Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إشادات بـ"أبطال الخفاء" في المغرب بعد إخمادهم حرائق الغابات

خاطروا بحياتهم لإنقاذ المواطنين ومطالبات بتأهيلهم وتقديرهم مادياً وأدبياً

رجال الإطفاء في المغرب واجهوا حرائق الغابات ببسالة (وكالة المغرب العربي للأنباء)

على مدى أسبوع كامل، حبس المغاربة أنفاسهم وهم يتابعون الحرائق المهولة في عدد من الغابات بمناطق الشمال، خصوصاً في العرائش والقصر الكبير ووزان وتطوان وتازة، لمعرفة حجم الخسائر ومدى نجاح جهود إخماد النيران.

وبعد أن تبدد الدخان، انتفض من تحت رماد تلك الحرائق رجال من نوع خاص، سماهم المغاربة بـ"أبطال الخفاء"، خاطروا بحياتهم وواجهوا ألسنة اللهيب المشتعلة من أجل إخمادها وإنقاذ أرواح السكان الذين يقطنون بالقرب من الغابات، وأيضاً محاصرة النيران حتى لا تلتهم مزيداً من الهكتارات هناك.

وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ضمن بلاغ لها، أفادت بأنه لمواجهة حرائق الغابات، تمت تعبئة أكثر من ألفي عنصر من قطاع "المياه والغابات والوقاية المدنية والقوات المسلحة الملكية والدرك والقوات المساعدة والسلطات المحلية، معززين بشاحنات الإطفاء وسيارات التدخل السريع، إلى جانب الاستعانة بـخمس طائرات "كنادير" وثماني طائرات من نوع "توربو تراش".

ويشهد المغرب كل عام حرائق تلتهم هكتارات من الغابات التي تشكل 12 في المئة من مساحة البلاد الإجمالية، بينما تفيد معطيات رسمية بأنه منذ بداية عام 2022 إلى حدود 13 يوليو (تموز)، وصل عدد الحرائق المندلعة في الغابات إلى 165.

"جنود خفاء" يكافحون النيران

ومن أكثر الفئات التي نالت إعجاب المغاربة وإشادتهم خلال الحرائق هم رجال الإطفاء (رجال الوقاية المدنية كما يسمون في المغرب)، وأيضاً العاملون في الغابات وأعوان السلطات المحلية، كما برز عمال النظافة بدورهم خلال أيام عيد الأضحى وتفانيهم لمواجهة جبال النفايات ومخلفات الأضاحي في الشوارع والأزقة.

وأظهرت صور منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي "جنود الخفاء" من رجال الإطفاء وحتى شباب متطوعين، وكيف كانوا يكافحون النيران المستعرة من دون خوف، بغية حماية الأرض والبشر من اتساع رقعة الحرائق.

ونالت تدخلات هؤلاء "الأبطال" في مواجهة الحرائق كثيراً من الإشادة وعبارات الثناء، لأنهم فضلاً عن كونهم يؤدون مهماتهم ووظائفهم، لكنهم كانوا يلامسون الموت ليعيش الآخرون، ما وصفه كثيرون بتضحية وشهامة يستحقون عليهما التقدير والعرفان.

ومن هؤلاء حميد، شاب من فرق التدخل لمواجهة الحرائق، قال لـ"اندبندنت عربية" إنه كان ضمن رجال الإطفاء الذين جابهوا الحريق الضخم الذي شب في غابة قرب العرائش، مضيفاً أن "الخسائر المادية كانت كبيرة، لكن بحمد الله لم تحدث خسائر بشرية".

وتابع "عندما كنا نواجه ألسنة اللهب، لم نفكر أننا نتصدى للحريق ولاحتمال نشوب النار في أجسادنا، أو الموت احتراقاً، بل كان أكبر همنا أن ننقذ المواطنين البسطاء الذين يعيشون ويقتاتون من هذه الغابات".

أنواع المكافأة

ويعلق الناشط الجمعوي عبد العالي الرامي على الموضوع بالقول إن "جنود الخفاء" كثيرون مثل رجال الإطفاء وأعوان السلطة ورجال الأمن والدرك وعمال النظافة والعاملين في الغابات والمسعفين والمسعفات وفئات اجتماعية كثيرة، يشتغلون في الخفاء ولا يلتفت لهم كثيرون، نظراً إلى عدم ظهورهم في الإعلام أو وسائل التواصل.

ويضيف الرامي لـ"اندبندنت عربية" أن "مكافأة رجال الإطفاء مثلاً في أزمة حرائق الغابات، وبقية جنود الخفاء الذين ظهرت الحاجة إليهم من قبيل الممرضين في فترة الجائحة أو عمال النظافة في عيد الأضحى الأخير، تكمن في الإعراب عن تقديرهم واحترامهم وعدم تبخيس عملهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت إلى أنه يمكن استثمار عدد من المناسبات للعناية بفئة رجال الإطفاء، مثل "اليوم الوطني" الذي يحل في الأول من مارس (آذار) من كل عام للاحتفال برجال الوقاية المدنية، أو اليوم العالمي لرجال الإطفاء في 5 مايو (أيار)، بهدف إبراز ما يؤدونه من أدوار جليلة تحتاج إلى الرصد والاهتمام.

وزاد الرامي أنه يتعين تسوية أوضاع هذه الفئات من المهنيين جنود الخفاء، بخاصة عمال النظافة، وتوعية التلاميذ حول وظائف ومهمات "جنود الخفاء" في المجتمع، حتى يكبر الطفل وهو يحترم هذه الشريحة ويقدم لها كل الدعم والعناية.

وأردف أن المسؤولين أيضاً مطالبون بتحفيز "جنود الخفاء"  من خلال مبادرات اجتماعية، مثل مساعدة أسرهم وعائلاتهم عبر تأمين التغطية الصحية، أو توفير السكن لهم بأسعار منخفضة، أو تنظيم مخيمات صيفية لأبناء هذه الفئة، وتابع "يتعين على وسائل الإعلام أيضاً أن تعمل على تكريم هذه الفئات التي تلقي بنفسها لإنقاذ الأرواح وتعرض حياتها للخطر من أجل سلامة الآخرين، وهو أمر ليس هيّناً أو سهلاً، بالتالي وجب منحهم ما يستحقون من عناية".

تأهيل الكوادر

من جهته، قال عبد الإله الخضري، مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان إن موجة الحرائق التي اجتاحت أقاليم الشمال في البلاد خلال أيام العيد شكلت تحدياً خطيراً لرجال الإطفاء، نظراً إلى امتداد رقعة النيران التي التهمت مساحات شاسعة من الغابات والفدادين الزراعية ومساكن المواطنين".

واعتبر أن الإمكانات المتاحة والمرصودة لرجال الإطفاء لا تسعفهم لأداء مهماتهم بفاعلية ونجاعة، فضلاً عن حجم المخاطر المحدقة بهم.

وزاد الخضري أن هذه المهنة صعبة للغاية، ورجالها يخاطرون بحياتهم لإنقاذ المواطنين من الحرائق والفيضانات والانجرافات، وكل الحوادث التي تنطوي على خطر محدق بحياة الإنسان.

وأكمل أنه "على الرغم من أن السلطات ما فتئت تعزز تدخلات رجال الإطفاء بعناصر من القوات المسلحة وحتى من الدرك الملكي، مجهزين بطائرات ووسائل الإنقاذ الممكنة، لكن يبقى رجال الإطفاء في الواجهة المباشرة لمواجهة الحرائق".

وخلص الخضري إلى أنه "من الضروري إيلاء الاهتمام اللازم بهذه الفئة من خلال تقوية تجهيزاتها وتأهيل كوادرها على نحو يمكّنها من أداء مهماتها بفاعلية وفي الوقت المناسب، لأن سرعة التدخل لإخماد النيران جزء محوري في كفاءة هذا الجهاز، مع توفير محفزات مادية معقولة لصالح من ينتسبون إليه".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي