Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانية اشتبهت الشرطة في أنها أجهضت فاحتجزتها 36 ساعة في زنزانة

مركز أشرف عليها أثناء إنجاب جنين ميت يؤكد أنها صدمة نفسية بسبب توقيفها ووصمها بأنها مجرمة

متظاهرون أمام الكونغرس المحلي عقب قرار المحكمة العليا بإلغاء قانون رو ضد وايد بمدينة أوستن في ولاية تكساس بتاريخ 24 يونيو 2022 (أسوشيتدبرس)

احتجزت الشرطة في بريطانيا امرأة لمدة 36 ساعة بعد أن وضعت جنيناً ميتاً، وذلك بسبب الاشتباه، وفق ما زُعم، في أنها أجرت عملية إجهاض بعد الحد الزمني القانوني المسموح به للإجهاض [الوقت الذي يكون بعده الجنين قادراً على الحياة خارج جسم الأم، وهو ما بين 22 و24 أسبوعاً من الحمل].

ونفت الجهة التي قدّمت إلى المرأة خدمة الإجهاض في المملكة المتحدة، أن تكون السيدة انتهكت الموعد النهائي القانوني، وحذرت من أن المعاملة التي تعرضت لها "لا يمكن تخيّلها في مجتمع متحضر"، مع "عدم وجود أي مصلحة عامة يمكن تصورها"، تبرر احتجازها. ويشار إلى أن تلك الجهة تقدم الدعم إلى المرأة التي أوقفتها الشرطة. وأضافت الجهة ذاتها أنه في حين ما زالت المرأة تخضع منذ نحو عام ونصف للتحقيق، إلا أن أي تهمة جنائية لم توجّه إليها بعد.

في حديث إلى "اندبندنت"، أوضح جوناثان لورد، المدير الطبي لـ "أم أس آي ريبروداكتيف تشويسز"  MSI Reproductive Choices وهي إحدى المنظمات البارزة في تقديم خدمات الإجهاض في المملكة المتحدة، أن المرأة أنجبت على نحو غير متوقع، جنيناً ميتاً في منزلها، وكان عمره قرابة 24 أسبوعاً.

ووضعت تلك السيدة التي كانت في مطلع الأربعينيات من عمرها جنينها الميت العام الماضي، بعدما تواصلت مع المنظمة للاستعلام عن موضوع الحمل غير المرغوب به ومسألة الإجهاض.

في تصريح لـ"اندبندنت"، كشف الدكتور لورد، الرئيس المشارك لـ"الجمعية البريطانية لمقدمي الرعاية في مجال الإجهاض" British Society of Abortion Care Providers، عن قصة تلك المرأة، مشيراً إلى أنها "تعرضت للصدمة من جراء الولادة، لأنها لم تكُن تعلم المدة التي انقضت منذ حملها. وقد أُدخلت إلى المستشفى".

وأضاف، "لقد ساورت بعض الزملاء من العاملين في مجال الرعاية الصحية الشكوك بعدما علموا بأنها كانت على اتصال معنا بصفتنا أحد مقدمي خدمات الإجهاض، وفق ما أبلغتهم، واشتبهوا في أنها تسعى إلى إجراء عملية إجهاض غير قانونية، بالتالي، اتصلوا بالشرطة. لكن المرأة لم تكُن في الواقع تجاوزت الحد المسموح به للإجهاض القانوني. في المقابل، جرى اعتقالها في المستشفى الذي مكثت ليلتها فيه، ثم خرجت في صباح اليوم التالي مباشرة إلى مركز الشرطة ووُضعت قيد الاحتجاز. واستغرقت عملية البت في أمرها 36 ساعة".

ولفت الدكتور لورد إلى أن التجربة التي عاشتها هذه السيدة التي لا يمكن الكشف عن اسمها انطلاقاً من مبدأ حماية الخصوصية للمريض، مع ولادة جنين ميت على نحو "غير متوقع واستثنائي"، قبل أن تُحتجز من قبل الشرطة أثناء فترة إغلاق "كوفيد"، شكلت "صدمة مؤلمة ومثيرة للأسى".

تجدر الإشارة إلى أن القوانين في إنجلترا واسكتلندا وويلز تسمح بإجراء عمليات إجهاض خلال الأسابيع الـ24 الأولى من فترة الحمل.

وعن المسألة ذاتها، أكد الدكتور جوناثان لورد وهو أيضاً استشاري في طب النساء والولادات في "مستشفى رويال كورنوال" Royal Cornwall Hospitals NHS Trust التابع لهيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، أن المريضة شُخّصت باعتبارها تعاني "اضطراب ما بعد الصدمة النفسية" في الوقت الذي ما زال تحقيق الشرطة جارياً.

وكذلك أوضح أنها "ما زالت تعاني من هذا النوع من الاضطراب ليس نتيجة حالة الولادة التي مرت بها، بل جراء نعتها بأنها مجرمة وإصدار قرار باحتجازها. إنها تعلم أنها تخضع لتحقيق لكنها تجهل السبب. وقد صادرت الشرطة هاتفها النقال وحاسوبها المحمول".

ولفت الدكتور لورد الذي أسهم في وضع إرشادات رعاية الإجهاض وتشكيل لجان معايير الجودة في "المعهد الوطني للتميز في الصحة والرعاية" National Institute for Health and Care Excellence  إلى أنه اطلع على وزن الجنين الذي وُلد ميتاً وقياساته عند الولادة، وهو متأكد من أن عمره كان أقل من 24 أسبوعاً.

وأعطى في هذا الإطار مثلاً عن فتاة مراهقة صغيرة، دعمتها منظمته حينما استجوبتها الشرطة بعدما وضعت مولوداً ميتاً في الأسبوع الثامن والعشرين للحمل، خلال العام الماضي.

يأتي ذلك بعدما كشف طلب تقدم به الأسبوع الماضي موقع "ناشيونال وورلد"  NationalWorld الإخباري، بموجب قانون "حرية الحصول على المعلومات"، عن أن 17 امرأة على الأقل خضعن للتحقيق من جانب أجهزة الشرطة في إنجلترا وويلز خلال الأعوام الثمانية الأخيرة، بسبب إقدامهن على إجهاض غير قانوني أو محاولتهن إنهاء الحمل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى الدكتور لورد "أن لا توجد مصلحة عامة يمكن التذرع بها في تبرير تعرض هؤلاء النسوة لمثل هذه الضغوط والصدمات الكبيرة، لدى معرفتهن أنهن قد يواجهن أحكاماً طويلة بالسجن، نتيجة فقدان حملهن بشكل غير متوقع".

وكذلك أشار إلى أنه "في الوقت الذي كُنّ خلاله بحاجة ماسة  لوقوف أصدقائهن إلى جانبهن، إضافة إلى المتخصصين في مجال الرعاية الصحية والمحامين، جرى عزلهن واحتجاز هواتفهن وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهن. وفي هذا الإطار، يمكن (للشرطة) استخدام أي بحث غير ضار على الإنترنت قمن به، أو أي رسالة وجهنها إلى أصدقائهن، من نوع ’كيف يمكنني أن أجري عملية إجهاض؟‘ كدليل ضدهن".

ولفت ذلك الطبيب في مجال أمراض النساء والولادات إلى أنه "من الصعب التصور أن ضمن مجتمعنا المتحضر، يمكن لامرأة ما أن تقضي 36 ساعة داخل زنزانة، أثناء فترة تعافيها من جراحة عقب فقدانها الحمل، ومعاناتها من اضطراب ما بعد الصدمة النفسية، أو أن تلجأ مراهقة صغيرة إلى إيذاء نفسها وأن يجري انتهاك خصوصيتها". 

وفي إطار عام، ما زالت عمليات الإجهاض تُعدّ عملاً جرمياً في إنجلترا واسكتلندا وويلز بموجب قانون الإجهاض الصادر عام 1967. وإذا ما قام أي متخصص طبي بإجراء عملية إجهاض خارج نطاق القانون، فسيكون عرضة لمواجهة عقوبة جنائية.

هذا التشريع الذي أُقر عام 1861 يعني أن أي امرأة تنهي حملها من دون الحصول على إذن قانوني من طبيبَين يبرران فيه أن مضيها في الحمل سيكون خطراً على صحتها الجسدية أو العقلية، قد تواجه عقوبة السجن مدى الحياة.

وفي أوقات سابقة، طالب مقدمو خدمات الإجهاض وجمعيات خيرية وهيئات طبية ونواب في البرلمان، بإلغاء عقوبة الإجهاض في المملكة المتحدة. ودعَوا إلى فصل قانون الإجهاض عن القانون الجنائي ومراقبته بالطريقة ذاتها التي يجري فيها التعامل مع الممارسات الطبية الأخرى.

واستطراداً، يعتبر الدكتور جوناثان لورد أن "هذا الأمر يحدث لأن لدينا قانوناً ابتُكر قبل حوالى 67 عاماً من منح المرأة الحق في التصويت [نالت المرأة البريطانية الحق في التصويت عبر سلسلة من التشريعات التي أقرت بين عامي 1918 و1928]، يصنف الإجهاض (بالتالي فقدان الحمل غير المبرر) ضمن خانة جرائم القتل".

وتابع لورد، "إن العاملين في المجال الصحي يظنون خطأ أنه يتعين عليهم إبلاغ الشرطة عن حالات الإجهاض كي تفتح تحقيقاً، على الرغم من أن انتهاك السرية قد يكون مخالفاً للقواعد المهنية والسلوكية الخاصة بهم. ويبدو أن أجهزة الشرطة والنيابة العامة غير راغبتين بإبداء موقف متعاطف أو اختبار مدى تحقيق هذه القرارات للمصلحة العامة".

تأتي تعليقات الدكتور لورد بعدما ألغت "المحكمة العليا" في الولايات المتحدة الأسبوع الفائت القرار الشهير باسم "رو ضد وايد" Roe v Wade الذي صدر عام 1973، وشرّع الإجهاض في مختلف أنحاء البلاد. وبذلك، تفقد ملايين النساء في الولايات المتحدة حقهن القانوني في إنهاء الحمل، بحيث يُتوقع أن يعمد أكثر من نصف عدد الولايات الأميركية إلى حظر الإجهاض، أو فرض قيود مشددة على السياسات المتعلقة به.

ونبه الدكتور لورد إلى وجوب "عدم التسامح مع أن تكون القوى والجهات التي وقفت خلف إلغاء قرار ’رو ضد وايد‘ ناشطة أيضاً عندنا" في المملكة المتحدة.

تجدر الإشارة أخيراً إلى أن "هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" لم تشأ التعليق على الموضوع.

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 5 يوليو 2022

© The Independent

المزيد من منوعات