Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجفاف يهدد بريطانيا وشركات المياه تفشل في تخفيف الهدر

الإخفاق في تحقيق الأهداف حرك دعوات إلى حشد الجهود لخفض الطلب على الاستهلاك وتعزيز الإمدادات

فشلت شركات المياه البريطانية في تحقيق أهدافها الخاصة والمتعلقة بالحد من التسربات والاستهلاكات المنزلية للمياه، في وقت تستعد فيه أجزاء من البلاد لإعلان حال طوارئ لمواجهة موجة جفاف قوية مقبلة.

ومن بين أكبر 17 شركة في كل إنجلترا وويلز تنظمها هيئة "أوفوات" Ofwat [هيئة مسؤولة عن التنظيم الاقتصادي لخدمات المياه والصرف الصحي]، لم تتمكن سوى شركة "ساوث ويست ووتر" South West Water من تحقيق هدفها المتمثل في خفض استهلاك المياه إلى 142 ليتراً في اليوم للفرد، ما بين عامي 2021 و2022، من خلال تركيب عدادات ذكية للمشتركين وإصلاح التسربات وتقديم توجيهات لزبائنها في ما يتعلق بطرق ترشيد استهلاك المياه.

الإخفاق في تحقيق هذه الأهداف، إضافة إلى تقاعس الشركات عن إصلاح أنابيب رئيسة معطلة يقدر بأنها تهدر نحو 3 مليارات ليتر يومياً، حركا دعوات إلى وجوب اتخاذ إجراءات لخفض الطلب على استهلاك المياه وتعزيز المخزونات المتناقصة، في وقت تواجه فيه المملكة المتحدة موجة حر استثنائية ثانية بعد أسابيع قليلة من الموجة الأولى التي ضربتها خلال يوليو (تموز) الفائت.

"المجموعة الوطنية لمكافحة الجفاف" National Drought Group [هيئة تقدم المشورة في شأن تأثيرات الجفاف والإجراءات الواجب اتباعها لمواجهته على مستوى القطاعات كافة] تعقد اجتماعاً طارئاً الجمعة، لتقرير ما إذا كانت ستعلن أزمة جفاف في أجزاء من إنجلترا، وقد تلجأ إلى فرض مزيد من القيود على استهلاك المياه.

ويأتي ذلك في وقت منع فيه ملايين البريطانيين من استخدام خراطيم المياه، حتى إن إحدى القرى اضطرت إلى الاعتماد على الصهاريج وعبوات المياه بعدما نفدت إمداداتها من الماء، فيما سجلت إنجلترا بداية سنة هي الأكثر جفافاً منذ العام 1976.

السير جون أرميت رئيس "اللجنة الوطنية للبنية التحتية" National Infrastructure Commission التي تقدم المشورة للحكومة وترى بحسب تقديرها أنه يمكن توفير نحو 1.4 مليار ليتر يومياً من المياه بحلول العام 2050 إذا ما اعتمدت إجراءات فاعلة في ترشيد استهلاك المياه، قال لـ "اندبندنت" إن التقدم البطيء المحرز في الحد من استخدام المياه المنزلية يمثل في الواقع "فرصة ضائعة".

ويضيف أرميت أن "معالجة التسربات وتجهيز بنية تحتية جديدة لإمدادات المياه، عاملان أساسيان في إنجاح منظومة الترشيد الكاملة"، لكنه لفت إلى أن "العمل على نشر عدادات القياس بوتيرة أسرع سيكون له دور رئيس في الحد من أخطار الجفاف".

وأشار السير جون إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كانت السياسات الراهنة ستحقق خفضاً في استهلاك المياه إلى 110 ليترات يومياً للفرد الواحد بحلول سنة 2050 كما تعهدت الحكومة، لافتاً "للأسف يبدو أن أحدث الأرقام الصادرة عن شركات المياه تؤكد ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الشركات التي أخفقت في تحقيق أهدافها عزت السبب بشكل رئيس إلى تفشي وباء فيروس كورونا الذي فرض على مزيد من الأشخاص العمل من المنزل إلى جانب الطقس الأكثر حرارة وجفافاً والذي اجتاح البلاد خلال الأشهر الـ 18 الأخيرة.

لكن بول دي زيلفا الناشط في حركة "أصدقاء الأرض" Friends of the Earth، قال إن زيادة استخدام المياه أثناء فترة الجائحة "إنما يبرز الأهمية الكبيرة لترشيد استهلاكها واستخدامها بطريقة أكثر كفاءة"، ورأى أن "فرض الحظر على استخدام خراطيم الماء جاء متأخراً، فالحكومة وقطاع المياه يسيران من دون إدراك نحو أزمة نقص المياه في البلاد منذ فترة طويلة للغاية".

إد ديفي زعيم حزب "الليبراليين الديمقراطيين" قال من جانبه لـ "اندبندنت" إن أهداف استهلاك المياه "تبدو عديمة الجدوى في وقت تقوم فيه شركة "تايمز ووتر"  Thames Water [أكبر مزود للمياه في لندن الكبرى ولديها 15 مليون مشترك] بهدر ربع مياهها نتيجة التسربات في أنابيبها".

ورأى أن "الوقت قد حان الوقت كي يقف شخص ما في وجه هذه الشركات، ويبدأ ذلك بفرض ضريبة الصرف الصحي عليها لتنظيف الأنهار التي تلوثها وحجب المكافآت عن الرؤساء التنفيذيين لديها إلى حين إصلاح الأنابيب المتضررة".

كارلا دينير الزعيمة المشاركة لحزب "الخضر" اعتبرت أن الحقيقة المتمثلة في أن جميع شركات المياه الكبرى باستثناء واحدة لم تحقق أهدافها، هي "مجرد مثال صارخ آخر على مدى فشل هذه الشركات في أداء واجباتها على نحو مناسب وتركيزها على جعل الربحية في مقدم أولوياتها على حساب المصلحة العامة".

ورأت دينير أن "تجربة خصخصة شركات المياه قد فشلت"، معتبرة أنه "من أجل إنهاء التسربات ووقف تدفق مياه الصرف الصحي إلى أنهارنا وتقليل الاستهلاك وخفض الفواتير عن كاهل الأسر، يتعين علينا إعادة وضع إدارة إمدادات المياه في عهدة القطاع العام والتركيز على تحقيق المنفعة التي تصب في مصلحة الناس بدلاً من المساهمين".

أما ريشي سوناك [وزير الخزانة البريطاني السابق] الذي ينافس على زعامة حزب "المحافظين"، فقد وضع يوم الخميس الفائت خطته الرامية إلى "تعزيز قدرة المملكة المتحدة على الصمود في مواجهة الجفاف" والتي تحمل شركات المياه المسؤولية عن "التسرب غير المقبول" للمياه، محذراً من أنه عندما يتعلق الأمر بإنفاذ القانون فإن "جميع الخيارات ستكون مطروحة على الطاولة".

منافسته ليز تراس [وزيرة الخارجية] لم تعلن من جانبها بعد عن خطة مماثلة، لكن متحدثاً باسم حملتها قال لصحيفة "تليغراف" الأسبوع الماضي إن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهد بهدف التأكد من أن شركات المياه تعمل فعلاً على معالجة التسربات والحد من الهدر.

متحدث باسم "ووتر يو كي" Water UK [الجمعية الصناعية لمرافق إمدادات المياه في المملكة المتحدة] رأى أن أهداف خفض نصيب الفرد من الاستهلاك اليومي للمياه كانت قد حددتها هيئة "أوفوات" العام 2019 قبل تفشي الوباء الذي دفع إلى تغيير طريقة استخدام الناس للمياه، بسبب اضطرار مزيد من الأشخاص إلى العمل من المنزل وقضاء عطلاتهم داخل المملكة المتحدة.

وأكد المتحدث أن "شركات المياه تتواصل بانتظام مع عملائها لمساعدتهم في الحد من استهلاك كمية المياه"، كما قال "إضافة إلى ذلك ندعو الحكومة إلى اتخاذ إجراءات أساس بما فيها نشر ملصقات توعية في شأن حسن استخدام المياه بالنسبة إلى الأجهزة الكهربائية المنزلية الكبيرة [مثل الغسالات وغسالات الأطباق وغيرها] وتشديد قوانين البناء لضمان فعالية استخدام المياه، وهو أمر لا يقل أهمية عن ترشيد استخدام الطاقة في المنازل الجديدة".

ويشار إلى أن استمرار أزمة المناخ والنمو السكاني سيؤديان إلى تعميق الفجوة بين إمدادات المياه والطلب عليها، بحيث تشير تقديرات إلى أن بريطانيا قد تحتاج إلى نحو 4 مليارات ليتر من المياه الإضافية يومياً بحلول سنة 2050.

وحذر العلماء أخيراً من أن أزمة المناخ تعني أن فصول الصيف في المملكة المتحدة ستزداد حرارة وجفافاً في المستقبل، ويمكن توقع رؤية منحى أكبر من التقلبات في نسبة هطول الأمطار، مما يعني أن إدارة المياه قد تشكل أحد أبرز التحديات المقبلة.

وكانت الجمعية الخيرية "كريستيان إيد" Christian Aid [وكالة إغاثة وتنمية تدعمها 41 كنيسة مسيحية في المملكة المتحدة وإيرلندا] قد نبهت في تقرير نشرته في وقت سابق من هذه السنة إلى أن العاصمة لندن تواجه خطر نفاد المياه منها في غضون 25 عاماً، بسبب تزايد خطر الجفاف الناتج من أزمة المناخ.

 نشر في اندبندنت بتاريخ 12 أغسطس 2022

© The Independent

اقرأ المزيد