Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تجريم "حق الإجهاض" ليس انتصارا للحياة بل حكم بالموت على النساء

ليست أرواحنا وصحتنا إلا خسائر ثانوية. ويبدو أن وقوع وفيات في الإمكان تفاديها في أوساط الأمهات هو أمر اليوم في المحكمة العليا الأميركية

متظاهرون داعمون لحقوق الإجهاض يحتجون خارج مبنى الكابيتول بولاية تكساس في أوستن   (غيتي)

علمنا بأن هذا الأمر سيحل بنا، رأيناه قادماً صوبنا كما ترى شاحنة ضخمة تزن 10 أطنان تتجه ناحيتك، ولكن إن احتاج أي أحد للتأكيد، فها هو: تتعرض حرية النساء في التحكم بأجسادهن لهجوم قاتل. أتعتقدون أنني أبالغ؟ أعيدوا التفكير في رأيكم.

في ضربة مباغتة لحرية النساء في الإنجاب، أبطلت المحكمة الأميركية العليا الحكم التاريخي في قضية رو ضد وايد. وهذا يعني إلغاء الحق الدستوري بالإجهاض في الولايات المتحدة، فيما تترك حرية القرار لكل ولاية، لتسمح أو تحظر أو تحد من عمليات إنهاء الحمل.

فيما احتفى نائب الرئيس السابق مايك بنس بالحكم، مستخدماً عبارة "اليوم، انتصرت الحياة"، لا يسعني سوى أن أتساءل عن أي حياة يتحدث؟ فلا شك أنها ليس حياة النساء - ولا سيما النساء السود والفقيرات اللاتي سيتأثرن بشكل غير متكافئ [أكثر من غيرهن] بإلغاء حقهن القانوني بالإجهاض.

إن تجريم عمليات الإجهاض هو تجريم النساء الأقل حظاً على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، وتعريض حياتهن للخطر بسبب عمليات الإجهاض غير الآمنة. لأن هذا ما يحدث حين يجرم الإجهاض. لا يمنع التجريم النساء من وضع حد لحملهن، ولكنه يرغمهن على اللجوء إلى عمليات إجهاض غير آمنة تهدد حياتهن، على يد ممارسين لمهنة الطب إما تلقوا تدريباً سيئاً أو لم يتلقوا أي تدريب على الإطلاق، ويؤدي إلى حرمانهن كلياً أو إلى حد كبير من الرعاية الطبية ما بعد العملية، وهذا بدوره قد يؤدي إلى إصابتهن بصدمة إنتانية، أو ثقب في المثانة أو الأمعاء، أو النزيف الحاد أو الموت.

تقول منظمة الصحة العالمية إن "عمليات الإجهاض غير الآمنة سبب أساسي - لكن يمكن الحؤول دونه- لوفيات الأمهات وإصابتهن بالأمراض"، وقد يسفر أيضاً عن "تعقيدات جسدية ونفسية وأعباء اجتماعية ومالية على النساء والمجتمعات المحلية والأنظمة الصحية". بعبارات أخرى، هذه ليست مجرد "قضية نسائية" - إنها قضية صحة عامة. إنها قضية حقوق إنسان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يجب أن يثير قرار المحكمة العليا قلق الجميع. قد يكون الخطاب المستخدم حول الحكم بأنه "مناصر للحياة"، ولكن هذه العبارة تصبح مغلوطة وفي غير محلها عندما تصبح أرواح النساء أضراراً ثانوية. يبدو أن الوفيات غير الضرورية للأمهات هو التوجه السائد اليوم في المحكمة العليا في الولايات المتحدة.

ومن دواعي الاستغراب أن الشهية السياسية في المحكمة العليا في الولايات المتحدة أكبر تجاه حظر الإجهاض مما هي عليه تجاه حماية الأطفال. فلتنظروا إلى الانفصام الصادم بين قرار المحكمة في شأن قوانين السلاح في نيويورك من جهة وقرارها بإبطال الحكم الصادر في قضية رو ضد وايد. وفقاً لتعليقات رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي "إن النفاق بلغ حد الجنون، لكن الأذى دائم".

قد تعتقدون أن القرار لا يؤثر علينا هنا في المملكة المتحدة، ولكن العكس صحيح - والتبعات مخيفة. كم عساه رقيق وهش، ذلك الخيط الذي يربطنا بحقوقنا الإنجابية في أي مكان من العالم طالما يمكن قطعه بهذه السهولة من أيدي المواطنات الأميركيات؟ كيف لنا الشعور بالأمان، فيما نعلم بأن حريتنا الإنجابية تقع تحت رحمة السياسيين المستعدين لتعريض حياة النساء للخطر في سبيل تطبيق أجندة محافظة؟

أنا مُمتنة للاعتراف بحقي القانوني في الإجهاض في المملكة المتحدة حالياً - ولكن الحكم الصادر عن المحكمة العليا اليوم مقلق. فالسوابق القانونية الثابتة [تحمي الحق] غير موجودة، وحقوقنا - حتى في حكم أجسادنا - معلقة بخيط إحسان من أشخاص لن يحتاجوا يوماً إلى الخضوع لعملية إجهاض، أو التعامل مع تبعات العجز عن إجراء هذه العملية بأمان وبشكل قانوني. تؤثر عمليات الإجهاض غير الآمنة على اليائسات والمهمشات وليس الأشخاص الذين يتخذون هذه القرارات المتشددة.

ولا يمكن حتى إن تُواسينا فكرة أنه لو رغبت أغلبية المواطنين بالحفاظ على قانون، فسوف يحميه ذلك على الأرجح. وفقاً لاستطلاعات الآراء التي أجريت قبل إصدار المحكمة العليا قرارها، عبرت غالبية الأميركيين عن عدم رغبتهم بإبطال حكم رو ضد وايد - ولكن هذا ما آلت إليه الحال.

ما هو الهدف التالي إذن؟ حياة من ستكون على المحك فور تسارع تأثير الدومينو الذي يخلقه هذا القرار؟ أي حقوق أخرى وضعت على جدول أعمال الإلغاء؟ هل الحصول على وسائل منع الحمل؟ أم التربية الجنسية؟ أم العلاقات المثلية؟

حين يقول دونالد ترمب إن حكم المحكمة العليا، "سيأتي بنتيجة جيدة على الجميع"، يدرك المرء مدى خطورة المأزق الذي وقعنا فيه.

نُشر في "اندبندنت" بتاريخ 25 يونيو 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء