Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هكذا يقضي المغاربة عطلة الصيف بالمجان

تتوزع ما بين تبادل الشقق وتشارك الإيجار وتحويل أسطح المنازل لمسابح

في المغرب يتحايلون بأكثر من طريفة لتقليل التكاليف الخاصة بقضاء عطلة الصيف (أ ف ب)

ظروفها المادية ليست على ما يرام، فماذا تفعل السيدة السعدية لتمضية العطلة الصيفية رفقة أبنائها الثلاثة؟ فكرت طويلاً فلم تجد أمامها أية "حيلة" سوى التوجه من الدار البيضاء إلى قرية "سيدي تيجي" قرب مدينة آسفي المغربية، الواقعة على ساحل المحيط الأطلسي، حيث يقطن جداً الأولاد في بيت قروي واسع الأرجاء.

في الظاهر، تبدو الغاية من السفر "صلة الرحم" بين الأحفاد والأجداد، والتواصل بين الأم ووالديها، لكن الحقيقة أن السعدية لم تُخفِ في حديثها مع "اندبندنت عربية" أن هذه الزيارة إلى الأرياف تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.

العصفور الأول، رؤية الجدين للأحفاد وإطفاء "شوق اللقاء"، والثاني أن الأسرة ستجد بذلك مكاناً مناسباً لقضاء عطلة الصيف بعيداً من "الروتين" الذي عاشوه أشهراً عدة وسط جدران البيت.

أما العصفور الثالث "الأكثر تغريداً" بالنسبة لأسرة السعدية، فهو تمضية عطلة الصيف بأقل تكاليف مادية ممكنة، فالجدان مضيفان لن يبخلا بالترحيب، والأم وأبناؤها "ضيوف أعزاء".

السعدية ليست الوحيدة التي تفكر بمنطق "الاحتيال" على فصل الصيف القائظ، فهناك عديد من الأسر الفقيرة أو "الكفيفة العفيفة" التي بالكاد تجد لقمة عيشها، بل حتى الأسر متوسطة الحال، تخطط للاحتيال على الصيف لقضائه بأقل الخسائر الممكنة.

تبادل الشقق

ومن هذه "الحيل" التي تتيح للفقراء قضاء صيف بتكاليف قليلة، تبادل السكن بين الأسر ذات القرابة فيما بينها، فأسرة تسكن في طنجة تسافر عند أسرة قريبة تسكن في مدينة أغادير، والعكس صحيح، فتتفادى هذه العائلات بذلك معضلة استئجار شقق أو غرف في فنادق لقضاء العطلة، ومن ثم مصاريف مالية باهظة.

السيدة جويهرة، في عقدها الخامس، تقول لـ"اندبندنت عربية" إنها تتردد كل سنة على مدينة الجديدة في فصل الصيف، حيث تقطن شقيقتها، بينما هذه الأخيرة تأتي إلى ضواحي العاصمة الرباط حيث تسكن جويهرة، وهكذا يتم تبادل الشقق كل صيف من كل سنة إلا في حالات قليلة لأسباب طارئة.

ووفق صاحبة هذه "الحيلة" التي تتم برضا جميع الأطراف، فإن الأسرة التي تسكن طيلة العام بمدينة الجديدة تستمتع بقضاء الصيف في منزل شقيقتها بالرباط بضعة أيام أو أسابيع، والتي تسكن طيلة العام بالرباط تجد فرصة سانحة لها بتمضية الصيف في الجديدة.

ويبدو أن منطق "رابح - رابح" يحكم هذه العلاقة بين الأسرتين في فصل الصيف، فكلاهما يستفيد من التنقل إلى مدينة أخرى بضمان "مأوى مجاني"، باعتبار أن أسعار إيجار يومي لشقة مفروشة صيفية أو غرفة في فندق تكون مرتفعة بشكل كبير في الصيف بالمغرب.

تشارك البيوت

وتفتّقت حيلة أسر مغربية، بخاصة عندما تكون بينها أواصر القربى، للتغلب على تكاليف قضاء عطلة الصيف، على فكرة استئجار "شقة مشتركة" في مدينة ساحلية تكون عادةً كثيرة الغرف لإيواء أزيد من أسرتين، حيث تقتسم العائلات مصاريف الإيجار وحتى مصاريف التنقل بواسطة سيارة واسعة واحدة.

أسرة ياسين قلوع بمدينة سلا، المجاورة للعاصمة، جربت هذه الطريقة "الاحتيالية" على تكاليف العطلة الصيفية، حيث دأبت في شهر يوليو (تموز) من كل سنة، تفادياً لذروة العطلة التي تتسم بالغلاء في إيجار الشقق المفروشة، على التشارك مع عائلات تربطها بها علاقات مصاهرة، في استئجار شقة بمدينة المضيق الساحلية شمال البلاد.

ووفق هذه "الحيلة" فإن الشقة المؤثثة التي يبلغ قيمة استئجارها 1000 درهم (100 دولار) في اليوم، إذا ما تم اقتسامها على أربع أسر، يكون نصيب كل واحد 250 درهم فقط في اليوم، علاوة على تقاسم مصاريف الأكل أيضاً طيلة العطلة.

وتلتهب أسعار إيجارات الشقق المؤثثة أو المفروشة، في المدن الساحلية بالمغرب، بخاصة بعد عودة التعافي إلى القطاع السياحي بالبلاد، إذ يصل إيجار شقة واحدة أحياناً إلى ألف درهم أو 1500 درهم في الليلة الواحدة (150 دولاراً)، بينما في باقي أيام السنة لا يتجاوز إيجارها اليومي 500 درهم (50 دولاراً).

صيف السطوح

وأما الذين لم يتسنَّ لهم الاحتيال عبر الطرق سالفة الذكر، فإنهم يلجأون إلى أسطح بيوتهم ليحولوها إلى "مسابح خاصة" ومصايف شمسية، فلا يضطرون إلى تكبد عناء السفر، أو "استجداء" الأقارب لتبادل البيوت أو التشارك في الإيجار اليومي.

السيدة بشرى، في الأربعين من عمرها وأم لثلاثة أطفال، جربت هذه "الطريقة الاحتيالية" على أبنائها، فكانت النتيجة "مبهرة" وفقها، ذلك أن زوجها اقتنى مسبحاً بلاستيكياً يسع أكثر من شخصين، ووضعه في سطح المنزل لتسبح فيه العائلة، باعتبار أن المدينة التي تقطنها غير ساحلية.

ولمزيد من "الإقناع" تضيف هذه السيدة بعض "البهارات" والأشياء و"الأكسسوارات" بجانب المسبح فوق السطح، من نبات ورمال، كما أنها تحضر عصائر باردة ومثلجات بجانب المسبح الذي يرتمي فيه أطفالها ليطفئوا لهيب الشمس اللافحة.

وفي المدن الداخلية، بعيداً من شواطئ البحر، وعدا "حيلة السطوح"، يذهب أبناء الفقراء إلى السباحة نهاراً في النوافير العمومية أو في البرك، لتزجية الوقت في صيف طويل وساخن.

الصيف ينقلب إلى شتاء

لكن الصيف لا يسير دائماً وفق "مخططات" و"حيل" الفقراء بالمغرب، فأحياناً ينتهي أو حتى إنه لا يكاد يمضي دون وقوع قصص أو شجارات أو خصومات بين الأسر في تماسّها مع أسر أخرى لتقاسم تكاليف العطلة.

وهكذا كثيراً ما ينقلب "الصيف الملتهب" إلى "شتاء مزمجر" بين أفراد الأسرة الواحدة، أو بين عائلة وأخرى قررتا تبادل الشقق المفروشة، أو اشتركتا في مصاريف العطلة الصيفية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا تحديداً ما حصل مع أسرة زينب، ربة أسرة وأم لطفلين، عندما قررت "التحايل" على الصيف بتمضيته مع أسرة شقيقة زوجها، وأسرة زوجة شقيقها، داخل شقة واحدة في إحدى مدن الجنوب، لتنقلب النسائم الصيفية إلى عواصف رعدية.

وشكل هذا الخليط الأسري، خصوصاً بين النساء، "قنبلة موقوتة"، انفجرت بعد مضي أيام قليلة من بداية العطلة الصيفية للعام الماضي، بسب شكاوى شقيقة زوجها من تصرفات أبناء زينب التي لم تقف مكتوفة الأيدي لتتهم أطفال رفيقتها في العطلة بقلة الأدب، فاشتعلت النيران، وإلى اليوم لم تنطفئ شرارتها بعد، وفق رواية زينب.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي