Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توتر في طرابلس والجنوب يهدد بمرحلة جديدة من التصعيد في ليبيا

حشود عسكرية تابعة لباشاغا على تخوم العاصمة تنذر باشتباك مع حكومة الدبيبة

قوات موالية لباشاغا تشارك في عرض عسكري بمصراتة، الثلاثاء 9 أغسطس الحالي (أ ب)

تعيش ليبيا تحت تهديد جديد بإغلاق أكبر حقول النفط فيها جنوب البلاد، على يد محتجين من تيارات شبابية وقبلية، يحاولون الضغط على المسؤولين لحل الأزمات المتعددة التي تعيشها مناطقهم على المستويين الاقتصادي والأمني.

وتسببت حادثة انفجار شاحنة وقود قبل أيام قرب مدينة سبها، أسقطت عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، باحتقان شديد بين أهالي الجنوب، احتجاجاً على الإهمال الحكومي لهم وتركهم فريسة أزمات اقتصادية وأمنية كبيرة منذ سنوات، من دون العمل على حلها.

في الأثناء، تعيش العاصمة الليبية طرابلس حالة ترقب بعد تجدد تمركز الحشود العسكرية الموالية لرئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا على مقربة من حدودها الإدارية، وتلميحه بالرغبة في حسم النزاع على رئاسة الحكومة مع رئيس "حكومة الوحدة" عبدالحميد الدبيبة عسكرياً، بعد فشل كل المساعي السلمية لتسلم السلطة منه.

الضغط بورقة النفط

وهدد محتجون من الجنوب الليبي يمثلون تيارات شبابية وبعض المكونات القبلية بإغلاق حقلي الشرارة والفيل في الجنوب الغربي، لتحقيق جملة من المطالب التي ينادون بها، وتصب جميعها في اتجاه تحسين الأوضاع المتردية في منطقتهم، وبحسب مصادر صحافية ومحلية يعتصم المحتجون حالياً حول حقل الشرارة، أكبر الحقول النفطية في البلاد بقدرة إنتاجية تصل إلى 300 ألف برميل يومياً، وشكلوا لجنة للتفاوض مع إدارة الحقل بهدف دخوله.
ووجّه عدد من شباب الجنوب على مدار الأسبوع الحالي دعوات على مواقع التواصل للتوجه إلى حقلَي الشرارة والفيل النفطيَين لغلقهما، عقب حادثة انفجار شاحنة وقود في بلدية "بنت بية" مطلع الشهر الحالي، التي أسفرت عن مقتل 23 شخصاً وإصابة عشرات.
وهدد عدد من أهالي بلدة الوادي الأبيض في أوباري بإغلاق الطريق المؤدي إلى حقلَي الشرارة والفيل، إذا لم يتم توفير الوقود بصورة مستمرة للبلدة بشكل خاص والجنوب بشكل عام خلال أسبوع واحد، ومع انقضاء المهلة أعلنوا بدء إجراءات إقفال الحقول النفطية، وحثوا أهالي فزان على دعم حراكهم.
وأعلن عدد من سكان المنطقة المحطية بأوباري الوقوف إلى جانب بقية سكان الجنوب في "انتفاضتهم التاريخية من أجل تحسين الأوضاع"، مؤكدين أنهم "سيشاركون في إغلاق جميع الحقول النفطية وإغلاق الطريق أمام السيارات المتجهة إلى هذه الحقول".

تهديد الإنتاج النفطي

هذه الدعوات لإغلاق جديد لعدد من الحقول النفطية الرئيسة باتت تهدد بأزمة أخرى للمؤسسة الوطنية للنفط بعد شهرين من استقرار الإنتاج، عقب فتح الموانئ والحقول التي أقفلت لأشهر على يد محتجين طالبوا الدبيبة بتسليم السلطة لباشاغا.

وكانت المؤسسة النفطية أعلنت قبل يومين وصول إنتاج النفط إلى أكثر من مليون و200 ألف برميل يومياً، للمرة الأولى منذ شهر مارس (آذار) الماضي.

وقال الرئيس الجديد للمؤسسة فرحات بن قدارة، إن "معدلات الإنتاج تجاوزت بقليل ما يفوق مليون و200 ألف برميل يومياً، وإن زيادة مستويات الإنتاج هو هدف مجلس إدارة المؤسسة منذ استلام مهمات عملها".
وذكر بن قدارة أنه "ستكون هناك على المدى المتوسط خطة عمل تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات لزيادة معدلات الإنتاج إلى مليوني برميل يومياً، وأن القدرات الحالية تسمح من حيث المكامن والاحتياطي بالوصول إلى المعدلات المطلوبة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


قلق في العاصمة

أما في الشمال، فيتابع سكان العاصمة طرابلس بقلق الأنباء المتواترة عن حشد عسكري لقوات موالية لباشاغا، على مشارف مدينتهم استعداداً لاقتحامها وتسلم المقار الحكومية من حكومة الدبيبة بالقوة.
وكان رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا أثار مخاوف جديدة من وقوع صدامات مسلحة في طرابلس بعدما حمل الدبيبة في خطاب تلفزيوني، "المسؤولية الوطنية والأخلاقية والشرعية عن كل قطرة دم تُسفك"، بسبب ما وصفه بـ"إصراره على الحكم بالقوة وبلا شرعية".
وألقى باشاغا الأربعاء الماضي الـ10 من أغسطس (آب) الحالي، كلمة متلفزة وزعها مكتبه الإعلامي، قال فيها "ستة أشهر ونحن نمد أيدينا بالسلام وللسلام، والحكومة ترد علينا بالتصعيد والتهديد والوعيد والإرهاب والقتل والملاحقة لكل معارض لها، وأنا لم أفرض نفسي على أحد، لقد تشرفت بثقة البرلمان وتزكية مجلس الدولة، وقد منحوني الثقة ويستطيعون سحبها في أية لحظة، ولن أتردد في الالتزام بقرارات السلطة التشريعية"، وأضاف "عقدنا العزم على تجسيد الشرعية وترسيخها، ولن نفرط في مكتسبات الديمقراطية والحرية والعدالة والتداول السلمي على السلطة، والوضع خطير جداً، ولا يمكن لأي وطني غيور على وطنه أن يرضى باستمرار هذه الفوضى إلى ما لا نهاية، أو قبول أن يبقى مستقبل ليبيا رهناً لمزاج شخص ومجموعة من أسرته يتحكمون في مصير ليبيا"، وتابع "نحن لم نستخدم القوة، ولم نقاتل إلا حين فُرض علينا القتال، ونعمل على بناء دولة تحفظ كرامة المواطن وتضمن له العيش الكريم".

تحرك قريب

وعزز عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي التكهنات بشأن تحرك قريب من باشاغا لدخول طرابلس قبل نهاية الشهر الحالي، بتصريحه أن "دخول الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا إلى العاصمة ليس بعيداً، وإن لم يكن في الأسبوعين المقبلين فسيكون مع نهاية أغسطس الحالي"، وأكد العرفي أن "كل الدلائل تشير إلى أن دخول الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا إلى طرابلس سيكون سلمياً من دون إراقة قطرة دم".

من جهة أخرى، أكد الباحث السياسي إدريس أحميد أن "فتحي باشاغا يحاول حالياً تمكين حكومته للعمل من داخل طرابلس"، واعتبر أن "كلمته الأخيرة تحمل رسائل تحذيرية لرئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة لرفضه تسليم السلطة".

وأشار أحميد إلى "وجود تحشيدات عسكرية في محيط العاصمة لدعم دخول باشاغا إلى طرابلس"، محذراً من "وجود تداعيات سلبية بحال اندلاع قتال داخل العاصمة، لا يمكن لسكانها تحمل تبعاته، في ظل صمت دولي بعد فشل التوصل إلى قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، ونأي المؤسسة العسكرية الليبية ممثلة في لجنة 5+5 بنفسها عن التجاذبات السياسية".

تحديات شخصية وخطر محدق

من جانبه، قال المرشح السابق للانتخابات الرئاسية الشريف الوافي، إن "تأزم الوضع في الوقت الراهن يأتي نتيجة تحديات شخصية وعناد بين الدبيبة وباشاغا، إذ يتم التعامل مع الوضع باعتباره ملكية شخصية".

ورأى الوافي أن "الحل للأزمة الحالية يكمن في التوجه نحو تشكيل حكومة مصغرة مهمتها تنفيذ الانتخابات في مدة زمنية محددة، إضافة إلى الأمور الضرورية لتسيير الأوضاع الخدمية، وهذا هو الخيار الأفضل والأسلم".
من ناحية أخرى، اعتبر الباحث السياسي فيصل الشريف أن "الحركات الاحتجاجية والعسكرية التي تحدث في ليبيا حالياً تجعل الجميع يستشعر الخطر الآتي، وكلها تصب في اتجاه محاولات التصعيد العسكري"، مشيراً إلى أن "الحرب لو وقعت لن تؤدي إلا إلى مزيد من التشظي والانقسام أكثر وتوتير الأوضاع في المنطقة الغربية".

وطالب الشريف كل الأطراف بـ "تحكيم العقل والاحتكام لصناديق الاقتراع، ومن أراد أن يستخدم أية قوة، فلتكن إيجابية تدفع لإنجاز أساس حقيقي تقام عليه عملية انتخابية، وليس الاحتكام إلى السلاح وإدخال البلاد في مرحلة جديدة من الصراعات غير المجدية".

المزيد من الأخبار