Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوكرانيا في سباق لتصدير أطنان من الغذاء بينما يحاصر بوتين موانئها

شركات تعاني في نقل إمدادات الحبوب الحيوية إلى خارج البلاد وتتوخى الحذر من أي اتفاق مع بوتين لتخفيف الحصار عن موانئ البحر الأسود

بذور تحترق في صوامع الحبوب بعد تعرضها للقصف المتكرر (رويترز)

في خضم المذبحة وإراقة الدماء والموت في أوكرانيا، تلوح مأساة جديدة في الأفق، مع تزايد مخاوف الشركات في البلاد التي مزقتها الحرب من أن تضطر قريباً إلى البدء في التخلص من الأغذية التي يحتاج إليها العالم بشدة.

وتتضاءل الآمال بين كبار رجال الأعمال الأوكرانيين في أن يرفع فلاديمير بوتين الحصار عن موانئ البحر الأسود قبل بدء الحصاد في غضون بضعة أسابيع فقط، ووشك بلوغ الصوامع المليئة بالحبوب كامل طاقتها الاستيعابية.

وناقش وزيرا الدفاع الروسي والتركي ممراً إنسانياً محتملاً للسماح بخروج الحبوب من البلاد عن طريق البحر، لكن لم يجرِ التوصل إلى اتفاق وبدأ الوقت ينفد. ومن المقرر إجراء مزيد من المحادثات الأربعاء.

جاء ذلك في حين دعت وزيرة الزراعة في المملكة المتحدة فكتوريا برينتس إلى إجراء تحقيق فوري في مزاعم تفيد بأن روسيا كانت تسرق الحبوب.

وأبلغت مؤتمر مجلس الحبوب الدولي في لندن أنها سمعت مزاعم خطيرة حول سرقة الحبوب مباشرة من المصادر في منطقة خيرسون الجنوبية في أوكرانيا، وتتهم أوكرانيا روسيا ببيع الأغذية المسروقة إلى تركيا، وهو ادعاء ينكره الكرملين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من ناحية أخرى، يخوض المزارعون وشركات الخدمات اللوجستية في أوكرانيا معركة يائسة على نحو متزايد لتصدير الأغذية بالطرق البرية والسكك الحديدية، وسط ارتفاع أسعار الوقود ونقص في الشاحنات والسائقين، ويقاتل العديد من هؤلاء الآن القوات الروسية على الخط الأمامي.

وخلال الأسبوع، اتهمت الولايات المتحدة بوتين باستخدام الأغذية "لابتزاز" العالم بعد أن أفاد الكرملين بأنه لن يفكر في فتح ممر إنساني إلا إذا رفعت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.

وقد يشهد موسم الحصاد الشتوي، الذي يبدأ في يوليو (تموز)، نفاد قدرة التخزين ما لم تفتح الموانئ، وقد تعني هذه النتيجة مزيداً من الارتفاع في أسعار المنتجات الأساسية مثل القمح، الذي تعد أوكرانيا واحداً من البلدان المصدرة الرئيسة له.

وإذا لم يجرِ التوصل إلى اتفاق، قد يعاني العالم نواقص في الأغذية، مع تعرض أجزاء من أفريقيا والشرق الأوسط في شكل خاص إلى خطر، وفق تحذير أصدرته الأمم المتحدة.

 

وقالت أناستاسيا سوبوتيوك، مديرة "أم أتش بي"، وهي إحدى الشركات الزراعية الرائدة في أوكرانيا، إن العديد من المنتجين أصبحوا فقط الآن، قادرين على تصدير كميات "ضئيلة" من الحبوب على متن الشاحنات والسكك الحديدية، وتابعت سوبوتيوك، "تتلخص المشكلة الكبرى التي تواجه المصدرين جميعاً أو شركات الخدمات اللوجستية كلها في نقص في الديزل في أوكرانيا. لقد قفز السعر بنحو 70 في المئة".

ويشكل تحويل البضائع عن طريق السكك الحديدية "تحدياً بالغ الصعوبة"، لأن الصواريخ الروسية تواصل تدمير البنية التحتية بما في ذلك المسارات والجسور، ويتعقد العبور أكثر لأن أوكرانيا تستخدم سككاً حديدية بعرض يعود إلى الزمن السوفياتي وهو أكبر من نظيره المستخدم في البلدان المجاورة، وهذا يعني أن البضائع يجب أن تفرغ ثم يعاد تحميلها عند الحدود.

أضافت سوبوتيوك، "بالنسبة إلى شركات مثل شركتنا يستغرق تسليم المنتجات إما إلى حدود أوكرانيا أو إلى العميل النهائي أو إلى الميناء وقتاً إضافياً، مع وجوب تطوير طرق جديدة في هذه الحالة".

واستأجرت "أم أتش بي" سفينة يمكنها حمل ستة آلاف و500 طن من الزيت النباتي من ميناء ريني الواقع باتجاه منبع نهر الدانوب، لكن التفريغ الكامل للسفينة يتطلب خمسة أيام، والمسار عرضة إلى تأخيرات.

فالعدد المحدود من الطرق الآمنة المؤدية إلى خارج أوكرانيا يزدحم بشاحنات كثيراً ما تشكل خطوطاً طولها كيلومترات عديدة، وفي الوقت نفسه، لا يوجد ما يكفي من الشاحنات أو السائقين، ويستغرق حالياً تدريب سائقين جدد وإصدار تراخيص لهم خمسة أشهر.

ووفق تقديرات "أم أتش بي"، لا تتوفر حالياً سوى 10 في المئة من شاحنات الزيوت النباتية المرخصة وخمسة في المئة من شاحنات الحبوب المرخصة، مضيفة، "هذا النقص ليس مرئياً اليوم، لكن خلال موسم الحصاد، بدءاً بيوليو، سيصبح مشكلة حقيقية. لا بدّ من تسليم الحبوب إلى المخازن ثم تسليمها إلى الموانئ لكن العديد من السائقين الذين قد يفعلون ذلك يحاربون".

وبالعادة تكافح الشركات الزراعية الأوكرانية للعثور على ما يكفي من السائقين خلال الموسم الأكثر ازدحاماً بين سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) لكن من المتوقع أن تكون المشكلات أسوأ بكثير هذا العام.

ومن الضروري نقل الحبوب التي حصدت حديثاً وملايين الأطنان المتراكمة في المخازن، مع عدد أقل من العاملين ومشكلات لوجستية كبرى ناجمة من الحرب، وتتعزز الجهود الدولية لتخفيف الموقف وفتح موانئ أوكرانيا، لكن التقدم محدود حتى الآن، وكانت أوكرانيا وبولندا اتفقتا، الشهر الماضي، على تخفيف الضوابط المفروضة على الأغذية على الحدود، وهو تطور تفيد الشركات بأنه حسن الوضع.

وتدعو "أم أتش بي" إلى توفير مزيد من الأطباء البيطريين وموظفي الصحة النباتية على الحدود للعمل على مدى الساعة بدلاً من ثماني ساعات يومياً في أيام الأسبوع العادية.

ويحض مصدرو الأغذية أيضاً على الاتفاق على ممر "أخضر"، أو ممر جمركي سريع المسار من شأنه أن يسمح بمرور منتجات مهمة مثل الدواجن واللحوم وزيوت الخضراوات، وتقول سوبوتيوك، "يحتاج العالم بالكامل إلى هذا. يحتاج الناس إلى الأغذية".

وأبلغ أليكس ليسيستا، رئيس النادي الأوكراني للشركات الزراعية والرئيس التنفيذي لشركة "آي سي أم" للأغذية، بقيام القوات الروسية بتدمير وسرقة واسعي النطاق يعتقد أنهما منسقان إلى حد يجعلهما منفذين بأوامر من الكرملين، وقال ليسيستا إن العديد من الحقول لا تلقى عناية لأنها تقع في مناطق تحتلها القوات الروسية حالياً أو احتلتها سابقاً، ما يعني أنها يمكن أن تكون ملغومة، مضيفاً، "المزارعون خائفون وليست لديهم أدنى فكرة عما ينبغي لهم أن يفعلوا. لا توجد سوق محلية لمنتجاتهم ومن دون دخل لا يستطيعون أن يبدأوا الإعداد للموسم الجديد".

وأوضح ليسيستا أن البلاد تحتاج بشدة إلى كمية ضخمة من الوقود للمساعدة في نقل البضائع براً، إضافة إلى زيادة الجهود لتقليل البيروقراطية على الحدود.

وعلى الرغم من الموقف العصيب، لا يزال ليسيستا، مثله كمثل العديد من أهل أوكرانيا، يصر على أن البلاد لا تستطيع أن تتفاوض مع بوتين، ويقول في هذا الصدد، "إن ما يقوله بوتين مختلف تماماً عما يفعله"، وتقول سوبوتيوك، "كيف يمكن للمرء أن يثق في إرهابي؟".

*نشرت المقالة في اندبندنت بتاريخ 9 يونيو (حزيران) 2022.

© The Independent