Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النفط يستحوذ على تركيز الصحافة الأميركية في تغطية زيارة بايدن

يعود رئيس الولايات المتحدة إلى المنطقة بعد ست سنوات بنفوذ أقل كثيراً مما يحتاج إليه لصناعة الأحداث

يسود نقاش حام الصحافة الأميركية مع انطلاق الرئيس جو بايدن في جولته الأولى في الشرق الأوسط منذ وصوله إلى البيت الأبيض، والتي تشمل زيارة إسرائيل والضفة الغربية والسعودية. فما بين جدل الواقعية السياسية في عالم طرأت عليه متغيرات جادة وخطيرة تتمثل في الحرب الروسية – الأوكرانية وما تبعها من عواقب عالمية، والعودة إلى السياسات التقليدية لواشنطن حيال حلفائها في المنطقة على نقيض ما أبدته الإدارة الحالية عند توليها القيادة، يرى الأميركيون أن أسعار النفط تبقى المحرك الرئيس للزيارة.

وتتفق الصحف الأميركية على أن المغزى الرئيس لجولة بايدن وزيارته تحديداً إلى الرياض - والتي تواجه تحدياً أساسياً يتعلق بإصلاح العلاقات مع القيادة السعودية بعد أشهر من التوتر - يستهدف ضخ مزيد من النفط الخام لمواجهة تداعيات حرب أوكرانيا، إذ تأثر إنتاج روسيا من النفط جراء العقوبات القاسية التي فرضتها الدول الغربية للضغط على موسكو. وبينما سعت واشنطن لدفع الرياض إلى الاستفادة من قدرتها على ضخ مزيد من النفط لترويض السوق، فإن السعودية لم تستجب للضغوط الأميركية، بل أفادت تقارير صحافية أميركية، في مارس (آذار) الماضي، أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي، آنذاك، رئيس دولة الإمارات الحالي، الشيخ محمد بن زايد، رفضا تلقي مكالمات من الرئيس الأميركي في شأن الأزمة الأوكرانية وأسعار النفط. وعلى هامش قمة مجموعة السبع، الشهر الماضي، سمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو يبلغ نظيره الأميركي بتفاصيل مكالمة أجراها مع الشيخ محمد بن زايد، حيث أبلغه الأخير بأن السعودية والإمارات لا يمكنهما زيادة إنتاج النفط إلا بصعوبة.
وارتفعت أسعار النفط العالمية بشكل مطرد في الأشهر الأخيرة بسبب نقص الإمدادات وزيادة الطلب بعد انتهاء الفترة الأسوأ خلال جائحة كورونا. وزادت الأسعار بصورة أكبر منذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية في أواخر فبراير (شباط) الماضي، لتتجاوز 100 دولار للبرميل أحياناً. وينظر إلى السعودية والإمارات على أنهما الدولتان الوحيدتان في منظمة أوبك اللتان تملكان طاقة فائضة لزيادة المعروض العالمي الذي من شأنه تخفيض الأسعار. وتبحث أوروبا عن سبل استبدال ما يصل إلى مليوني برميل يومياً من الخام الروسي، ونحو مليوني برميل يومياً من المنتجات المكررة التي كانت تستوردها من موسكو قبل حرب أوكرانيا.
العودة إلى السياسة التقليدية

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إن "رحلة بايدن إلى الشرق الأوسط تمثل خطوة نحو سياسة خارجية أميركية أكثر تقليدية تجاه السعودية، حيث دفعته حقائق دبلوماسية النفط والجغرافيا السياسية إلى التنازل عن وعود حملته الانتخابية بجعل السعودية دولة منبوذة". وتحدث مسؤولون أميركيون للصحيفة عن الصعوبات التي تواجه أهداف الزيارة وسط توتر العلاقات مع الرياض.
وأضافت "وول ستريت جورنال"، أن "الدافع وراء التحول نحو استراتيجية أميركية تقليدية للشرق الأوسط، يعود جزئياً، إلى تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على معدلات التضخم في الولايات المتحدة، وهو ما يثبت أنه يمثل تكلفة سياسية كبيرة بالنسبة لبايدن". وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بنسبة 6.3 في المئة في مايو (أيار) عن العام السابق، وفقاً لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي التي تصدره وزارة التجارة. وكان ارتفاع مارس هو الأسرع منذ يناير (كانون الثاني) 1982، حيث بلغ 6.6 في المئة.
كذلك كتب بايدن في مقال رأي في صحيفة "واشنطن بوست"، الأسبوع الماضي، في شأن العلاقة مع السعودية، فقال، "كان هدفي هو إعادة توجيه العلاقة وليس قطعها". وأضاف أن "موارد الطاقة السعودية حيوية للتخفيف من التأثير على الإمدادات العالمية للحرب الروسية في أوكرانيا".
وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن "أهداف الزيارة التي لا تتعلق فقط بتسريع تدفق النفط، بل أيضاً بإعادة تشكيل العلاقة مع السعودية من دون أن يظهر بايدن أنه يتنازل عما يتعلق بحقوق الإنسان، وكذلك محاولة إبطاء برنامج إيران النووي، وجميعها جهود محفوفة بالمخاطر السياسية لرئيس على الرغم من أنه يعرف المنطقة جيداً، لكنه يعود إلى المرة الأولى إليها منذ ست سنوات بنفوذ أقل كثيراً مما يحتاج إليه لصناعة الأحداث".
وذكرت "نيويورك تايمز" أنه "في حين يستبعد مسؤولون أميركيون الإعلان عن اتفاق صريح في شأن زيادة إنتاج النفط السعودي، فمن المرجح أن يأتي ذلك في غضون شهر أو شهرين من الزيارة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


المدار الغربي

لا يتعلق الأمر فقط بأسعار النفط، إذ يستهدف البيت الأبيض إبقاء السعودية، الحليف التقليدي لواشنطن، في المحور الغربي وثنيها عن الميل نحو روسيا والصين، لا سيما في خضم صراع عالمي تبحث فيه واشنطن عن الحشد لصالح معسكرها. ويقول جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إنه "بينما تتطلع إدارة بايدن لأولويات عالمية، فإن السعودية ترتبط بعدد متزايد من تلك الأولويات، ومن ثم فإن وجود علاقة مشوشة مع القيادة بها يجعل أموراً عديدة حول العالم أكثر صعوبة".
وكان بايدن أوضح عندما تولى منصبه في يناير (كانون الثاني) 2021 أنه يريد تقليل التركيز الأميركي على الشرق الأوسط، والتركيز على الصين، انعكاساً لاعتقاده أن واشنطن أهدرت 20 سنة بينما كان ينبغي أن تركز على منافس نظير حقيقي. والأسبوع الماضي، وقعت الرياض وواشنطن مذكرة تفاهم للتعاون على بناء شبكة الاتصالات من الجيل الخامس "5 جي" في السعودية، بهدف إبعاد شركة هواوي الصينية عن المنطقة.
لكن هذه الجهود لن تكون سهلة بعد الضرر الذي ألحقته الإدارة الأميركية وأسلافها بالعلاقة مع المنطقة خلال السنوات الماضية نتيجة لسياسة فك الارتباط الأميركي بالشرق الأوسط والذي بلغ ذروته منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض وما تضمنه من انسحاب كارثي من أفغانستان، بحسب وصف جون هانا، مستشار الأمن القومي السابق لديك تشيني، نائب الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش. وكتب هانا في مجلة "فورين بوليسي" إن "الزيارة لن تكون كافية لمعالجة ذلك التهديد طويل المدى لنفوذ واشنطن في المنطقة والنزيف الذي أصاب مصداقيتها". وأوصى بالعودة إلى ما يسمى "عقيدة كارتر"، وهي مبدأ سياسي أرساه الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر في خطاب حالة الاتحاد أمام الكونغرس في يناير 1980، وتقضي باللجوء إلى القوة العسكرية للدفاع عن مصالح الولايات المتحدة في الخليج.

الفائز الحقيقي

وبينما يقوم بايدن بزيارته الأولى إلى إسرائيل منذ توليه منصبه، لكنها العاشرة له كسياسي أميركي مخضرم، فإنه أكد على ولاءه المعتاد لتل أبيب، كما أكد على إيمانه بحل الدولتين، وهي السياسات التي طالما اتبعها السيناتور المخضرم السابق والنائب السابق للرئيس الأميركي باراك أوباما. وبعد يوم من وصوله إلى إسرائيل، وقع بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد إعلاناً أمنياً يحمل اسم "إعلان القدس للشراكة الاستراتيجية المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل"، تعهدت واشنطن بموجبه باستخدام "جميع عناصر قوتها الوطنية" لمنع إيران من حيازة السلاح النووي.

وتعتبر صحيفة "بوليتكو" أن "إسرائيل هي الفائز الحقيقي من جولة بايدن". وتقول إنه "بالنسبة إلى القادة الإسرائيليين، فإن الاجتماع الأميركي - السعودي سيمنحهم الأمل في أن تتمكن واشنطن من إصلاح علاقاتها المقطوعة مع الرياض ودفعها إلى الانضمام إلى عواصم عربية أخرى أقامت علاقات دبلوماسية تاريخية مع إسرائيل في السنوات الأخيرة". وتضيف أن "بايدن واصل إلى حد كبير السياسات المؤيدة بشدة لإسرائيل التي اتبعها سلفه، دونالد ترمب".
ودعم ترمب "اتفاقات أبراهام"، التي انطوت على إقامة إسرائيل علاقات دبلوماسية مع الإمارات والمغرب والبحرين والسودان. وتقول "بوليتكو" إن مساعدي بايدن يريدون البناء على "اتفاقيات أبراهام"، إذ ترى إدارته أن إسرائيل هي صديق مهم في الشرق الأوسط، المنطقة التي تضم آلاف الجنود الأميركيين الذين يواجهون تهديدات من خصوم مثل إيران والجماعات الإرهابية، ومن ثم فإن تعزيز التعاون بين إسرائيل وشركاء أميركا العرب هو وسيلة مهمة للحد من هذه التهديدات. ونقلت "بوليتكو" عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية قوله، إن الاندماج داخل المنطقة هو "أحد الموضوعات الرئيسة الحقيقية لزيارة بايدن". والهدف هو "جعلها تتحرك بشكل تدريجي في اتجاه التكامل الاقتصادي والتكامل السياسي والدبلوماسي".
ويستحوذ الملف النووي الإيراني على نصيب رئيس من الجولة، وقد أكد الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي على عدم السماح لإيران بأن تصبح قوة نووية، لكن ذلك لم يمنع إخفاء الخلاف بين الطرفين في شأن كيفية تحقيق ذلك. وخلال مؤتمر صحافي الخميس 14 يوليو (تموز) الحالي، سعى لبيد إلى دفع بايدن نحو تجاوز التزامه العلني بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي إلى الإعلان عن تعهد الدول الديمقراطية بالرد إذا واصل الإيرانيون تطوير برنامجهم النووي، والذي تقول طهران إنه لأهداف سلمية.

وقال لبيد، "إذا استمروا في تطوير برنامجهم النووي، فسيستخدم العالم الحر القوة". وتقول وكالة "أسوشيتد برس"، إنه في حين استمع بايدن بانتباه إلى تلك التصريحات، لكنه لم يكرر هذا الالتزام أبداً. بدلاً من ذلك، تمسك بالحديث عن منع إيران من الحصول على سلاح نووي - وليس برنامجاً قد يكون الغرض منه تطوير سلاح نووي. وقال الرئيس الأميركي أنه لا يزال يريد إعطاء فرصة للدبلوماسية.

المزيد من متابعات