Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الغضب الشعبي يحاصر المؤسسات السياسية في أغلب مدن ليبيا

إحراق مبنى البرلمان في طبرق وإطلاق نار لتفريق المحتجين في طرابلس وإعلان العصيان في مصراتة

أجج تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية في ليبيا موجة غضب في الشارع، الذي يئس من قدرة كل الأجسام السياسية في البلاد على الخروج بالبلاد من أزماتها المزمنة، خصوصاً بعد الفشل الجديد في المفاوضات الدستورية بين مجلسَي النواب والدولة، والتي كانت النقطة التي أفاضت كأس الاحتقان الشعبي، متسببة في تفجر احتجاجات واسعة في طرابلس وطبرق ومصراتة وسبها، ومدن ليبية أخرى كثيرة في شرق البلاد وغربها.
ويبدو أن ثورة الشارع الليبي على الفساد السياسي والمحن المعيشية التي تسبب بها، لن تكون هذه المرة مثل سابقاتها، بعدما أخذت منحى غير مسبوق بالتهجم على مقر البرلمان في طبرق وإحراقه، ومحاولة اقتحام مقر الحكومة في طرابلس، مع المطالبة بحل كل الأجسام السياسية وإخراج القوات الأجنبية من البلاد وتحديد موعد ملزم للانتخابات العامة.

انفجار الشارع

واندلعت في مدن ليبية عدة، من بينها طرابلس ومصراتة وطبرق وسبها، مساء الجمعة 1 يوليو (تموز) الحالي، تظاهرات غاضبة، طالبت بحل جميع الأجسام السياسية القائمة والتعجيل بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ورحيل المرتزقة والقوات الأجنبية من كل المناطق في البلاد.
وحمَّل المتظاهرون في هتافاتهم وشعاراتهم، الأجسام السياسية القائمة، المسؤولية عما آلت إليه أوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والصحية المتردية، والتي انعكست على حياة المواطن وفاقمت معاناته اليومية في كل نواحي الحياة، ومنها ارتفاع الأسعار ونقص الوقود، وأزمة الكهرباء ونقص السيولة في المصارف. وطالبوا بتفويض المجلس الرئاسي حل جميع الأجسام السياسية وإعلان حالة الطوارئ.
كما طالب المتظاهرون بحل أزمة الكهرباء وتوضيح الحقائق للشعب وإلغاء مقترح قرار رفع الدعم عن المحروقات، وتعديل حجم رغيف الخبز وسعره.

النيران تلتهم البرلمان

وفي طبرق، على مشارف الحدود المشتركة مع مصر، أضرم محتجون النار في مقر البرلمان بعد اقتحامه بواسطة جرافات احتجاجاً على تردي الأوضاع في البلاد، وإثر فشل الأطراف السياسية، ومن بينها مجلس النواب، في التوافق على خريطة طريق تنهي المرحلة الانتقالية المثقلة بالأزمات، والتي طالت من دون نهاية واضحة لها.
وطالب المتظاهرون الغاضبون في بيان من أمام مبنى البرلمان، بـ"تفويض المجلس الرئاسي بحل كل الأجسام السياسية والإشراف على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل نهاية العام الحالي، وفق قاعدة دستورية يتفق عليها الجميع".
واتهم البيان "مجلس النواب بالفشل في القيام بدوره التشريعي والرقابي خلال السنوات الماضية، وتمسكه بالبقاء في السلطة والمماطلة في إجراء الانتخابات".
وعلق رئيس البرلمان عقيلة صالح على التظاهرات والاحتجاجات العنيفة التي شهدتها مدينة طبرق ومقر مجلس النواب، محذراً مما سماها "عمليات التخريب".
واعتبر صالح أن "جرائم التخريب يعاقب عليها القانون ولا تمثل المتظاهرين السلميين، المطالبين بحقوقهم الشرعية". وأضاف في بيان، "نقدّر حجم المعاناة التي يعيشها المواطن في حياته اليومية وحقه المشروع في المطالبة بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب الآجال".
في المقابل، كانت النائبة سلطنة المسماري، الوحيدة التي غردت خارج سرب البرلمان، معلنة دعمها خروج الشعب في تظاهرات "للمطالبة بحقوقه المشروعة".
وأكدت المسماري، "اصطفافها إلى جانب مطالب المتظاهرين، لا سيما إجراء الانتخابات في أسرع وقت للخروج من حالة الانسداد السياسي الحاصل"، محملة "جميع الأجسام المسؤولية الكاملة حيال تدني الأوضاع المعيشية للمواطنين".

غضب في العاصمة

أما في العاصمة طرابلس، فقال متظاهرون خرجوا للاحتجاج على تردي الأوضاع السياسية والمعيشية، إنهم تعرضوا لإطلاق نار من قبل عناصر تابعة لـ"قوة حماية الدستور والانتخابات" الموالية لـ"حكومة الوحدة" المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة. ويقود تلك القوة، عبد الغني الككلي، المعروف بـ"غنيوة"، فيما نفت وزارة الصحة التابعة لحكومة الدبيبة أنباء عن وقوع إصابات في صفوف المتظاهرين.
ونفت، "إدارة الإعلام والاتصال الحكومي" أيضاً الحديث عن وقوع إصابات بين المتظاهرين، بعد إطلاق قوات موالية للحكومة في طرابلس الرصاص لتفريقهم إثر اقترابهم من مقرها في طريق السكة.
ونشرت الإدارة بيانا مقتضباً، قالت فيه، إنها "تنفي ما تم تداوله من شائعات وأخبار زائفة عن وقوع إصابات في تظاهرات الجمعة بطرابلس". وطالبت، "وسائل الإعلام بتوخي الدقة في نقل الأخبار".
وبحسب مصادر محلية، فإن إطلاق النار على المتظاهرين جرى في وقت متأخر الجمعة، بعد توجه عدد منهم إلى مقر الحكومة للمطالبة برحيلها، بعد نهاية التظاهرة المركزية التي تجمعت في ميدان الشهداء وسط المدينة. وكانت "قوة حماية الدستور" حذرت في بيان لها الخميس 30 يونيو (حزيران) الماضي، من الخروج والتظاهر ومحاولة الإضرار بالممتلكات العامة وإغلاق الشوارع، وقالت "سنستخدم كل الإجراءات الرادعة حيال ذلك ولن نتهاون مع أي شخص كان".

مطالب المتظاهرين

في المقابل، عدد تيار "بالتريس" الشبابي، الذي نسق لهذه التظاهرات السلمية، المطالب التي يدعو إلى تنفيذها بشكل عاجل، وأولها التعجيل بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتفويض المجلس الرئاسي أو المجلس الأعلى للقضاء، حل جميع الأجسام السياسية والتنفيذية، إضافة إلى معالجة أزمة الكهرباء وعرض الحقائق للشعب.
كما طالب البيان بـ"التعجيل بخروج كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا".
في موازاة ذلك، أغلقت مجموعة من شباب تاجوراء، التي تُعد البوابة الشرقية لطرابلس، الطريق العام تضامناً مع "الاحتجاجات المنددة بسوء الأوضاع والمطالبة برحيل الحكومتَين والمجلس الرئاسي ومجلسَي النواب والدولة" وأعلنوا "انطلاق العصيان المدني بالمنطقة اليوم السبت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تعليق الدبيبة

من جهته، رد الدبيبة على الاحتجاجات الغاضبة التي نادت برحيل كل الأجسام السياسية المتنازعة على السلطة، بما فيها حكومته، بالقول، "أضم صوتي للمتظاهرين في عموم البلاد، على جميع الأجسام الرحيل بما فيها الحكومة، ولا سبيل لذلك إلا عبر الانتخابات". وأضاف، أن "الأطراف المعرقِلة للانتخابات يعلمها الشعب الليبي وهي نفسها التي عرقلت الموازنات وأغلقت النفط، مما أدى إلى تفاقم الأزمة المعيشية".
وعلق المستشار السياسي السابق لمجلس الدولة، صلاح البكوش، على بيان رئيس الحكومة، قائلاً إن "الشعب الليبي لم يعد يتقبل وعود رئيس حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة". وتابع البكوش قائلاً، إن "الدبيبة وفريقه للأسف لم يستوعبوا بعد أن الشارع لم يعد يتقبل أي وعود جديدة في ظل الوضع المزري الذي يعيشه الناس".

عصيان في مصراتة

في هذه الأثناء، أعلنت مجموعة من شباب مدينة مصراتة، حالة العصيان المدني، بسبب انتشار الفساد في مؤسسات الدولة. وعبرت المجموعة عن رفضها الحكومات الانتقالية وطالبت بإجراء الانتخابات في أسرع وقت. وأعلنت التظاهرة الشبابية هذه المطالب، من أمام المجلس البلدي في مصراتة، وشددت على الاستمرار في العصيان المدني، حتى تحقيق المطالب بحل الأجسام السياسية والحكومات الحالية، بما فيها الحكومة التي يقودها الدبيبة، ونظيرتها برئاسة فتحي باشاغا، على الرغم من انتمائهما للمدينة.

الرئاسي يدعم المتظاهرين

وفي أول استجابة منه لنداءات المتظاهرين في أغلب مدن البلاد، بالتدخل لإنقاذ البلاد من الغرق، نتيجة الصراعات السياسية التي انعكست على حياة المواطنين، وأدخلت البلاد في دوامة لا نهاية لها من التنازع على السلطة، أعلن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، عن "مراقبة المجلس للأحداث الأخيرة على كامل التراب الليبي". وقال المنفي، "نحن في حالة انعقاد مستمر ودائم حتى تتحقق إرادة الشارع في التغيير، وإنتاج سلطة منتخَبة يرضى عنها الليبيون". وتعهد بألا "يخيّب المجلس الرئاسي آمال شعبنا وإرادته بالعيش في دولة تنعم بالأمن والاستقرار الدائم".

المزيد من العالم العربي