Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أفول الغرب" بجوار شيخ الأزهر يثير ضجة في مصر

غلاف الكتاب إلى جانب الطيب بالطائرة لدى عودته من ألمانيا أحيا جدلاً قديماً متجدداً

شيخ الأزهر أحمد الطيب  (أ ف ب)

حالة من الجدل أثارتها صورة متداولة لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب لدى عودته من رحلة علاجية في ألمانيا قبل يومين، بعد أن ظهر بجانبه غلاف لكتاب "أفول الغرب" للمفكر المغربي حسن أوريد.

وبينما اعتبر بعضهم وجود هذا الكتاب "دليلاً على ثقافة واهتمام الطيب بالقراءة"، انتقد آخرون اصطحاب شيخ الأزهر (كبرى المؤسسات السنية الإسلامية في الشرق الأوسط) لهذا الكتاب وسط تصدر وسم #شيخ_الأزهر قائمة الأعلى تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر خلال الساعات الأخيرة.

 

 

والإثنين الماضي كان شيخ الأزهر قد توجه إلى ألمانيا، حيث أجرى فحوصات دورية في العمود الفقري بمستشفى متخصص بجراحات العمود الفقري قبل أن يعود الجمعة الـ19 من أغسطس (آب)، بحسب بيان الأزهر.

جدل محتدم

من بين أبرز التغريدات التي أثارت الجدل حول صورة شيخ الأزهر وبجانبه كتاب "أفول الغرب" كانت تلك التي نشرها الطبيب الإعلامي المصري خالد منتصر، عندما أرفق الصورة بتعليق قائلاً "أولاً ألف حمد الله على سلامة شيخ الأزهر بعد عودته من رحلة علاج أو فحوصات في أوروبا، لكن عندي سؤال بسيط وبكل احترام، الكتاب الذي يقرأه فضيلة الإمام في الطائرة الأميركية عنوانه أفول الغرب، هو الغرب الكافر الذي لو أفل وغابت شمس حضارته لن نجد قرص دواء ولا طائرة نعود بها من هناك".

 

 

 

وأضاف منتصر في تغردة أخرى، "لسنا من السذاجة بألا نربط أفول الغرب بتصريحات سابقة مهاجمة للغرب ونمط دراسة إقصائي يتحدث عن آخر كافر".

من جانبه، كتب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشوبكي، عبر صفحته على "فيسبوك"، "لا أعرف سبباً واحداً يجعل اعتبار قراءة أي كتاب سبباً للمزايدة والتهكم، فما بالنا لو كان هذا الكتاب علمياً ويقرأه رجل نزيه ومحترم ومستقيم مثل شيخ الأزهر".

وأضاف الشوبكي "الحقيقة أن هذا الكتاب (أفول الغرب) ليس من الكتب التي تسطح قضية الغرب وتعتبره كافراً، إنما تحمل رؤية عملية نقدية لجوانب سلبية في الحضارة والمنظومة السياسية الغربية يقولها مثقفون هناك، وهي جزء من حيوية الغرب الذي يعرف النقد الذاتي والقادر على المراجعة وتصحيح الأخطاء، وهو يفترض أن يسعد أي تنويري حقيقي".

 

 

وتساءل الشوبكي، "هل يعقل حين يقرأ شيخ الأزهر هذا الكتاب وهو عائد من رحلة علاجية أن يصبح فعل قراءة كتاب علمي دليل تخلف وتسرد خطبة عصماء فارغة لا تختلف في منطقها عن خطب بعض من يصفون أنفسهم بالدعاة من حيث سطحيتها وترصدها؟"، معتبراً أن "التنوير المطلوب لا يسطح الأمور، ولا يتصيد ويدعو للإصلاح الديني والسياسي والاجتماعي والثقافي".

ووسط انتشار حالة الجدل بين مؤيد ومنتقد، كتب رئيس تحرير جريدة الأزهر الصحافي أحمد الصاوي، عبر صفحته على "فيسبوك"، "أكان لا بد أن يقرأ شيخ الأزهر الإمام الطيب عن أفول الغرب، فيثير بذلك حفيظة أدعياء العلم والتنوير الذين لم يقرأوا في الصورة غير أنفسهم وعقولهم الغارقة في السطحية والشكلانية، وتصوراتهم التي في عقولهم والتي يستخدمون فيها كل ما يليق وما لا يليق".

 

 

 

وأضاف الصاوي "الحقيقة أن اهتمام شيخ الأزهر بالقراءة في هذا الموضوع يتواكب مع اهتمام كبير لمفكرين وكتاب ومراكز أبحاث غربية كبرى اهتمت طوال العقد الأخير على الأقل وبكثافة بسك هذا المصطلح وترويجه رسمياً، حتى بات من لا يقرأ تصورات المفكرين والباحثين والفلاسفة عن الأفول أو التراجع الغربي حضارياً هو الرجعي الذي يعيش في غيبوبته الفكرية، ومن يقرأ ويتعمق في هذا الشأن هو التقدمي المواكب للعالم وما ينتجه من أفكار"، على حد وصفه.

واختتم رئيس تحرير جريدة الأزهر حديثه قائلاً، "لم يقرأ شيخ الأزهر في قضية هامشية، ولا في كتاب صراعي يتحدث عن الغرب الكافر والشرق المؤمن، وإنما في دورة حياة الحضارات وأثرها في العرب، مع العلم أن أفول الغرب لا يعني أننا سنفقد الطائرة التي نعود بها من سفراتنا ولا قرص الدواء، فمن حصلوا القدر اليسير من التعليم يعلمون أن أفول الحضارات لا يقضي على منجزاتها، فقد أفلت الحضارة اليونانية وبقي منجزها الفلسفي، وأفلت الحضارة العربية الإسلامية وبقي منجزها الذي تأسست عليه علوم الرياضيات والطب والفلك والاجتماع، وحتى فكرة الطيران وكل ما بنت عليه الحضارة الغربية اللاحقة منجزاتها".

أبرز أفكار "أفول الغرب"

يقدم كتاب "أفول الغرب"، الذي صدر عن المركز الثقافي العربي للمفكر المغربي حسن أوريد في عام 2018، بشكل رئيس تأملات نقدية في ما يعتبره "الأزمة التي يعيشها الغرب حالياً"، وتداعياتها على راهن ومستقبل العالم العربي، بالنظر إلى ارتباط نخبه وبنياته السياسية والاقتصادية بالمركز الغربي.

ويبني أوريد، كتابه المكون من 207 صفحات على مجموعة من الأفكار، أبرزها ما يعتبره انعكاس الأزمات "المستعرة" في العالم العربي لأزمة الغرب الذي يبدو أنه فقد البوصلة وروح القيادة والانسجام بين سياسات القوى المؤثرة فيه، وعليه يبني الكاتب توقعاته بخصوص مستقبل العالم العربي، ومدى تأثر دول المنطقة سلباً حال عدم قدرتها على "بلورة خيارات مستقلة بجبهات داخلية متماسكة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر أوريد في بداية كتابه، أن "الغرب بنى حضارته على وقع الصراع مع حضارات أخرى وسعى إلى تجاوزها، ومنها الحضارة العربية الإسلامية"، مضيفا أن "مرحلة التوسع الاستعماري تمثل ذروة هذا الاحتكاك الدرامي بين الغرب والعالم العربي".

وبحسب أوريد فإن "النخب العربية ما بعد مرحلة الاستعمار ظلت مرتبطة بالغرب اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، بالتالي ظل العالم العربي الساحة التي يعبر فيها الغرب عن تفوقه، مع حضور لاوعي تاريخي مشحون بمحطات الصدام العديدة بين العالمين".

وأشار الكاتب إلى عدد من المحطات التاريخية التي عكست بشكل رئيس انحسار القوة الرائدة للغرب في النظام العالمي لما بعد الحرب الباردة، التي من بينها الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، وعودة روسيا "القوية" للشرق الأوسط القائمة على قناعات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين "بالثأر من الغرب لما تعرضت له بلاده من إهانة على الساحة الدولية طوال العقود السابقة"، وهو ما يعني وفق مؤلف الكتاب، "إرهاصات عالم جديد تعود فيه الحرب الباردة من دون أيديولوجيا ومن دون سباق تسلح".

ويذكر أوريد كذلك أن "الغرب لن يقود العالم مجدداً أو لن تكون له السيادة المطلقة"، معتبراً أن "هذا التحول ليس بالضرورة خبراً جيداً بالنسبة إلى العرب، فهو يطرح سيناريوهات خطيرة على عالمهم الذي قد يعرف تحولات عميقة غير مسبوقة تبدت أعراضها في دول فاشلة أو عاجزة أو حروب أهلية من شأنها أن تستفحل وتتوسع"، معرباً عن اعتقاده بأن "دول المنطقة المرتبطة بالغرب تاريخياً وثقافياً ووجدانياً ربما تكون ساحة لاضطرابات عنيفة يمكن أن تمتد لعقود".

ويشدد أوريد على أنه في الوقت الذي يمر فيه الغرب بـ"أزمة وجودية" سيتأثر بها العالم، فإنه على حد وصفه "ستكون دول العالم العربي هي المتأثر الأكبر بحكم الجوار الجغرافي والإرث التاريخي، والتداخل الاجتماعي والمصالح الاقتصادية وعامل الإرهاب ومضاعفاته، ما لم يستوعب العالم العربي التحول الجاري في العالم".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات