Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأسير الإسرائيلي المريض: "حماس" تسعى لصفقة وتل أبيب تماطل

منظمة دولية تؤكد معاناة السيد اضطرابات نفسية واجتماعية وغانتس يشكك وبينيت يطلب توضيحاً من الوسطاء حول وضعه الصحي

بعد إعلان حركة "حماس" عن تدهور صحة الأسير الإسرائيلي المحتجز لديها هشام السيد، نشرت مقطعاً مصوراً مدته 39 ثانية لتأكيد ذلك، يظهر فيه رجل مريض يتلقى رعاية طبية مستمرة، من دون أن تكشف عن تفاصيل إضافية حول وضعه الصحي.

ووفقاً لمراقبين سياسيين وعسكريين، فإن "حماس" تحاول بهذه الخطوة تحريك الشارع الإسرائيلي والضغط على المستوى الرسمي في تل أبيب بهدف إعادة المفاوضات حول صفقة تبادل أسرى مرتقبة برعاية مصرية، بعد أن تعرقلت مرات عدة.

تحليل المقطع المصور

وفي تفاصيل الفيديو، ظهر الأسير الإسرائيلي الذي عرّفته "حماس" بأنه هشام السيد، عن طريق تصوير بطاقة هويته التي بيّنت اسمه وتاريخ ميلاده ورقمه الوطني ورقمه العسكري، وهو مستلقٍ على سرير ويبدو أنه واعٍ، لكن حاله الصحية غير مستقرة، إذ تظهر في يده اليسرى قنية طبية (كانيولا) متصلة بجهاز يزوده بسائل علاجي، من دون الكشف عن فصيلته.

كما أن السيد ظهر وهو يتنفس بصعوبة بواسطة قناع عبر جهاز طبي متصل بأنبوب أوكسجين، مثبت على جانبه الأيمن، وقريب من شاشة تلفاز تعرض صوراً إخبارية من مؤتمر اقتصادي أقيم في قطر بالتعاون مع "بلومبيرغ" في 21 يونيو (حزيران) الحالي، ما يؤكد أن المشاهد الملتقطة حديثة.

ولم تفصح "حماس" عن أية تفاصيل لها علاقة بالمرض الذي أصاب الأسير الإسرائيلي، وكذلك لم تدلِ بأية معلومات حول وضعه الصحي أو طبيعة الرعاية الطبية التي يتلقاها، واكتفت بالقول إن "صحته تدهورت".

وتُعدّ هذه المرة الوحيدة التي تكشف فيها الحركة بشكل مباشر وواضح عن حال أحد الأسرى الإسرائيليين الأربعة المحتجزين لديها، وتخص هشام السيد بالكشف عن مصيره ووضعه، ومنذ وقوعهم في الأسر عامي 2014 و2015 لم تقدم أية معلومة مباشرة عن صحتهم.

لكنها على الرغم من ذلك لا تُعدّ المرة الأولى، إذ نشرت العام الماضي مقطعاً صوتياً لأحد الأسرى يطالب الحكومة الإسرائيلية بالإفراج عنه من دون أن تكشف عن هوية المتحدث، فضلاً عن أنها لمحت سابقاً إلى أن المحتجزين أحياء ويحتفلون بأعياد ميلادهم.

وكذلك ليست هذه المرة الأولى التي تعلن فيها "حماس" وجناحها العسكري عن تعرض الأسرى الإسرائيليين لوضع صحي غير مستقر، ففي عام 2019، كشف الفصيل السياسي المسلح أن القصف الذي شنته مقاتلات تل أبيب أصاب عدداً من المحتجزين، من دون أن تفصح عن وضعهم الصحي، أو أي تطورات طرأت على حالهم وإذا كانوا تلقّوا رعاية طبية.

من هو هشام السيد؟

يحمل هشام السيد الهوية الإسرائيلية، وينحدر من عائلة فلسطينية تسكن منطقة النقب في إسرائيل، وبحسب مركز الدفاع عن حرية التنقل والفرد "جيشاه مسلك"، فإنه دخل إلى قطاع غزة في أبريل (نيسان) 2015، عبر ثغرة في السياج الحدودي.

وتفيد "هيومن رايتس ووتش" (منظمة دولية تعنى بحقوق الإنسان)، بأن السيد يعاني اضطرابات نفسية واجتماعية، وتظهر كشوفات طبية أبرزتها أنه يعاني منذ عام 2007 من فقدان جزئي في السمع والدوار والطنين، وعام 2008 أصيب باضطرابات سلوكية، وفي 2010 أصيب باضطراب ذهني حاد، وفي 2013 بات منفصم الشخصية، إلا أن "حماس" لم تؤكد ذلك.

بحسب الحركة، فإن السيد جندي وخدم في الجيش الإسرائيلي ويحمل رقماً عسكرياً، وأفاد عضو المكتب السياسي في "حماس" محمود الزهار لـ"منظمة هيومن رايتس ووتش"، بأنهم لا يحتجزون مدنيين لأن سكان إسرائيل جميعاً يخدمون في الجيش.

فيما تظهر الوثائق الإسرائيلية التي أكدتها المنظمة الدولية أن السيد لم يكُن جندياً، وإنما تطوع للخدمة العسكرية مدة ثلاثة أشهر فقط، ثم جرى تسريحه بعدما اعتُبر غير ملائم للخدمة لأسباب صحية ونفسية.

ردود رسمية إسرائيلية

فور نشر "حماس" الفيديو، بدت إسرائيل مهتمة بالأمر، إذ طلبت من الوسيط المصري معلومات عن صحة السيد. ويقول رئيس الوزراء المنتهية ولايته نفتالي بينيت إن بلاده تواصل جهودها من خلال الوساطة المصرية، لاستعادة الأسرى والمفقودين في غزة، و"حماس" مسؤولة عن حال الأسرى لديها.

من جهته، رأى رئيس الحكومة الإسرائيلية الانتقالية يائير لبيد أن احتجاز "حماس" لأسير مريض عقلي لأعوام يُعدّ من أفعال القسوة، فضلاً عن تجاوزها جميع حدود الأخلاق باحتجاز جثتي الجنديين هادار غولدين وأورون شاؤول، مضيفاً أنه "يتوجب على منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر التدخل وإدانة حماس لسلوكها اللاإنساني، وإجبارها على التصرف وفق القانون الدولي والإفراج عن المدنيين والجثث".

إلا أن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس شكك في مصداقية الفيديو، قائلاً "المعلومات الاستخباراتية لدينا تشير إلى أنه لم يطرأ أي تغيير على وضع المحتجزين في غزة"، موضحاً أن مقطع "حماس" للابتزاز، فهي تعيش في حال يأس، في ظل الجمود بصفقة الأسرى.

وبحسب غانتس، فإن وجود قناع أوكسجين ليس دليلاً قاطعاً على أن صحته تدهورت، ببساطة ربما تكون هذه خطة لإحياء القضية من جديد، منوهاً بعدم احتواء المقطع على صوت، حتى لا يُكشف مكان وجوده بتحليل حركة المركبات أو صوت مسجد معين أو غيره من الأماكن التي قد تدلل عليه استخباراتياً.

فيما يقول والد الأسير شعبان السيد إن هذه المرة الأولى التي يرى فيها هشام منذ سبعة أعوام، وهو يأمل أن يحصل على العلاج في إسرائيل.

صفقة إنسانية عاجلة

ويؤكد مسؤول ملف الأسرى في حركة "حماس" زاهر جبارين أنهم يعملون ليلاً ونهاراً لإنجاز صفقة تبادل، لكن لا يوجد أي تقدم في الملف منذ سبعة أعوام، بسبب عدم تقديم تل أبيب خطوات جدية، موضحاً أن هناك حال غضب داخل إسرائيل بسبب عدم وجود نية لحل الملف، الذي استقال أحد أهم المسؤولين عنه لأجل ذلك.

وأبدت "حماس" استعدادها لتنفيذ صفقة تبادل إنسانية عاجلة، تطلق بموجبها سراح المحتجز هشام السيد مقابل الأسرى الفلسطينيين المرضى في سجون إسرائيل، بإشراف أي وساطة دولية مستعدة للعمل على ذلك. ويؤكد جبارين أن ملف صفقة التبادل مفتوح لمن يستطيع تحقيق الشروط.

يعلق على ذلك الباحث في الشؤون السياسية باسم عطايا بأن الحكومة الإسرائيلية الحالية انتقالية وهذا يعني عدم قدرتها على تنفيذ صفقة تبادل، لكن المقطع المصور حدد المسار الانتخابي المقبل في تل أبيب الذي تكون نتائجه لمن يخاطب الجمهور الإسرائيلي بقدرته على إعادة هؤلاء الأسرى من غزة.

المزيد من الشرق الأوسط