Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الحقن الغامضة" تصيب الفرنسيين بالهلع

الظاهرة قديمة لكنها تزداد أخيراً وتنتشر في عدد من الدول الأوروبية

وصل عدد الشكاوى من الحقن الغامضة إلى أكثر من 300 شكوى منذ شهر مارس (غيتي)

خوف ورعب شديدان اجتاحا الشارع الفرنسي خلال الأسابيع الماضية مع ازدياد البلاغات التي قدمها أشخاص جراء تعرضهم لهجوم بحقن غامضة في كثير من مدن فرنسا، حيث وصل عدد الشكاوى إلى أكثر من 300 شكوى منذ شهر مارس (آذار) الماضي، سجل معظمها في شهر مايو (أيار) وحده.

الهجمات المتتالية استهدفت التجمعات وأماكن الاحتفال العامة والنوادي الليلية، ووقع آخرها الجمعة 3 يونيو (حزيران) الجاري أثناء حضور 1500 شخص، تسجيل برنامج لقناة "TF1" بعنوان "أغنية العام" في مدينة تولون الساحلية في جنوب البلاد، إذ قال 21 شخصاً من بينهم 19 امرأة، إنهم تعرضوا للاعتداء بالحقن يومها، لكن لم يتقدم بالشكوى إلا 14 شخصاً فقط.

تم التعرف على أحد المتهمين في هذه الحادثة من قبل امرأتين تعرضتا للعنف على يديه عند محاولتهما منعه من حقنهما. وقد ألقت الشرطة القبض على المتهم الذي يبلغ من العمر 20 عاماً، فيما ستوجه له النيابة العامة التهم في ضوء ما ارتكبه لكن ما زال التحقيق القضائي مفتوحاً.

ومن الناحية الطبية، نقل حارس أمن كان يعمل في الموقع متأثراً بضيق في التنفس بعد إصابته بحقنة، وأجريت 7 فحوصات طبية لبعض ضحايا اعتداء الحفل إلا أن النتائج لن تظهر قبل 13 يونيو.

في المقابل، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بعد الحادثة بعدم وجود ضوابط أمنية ونقاط تفتيش شديدة لكشف ماذا يحمل الجمهور قبل دخولهم موقع الحفل، ومع ذلك، يؤكد المنظمون أنهم أجروا عمليات بحث لمنع الزوار من الدخول بأشياء غير مرغوب فيها داخل محيط الحفلة الموسيقية.

إجراءات وقائية

من أجل مواجهة هذه الظاهرة المرعبة طلبت وزارة الداخلية الفرنسية عبر فيديوهات مسجلة نشرتها على صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، توخي الحذر في ظل صعوبة التوصل إلى نتائج دقيقة بشأن المواد التي يحقن بها المعتدون ضحاياهم.

كما نبهت الضحايا المحتملين إلى أن مراكز الشرطة في كل مدن فرنسا مستعدة لتلقي بلاغاتهم وتوفير المساعدة المطلوبة قدر الإمكان. وحثتهم أيضاً على ضرورة تقديم شكوى والقيام بالتحليلات المناسبة في أقرب مستشفى قبل مرور 12 ساعة على الحادث.

كذلك ولأن معظم الحوادث تقع في النوادي الليلية، بدأ المسؤولون عنها بتأكيد أنهم يأخذون الموضوع على محمل الجد ما استدعى منهم تعزيز أنظمة المراقبة والكاميرات وتشديد حملات التفتيش ونشر أكبر عدد ممكن من حراس الأمن.

نتائج صادمة

في كل الاعتداءات التي سبقت اعتداء حفل مدينة تولون، عرض الذين تقدموا ببلاغات إلى الشرطة، على أطباء شرعيين لإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة سريعاً، لكن الغريب في الأمر، أن بعضهم لم يدركوا مباشرة أنه تم حقنهم إلا بعد اكتشاف نقطة حمراء محاطة بورم دموي على ذراعهم أو كتفهم أو فخذهم، فيما شعر آخرون بألم شديد وانزعاج فوري نتيجة الحقن.

وقد عانى كثير من الضحايا من غثيان وقيء وشعور بالدوار مع اضطرابات بصرية وارتفاع درجات حرارة الجسم، ونسبة قليلة منهم لم تواجه أي أعراض.

وبحسب المعلومات الواردة من وسائل الإعلام الفرنسية، يقع الهجوم بواسطة إبر بسيطة، وفي جميع الحالات تقريباً، لم يتم التعرف على نوع المواد التي يحقن بها الأشخاص، باستثناء حالات قليلة استخدم فيها عقار "GHB"، وهو عقار مثبط للجهاز العصبي المركزي، ويستخدم بشكل واسع بطريقة غير شرعية في حالات الاعتداء الجنسي والاغتصاب لتخدير الضحايا.

كذلك فإن الخوف المرتبط في هذه الواقعة، يتجسد في أن مختبرات التحليل ومن خلال فحص الدم والبول والشعر للضحايا، لم تتمكن من تحديد إذا ما كان الحقن بهذه المواد الغامضة سيترتب عليه لاحقاً آثار أو أمراض أو مضاعفات من نوع ما لديهم. إضافة إلى أن احتمالية تصدير عدوى فيروسية لا تزال قيد الاحتمال، مع حديث الإعلام الفرنسي عن إمكانية وجود خطر عدوى حقيقي قد يتبع هذه الحوادث، بخاصة أن فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد B أو التهاب الكبد C، من السهل جداً أن ينقلوا عن طريق إبرة.

مخاوف أخرى

إضافة إلى المخاوف الصحية والنفسية التي لحقت بالضحايا، والخوف من وجود ضحايا مستقبليين، ثمة قلق من نوع آخر يراود أصحاب النوادي الليلية والبارات في فرنسا، الأمر الذي صرح به بعضهم لقناة "TV5"، موضحين أنهم لم يلبثوا أن تعافوا من مرحلة الإغلاق التي ارتبطت بجائحة "كوفيد- 19"، حتى واجهوا موجة هجمات الحقن الغامضة.

وبينوا أن عدد زبائنهم قد انخفض أخيراً، بالفعل بنسبة تصل إلى أكثر من 50 في المئة وأنهم اضطروا لمواجهة خسائر مادية كبيرة، حيث عديد من زوارهم المعتادين باتوا قلقين على أنفسهم من أن يكونوا ضحايا لمختلين يحقنون الناس بمواد مجهولة المصدر والنتيجة، وباتوا يفضلون البقاء في منازلهم.

وعلى الرغم من تعهدهم بتشديد إجراءات التفتيش لحماية الزبائن، فإن الوضع لم يتغير كثيراً. ومن دون شك أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديداً منصة "TiKTok" الأكثر شعبية بين أوساط الشباب، في إثارة هذه المخاوف لديهم وتنبيههم لمخاطرها، باعتبار أن موضوع الحقن الغامضة كان الأكثر تداولاً بين روادها الأسبوع الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ليس فقط في فرنسا

هذه الظاهرة ليست حكراً على فرنسا وحدها، ففي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021، قالت الشرطة البريطانية، إنها استقبلت أكثر من 100 بلاغ تقدم بها عديد من الشابات وبعض الشباب عن اعتداءات في الحانات والنوادي الليلية باستخدام إبر تحت الجلد، مما تسبب بالرعب في جميع أنحاء المملكة المتحدة.

وتصاعدت حدة القلق بعد أن ظهرت طالبتان من جامعة نوتنغهام في وسائل الإعلام البريطانية، لتعرضا علامات الإبر والكدمات على بشرتهما.

ومع استمرار الهجمات المتفرقة، وقع أكثر من 163 ألف شخص على عريضة تطالب الحكومة بجعل تفتيش الزوار والزبائن عند مدخل النوادي الليلية إلزامياً، وأن يكون تفتيشاً مشدداً ترصد له أجهزة محددة وحراس أمن خبراء في هذ المجال..

كذلك أعلنت في الأسابيع الماضية كل من بلجيكا ولوكسمبورغ عن تقدم أشخاص ببلاغات ضد مجهولين قاموا بحقنهم بإبر غامضة. ففي آخر تصريح له، قال نيكولاس مارتن عمدة مدينة مونس البلجيكية بعد ظهر الأربعاء 8 يونيو الجاري، أن السلطات تأخذ هذه الظاهرة على محمل الجد. وأكد أنهم يقظون للغاية بصددها، لكنه في الوقت نفسه حذر من أن يستمع الناس لكثير من الإشاعات والمبالغات، فالهجمات لا تزال محدودة جداً، على الأقل في المرحلة الراهنة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات