Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في العيد الأكبر...بماذا يضحي النباتيون؟

موائد اللحوم الحمراء في "الأضحى" تلقي بظلالها على المجتمع الأخضر الآخذ في التوسع خليجياً

لا ينكر المجتمع النباتي الأضحية كطقس ديني في عيد المسلمين الأكبر لكنهم ابتعدوا عن إراقة دماء الحيوانات (غيتي)

يجد الإنسان الذي اختار النظام النباتي أسلوب حياته صعوبة في التوازن بين أداء عبادات تفرض عليه التقرب الى ربه بذبح الأنعام وبين نظامه المعيشي القائم على فلسفة شخصية أو معتقدات أخلاقية وصحية وبيئية، تحتم على هذه الشريحة عدم المساس بالحيوان ومشتقاته.

التحول إلى النباتية

تختلف دوافع الأفراد في اختيار هذا النظام فغالباً ما يتحول الشخص إلى النظام النباتي لأسباب صحية لما فيه من غنى بالفواكه والخضروات والبذور والمكسرات والبقول الأكثر صحة من معظم الوجبات النهمة.

وهناك أسباب أخرى فبحسب بعض الدراسات العلمية هذا لنظام الغذائي له تأثير سلبي أقل بكثير على البيئة من النظام الذي يشمل اللحوم، إلا أن النوع الثالث الأشد تطرفاً غالبا فهو الذي يختار النظام لأسباب أخلاقية، لاعتقاده أن "تربية الحيوانات وحبسها وذبحها من أجل الغذاء أو منتجات أخرى تتسبب في معاناة كبيرة لتلك الحيوانات".

إنكار الشعيرة

وفي مثل هذا الوقت من كل عام يعلو صوت المسلمين النباتيين وخاصة من اختار النظام لأسباب أخلاقية، مطالبين بإيقاف سفك الدماء الحيوانية بوصف ذلك نوع من أنواع التعذيب المنافي للرحمة، داعين إلى إعادة فهم نسك "الأضحية" بشكله الصحيح من وجهة نظرهم، مما دفع لطرح تساؤلات عما إذا كان هذا التيار ينكر شعيرة الأضحية أو يسعى لتعطيلها؟ والأهم هو كيف سيضحي من يرفض أكل اللحوم ومشتقاتها ممن لا يزالون يؤمنون بأن الأضحية شعيرة دينية ينبغي التمسك بها؟

لا ينكر المجتمع النباتي الأضحية كطقس ديني في عيد المسلمين الأكبر لكنهم ابتعدوا عن إراقة دماء الحيوانات، واختاروا التصدق بما يوازي ثمنها خاصة من فضل أن يكون نباتياً لأسباب صحية بحتة وغالبا ما يبتعدون عن المشاركة فيها، إلا أن البعض منهم يشارك من أجل إطعام الآخرين ويرفض الاكل منها.

ويقول عبدالرحمن العقيل الذي أتبع النظام النباتي منذ أكثر من 3 سنوات "كوني نباتياً فإني في الوقت الراهن لا أضحي لأن أهلي يقومون بها نيابة عني وهذا يكفي في الشريعة ولا أعلم كيف سيبدو يوم النحر في منزلي مستقبلا على الرغم من أنني متأكد أنني لن أذبح فيه خروفاً، بل سأتصدق بقيمته وهذا مشروع في الدين"، حسب قوله.

ويجادل آخرون ضد ضرورة التضحية بالحيوان بحجة أنه يمكن التبرع والصدقة بشيء أنفع للمحتاجين غير اللحم فيشير خالد العنزي الذي اختار أن يكون نباتيا منذ أكثر 8 سنوات وهو رب أسره ولم يضح منذ أن تزوج بل فضل التصدق بقيمة الأضحية ويرى أن قيمتها أنفع للفقراء من اللحم كما سيساهم في تحسين حياتهم "بدلاً من أن تتحول الصدقة باللحم لكثرتها إلى جبال من النفايات والجيف".

صباح عيد خال من تعذيب الخرفان

وذكر العنزي أن أهم أسباب اختياره للنظام النباتي وتجنب أكل اللحوم هو ما يحدث للحيوانات في المذابح كل عيد قبل الذبح من تعذيب همجي ليس له مبرر، "ولهذا أتمنى بواكير صباح العيد خالية من منظر الخراف وهي تئن وتنزف وتتعذب وأن أرى الحي خال من برك الدماء المؤذية والصور المقززة والمشاهد المنفرة كملاحقة الجزارين للأضحية التي غالبا ما تهرب من قيدها، وكأن الذين يقومون بها لا ينتمون إلى العصر الحديث".

 ويضيف "يظن المضحون أنهم يتقربون إلى الله سبحانه بما قاموا به وأنهم سيؤجرون وسيغفر لهم من أول قطرة دمٍ تنزل من أضحيتهم، ونسوا أن الله رؤوف رحيم بالحيوانات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن الأضحية بإجماع المسلمين سنة مؤكدة على القادر وانفرد بعض الفقهاء بالقول بوجوبها على الميسر ولكن في العموم هي سنة مؤكدة وغاياتها أسمى وأرقى من أن تهدر الدماء بهذا الكم الهائل كل عام فقد جاء الدين حاملاً كل معاني الرفق والرحمة والإنسانية، خاصة في التعامل مع مخلوقات الله الحيوانات الضعيفة فالله ألزم المسلم بنمط سلوكي متحضر لا ينبغي أن يتخلى عنه وهو يتعامل مع الحيوانات والطيور.

حكايات تسخر منهم

وتعمر الموائد في أيام عيد الأضحي بأطباق قوامها اللحم الأحمر سواء كان للغنم أو الجمال والبقر وتلتف حولها العائلات والأصدقاء، فكيف يعيش النباتيين أجواء العيد وسط الموائد العامرة باللحوم؟

يذكر العقيل أن أيام العيد تتزين بالحكايات التي تسخر من فكرة النباتيين والرفق بالحيوان وأنه اعتاد على مثل هذه الأحاديث  لكنه يحرص على التقاء الأقارب والأحباب، وفي وقت تناول الطعام الخيارات متعددة "فإن وجدت ما يُناسبني كنباتي شاركتهم وإذا لم يكن هناك إلا اللحم، فإنني آكل بعد الانصراف والعودة للمنزل، الأكل لن يكون عائقاً يُبعدني عن الآخرين".

اما عبير ناصر  التي اختارت أن تكون نباتية منذ سنتين لا تجد سعادتها في عيد الأضحى فهو عبارة عن ذبح ودم ولحم مهدر في نظرها، "على الرغم من إمكان مساعدة الفقراء بتلك المبالغ، في وقت نعلم فيه أن الافراط في تناول اللحوم الحمراء يساعد في انتشار أمراض القلب والضغط والنقرس، كنباتية استمتع باللحظة مع الأهل وطعامي الخاص موجود على المائدة التي أساسها لحوم"، مؤكدة أن أكثر ما يزعجها وجهة النظر السائدة التي ترى أن "الحيوانات مخلوقات خُلقت من أجل خدمة الإنسان".

مجتمع النباتيين

يتفق النباتيون حول رفضهم لأكل اللحوم لكن لا يوجد نمط موحد لهم، وذلك لتعدد الأنظمة التي يتبعونها فأشهر الأنظمة النباتية "الفجتيرين" vegetarian التي يمتنع فيها الشخص عن أكل اللحوم لكنّه قد يأكل بعض المنتجات الحيوانية مثل البيض واللبن، والنوع الآخر هم النباتية الصرفة "فيجن" vegan وهو الذي يمتنع تمامًا عن أكل أيّ شيء يخصّ عالم الحيوان من الألبان ومشتقاتها والبيض والزبدة. ويشهد المجتمع الجديد توسعاً في المنطقة الخليجية تزامناً مع انتشار الوعي البيئي وتلقف أفكار الأفلام والمجتمعات المحيطة.

الرأي الفقهي

وكانت دار الإفتاء المصرية، أجابت على موقعها الرسمي عن مشروعية التصدق بثمن الأضحية على الفقراء بدلاً من ذبحها، فقالت "مذهب الحنفية وظاهر مذهب الشافعية أنه لا يجزئ عن الأضحية؛ لأن المقصود من شرعها التعبد بإراقة الدم وإطعام الفقراء باللحم الذي حُرِموه أكثر أيام العام، والمشهور الراجح في مذهب مالك وهو المروي عن أحمد وجماعة من العلماء أن التضحية أفضل من التصدق بالثمن، وهناك رواية ضعيفة عن مالك أن التصدق بالثمن أفضل، كما في "شرح الموطأ" وغيره من كتب المذهب".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات