قدم البرلمان العراقي، الاثنين، دفعة قوية لحكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بالتصويت على منح الثقة لمرشحي ثلاث حقائب من أصل أربع كانت شاغرة، أبرزها الداخلية والدفاع.
وعلى الرغم من فشل المرشحة إلى تولي وزارة التربية في نيل ثقة البرلمان، إلا أن حسم ملف الحقائب الأمنية الشاغرة، يمثل مكسباً كبيراً لعبد المهدي.
واضطر البرلمان إلى تأجيل موعد انعقاد جلسة منح الثقة لنحو ساعتين، بسبب اعتراض النواب على المرشحة لتولي حقيبة التربية.
وطرح نواب خيار تأجيل التصويت إلى جلسة أخرى إلى حين تحقيق التوافق، لكن حضور الحرس الخاص لرئيس الوزراء إلى مبنى البرلمان، أوحى بأن النية معقودة على حسم هذا الملف.
ضابطان للداخلية والدفاع
صوت البرلمان للضابط في السلك الأمني العراقي ياسين الياسري ليكون وزيراً للداخلية، ولزميله الضابط البارز في المؤسسة العسكرية نجاح الشمري وزيراً للدفاع، فيما حصل فاروق شواني على ثقة البرلمان وزيراً للعدل. لكن المرشحة لحقيبة التربية سفانة الحمداني سقطت بالتصويت، بعدما عزف النواب عن دعمها، بذريعة اتهام أحد أشقائها بالانخراط في تنظيم "داعش".
يمثل المرشحون الثلاثة قوائم شيعية (الياسري) وكردية (شواني) وعلمانية (الشمري)، فيما تنتمي المرشحة الرابعة (الحمداني) إلى قائمة سنية، في استجابة واضحة لصيغة التحاصص القومي والطائفي، السائدة في توزيع المناصب التنفيذية في العراق.
خلافات سنية على مرشحة التربية
فشلت الحمداني في اجتياز اختبار الثقة، بعدما وقف ضدها معظم النواب السنة في البرلمان، بسبب خلافاتهم مع خميس الخنجر، وهو زعيم الكتلة التي تقع وزارة التربية ضمن حصتها، ما يفتح الباب على أزمة سياسية داخل المكون السني.
ووعد رئيس الوزراء بعرض مرشح جديد لوزارة التربية في غضون ثلاثة أيام، وسط توقعات بأن يحظى بالثقة خلال جلسة الخميس المقبل، بعدما تم تجاوز الخلافات الكبيرة.
واستغرقت مفاوضات استكمال هذه الحقائب أشهراً عدة، بعد إصرار حلفاء إيران في البرلمان العراقي على ترشيح حليفهم فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، لمنصب وزير الداخلية. وبمجرد تخلي طهران عن ترشيح الفياض، اتفقت الكتل النيابية على الياسري لشغل المنصب.
وجاءت هذه التطورات، وسط أزمة سياسية خانقة، أدت إلى تنحي رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، من رئاسة تحالف الإصلاح، أكبر كتل البرلمان العراقي.
وكان الحكيم أعلن تبنيه خيار المعارضة، بعدما قاد التحالف الذي ترأسه لأشهر مفاوضات تشكيل الحكومة، ما تسبب في إرباك المشهد السياسي الهش في العراق.
انضم الحكيم إلى حراك سياسي أطلقه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي عزف من الأساس عن المشاركة في مفاوضات تشكيل حكومة عبد المهدي، إثر تعرض تحالف النصر، الذي يتزعمه، إلى انشقاق كبير أثّر في زخمه السياسي.
اتهام عبد المهدي بالمجاملة
يعتقد كل من الحكيم والعبادي أن رئيس الحكومة جامل أطرافاً سياسية مقربة من إيران، في عملية توزيع المناصب الوزارية، وما دونها، على حساب كتلتيهما النيابيتين. لكن بياناتهما الإعلامية الموجهة إلى الجمهور تركز على انتقاد المحاصصة في توزيع المناصب.
عقب التصويت على الوزراء الثلاثة، هاجم تحالف العبادي "منهج المحاصصة الطائفية" في توزيع ما تبقى من الحقائب الوزارية، مشيراً إلى أن "بقاء المنهج الفئوي يعني الاستمرار بنهج تدمير الدولة".
وقال التحالف إن "صدقية وأهلية ووطنية النواب على المحك"، محذراً من أن "الشعب والدولة والتاريخ لن يغفروا الاستمرار بمنهج الاستخفاف بالدولة وابتلاعها حزبياً، وتدنيس مواقعها بالمصالح الخاصة، وبيعها للمطامع والأهواء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يذكر الحكيم والعبادي بتحذيرات أطلقتها المرجعية الشيعية العليا في العراق، من تكريس منهج المحاصصة.
ويقول مقربون من الحكيم والعبادي إن "المرجعية العليا، الممثلة المرجع الشيعي علي السيستاني في مدينة النجف، ليست راضية عن أداء حكومة عبد المهدي". وقد تشكل مثل هذه المؤشرات خطراً بالغاً على مستقبل الحكومة. إذ تؤثر مواقف المرجعية بشكل واسع في مواقف الأحزاب السياسية في العراق.
سبق لاعتراض المرجعية أن قطع الطريق على رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، لشغل منصبه أربع سنوات أخرى، بعدما أمضى فيه دورتين متتاليتين، شهدتا إشكاليات كبرى، أبرزها احتلال تنظيم "داعش" لنحو ثلثي أراضي البلاد صيف 2014.
ويقول مراقبون إن ازدياد المعارضة السياسية لحكومة عبد المهدي، ربما يعرضها لهزات سياسية قد تنتهي بإسقاطها.
ومن المنتظر أن تتعرض حكومة عبد المهدي لضغوط سياسية أكبر، بعد التحاق الوزراء الثلاثة بها، مع تلويح كتل المعارضة بأن ذريعة نقص الكابينة، الذي يحول دون تطبيق البرنامج الحكومي، قد انتهت.