، إذ لم يفهم كيف وصل مسلحون يحملون أسلحة رشاشة إلى المتحف، وهو ملاصق لمجلس نواب الشعب، خصوصاً أن المدخل واحد للمبنيين.

وفي 26 يونيو من عام 2015، تعرضت مدينة سوسة الساحلية لهجوم، أسفر عن مقتل 38 سائحاً وجرح 39 آخرين، بعد أن هاجم مسلح أحد الفنادق على شواطئ أحد المنتجعات السياحية، وتمكنت قوات الأمن حينها من قتل الجاني أثناء الهجوم.

وفي 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، فجر مسلح نفسه في حافلة في شارع محمد الخامس بالعاصمة تونس، ليقتل 12 شخصاً من الأمن الرئاسي التونسي.

وشهد شهر مارس عام 2016 أحداثاً دامية، ففي اليوم السابع من الشهر، تعرضت مدينة بنقردان على الحدود مع ليبيا إلى محاولة من مسلحين للسيطرة عليها، تبعتها اشتباكات متقطعة مع قوات الأمن استمرت حتى التاسع من مارس، وأدت إلى مقتل وإصابة العشرات.

2017 الأكثر استقراراً

ويمكن القول إن عام 2017، يصنف العام الأكثر استقراراً في تونس، مقارنة مع السنوات الست السابقة. فقد سيطرت أجهزة الأمن على الأوضاع في البلاد، وتراجعت حدة الهجمات الإرهابية، ولم تسجل سوى بعض العمليات المعزولة كعملية منطقة جنعورة من معتمدية قبلي الجنوبية في مارس أسفرت عن مقتل عنصر أمن وإصابة اثنين آخرين.

ونفذت وحدات الجيش التونسي 855 عملية عسكرية في مجال مكافحة الإرهاب، لكن هذه النجاحات لا تزال محفوفة بالأخطار، وربما تعيد البلاد إلى نقطة الصفر، بخاصة في ظل هشاشة الوضع الإقليمي.

كما شهد عام 2017 توقيع اتفاق تعاون في المجال الأمني بين تونس والجزائر لدعم قدرات البلدين في مواجهة التحديات الأمنية، لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية وتبادل المعلومات الاستخباراتية. كما اتجهت تونس إلى التعاون مع شركائها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لدعم برامج تدريبية للشرطة والجيش.

وعلى الرغم من تحسن الوضع الأمني، والانخفاض الملحوظ في عدد العمليات الإرهابية في تونس، تبقى الخلايا الإرهابية النائمة في المناطق الجبلية كالشعانبى والمغيله في ولايتي القصرين وسيدي بوزيد، خطراً لا يزال يهدد أمن تونس ويستوجب الحذر.

المزيد من العالم العربي