Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس: قمة طوكيو للتنمية تفتح أبواب الاستثمار في أفريقيا

باحثون: اليابان تريد توسيع مشاريعها الاقتصادية في القارة السمراء أسوة بالصين وروسيا وأوروبا

قالت رئيسة الحكومة التونسية إن القمة ستؤسس لمحطة جديدة على درب الشراكة الأفريقية – اليابانية (أ ف ب)

تستعد تونس لاحتضان قمة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا "تيكاد 8"، التي تنعقد يومي 27 و28 أغسطس (آب) الحالي، وينتظم خلالها منتدى اقتصادي بمشاركة 300 شركة يابانية وأفريقية وتونسية وعشرة آلاف مشارك دولي من مشغلي القطاع الخاص في اليابان وأفريقيا، إضافة إلى عشرات الأنشطة الموزاية من ندوات وورشات في المجالات الاقتصادية والمالية والعلمية.

وتشهد القمة حضور رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في زيارة تعد الأولى من نوعها إلى المنطقة، إضافة إلى منظمات عالمية تُعنى بالتنمية والاقتصاد. 

وتُعتبر "تيكاد" من أقدم المنتديات المهتمة بأفريقيا، وقد دأبت اليابان على استضافتها منذ عام 1993، وتهدف من خلالها إلى معاضدة التنمية في القارة السمراء عبر عقد شراكة مع المجتمع الدولي لتحقيق النهوض وحشد الدعم لصالح مبادرات التنمية بها.

وشكلت القمة عاملاً محفزاً لإعادة التركيز الدولي على الحاجات في أفريقيا. وتجمع بين خمسة أطراف رئيسة منظمة، هي الحكومة اليابانية ومفوضية الاتحاد الأفريقي ومكتب المستشار الخاص لشؤون أفريقيا التابع للأمم المتحدة وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية والبنك الدولي.

ونُظمت النسخة السادسة من القمة في العاصمة الكينية نيروبي، لتكون النسخة الحالية هي الأولى التي تُنظَّم بأفريقيا بعد 23 عاماً من انعقادها بشكل دوري في اليابان. 

وانعقدت قمة "تيكاد 7" في اليابان عام 2019، وجمعت 42 رئيس دولة وحكومة. وقد اختارت طوكيو تنظيم النسخة الحالية في تونس وتحمل شعار "أولويات التنمية في أفريقيا بعد كوفيد–19".

وفي هذا السياق، قالت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن إن "هذه التظاهرة الاقتصادية ستؤسس لمحطة جديدة على درب الشراكة الأفريقية – اليابانية قوامها التنمية المتضامنة والمتكافئة من أجل تحقيق التعافي الشامل"، معتبرةً أن "التضامن الدولي قادر على الخروج بتونس نحو آفاق تهيئ لها أسباب وشروط إعادة البناء". وأضافت "ستركز الدورة على ثلاثة محاور اهتمام رئيسة تتمثل في التنمية المستدامة والشاملة، والحد من الفوارق الاقتصادية، إلى جانب بناء مجتمعات مستقرة وأكثر صموداً وأمناً بالقارة الأفريقية. لتمثل إطاراً نموذجياً لرفع سقف الشراكة الأفريقية - اليابانية وتحقيق الانتعاش الاقتصادي ودفع النمو، بما يساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، والأهداف المدرجة بأجندة التنمية 2063 للاتحاد الأفريقي، عبر توفير برامج مساندة مالية وفنية وتدابير تفاضلية، وبيئة استثمارية تشجع على ريادة الأعمال، وقادرة أيضاً على احتضان رواد الأعمال اليابانيين والأفارقة أو غيرهم، وتقديم نموذج للتعاون بين القطاعين العام والخاص لدى أفريقيا واليابان". 

الأمن الغذائي والبيئي والطاقي

من جانبه، كشف وزير الشؤون الخارجية التونسي عثمان الجرندي عن أن الهدف من القمة الشراكة في مختلف أبعادها لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتحديد أولويات التنمية في أفريقيا في مرحلة ما بعد جائحة "كوفيد–19". أضاف "تشمل القمة لقاء على مستوى رؤساء الدول والحكومات الأفريقية ورئيس الحكومة اليابانية وممثلي المؤسسات الدولية الشريكة في التنظيم، كما سيتم تنظيم منتدى اقتصادي بمشاركة نحو 300 شركة يابانية وأفريقية وتونسية".

كذلك، أوضح سفير اليابان في تونس، شينزوكي شيميزو، أن "القمة توفر فرصة للتلاقي بين الفاعلين الاقتصاديين ورجال الأعمال من اليابان وتونس والبلدان الأفريقية، لتدارس الإمكانات المتاحة، والتأسيس لشراكات اقتصادية فاعلة، علاوةً على إتاحة الفرصة لاكتشاف المشاريع المزمع إنجازها على المدى القريب في تونس، والنظر في إمكانية تمويلها وتنفيذها عن طريق آلية الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وكذلك الفرص المتوفرة للرفع من حجم الاستثمارات اليابانية في تونس".

ومن المنتظر أن يبلغ حجم الدعم الذي ستوفره اليابان في هذه الدورة أكثر من 20 مليار دولار، وهو المبلغ الذي رصد للاستثمار في أفريقيا في القمة المنقضية، لإنعاش الاقتصاد الأفريقي بعد جائحة كورونا، وفق الهادي بن عباس رئيس "غرفة التجارة والصناعة التونسية – اليابانية"، الذي أكد كذلك وضع خريطة طريق من قبل القطاع الخاص في تونس تتضمن مجالات الاستثمار التي تمتاز بها البلاد، وحددت في ستة قطاعات سيتم عرضها على الشريك الياباني، وتتعلق بالقطاع الصحي وقطاع السيارات وقطع الغيار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يشار إلى أن 750 مؤسسة يابانية موجودة في أفريقيا، وبالتحديد في الجهة الغربية، في حين لا تستقطب تونس غير 22 مؤسسة منها، وهو تمثيل ضئيل لا يتناغم مع قدرات تونس في استقطاب الاستثمارات.

ويبلغ عدد المشاريع اليابانية في تونس 49 مشروعاً بقيمة مالية تقدر بـ3.1 مليار دولار كما يوجد بها 22 مؤسسة يابانية تونسية منها 13 مؤسسة يابانية خالصة متخصصة في مجالات الصناعات الإلكترونية وقطع غيار السيارات. وبلغ حجم الاستثمارات اليابانية في تونس 2.5 مليار دولار خلال السدس الأول من عام 2021، ما أدى إلى احتلال اليابان مرتبة الشريك الثالث بعد فرنسا وإيطاليا.

قاطرة أفريقيا

في السياق، رأى الباحث في الاقتصاد محمد الناير محمد النور أن "اليابان تبدي اهتماماً كبيراً بأفريقيا، وتحذو في ذلك حذو بلدان العالم المتقدم والقوى الاقتصادية الطامحة إلى التوسع في المساحات الواعدة بالنمو. وتمتاز طوكيو، التي تمثل ثالث أقوى اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، بحيازتها التكنولوجيا المتطورة، كما أن لديها الفرصة السانحة في الوقت الراهن لمساندة بلدان القارة الأفريقية التي تعاني هذه الفجوة الرقمية والتكنولوجية التي تتسبب في خسارتها موارد مالية طائلة". وأضاف أن الاقتصادات الأفريقية تتكبد خسائر كبرى بسبب دأبها على تصدير كل مواردها الطبيعية الضخمة إلى بلدان الاتحاد الأوروبي، بخاصة في شكلها الخام، ما يفقدها القيمة المضافة التي تساوي خمسة أضعاف السعر المحدد في حال تحويلها وتصنيعها.

وتابع الناير "كغيرها من مناطق العالم الثالث، تحتاج أفريقيا إلى التكنولوجيا المتطورة لاكتساب هذه القيمة المضافة، وهو الأمر المتوفر لدى اليابان، وتمثل هذه القمم فرصة لتقديم الدعم التقني والتكنولوجي علاوة على الدعم المالي، وينتظر أن تسعى طوكيو إلى الانخراط في هذا النهج الذي يمثل الخط الأول لتحقيق النمو لدى بلدان القارة السمراء الفقيرة في خبرات ريادة الأعمال والذكاء الاصطناعي، ومن هذا المنطلق بمقدور اليابان أن تساعد هذه البلدان على احتواء تضاعف هشاشة اقتصاداتها بسبب الجائحة ثم الحرب الأوكرانية".

أما الباحث الاقتصادي الآخر، غازي معلى، فاعتبر أن "اليابان تبحث عن آفاق استثمار جديدة، وتسعى إلى الوجود في أفريقيا شأنها شأن الصين وروسيا وبلدان الاتحاد الأوروبي، علماً بأن وجودها يبدو أقل حجماً من هؤلاء المنافسين، وهو ما تسعى إلى تطويره. ويختلف أسلوب اليابان عن القوى الاقتصادية الأخرى المذكورة، فهي دولة ديمقراطية تحرص على الشفافية في معاملاتها المالية ولا تدير الاقتصاد، على عكس الصين وروسيا، لكنها تقتحم أفريقيا بشركات عملاقة، وتعمل على الوجود في القارة عن طريق استثمارات ضخمة". وأضاف غازي "تمتلك البلدان الأفريقية الخيارات في فتح الأسواق لما يناسبها من النماذج الاقتصادية، فالتعامل مع اليابان سيكون أكثر تعقيداً، بينما تمثل العلاقات التونسية اليابانية نموذجاً لبلدان القارة على الرغم من تواضع حجم الحضور الاقتصادي الياباني في تونس، وفي المقابل تمثل التجربة اليابانية في تونس مثالاً يحتذى لبلدان القارة، ومن أهم مبادئ وأهداف هذه القمة تفعيل دور تونس في عمقها الأفريقي كقاطرة للقارة وهمزة صلة بين أفريقيا واليابان. ويبقى الهدف الأول وهو التأسيس لشراكة مربحة وندية بين كل الأطراف، والانفتاح على مشاغل أفريقيا، وضرورة تملك القارة مشاريعها وخياراتها السياسية والاقتصادية والتنموية، إضافة إلى أهمية الشراكة الدولية وإدماج جميع الفئات والأطراف المتداخلة في المجال الاقتصادي والتنموي".

وتابع "على الرغم من أن القمة تمثل فرصة لتونس لاستقطاب الاستثمارات اليابانية، فإنها تفتقد الأرضية الملائمة بسبب عدم توفر بنك معلومات لمشاريع جاهزة وأفكار محددة لتقديمها كمقترحات للحصول على التمويل أو الدعم بشكل أو بآخر، سواء أكان مادياً أو معنوياً".

اقرأ المزيد