Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قوارب بريطانية تساعد روسيا في الالتفاف على العقوبات النفطية

عمليات نقل النفط الخام الروسي أمام ساحل سافولك تظهر فجوة كبيرة في الجهود الرامية إلى الضغط على الكرملين

السفن الأوروبية، وخاصة تلك المرتبطة باليونان وقبرص ومالطا "تستخف بجهود الاتحاد الأوروبي لمعاقبة آلة بوتين الحربية" (اندبندنت، آي ستوك، غيتي)

على شاطئ رملي في بلدة سافولك الجميلة بساوثولد، حيث يتمتع بحرارة الصيف مصطافون ومتقاعدون يملكون منازل ثانية فيها، بينما تغمر الأمواج الشاطئ بهدوء، يجهل معظم السكان الصفقة التي تعقد في الأفق القريب على النفط الروسي.

تعد هذه المنطقة الهادئة من البحر واحدة من المناطق القليلة المحيطة بالمملكة المتحدة، حيث يُسمَح بعمليات نقل النفط من سفينة إلى سفينة.

وفي التفاصيل، خرجت سفن بطواقم بريطانية من مرافئ قريبة، أقلّه مرّتين خلال شهر مايو (أيار)، للمساعدة في نقل النفط الروسي بين ناقلات ضخمة، وفق تحقيق أجرته منظمة "الشاهد العالمي" وصحيفة "اندبندنت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد إعادة التزود بالوقود، حملت الناقلتان 165 ألف طن من زيت الوقود الروسي، بقيمة تزيد على 165 مليون جنيه إسترليني (نحو 200 مليون دولار)، إلى الخليج العربي وسنغافورة.

عمليات النقل هذه هي عبارة عن حلقة في سلسلة حلقات دولية ساعدت فلاديمير بوتين على تحويل مبيعات النفط إلى آسيا بسرعة بعدما خفض المشترون الأوروبيون وارداتهم.

وساعدت التجارة المزدهرة مع الصين والهند في تضخيم خزائن الكرملين إلى مستوى غير مسبوق، ما وفر صندوقاً حربياً بعدة مليارات من الدولارات موّل النزاع الدموي الذي طال أمده في أوكرانيا.

ولم يُعرَف بعد العدد الدقيق لعمليات نقل النفط الروسي التي جرت قبالة ساحل بريطانيا. فهي ليست غير قانونية، وليس هناك ما يمنع الشركات البريطانية من المشاركة فيها، لكنها تشكل مؤشراً على الفجوات الهائلة في العقوبات الغربية.

ففي الشهر الماضي، وفي اعتراف ضمني بأن العقوبات الحالية لم تكن فاعلة بالقدر المأمول، أعلن زعماء مجموعة الدول السبع اقتراحاً بفرض سقف سعري على المبلغ الذي يمكن دفعه مقابل النفط الروسي. والأمل الآن معقود على أن يوقف ذلك تدفق الأموال النقدية إلى الكرملين، وهو تدفق تعزز بفعل ارتفاع أسعار النفط منذ بدأ غزو أوكرانيا.

إلا أن الخبراء يحذرون من استمرار تقويض هذه الجهود في غياب إجراءات صارمة شاملة تُفرَض على القوارب والشركات الأوروبية التي تنقل النفط الروسي.

يعد الشحن البحري العالمي من بين أكثر القطاعات غموضاً وأقلها موضعاً للمساءلة على مستوى العالم، ما يضع عقبات أمام الجهود الغربية الرامية إلى خنق بوتين. فبحكم التعريف، يدور جزء كبير من أعمال هذا القطاع بعيداً عن متناول الدول القومية الفردية.

وشملت عمليات نقل النفط التي حددتها "الشاهد العالمي" قوارب بريطانية، لكنها حدثت خارج المياه الإقليمية للمملكة المتحدة. وتمتلك شركات ألمانية اثنتين من الناقلات المعنية، وتحمل واحدة علم ليبيريا. وتدير شركات يونانية ومالطية اثنتين من الناقلات، في حين يُسجَّل "المشغل التجاري" لناقلة ثالثة في موناكو.

ويختبئ أصحاب هذه الناقلات النهائيين خلف شركات وهمية مجهولة، ما يجعل من المستحيل التعرف عليهم بأي قدر من اليقين. وتعني حُجُب السرية أنهم لا يخافون كثيراً من تضرر السمعة نتيجة للصلة مع روسيا.

وإذ ترفض شركات أخرى أكثر اهتماماً بسمعتها نقل النفط الروسي، لا تزداد في الواقع هوامش الربح لدى تلك الشركات الراغبة في مواصلة شرائه إلا تضخماً.

فقد ضاعفت بلدان الشحن البحري الكبرى الثلاث في أوروبا – اليونان وقبرص ومالطا – كمية النفط الروسي التي تنقلها منذ بدأت الحرب.

ومن ناحية أخرى، تؤدي الشركات البريطانية في "محطة الاستراحة" بساوثولد دورها الصغير في هذا السياق.

في مطلع شهر مايو، غادرت ناقلتا نفط كبيرتان هما "كونتي بنغويلا" و"ماتيلدا" محطة في شمال سانت بطرسبورغ.

وأبحرتا عبر بحر البلطيق حول الدنمارك إلى الساحل قبالة سافولك حيث تنشئ البحار الهادئة بقعة تشتهر الناقلات بالرسو فيها.

وقبل الغسق قليلاً في 13 مايو، تقارب هيكلا السفينتين، وفق بيانات المتابعة.

وتورد الوثائق المقدمة إلى خفر السواحل تفاصيل الخطة. كانت إحدى الشركات البريطانية المسماة "إس تي إس مارين ترانسفيرز" أُطلِعت جيداً على عملية النقل قبل أسابيع من قبل مشغلي السفينتين، وأرسلت الشركة قارباً لنقل 14 ألف طن من زيت الوقود من "كونتي بنغويلا" إلى "ماتيلدا".

ومع اقتراب الليل، هرع طوف أصغر كثيراً وعالي السرعة يدعى "إنديفور" إلى خارج المرفأ الواقع مباشرة على امتداد الشاطئ عند لويستوفت لتسليم الإمدادات ونقل طاقم الناقلتين إلى الشاطئ للحصول على قسط من الراحة كانوا يحتاجون إليه بشدة.

وفي الأسبوع التالي، كررت "كونتي بنغويلا" المناورة، فأعادت تعبئة ناقلة تحمل علم مالطا وتدعى "نولدي" كانت تحمل ما قيمته 80 مليون جنيه من النفط الروسي.

وقالت "وود مارين"، وهي شركة محلية تدير "إنديفور"، إنها لن تتعامل أبداً مع سفينة روسية أو مع طاقم روسي، لكنها أشارت إلى أنها غير ملتزمة بالتحقق من مصدر النفط. وقال مالك الشركة إن دوره "كدور سيارة أجرة في البحر فقط".

وقالت "إس تي إس مارين ترانسفيرز" إنها تمتثل للقوانين والقواعد الدولية كلها، بما في ذلك العقوبات، ولم تجدد عقدها مع الشحنات الآتية من روسيا.

وقال لويس غودار خبير النفط في "الشاهد العالمي" الذي يتابع تحركات الناقلات المرتبطة بروسيا منذ بداية الحرب، إن التزود بالوقود في ساوثولد ربما سمح للناقلات بالسفر عبر الطريق الطويل الممتد من روسيا عبر القنال الإنجليزي وعبر البحر المتوسط إلى قناة السويس ثم إلى سنغافورة وماليزيا.

وقال غودار إن السفن الأوروبية، ولاسيما تلك المرتبطة باليونان وقبرص ومالطا، "تسخر من جهود الاتحاد الأوروبي الرامية إلى معاقبة آلة بوتين الحربية".

والأمر المؤكد هو أن "التحول إلى آسيا" الناجح الذي طبقه بوتين كان مربحاً للغاية، فقد أصبحت الصين على وجه السرعة أكبر مشتر للنفط الروسي، إذ استوردت 8.4 مليون برميل الشهر الماضي، وهي قفزة بنسبة 40 في المئة مقارنةً بالعام الماضي. كذلك زادت الهند من وارداتها في شكل كبير، وما كانت هذه القفزة لتحقق لولا المساعدة البحرية الأوروبية.

كان تردد أوروبا في فرض حظر كامل على النفط الروسي سيفاً ذا حدين لها، فالارتفاع الهائل في تكاليف الوقود يصيب المستهلكين والشركات ولم يساعد إلا في تعزيز عوائد بوتين.

وفي ردّ على ذلك، صعدت مجموعة الدول السبع خطابها في شأن النفط الروسي إلى حد كبير، لكن التحركات الملموسة كانت بطيئة الظهور.

وأصدرت مجموعة القوى العالمية هذه بياناً الثلاثاء قالت فيه إنها سوف "تنظر" في فرض "حظر شامل" على الخدمات كلها التي تمكن شحنات النفط الخام الروسي، ما لم يُشترَ النفط بثمن أقل من سعر معين.

ولن يمنع السقف السعري للنفط الوسطاء والميسرين الأوروبيين من نقل النفط الروسي، بل سيحد من الناحية النظرية، من حجم الأموال النقدية التي تذهب إلى الكرملين.

وكما هي الحال مع كل تدابير العقوبات، قد تكون هناك أرباح ضخمة متاحة لهؤلاء الراغبين في خرق القواعد. وللحد من هذه المخاطر، يدفع بعض الخبراء باتجاه فرض ضمانات إضافية.

وقال روبن بروكس، كبير خبراء الاقتصاد في معهد التمويل الدولي، إن تحديد سقف سعري قد يكون "بالغ الفاعلية"، لكن فقط إذا مُنِعت السفن من الحصول على تأمين إذا كانت تحمل نفطاً روسياً مسعراً بأعلى من مستوى السقف.

ويتضح في شكل متزايد وجود حاجة ملحة إلى توافق آراء دولي حقيقي وإلى عمل متضافر، وقد تكون العواقب التي ستترتب على مزيد من التأخير بالغة الخطورة.

فصندوق بوتين الحربي، الذي تجمع من مبيعات النفط الباهظة الثمن، يعني أنه قد يجازف بخسارة المصدر الرئيس الآخر لعوائده: الغاز، وهذا يشكل مصدر قلق بالغ لأوروبا.

في الأسابيع الأخيرة، خفض الكرملين في شكل حاد الإمدادات إلى ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وعدد من بلدان الاتحاد الأوروبي، ما زاد من احتمال وقوع انقطاعات وتقنين في الكهرباء إذا نفدت الإمدادات هذا الشتاء.

وفي ساوثولد، هناك مزيد من المخاوف المباشرة. يقول رئيس بلدية البلدة ويل ويندل إن عمليات نقل النفط من سفينة إلى أخرى تشكل خطراً على البيئة في حين لا تقدم أية منفعة تقريباً إلى الاقتصاد المحلي. ويريد حظرها فوراً قبل حدوث تسرب كبير، وحصلت شبه أخطاء في الماضي.

وحتى في غياب أي تسرب كبير، ليس نقل النفط في البحر عملية نظيفة. ذلك أن مواد كيميائية تُرَش في الماء لتفريق أي نفط يتسرب حتماً بالفعل، ثم هناك أدخنة الديزل الناتجة عن 25 أو 30 ناقلة ربما تكون في المنطقة في بعض الأحيان.

وهذا الخط الساحلي مصنف منطقة ذات جمال طبيعي رائع، لكنه أيضاً أحد الأماكن القليلة في البلد حيث يُسمَح بعمليات نقل النفط.

ويقول ويندل: "إن أعمالاً قطاعية ضخمة تجري هناك. هناك عمليات نقل للنفط على نطاق قطاعي ولا يوجد تنظيم، ولا أحد يستطيع أن يفحص هذه السفن".

ورفضت الحكومة التعليق.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير