Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكرد والتيار الصدري ومحاولة إسقاط الحكومة العراقية

تسعى إيران إلى خلط الأوراق لإرباك المشهد الإقليمي الضاغط عليها

رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي مجتمعاً مع زعيم تيار الحكمة عمارالحكيم (الموقع الرسمي لحركة النُجباء)

يبدو أن الحياة السياسية العامة في العراق تدخل مرحلة جديدة، أساسها المُتاركة المُتبادلة بين مُختلف القوى السياسية التي كانت مُتحالفة في كيانات واحدة، وانقسامها حول ثنائية الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي من عدم ذلك، والسعي الى تشكيل حكومة عراقية جديدة.

فقد انشغلت الأوساط السياسية العراقية بالاجتماع الموسع الذي عُقد في منزل القيادي في "ائتلاف الوطنية" صالح المُطلق أمس الأحد (16/06/2019) والذي قيل إن 150 برلمانياً وسياسياً عراقياً شاركوا فيه، بحضور رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، لتداول تحالفات هذه القوى المُجتمعة وخياراتها.

ملفان رئيسان

الأخبار التي سُرّبت عن الاجتماع، تشير إلى أن التركيز كان على ملفين رئيسين، يتعلق الأول بالإمكانيات والضوابط والأسس التي يُمكن لهذه القوى أن تُجمع عليها لتُشكل كُتلة سياسية واحدة ضمن البرلمان وفي الحياة العامة العراقية. والمسألة الأخرى تعلقت بأفق وإمكانية سحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي، التي مرّ على تشكيلها أكثر من ستة أشهر، ولم تتمكن حتى الآن من استكمال تشكيلتها الوزارية، بسبب الخلافات الكبيرة بين القوى السياسية الممثلة فيها.

يوضح مراقبون عراقيون أن هذا التوجه السياسي الجديد، يأتي ضمن تحركات القوى السياسية العراقية القريبة من إيران، بقيادة مباشرة من رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي قيل إنّ الخطوط مفتوحة بينه وبين السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي، إذ تجمع الطرفان مصلحة مُشتركة: تسعى إيران إلى خلط الأوراق في العراق لإرباك المشهد الإقليمي الضاغط عليها، بينما يستفيد العبادي من الضغوط الإيرانية للإطاحة بحكومة عبد المهدي، ما قد يفتح المجال أمام إمكانية عودته إلى ترأس الحكومة.

 تيار الحكمة إلى المُعارضة

الإعلان المُثير لتيار الحكمة العراقي بقيادة عمار الحكيم، بالانتقال التام من صف الداعمين لحكومة عبد المهدي إلى ما سماه "المُعارضة السياسية الدستورية"، جاء متزامناً مع اجتماع القوى المُتكتلة، ما أوحى بشيء من التناغم بين جهات سياسية عراقية عدة، نحو الهدف ذاته، والتشكيك بقدرة الحكومة الحالية وسحب الثقة منها، تالياً. رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي مجتمعاً مع زعيم تيار الحكمة عمارالحكيم (الموقع الرسمي لحركة النُجباء)

 جهتان سياسيتان عراقيتان رحبتا مباشرة بإعلان تيار الحِكمة، ما أوضح جزءًا من لوحة التحالفات والتوجهات المُستقبلية للمشهد العراقي، إذ أصدر ائتلاف النصر الذي يتزعمه العبادي بياناً، جاء فيه: "نرحب بخيار تيار الحكمة، ونعتبره قوة لموقفنا بتبني المعارضة التقويمية للحكومة، خصوصاً أن المعارضة تحتاج إلى جبهة سياسية عريضة ومسؤولة وفاعلة وضاغطة باتجاه التصحيح".

موقف القوى السُنية

في سياق متصل، دعم أثيل النُجيفي، القيادي في تحالف القرار العراقي انتقال تيار الحِكمة إلى جبهة المُعارضة، مُطالباً بتشكيل تيار سياسي عابر للطوائف، يستطيع أن يكون "معارضة صحية للحكومة"، لكن الأوساط السياسية العراقية شككت بتوجهات "تحالف القرار"، الذي كان أكبر الخاسرين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ولم يحصل على أي مراكز حكومية ذات ثقل، لذا فإن تطلعه لخلط الأوراق وسحب الثقة من حكومة عبد المهدي، من أولوياته الحقيقية، ورُبما السعي إلى إجراء انتخابات برلمانية مُبكرة، وليس فقط مُعارضة الحكومة الحالية.  

لكن موقف القوة السياسية السُنية الأبرز – تحالف القوى العراقية - لم يتضح بعد، إذ أعلنت أنها انتخبت رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي رئيساً لها، وأسندت مهمة رئاسة الكُتلة البرلمانية إلى النائب فلاح زيدان. فهذه الكُتلة السُنية الأكبر، التي تضم 40 نائباً والتي نتجت من انقسام تحالف "المحور الوطني" إلى كتلتين، واحدة بقيادة الحلبوسي تحت مُسمى تحالف القوى العراقية، والأخرى المُسماة تحالف القوى العراقية برئاسة النائب خميس الخنجر، لكن الثقل البرلماني هو للكتلة الأولى.

وتفيد بعض التسريبات بأن تحالف الحلبوسي يقارب المسألة بحذر شديد، لأن إطاحة حكومة عبد المهدي قد يعني تالياً تحطيم كل التوافقات التي حملت الحلبوسي إلى رئاسة البرلمان، وحصول تحالفه على غالبية المراكز والمواقع الحكومية في التشكيلة الراهنة، وأنه ينتظر التوجهات التي سيسير وفقها زعيم تحالف البناء هادي العامري.

الكرد والتيار الصدري

الرد الأول على هذه التحركات أتى من التيار الصدري الذي يقود قائمة سائرون، التي حصدت المركز الأول في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. فرد بهاء الأعرجي، القيادي البارز في التيار الصدري ونائب رئيس الوزراء السابق على تلك التحركات في بيان، قال فيه "تعالت خلال اليومين الماضيين، أصوات كثير من الكتل السياسية وبخاصة الشيعية منها حول اللجوء إلى تبني موقف المعارضة لحكومة عبد المهدي".

 وأضاف "المعارضة تمثل ركناً أساسياً وضرورياً في النظم الديمقراطية، على أن تختارها الكتل السياسية كخيار لعملها منذ البدء وعند تشكيل الحكومة، وليس في حالة ضرب المصالح والفشل في الحصول على امتيازات معينة، وإذا كان عدم تنفيذ البرنامج الحكومي والتأخير في تقديم الخدمات هو الحجة، فالجميع مشترك في هذه الحكومة بشكل أو بآخر".

المشهد العراقي

وترى الأوساط السياسية في ذلك تصعيداً في وجه التحالف السياسي الجديد، الذي يبدو أنه يجمع مُختلف تنظيمات حزب الدعوة، مع التنظيمات السياسية الأخرى التي كانت تُشكل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق من قبل، أي تيار الحكمة وتحالف البناء. فالمُجريات تسير نحو سعي التيار الصدري إلى التواصل المكثف مع القوى الكُردية، وتحديداً الحزب الديمقراطي الكُردستاني والقوى السُنية القريبة منه، لتشكيل جبهة نظيرة لتلك.

يعرف التيار الصدري أن الكرد هُم أكثر المُنسجمين والمُستفيدين من استمرار حكومة عبد المهدي، الذي أظهر خلال الأشهر الماضية تعاوناً رحباً مع إقليم كُردستان، وسعى إلى تجاوز مُختلف القضايا الشائكة التي تراكمت في عهد حكومة سلفه حيدر العبادي، في الملفين الأمني والمالي، ويعد بزيارة قريبة إلى الإقليم، لتجاوز ما هو عالق من قضايا بين الطرفين.

ثمة في المشهد العراقي الراهن ما كان قد تشكل أثناء الولاية الثانية لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي عام 2012، حين تحالف التيار الصدري مع القوى الكُردية ونظيرتها السُنية المنضوية في تيار الوطنية بقيادة إياد علاوي، للإطاحة بحكومة المالكي وخلق استقلالية عراقية ما عن النفوذ الإيراني، لكنها فشلت بسبب الضغوط الأميركية آنذاك.   

 ويشير خبراء في الشأن العراقي إلى أنه من الصعب في مكان ما، تشكيل حكومة عراقية مركزية من دون مشاركة كُردية واضحة، على مبدأ التوافق الذي تأسس عليه العراق الجديد بعد عام 2003، لكنهم يشككون في إمكانية أن يُطبق تفصيل الإطاحة بالحكومات المُشكلة، فالغالبية البرلمانية كافية لذلك، من دون حاجة إلى توافق سياسي طائفي وقومي.

 

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي