Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قمة جدة" تعكس توافقا عربيا – أميركيا على كبح البرنامج النووي الإيراني

ولي العهد السعودي شدد على احترام سيادة الدول وبايدن أكد انخراط بلاده الكامل بقضايا المنطقة

اختتمت في السعودية السبت 16 يوليو (تموز) 2022 قمة "جدة للأمن والتنمية"، التي شهدت مشاركة الرئيس الأميركي جو بايدن في المحطة الأخيرة من جولته الشرق أوسطية، وهي الأولى له منذ توليه مهمات منصبه، وبمشاركة دول عربية عدة.

احترام سيادة الدول

وفي كلمته بختام فعاليات القمة، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن الاجتماع يأتي "في وقت تواجه المنطقة والعالم تحديات مصيرية كبرى تستدعي مواجهتها تكثيف التعاون المشترك في إطار مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، التي تقوم على احترام سيادة الدول وقيمها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام استقلالها وسلامة أراضيها".

وأعرب الأمير محمد بن سلمان عن أمله في أن "تؤسس القمة لعهد جديد من التعاون المشترك وتعميق الشراكة الاستراتيجية بين دول المنطقة والولايات المتحدة الأميركية لخدمة المصالح المشتركة وتعزيز الأمن والتنمية في هذه المنطقة الحيوية للعالم أجمع".

وأشار إلى أن "التحديات الكبرى التي تعرض لها العالم أخيراً بسبب جائحة كورونا والأوضاع الجيوسياسية تستدعي مزيداً من تضافر الجهود الدولية لتعافي الاقتصاد العالمي وتحقيق الأمن الغذائي والصحي، كما أن التحديات البيئية التي يواجهها العالم حالياً وعلى رأسها التغيّر المناخي وعزم المجتمع الدولي على إبقاء درجات حرارة الأرض وفقاً للمستويات التي حددتها اتفاقية باريس، تقتضي التعامل معها بواقعية ومسؤولية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال تبني نهج متوازن، وذلك بانتقال متدرج ومسؤول نحو مصادر طاقة أكثر ديمومة".

وقال ولي العهد السعودي إن "تبني سياسات غير واقعية لتخفيض الانبعاثات من خلال إقصاء مصادر طاقة رئيسة من دون مراعاة الأثر النفسي عن هذه السياسات في الركائز الاجتماعية والاقتصادية للتنمية المستدامة وسلاسل الإمداد العالمية سيؤدي في السنوات القادمة إلى تضخم غير معهود وارتفاع في أسعار الطاقة وزيادة البطالة وتفاقم مشكلات اجتماعية وأمنية خطيرة، بما في ذلك تزايد الفقر والمجاعات وتصاعد الجرائم والتطرف والإرهاب".

التزام أميركي تجاه المنطقة

أما الرئيس الأميركي جو بايدن فأكد في كلمته التزام الولايات المتحدة بالدور الذي تلعبه في الشرق الأوسط وأن تبقى بلاده منخرطة بشكل كامل في المنطقة وألا تترك الساحة لقوى عالمية أخرى كي تمارس نفوذها.

وقال بايدين "لن نغادر ونترك فراغاً تملؤه الصين أو روسيا أو إيران". وأضاف أن الولايات المتحدة ملتزمة بضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي مطلقاً. وشدد على أن بلاده ستظل شريكة ناشطة ومتعاونة في الشرق الأوسط.

وأضاف بايدن، "اسمحوا لي أن أختتم بتلخيص كل هذا في جملة واحدة: الولايات المتحدة ملتزمة ببناء مستقبل إيجابي في المنطقة، بالشراكة معكم جميعاً، ولن تغادر". وأكد "ستدعم الولايات المتحدة وتعزز الشراكات مع الدول المنخرطة في النظام الدولي القائم على القوانين. سنضمن أن هذه الدول يمكنها الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الخارجية".

وأوضح أن "إيران تزعزع أمن المنطقة واستقرارها"، مشدداً على أن "لدينا العزيمة لمواجهة التهديد الإرهابي في كل مكان". وجدد بايدن تأكيده أن "الدور الأميركي في المنطقة سيتواصل"، قائلاً إن "واشنطن ستحرص على أمن الملاحة في الممرات البحرية".

 

التنسيق والتشاور

في السياق ذاته، ذكر ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر في كلمته أن "الأوضاع في المنطقة تتطلب منا مزيداً من التنسيق والتشاور، والعلاقات الخليجية الأميركية شهدت إنجازات كبيرة، ونحن عازمون مع دول الخليج على تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع أميركا".

وبشأن الأزمة الأوكرانية الروسية، أضاف ولي العهد الكويتي "نؤكد موقفنا المبني على القانون الدولي والقاضي باحترام سيادة الدول".

بنك الشرق الأوسط

ومن جانبه، اقترح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إنشاء "بنك الشرق الأوسط للتنمية والتكامل". وقال إن "الديمقراطية الناشئة في العراق تواجه مصاعب بسبب نقص الخبرات، لكنها تتقدم على الرغم من المصاعب السياسية".

وأضاف الكاظمي "كان للعراق دور أساسي في محاربة الإرهاب والقضاء على (داعش)، لكن ما زال علينا وضع استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب في المنطقة".

"تحقيق الاستقرار ضروري"

من جهة أخرى، أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن "المخاطر التي تحدق بالشرق الأوسط تتطلب إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية". وقال إن "تحقيق الاستقرار في الخليج ضروري للمنطقة وللعالم بأسره".

وأشار إلى أن "الأزمات والحروب تؤثر في العالم بأسره، والحرب في أوكرانيا أسهمت في مفاقمة أزمة قد تؤدي إلى كوارث إنسانية"، مردفاً أن "لا أمن ولا استقرار ولا تنمية في ظل النزاعات".

التحدي الأخطر

بدوره شدد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة على أن "التدخل في الشؤون الداخلية للدول يبقى التحدي الأخطر، ويجب احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها". وقال "يجب تكريس العلاقة الاستراتيجية بين الدول العربية وأميركا"، لافتاً إلى أن "الشرق الأوسط يعاني ظروفاً سياسية وأمنية صعبة، وفي المقدمة لا بد من حل القضية الفلسطينية وفقاً لحل الدولتين".

نووي إيران

من جانبه، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن لقاءات الرئيس الأميركي والقادة السعوديين ركزت على الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وأضاف الأمير فيصل في مؤتمر صحافي أن قمة جدة أظهرت نضوج العمل العربي المشترك وأن كلمات القادة أكدت أن دول المنطقة تعرف ما تريد ولا تنتظر أحداً ليحقق لها ذلك، مردفاً "طورنا علاقات استراتيجية مع شركاء كثرٍ في المنطقة، وكذلك مع الولايات المتحدة".

وتناول الأمير فيصل بن فرحان عدداً من القضايا. وأكد أن هناك تنسيقاً كبيراً مع الإدارة الأميركية في ما يتعلق ببرنامج إيران النووي وتهديداتها في المنطقة، لافتاً إلى أن "الحل هو عبر الدبلوماسية والحوار، ونأمل في أن تستجيب طهران للحوار لمعالجة مشكلة برنامجها النووي". وأوضح أن "لم تكُن هناك رسائل من إيران إلى قمة جدة عن طريق العراق".

وشدد وزير الخارجية السعودي على أن "يد السعودية ما زالت ممدوة لإيران، ونحن حريصون على الوصول إلى علاقات طبيعية مع جارتنا والمحادثات التي تمت حتى الآن إيجابية، لكن لم تصل إلى النتائج المرجوة بعد".

أزمة اليمن

وقال الأمير فيصل بن فرحان "نعمل من جهتنا بكل جد للوصول إلى وقف إطلاق نار شامل ودائم في اليمن يفتح الباب لمحادثات يمنية تنهي الصراع الذي يشكل السلاح الإيراني جزءاً من أسباب استمراره"، مضيفاً أن هذا يتطلب أن "يدرك الحوثيون أن مصلحة اليمن هي في الحوار، ونأمل في أن يكون هناك مزيد من التكاتف الدولي لوقف تدفق الأسلحة إلى اليمن".

وفي ما يخص الطاقة، قال الوزير السعودي إن بلاده ستصل إلى طاقة إنتاجية قصوى تبلغ 13 مليون برميل يومياً. وأشار إلى أن منظمة "أوبك+" تعمل على متابعة أوضاع السوق والاستجابة للطلب. وأضاف أن الرياض تستمع إلى آراء الدول، لكن منظومة "أوبك +" قائمة وفاعلة وتعمل بالشكل المطلوب.

التعاون مع إسرائيل

ورداً على سؤال "اندبندنت عربية" حول ما أشيع عن احتمال إقامة تعاون عسكري مع تل أبيب، قال وزير الخارجية السعودي "لم يطرح بتاتاً أي نوع من التعاون العسكري أو التقني مع إسرائيل، لا خلال القمة ولا قبلها ولا بعدها، كذلك فكرة الناتو العربي غير مطروحة، علماً أن السعودية كانت طرحت منذ سنوات فكرة تطوير وتنسيق الدفاع العربي المشترك، لكن هذه المسألة لم تكُن مدار بحث في قمة جدة".

طي صفحة خاشقجي

وقال الأمير فيصل بن فرحان إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رد على الرئيس الأميركي في ما يتعلق بقتل الصحافي جمال خاشقجي، مؤكداً أنها جريمة مؤسفة وأن الرياض اتخذت الإجراءات اللازمة لمحاسبة المجرمين ومعالجة هذا الخطأ.

وأشار إلى أن ولي العهد أبلغ بايدن "بأن الأخطاء تحصل في كل الدول، ولكل منها قيمها الخاصة، ولا يمكن لأي دولة أن تفرض قيمها على دول أخرى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

البيان الختامي 

وفي بيانهم الختامي، أكد قادة الدول الست لـ"مجلس التعاون الخليجي" والولايات المتحدة ومصر والأردن والعراق، "أهمية اتخاذ جميع الخطوات الضرورية للحفاظ على الأمن في الشرق الأوسط"، مجددين دعوة إيران إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ورحب القادة بتأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة "لشراكاتها الاستراتيجية الممتدة لعقود في الشرق الأوسط" والتزامها "الدائم" بأمن شركائها و"الدفاع عن أراضيهم" و"إدراكها للدور المركزي للمنطقة في ربط المحيطين الهندي والهادئ بأوروبا وأفريقيا والأميركتين".

وجدد البيان دعم معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ودعوة إيران "إلى التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومع دول المنطقة لإبقاء منطقة الخليج العربي خالية من أسلحة الدمار الشامل، وللحفاظ على الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً". كما دان البيان "الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره".

وأكد القادة "ضرورة التوصل إلى حل عادل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، ووقف كل الإجراءات الأحادية التي تقوض" هذا الحل.

وجاء في البيان الختامي للقمة تأكيد على أهمية تحقيق أمن الطاقة واستقرارها "مع العمل على تعزيز الاستثمار في التقنيات والمشاريع التي تهدف إلى خفض الانبعاثات وإزالة الكربون بما يتوافق مع الالتزامات الوطنية".
وأشاد البيان الختامي بـ"الدور القيادي للسعودية في تحقيق التوافق مع (أوبك+) التي تستهدف تحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة".

وعبّر القادة عن دعمهم للأمن المائي لمصر وإيجاد حل دبلوماسي لعملية ملء سد النهضة الإثيوبي وتشغيله.

وبالنسبة إلى اليمن، رحب القادة بالهدنة وبتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، معبرين عن أملهم في التوصل إلى حل سياسي وفقاً لمرجعيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن.

وأكد القادة ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، بما يحفظ وحدة سوريا وسيادتها ويلبي تطلعات شعبها. وفي ما يتعلق بلبنان، دعم البيان الختامي سيادته وأمنه واستقراره وجميع الإصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصادي.

كذلك جدد القادة دعمهم للجهود الساعية لحل الأزمة الليبية، مشددين على "ضرورة عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية جنباً إلى جنب في أقرب وقت، وخروج جميع المقاتلين الأجانب والمرتزقة من دون إبطاء". وبالنسبة إلى السودان، أكدوا دعمهم لجهود تحقيق الاستقرار في هذا البلد واستكمال المرحلة الانتقالية وإنجاحها وتشجيع التوافق بين الأطراف السودانية.

 

لقاءات على الهامش

وعلى هامش القمة، أجرى الرئيس الأميركي محادثات ثنائية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. 

وبعد وصوله إلى جدة الجمعة، آتياً من إسرائيل، اجتمع بايدن مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في قصر السلام.

وفي بيان مشترك، شددت الرياض وواشنطن على "ضرورة ردع التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول، ودعم (طهران) للإرهاب من خلال المجموعات المسلحة التابعة لها".

وجدد الطرفان "التزامهما باستقرار أسواق الطاقة العالمية"، واتفقا على "التشاور بانتظام في شأن أسواق الطاقة العالمية على المديين القصير والطويل".

ووقعت الولايات المتحدة والسعودية 18 اتفاقية ومذكرة للتعاون المشترك في مجالات الطاقة والاستثمار والاتصالات والفضاء والصحة، بينها تعزيز تطبيق الجيل الخامس من الإنترنت.

"إثارة التوتر"

إيرانياً، اعتبرت إيران أن تصريحات الرئيس الأميركي خلال زيارته الإقليمية، خصوصاً أمام قادة دول عربية في مدينة جدة، هي محاولة أميركية "لإثارة التوتر" في المنطقة. واعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أن "المزاعم والاتهامات التي كالها الرئيس بايدن خلال جولته الشرق أوسطية، ومنها تصريحاته في قمة جدة، مرفوضة ولا أساس لها". أضاف في بيان، فجر الأحد، "هذه المزاعم الفارغة تأتي في سياق استمرار السياسة الأميركية لخلق الفتن وإثارة التوتر في المنطقة".

وبينما أشار كنعاني إلى أن الولايات المتحدة هي "أول دولة استخدمت القنبلة النووية"، اعتبر أنها "تلجأ مجدداً لسياستها الفاشلة في التخويف من إيران" لإثارة توتر إقليمي. ورأى أن "التهم الأميركية الكاذبة تجاه البرنامج النووي السلمي الإيراني وقيام أميركا بغض الطرف عن الخداع الصهيوني المستمر لعقود ككيان، يمتلك أكبر ترسانة للسلاح النووي في المنطقة، لهو دليل واضح على انتهاج الإدارة الأميركية سياسة التزييف والنفاق".

المزيد من العالم العربي