Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخلفات ذبائح الأضاحي هدر مادي وتلوث بيئي في الخرطوم

السودان الدولة الخامسة في إنتاج الجلود لكن لا خطة استراتيجية والقدرة الاستيعابية للمدابغ محدودة

شهدت أيام عيد الأضحى تعاملاً عشوائياً مع الجلود ومخلفات الذبائح في السودان (اندبندنت عربية - حسن حامد)

فور انقضاء عيد الأضحى وجدت العاصمة السودانية الخرطوم نفسها أمام تحد بيئي كبير بسبب انتشار مخلفات الذبائح وجلود الأضاحي في أحياء مدنها الثلاث (أم درمان الخرطوم والخرطوم بحري) وطرقها، مما يفاقم الوضع الصحي في العاصمة بالتزامن مع موسم الخريف والأمطار.

وحذر المجلس الأعلى للبيئة في الولاية من أن مخلفات الذبائح المنتشرة على قارعة الطرق وفي مكبات النفايات تزيد عوامل التلوث مع ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة، مما يُسرع من توالد الذباب ونواقل الأمراض.

انقطاع الحملة

وعزا الأمين العام للمجلس الأعلى للبيئة في ولاية الخرطوم بشرى حامد خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" الوضع البيئي المتدهور الماثل إلى توقف حملة جمع الجلود التي كانت تنظمها العاصمة والولايات سنوياً، عبر آليات المنظمات الطوعية والوحدات واللجان المحلية القاعدية.

وانتقد حامد "التعامل العشوائي مع مخلفات الذبائح والتخلص منها في الأماكن العامة أو مناطق رمي الأوساخ من دون النظر إلى ما تخلفه من روائح كريهة وأخطار بيئية تفسد فرحة العيد، بدلاً من أن يكون موسماً للنظافة والجمال والفرح".

ولاحظ حامد تراجع نشاط سوق الجلود خلال الآونة الأخيرة، مما يدفع كثيرين إلى التخلص منها في الطرق العامة من دون اكتراث حتى بقيمتها المادية، لافتاً إلى طريقة بسيطة في التخلص من مخلفات الذبائح وهي دفنها.

ويعتقد حامد أن سبب ضعف الإقبال على الجلود وكسادها هذا الموسم هو "توقف المدابغ الكبيرة مثل مدبغة الخرطوم والنيل الأبيض والجزيرة التي كانت تتنافس على شراء جلود الأضاحي، وزاد الوضع سوءاً توقف المدابغ الخاصة الصغيرة التي كانت تعمل في مجال التجهيزات الأولية للجلود نتيجة التدهور الاقتصادي وتوقف هذه الصناعات في القطاع الخاص".

وسأل حامد الدولة عن الخطط البديلة بعد توقف معظم المدابغ الحكومية والخاصة للاستفادة من الجلود كجزء من الثروة الوطنية، مضيفاً "أين دور وزارة الصناعة ولماذا لم تستفد من تجربة العام الماضي في المشكلة نفسها، ولم توفر لها حلولاً أو تحرك ساكناً؟".

شكوى المواطنين

وشكا مواطنون من تراجع ترتيبات جمع الجلود هذا العام في حين يجري التخلص منها بشكل عشوائي، مما خلق واقعاً بيئياً متردياً بعد هطول الأمطار.

ويتذكر المواطنون "تلك العربات الصغيرة التي كانت قبل عامين تجوب الأزقة طوال أيام عيد الأضحى داعية إلى الحرص على تجويد عملية سلخ الأضحية وعدم إتلاف الجلد بثقبه، وتحث المواطنين على جمع الجلود تمهيداً لتسليمها إلى الجهات المعنية التي تتولى جمعها".

ويضيف المواطن بشير محي الدين من أم درمان القديمة أن اللجان المحلية في الأحياء أو لجان المساجد كانت تتكفل في السابق بمهمة جمع الجلود للاستفادة منها، غير أن هذا العام لم يكن هناك أي تحرك على أي مستوى.

ضياع ثروة

ويلفت مصدر مسؤول في مجال البيطرة إلى "ضياع ملايين الدولارات التي يمكن أن توفرها كميات جلود الأضاحي المهدرة، مع أن الأمر لم يكن يحتاج إلى جهد تقني أو مادي كبير لجمع تلك الثروة مقارنة بما يمكن أن تحققه من فائدة للبلاد"، مضيفاً أن "للعيد زماناً معلوماً ولو كان هناك تخطيط مسبق لما حدث ما نراه الآن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتبر المصدر أن لا خطة استراتيجية للاستفادة من خام الجلود وتصنيعها محلياً، وهذا هو السبب في عدم الاستفادة من منتج عيد الأضحى الموسمي من الجلود وتحويله إلى عملة حرة مضمونة تستخدم في ترقية القطاع نفسه.

ويؤكد المصدر أن تطوير صناعة الجلود وتصدير منتجاتها ينبغي أن يتصدرا أولويات الحكومة، مما يتطلب تخطيطاً وعملاً جاداً لتأهيل وتدريب كوادر وطنية في مجال تصنيع الجلود.

ويدعو المسؤول إلى ضرورة النظر في تطوير البنية التحتية لصناعة الجلود وإعادة الروح للمدابغ وتحديث ماكيناتها، بعدما توقف معظمها عن العمل وشاخت معداتها، وجذب الاستثمار الأجنبي في قطاع الجلود إنشاء مصانع لمنتجاتها داخل السودان، مرجحاً أن يكون ضعف الطاقة الاستيعابية للمدابغ المحلية سبباً في إهمال الجلود والتعامل معها بشكل عشوائي، إضافة إلى تزامن العيد مع فصل الأمطار مما يصعب جمع الجلود ونقلها من القرى المنتشرة في كثير من الولايات.

ترتيبات لم تكتمل

وكان العضو السابق في مجلس السيادة الانتقالي عبدالباقي عبدالقادر الزبير أعلن وضع خطط بديلة للاستفادة القصوى من جلود الأضاحي هذا العام في الصناعات الجلدية، ومعالجة السلبيات التي صاحبت حملات الأعوام الماضية.

وشدد الزبير خلال اجتماع في مكتبه بالقصر الجمهوري ضم عدداً من الجهات المختصة وذات الصلة بالجلود، على ضرورة إنجاح الحملة القومية لجمع الجلود وتلافي الآثار السلبية لمخالفات الذبح.

ودعا الزبير إلى تفعيل دور مجلس الجلود بعدما أعيد تشكيله وتأكيد دوره الاستراتيجي للارتقاء بالصناعة على مستوى وزارة الصناعة الاتحادية بالتنسيق مع وزارة الثروة الحيوانية وولاية الخرطوم، وضرورة تكثيف حملات التوعية والإرشاد للحفاظ على البيئة وسلامة الأضاحي وإسهام الجهات المختصة في إنجاح حملة جمع الجلود لتقليص نسبة الفاقد.

بدورها، أعلنت وزيرة الصناعة المكلفة بتول عباس عوض أن الاجتماع جاء في إطار الإعداد للحملة القومية لجمع جلود الأضاحي بعد زيارة سابقة لعضو المجلس السيادي لمدبغة الأماتونج والتعرف على التحديات التي تواجه صناعة الجلود في البلاد.

وكانت الحملة القومية لجمع جلود الأضاحي العام الماضي استهدفت جمع 500 ألف قطعة جلد في ولاية الخرطوم من جملة الناتج في العاصمة المقدر بأكثر من مليون قطعة، وهو ما يعادل أكثر من 130 مليون دولار، بحسب تقديرات جهات بيطرية متابعة، بينما هدفت إلى جمع أكثر من مليوني قطعة من جلود الأضاحي من ولايات السودان الأخرى.

ويعتبر السودان الدولة الخامسة في إنتاج الجلود، وعلى الرغم من ذلك لا يملك بنية تحتية لانطلاق الصناعات الجلدية. ويستحوذ عدد من الشركات الأجنبية على معظم إنتاج الجلود الخام المدبوغة بأسعار منخفضة لتصديرها إلى الخارج بغية إعادة تصنيعها.

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة