Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا يزال "الوجه المخلوع" أعظم أعمال نيكولاس كيدج بعد 25 عاما من صدوره

لم يكن هناك فيلم يحمل بصمة كيدج أكثر من فيلم الآكشن الكلاسيكي الذي أخرجه جون وو عام 1997. بعد ربع قرن على صدوره يستكشف توم فوردي خلفيات إنتاج الفيلم والسبب الغريب الذي جعل جوني ديب يرفض القيام ببطولته

جون ترافولتا ونيكولاس كيدج في فيلم الأكشن لعام 1997 "الوجه المخلوع" (ستيفن فوغان/باراماونت/تاتشستون/كوبال/شاترستوك)

أصيب نيكولاس كيدج بالارتباك عندما رأى شخصياً نسخة منه. لا أتحدث هنا عن المشهد الشهير في فيلم الآكشن "الوجه المخلوع" (الوجه المخلوع Face/Off) الصادر عام 1997، عندما يلتقي كيدج بـ جون ترافولتا بعدما خضع البطلان لعملية تبادل وجوه وأدوار. لكنني أصف انزعاج الممثل عندما رأى نسخة طبق الأصل من نفسه وبالحجم الطبيعي. كان رأس الدمية مغطى بالشعر ولديها تجاعيد ويتم التحكم بملامح وجهها عن بُعد وتحتوي نظاماً داخلياً يسمح للدمية شبيهة كيدج بمحاكاة عملية التنفس. تمت إعادة ابتكار البطلين على هيئة دميتين آليتين في مشهد العملية الجراحية المحوري في الفيلم، حيث يقوم الأطباء بإزالة وجهي كيدج وترافولتا واستبدالهما ببعضهما.

يقول مايك ويرب كوليري الذي شارك في كتابة "الوجه المخلوع"، "رأى نيك الدمية المطابقة له وتأثر فعلاً على ما يبدو... كان على فريق العمل إخلاء مكان التصوير أو ما شابه ذلك حتى يتمكن نيك من الدخول وإلقاء نظرة عليها... كانت تشبه نيك ميتاً!"، بينما ضحك مايكل كوليري الذي أنتج الفيلم وأسهم في تأليفه، قائلاً، "لقد جن جنونه!".

والآن يلتقي كيدج مجدداً بنسخة مماثلة من نفسه، على طراز الدمى المعروضة في متحف مدام توسو للشمع، في العمل الكوميدي الجديد الساخر من النفس "الثقل غير المحتمل للموهبة الهائلة" The Unbearable Weight of Massive Talent الذي يُعرض في دور السينما منذ يوم الجمعة 22 أبريل (نيسان). يقول كيدج، "هل يفترض أن هذه الدمية هي أنا؟ إن شكلها غريب". يعد الفيلم الجديد تحية للرجل الذي يعد الممثل الرسمي لـ "الوجه المخلوع" ولأكثر الأعمال التي تحمل بصمة نيكولاس كيدج على الإطلاق في سجله من الشخصيات المجنونة وذات العيون الغريبة والمبالغ فيها.

اليوم، وبعد 25 عاماً من إصداره للمرة الأولى، ما زال "الوجه المخلوع" جزءاً من ثالوث أفلام الآكشن التي قدمها نيكولاس كيدج في التسعينيات، إلى جانب فيلم "الصخرة" ("ذا روك" The Rock (1996))،  و"طائرة المجرمين" ("كون آير" Con Air) (1997). جاء "الوجه المخلوع" بعد عام واحد فقط من فوز كيدج بجائزة الأوسكار عن فيلم "مغادرة لاس فيغاس" (Leaving Las Vegas) بفضل أدائه الساحق في دور رجل سكير انتحاري. في هذه الأثناء، كان ترافولتا يركب موجة انتعاشه بعد النجاح الشديد لفيلم "خيال رخيص" ("بالب فيكشن"Pulp Fiction) (1994) و"القبض على قصير القامة" ("غيت شورتي" Get Shorty) (1995). حتى أن مجلة "إمباير" وصفت ترافولتا في نسختها الصادرة في أبريل عام 1996، في تأخر مثير للسخرية لإدراك مكانته، بأنه "أروع رجل على قيد الحياة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في "الوجه المخلوع" يلعب كيدج وترافولتا دوري عدوين لدودين: كيدج هو كاستور تروي، الإرهابي المأجور المتخفي في عباءة رجل دين ويقوم بالضغط على مؤخرة إحدى المغنيات في كورال الكنيسة، والشهير بعبارته "أنا كاستور تروي! وووووو!"، أما ترافولتا فهو شون آرتشر، عميل مكلوم ومتجهم في مكتب التحقيقات الفيدرالي، قُتل ابنه على يد تروي قبل سنوات في محاولة اغتيال فاشلة. تؤدي عملية تبادل إطلاق نار حامية بين الرجلين إلى إصابة تروي ودخوله في غيبوبة، مما يجبر آرتشر على تولي مهمة تحديد موقع وإبطال مفعول آخر قنبلة زرعها الرجل الشرير. لكن كيف سيقوم بهذا؟ من خلال إجراء عملية نقل الوجه وانتحال شخصية تروي في سجن سري للغاية، حيث يمكن لآرتشر استنباط المعلومات خلسة من شقيق تروي المسجون. في هذه الأثناء، يستيقظ كاستور تروي الحقيقي من غيبوبته، ويكتشف أن وجهه قد سُلب فيقوم بزرع وجه آرتشر مكانه، فهو على أي حال كان متروكاً، وبالتالي يحتل مكان آرتشر كعميل فيدرالي كبير ورب أسرة كسير.

كانت فكرة "الوجه المخلوع" مثيرة للسخرية جداً لدرجة أن كوليري وويرب عندما عرضاها على وكيلهما الفني، استهزأ بهما وأخرجهما من المكتب. يقول ويرب، "لكن بمجرد ما ولدت الفكرة في أذهاننا، لم نستطع التوقف عن الكتابة". جاء "الوجه المخلوع" الذي ولدت فكرته عام 1990، في أعقاب النجاح الباهر لفيلم "داي هارد" Die Hard. يقول كوليري، الذي كان مثله مثل ويرب، يحاول العثور على موطئ قدم له في صناعة السينما: "كان الجميع حينها يسألون "أين هو فيلم "داي هارد" التالي؟"، "أعطنا فيلم "داي هارد المقبل".

كانت هوليوود تنفق أموالاً طائلة على السيناريوهات الأصلية، وبدأت الأفكار المليئة بالإثارة وذات المفاهيم المعقدة تفرز أفلام آكشن على غرار تلك التي قدمها آرنولد شوارزنيغر وسلفيستر ستالون وكانت سائدة خلال الثمانينيات. سرعان ما حلت أعمال مثل "سبيد" Speed و "ذا روك"، إلى جانب النسخ المختلفة من "داي هارد"، محل الأعمال التي تركز على القوة الجسدية لأبطالها، مثل "كوماندو"  Commando و"رامبو" Rambo. يتذكر كوليري "جلسنا أنا وويرب وتساءلنا "كيف ستكون نسختنا الخاصة من Die Hard  "داي هارد؟".

يقول ويرب، "كنا مذهولين بمدى سوء بعض أفلام الآكشن تلك... دائماً ترى الرجل السيء عارياً في أحد الفنادق يقوم بتمارين الضغط بذراع واحدة ويحيك مؤامرة للسيطرة على العالم". شاهدوا فيلم "داي هارد 2" وستدركون كم مشاهد التمارين التي يقوم بها البطل عارياً والخطط الماكرة. يتابع، "أحد الأمور التي فكرنا بها هو "لماذا لا يمكن أن تكون شخصية الشرير مثيرة للاهتمام مثل الرجل الطيب؟"، الفكرة التي تحولت في النهاية إلى "لماذا لا يمكن أن يكون الشرير هو نفسه الرجل الطيب؟".

بدأ "الوجه المخلوع" مثل فيلم "داي هارد" تدور أحداثه في سجن، مستوحى جزئياً من أعمال الشغب التي شهدها سجن أتيكا عام 1971 وفي جزء آخر من فيلم العصابات الكلاسيكي "وايت هيت" White Heat، الذي يدخل فيه عميل فيدرالي متخفياً إلى سجن لاستجواب المجرم العالمي الذي أداه الممثل جيمس كاغني. يقول كوليري، "كنا نبني القصة على فكرة أن بطلنا يتخفى كشخص آخر... ثم أصبحت الفكرة هي قيام شخص آخر بعيش حياته. لكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ أيّدنا حقاً فكرة استبدال الوجوه".

في الأصل، كانت أحداث القصة تجري في المستقبل بعد 100 عام، حيث كانت تلك وسيلة سهلة لتفسير جراحة استبدال الوجوه، يدور المشهد الافتتاحي في بنك للأعضاء الذي بدا مثل أي بنك عادي. يقول ويرب، "يمكنك هناك الحصول على أي عضو تريد إذا كان لديك المال الكافي". تم الحفاظ على أحد الجوانب المستقبلية في النسخة الأخيرة من الفيلم: السجن عالي التقنية حيث يتم التحكم في السجناء بواسطة أحذية مغناطيسية ضخمة.

منتج شركة باورهاوس للإنتاج السينمائي جويل سيلفر اختار السيناريو لصالح استوديوهات وورنر بروس، ولكن كانت هناك خلافات إبداعية بين الكاتبين والشركة. اختارت وورنر بروس إنتاج فيلم "رجل الدمار" Demolition Man بدلاً من ذلك، وهو عبارة عن صراع يدور في المستقبل (لكن مكانته تدهورت بشكل مروع مع مرور الزمن) بين سلفيستر ستالون و ويزلي سنايبس. يقول كوليري، "لم يكن لدينا أبداً أي دعم في وورنر بروس... لقد كان "رجل الدمار" قيد الانتاج واعتبرته [وورنر بروس] مشابهاً، فيلم آكشن مستقبلي ومواجهة بين بطلين، ما هو الفرق؟". بفضل بند بسيط غفلت عنه الشركة في شروط العقد، استعاد كوليري وويرب حقوق الفيلم مرة أخرى. يقول ويرب، "في اليوم التالي، اتصلت بنا ثلاثة استوديوهات مختلفة محاولة الحصول على السيناريو".

 

بعدما دخلت شركة باراماونت بيكتشرز على الخط، حصلت نقطة تحول أخرى عندما انضم المنتج ستيفن رويتر والممثل مايكل دوغلاس إلى الفريق كمنتجين. قرأ دوغلاس كل مسودات السيناريو وأخبر المؤلفين، "هذا فيلم إثارة نفسي متنكر في هيئة فيلم أكشن. اكتبا هذا الفيلم ولن تحصلا على نجوم سينمائيين فحسب، بل ممثلين عظماء". أوضح دوغلاس أن "الوجه المخلوع" يمثل تحدياً فريداً بالنسبة للممثلين. قال دوغلاس، متحدثاً من تجربته كممثل "إذا عُرض علينا دورا الخير والشر، فسيكونا دائماً توأمين متطابقين... لكن هذا العمل مختلف".

كتب كوليري وويرب في الأصل فيلمهما واضعين شوارزنيغر وستالون في ذهنهما، أكبر نجوم الآكشن وأكثرهم حماسة في هوليوود. كان المؤلفان سيستفيدان من شخصيتي النجمين الشهيرتين، كأن يقول ستالون، "سأعود" مرفوقاً بحركة من كوعه وغمزة من عينه. كما طرحت ثنائيات أخرى للبطولة. يقول كوليري، "بروس ويليس وأليك بالدوين! ميك جاغر وديفيد بوي!... عندما انضم مايكل دوغلاس لفريق الإنتاج، سألناه "لماذا لا تلعب البطولة مع هاريسون فورد؟!".

على كل حال، أرادت باراماونت أن يشارك جوني ديب في الفيلم، حيث كان من المحتمل أن يلعب شخصية ترافولتا. حتى أن دوغلاس ذهب إلى موقع تصوير فيلم الآكشن والإثارة "الهروب من الوقت" Nick of Time الذي كان يقوم ببطولته ديب وحاول إقناع الأخير بالمشاركة في فيلمه. يبدو أن الممثل قرأ نص "الوجه المخلوع" لكنه لم يعد مكترثاً عندما أدرك أن العمل لا يدور حول الهوكي. في هذه الأثناء، كان كيدج يصور عملاً على غرار "داي هارد"، لكن أحداثه تدور في الجو وهو فيلم "طائرة المجرمين" ("كون آير" Con Air) (في ذلك الحين أطلق كيدج على "الوجه المخلوع" و"طائرة المجرمين" اللذين صدرا في العام نفسه تسمية "ألبومي المزدوج"). بمجرد اختيار كيدج وترافولتا، التقى الجميع في منزل رويتر.

يقول ويرب، "كانوا يقيمون حفل عشاء صغيراً، كان ذلك لقاءنا الأول بـ نيك وجون... كان ترافولتا أول الواصلين. لقد كان لطيفاً، يحب الحديث ودمثاً. وفي أثناء حديثنا مع جون، تجمد ونظر خلفنا كما لو أننا لم نكن موجودين هناك. لقد جاء نيك كيدج. بدأت العلاقة تتكوّن بين الرجلين وأخذ كل منهما يذكر أفضل مشاهد الآخر السينمائية، "في هذا الفيلم فعلت ذلك... في فيلم آخر فعلت ذلك". ابتعدنا أنا ومايكل في وقت واحد تقريباً عن الثنائي المنسجم هذا وتصافحنا. قلنا "أتعلم، سينجح هذا الفيلم بالفعل!".

درس كيدج وترافولتا بعضهما البعض باهتمام. يقول كوليري، إن ترافولتا مقلد طبيعي وقادر على انتحال شخصية نجوم آخرين، جيمي كاغني، إدوارد جي روبنسون، باربرا سترايسند. على كل حال، كانت مشاهد قليلة نسبياً تجمع كيدج وترافولتا معاً، لذا لجآ إلى متابعة المشاهد اليومية [المصورة من الفيلم] حتى يتمكنا من معرفة بعضهما البعض. كان كيدج مستعداً لتقمص شخصية ترافولتا حتى حدود معينة. يتذكر كوليري وويرب الوقوف في طابور مع النجمين قبل بدء التصوير لتناول الطعام في بوفيه مفتوح.

ملأ ترافولتا صحنه بالنشويات وقطع لحم الضأن، ونظر للوراء إلى كيدج الذي وضع كمية متواضعة من السلطة والخضار الورقية. يقول ويرب ضاحكاً، "قال جون شيئاً من قبيل "هل من المحتمل أن تكتسب وزناً قبل تصوير هذا الفيلم؟"... فأجاب نيك، "لا، لا أعتقد ذلك. أنا أصور (طائرة المجرمين)، إنني مسجون منذ سنوات [بحسب دوري في الفيلم]!"، فقال جون، "ليست مشكلتك، إنها مشكلتي!". يقول كوليري ضاحكاً، "ثم أخذ يعيد قطع لحم الضأن إلى الصحن".

في ما يتعلق بالمظهر، كان لدى ترافولتا تحفظ حول مشهد طريف واحد، ذلك الذي يتأسف فيه تروي على مظهره الجديد الذي يشبه ترافولتا ويقول، "يا لهذا الأنف، يا لهذا الشعر، يا لهذه الذقن المضحكة!". استدعى الكاتبين واستجوبهما حيال النكتة، للتأكد من أنهما لم يكونا يسخران فقط من شكله. قالا له، "جون، أنت مشهور بأنك أحد أكثر الرجال وسامة على وجه الأرض. لكن الآن، أنت نيك كيدج! ونيك كيدج الذي يلعب دور كاستور تروي هو فائق النرجسية، لا أحد يتمتع بمظهر أفضل منه!".

 

لطالما كان "الوجه المخلوع" عملاً يتجاوز كونه استعراضاً من بطولة رجلين فقط. فقد كان المخرج جون وو على القدر نفسه من الأهمية. بحلول منتصف التسعينيات، كان وو بالفعل أسطورة في أفلام الآكشن في هونغ كونغ: كان مبتكراً وخبيراً في مشاهد تبادل إطلاق النار بالحركة البطيئة، والتهديد تحت الأسلحة المصوبة إلى الوجوه، والمعاطف الطويلة مجرورة الأطراف، وفوهات المسدسات المزدوجة الموجهة إلى عدسة الكاميرا، ووابل الرصاص. التقى كوليري وويرب مع وو للمرة الأولى أثناء قيامه بمونتاج فيلم "السهم المكسور" Broken Arrow، وهو فيلم آخر عن صراع بين رجلين من بطولة ترافولتا (كان يواجه كريستيان سليتر هنا). كانت كلمات وو الأولى التي قالها للمؤلفين "الوجه المخلوع هو أفضل نص فيلم آكشن قرأته على الإطلاق!".

عُرض "الوجه المخلوع" على مخرجين آخرين، فأراد كل منهم التعامل مع فكرته بطريقته الخاصة، لكن وو تمكن من فهم شيء في العمل لم يتمكن الآخرون من فهمه على ما يبدو: العنصر الأساسي في الوجه المخلوع هو الشخصيات وليس الآكشن. بحسب كوليري وويرب، فإن كل ما أراد وو التحدث عنه كان الشخصيات. لقد أبقى الكاتبين على صلة بالعمل دائماً أثناء الإنتاج، وأضاف بعض التفاصيل من عنده إلى الشخصيات: ملامسة آرتشر الوجه بيده تعبيراً عن الحب، قيام تروي بربط شرائط حذاء شقيقه، بولوكس، صانع القنابل وصاحب الوجه الطفولي (لعب دوره الممثل أليساندرو نيفولا - الذي كان أحدث أعماله فيلم ("قديسو نيوآرك الكثيرون" The Many Saints of Newark).

تنشأ السمات المميزة للعمل من الالتفاف المتعمد حول طبيعة أفلام الأكشن: إنه لا يكترث كثيراً لقنبلة تروي الموقوتة، فالتهديد الحقيقي هو تحكم تروي بعائلة آرتشر. يقول كوليري وويرب إن المبدأ الناظم للقصة هو أن هذين العدوين اللدودين "عندما عاش كل منهما حياة الآخر أصبحا شخصين أفضل مما كانا عليه في حياتهما الأصلية". نحن نرى تروي، الذي يرتدي عباءة آرتشر، يصبح زوجاً أكثر اهتماماً بزوجة آرتشر المهملة (الممثلة جون ألين) ومرشداً غير متوقع لابنة آرتشر المتمردة (الممثلة دومينيك سوين). كما أننا نشاهد آرتشر، الذي يتقمص دور تروي، يتحول إلى أب لابن تروي المتروك البالغ من العمر خمس سنوات. "الوجه المخلوع" هو فيلم عميق جداً.

مع ذلك، وعلى الرغم من كل الفروق الدقيقة في الشخصية، التي تمت موازنتها بفضل الهوس الشيطاني لكيدج، كان "الوجه المخلوع" فيلم الأكشن الرئيسي بالنسبة لوو، المخرج الذي يحب رفع مستوى الإثارة أثناء التصوير: القيام بمجازفات كبيرة ورؤية ما الذي سينجح منها.

الفيلم الذي يبدأ بمشهد مطاردة على مدرج مطار، حيث نرى ترافولتا في طائرة هليكوبتر وكيدج في طائرة عادية، يعد نموذجاً يحتذى به في مشاهد الأكشن الضخمة والمتصاعدة: نشاهد إطلاق نار ملحمياً يجري على النغمات الساحرة لأغنية "فوق قوس قزح" الشهيرة من فيلم "ساحر أوز" The Wizard of Oz  (قال وو ذات مرة عن الأغنية : "أنا سعيد جداً لأنهم أبقوا عليها... لأنها أضافت كثيراً من المعاني لمشهد القتل")، وحفل تأبين يتحول إلى مطاردة بالقوارب السريعة. في الواقع، لماذا تقوم بتصفية حسابات شخصية من خلال محادثة مهذبة أو لكمة بسيطة عندما يمكنك وضع رجلي مجازفات في قارب سريع ورميهما في الهواء إلى ارتفاع 25 قدماً (نحو 7.6 متر)؟ (يقول كوليري عن المجازفين: "يزعجني هذا الأمر في كل مرة").

تلك البصمات الخاصة التي يتباهى بها وو: مشاهد الحركة البطيئة، المواجهات، المسدسات المزدوجة، تصبح تمريناً عند تنفيذها مرتين: كيدج وترافولتا هما صورتان طبق الأصل لبعضهما البعض، امتداد للكيان نفسه، يدوران حول نفسيهما في رقصة مميتة، وأسلحتهما مهيأة، يتم التوفيق بينهما بانسيابية وهناك تناغم غريب بينهما. في أحد المشاهد التي تبرز طريقة التصوير المميزة للفيلم، نرى كيدج وترافولتا واقفين إلى جانبي مرآة ذات وجهين، يواجهان نفسيهما في مواجهة نهائية لانعكاس الذات. يقول كوليري عن اللقطة، "كان [وو] فخوراً بها... كنت في موقع التصوير عندما كان يخطط لها وطلب من رجلين أن يقفا وظهراهما متلاصقين. قلت، "نعم، هذا يبدو رائعاً... عندما شاهدت تلك اللقطة قلت في نفسي، "هذه تلخّص الفيلم! ستكون هي الملصق الترويجي، إنها تختصر كل شيء!".

بالضبط، كما أخبر مايكل دوغلاس الكاتبين في اجتماعهم الأول، كان "الوجه المخلوع" تحدياً فريداً في التمثيل: لم يقتصر على لعب دوري البطل الخيّر والشرير، ولكن انطوى على تجسيد أحدهما متنكراً في هيئة الآخر، أن يقوم كلاهما بتقليد شخصية بناها بالفعل ممثل آخر وإضافة أبعاد إليها. أصبحت نسخة كاستور تروي التي يؤديها ترافولتا أكثر شراً: يجري حساباته بهدوء، مثل رجل له هدف يتجاوز الفوضى، يريد أن يصبح "بطلاً أميركياً" وبطل عائلة آرتشر المنهارة. يعكس ترافولتا أيضاً بعض الندم لدى تروي عندما أُجبر على زيارة قبر ابن آرتشر المتوفى، الصبي الذي قتله تروي قبل ذلك بسنوات، ويواجه حزن الفقد.

آرتشر الذي يؤديه كيدج، على العكس من ذلك، يتأرجح على الحافة. هذا الرجل الذي يقدم نفسه على أنه مضطرب اجتماعياً شديد الخطورة، ويكاد ينغمس بالكامل في العنف، بينما يحاول أيضاً إبقاء الخير المتأصل فيه واضطراباته العاطفية دفينة. يقول مايك ويرب "بطريقة ما، كانت مهمة نيك التمثيلية أصعب... عندما كان نيك يجسّد شون آرتشر، كان عليه أن يتصرف وكأنه كاستور تروي لكن كان ينبغي أن تتسرب إنسانية شون آرتشر طوال الوقت".

 

خلف الجراحة نفسها ("نحن ببساطة نربط العضلات والقنوات الدمعية والنهايات العصبية"، يشرح الجراح)، الفيلم عبارة عن سلسلة من الأمور غير المعقولة الجريئة: أن زراعة وجه آرتشر تحدث "من دون اتفاق"، وأن كاستور تروي، الذي استيقظ حديثاً من غيبوبته فاقداً وجهه، لا يزال قادراً على تدخين سيجارة من دون أن يتملك شفتين، وأن زوجة آرتشر لا تكتشف أن يدي زوجها مختلفتان تماماً (أو، عذراً، أي أجزاء أخرى من جسده)، وأن تروي الذي يتظاهر بأنه آرتشر يحصل على لقب "رجل العام" في مجلة "تايم" في غضون أيام، وأن آرتشر، بعدما قتل الرجل السيء أخيراً، لا يزال قادراً على استعادة وجهه القديم، على الرغم من أن الجراح الذي كان أول من يجري هذه العملية قد أحرق حياً في الجزء الأول من الفيلم. يضحك الكاتبان على هذا التفصيل. يقول ويرب، "نحن نعوض ذلك بجملة واحدة ضعيفة في الحوار! في الواقع يحضر مكتب التحقيقات الفيدرالي أفضل فريق جراحي لديه" كما قيل لنا، بطريقة مطمئنة إلى حد ما.

ربما يكون أكثر أمر غير معقول، هو أن آرتشر في النهاية يصطحب معه إلى منزله ابن تروي ليحل محل ابنه المقتول، وهو أشبه بانهيار عقلي منتظَر. مع ذلك، فإن اللامعقولية هي بلا شك عامل المتعة في "الوجه المخلوع".

هذا الفيلم الذي صدر في 27 يونيو (حزيران) عام 1997 حقق نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر وجمع 245 مليون دولار (حوالى 187 مليون جنيه استرليني) بينما كانت ميزانيته 80 مليون دولار، وكسب إعجاب النقاد. دعي كوليري وويرب أخيراً لتقديم الفيلم عند عرضه في سينما كوانتين تارانتينو في ويست هوليوود. يقول ويرب، "اعتقدنا أن الحضور لن يتجاوز 15 شخصاً لكن الصالة كانت ممتلئة... كنا مصدومين". يتم إعداد جزء تتمة أيضاً، حيث تم الاتفاق مع المخرج آدم وينغارد. يعبر ويرب عن اعتزازه بالفيلم بطريقته الخاصة، "إنه يعلّق إطاراً يحتوي وجه ترافولتا المقطوع على الحائط في منزله. يا ترى ما هو رأي نيكولاس كيدج في ذلك؟".

نشر في اندبندنت بتاريخ 20 أبريل 2022

© The Independent

المزيد من سينما