Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكومة ميقاتي تعين وزيرا في الجامعة اللبنانية بـ"مرسوم مهرب"

تجاهلت الملف الذي يضم 1500 طلب والوزير المعني يطلب التراجع عن القرار بعد الضجة التي أثيرت

أواخر شهر مايو الماضي أقرت الحكومة اللبنانية مرسوم تفرغ وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية في الجامعة اللبنانية (دالاتي ونهرا)

فقد المواطن اللبناني ثقته بالسلطة وبالمسؤولين، وأصبح كمن يراقب خصماً أو عدواً له، إذ لا يمكن لمسؤول يخاف على شعبه ويسهر على مصالحه، أن يمرر مراسيم قوانين وقرارات خلسة.

أواخر شهر مايو (أيار) الماضي، أقرت الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي، مرسوم تفرغ وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية في الجامعة اللبنانية، وأقل ما يقال عن تمرير المرسوم أنه هرب تهريباً.

إقرار المرسوم أثار استهجان واستنكار أساتذة الجامعة اللبنانية، ولاقى انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد أن سرت معلومات تقول إن حكومة ميقاتي أقرت مرسوم التعيين منذ فترة طويلة، لكن الإعلان عنه جاء في آخر جلسة لها. علماً بأنه وعلى هامش الجلسة، كانت الهيئة التنفيذية لـ"رابطة الأساتذة المتفرغين" قد عقدت لقاءً مع ميقاتي، بحضور وزير التربية عباس الحلبي، ووزير الشباب والرياضة جورج كلاس، وممثلين عن اللجنة التمثيلية للأساتذة المتعاقدين ولجنة المدربين، وانضم إلى الاجتماع في جزء منه المدير العام للقصر الجمهوري، أنطوان شقير.

ونقل رئيس الهيئة التنفيذية للرابطة، عامر حلواني، عن ميقاتي تأكيده أنه "لا يمانع وضع ملفات الجامعة على جدول أعمال مجلس الوزراء، وأن الكرة اليوم ليست في ملعبه، إنما في ملعب رئيس الجمهورية، الذي يصر على ربط ملف العمداء بباقي الملفات، وليس هناك اتفاق على الملف حتى الآن".

وكان الأساتذة المتعاقدون، الذين يبلغ عددهم 1520 أستاذاً متعاقداً، قد تلقوا وعوداً بأن يقر ملف تفريغهم منذ يناير (كانون الثاني) الماضي. وعقدت لجنة التنسيق أكثر من خمسة اجتماعات مع رئيس الحكومة ميقاتي، الذي كان قد أعطاهم وعداً بالبت في ملفهم بآخر جلسة للحكومة، قبل الانتقال إلى مرحلة تصريف الأعمال.

"حزب الله"... القاسم المشترك بين الوزيرين

في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، وعندما كانت حكومة حسان دياب في وضع تصريف أعمال، سربت مراسيم تعيين وزير الصحة حينها حمد حسن، ووزيرة العمل لميا يمين في ملاك الجامعة، بالطريقة نفسها، فعين حسن في ملاك كلية الطب، بينما عينت يمين في ملاك كلية الفنون الجميلة والعمارة بوظيفة معيد.

وأعرب حينها الأساتذة عن غضبهم عن ما أعتبر فضيحة في التعيينات، التي أظهرت مدى استخفاف السلطة بمطالبهم، ودفعت برئيس رابطة الأساتذة المتفرغين حينها يوسف ضاهر إلى إطلاق تحذير، والدعوة إلى إضراب عام لمدة ثلاثة أيام.

واستنكر ضاهر هذه المراسيم "غب الطلب" في وقت يحرم أكثر من ألف أستاذ من تعيينهم في الملاك، على الرغم من استحقاق هذا الأمر قانوناً منذ سنوات. وذكر بموت الأستاذ على المعوش متقاعداً أخيراً، وبلا ضمانات صحية، لأنه لم يدخل الملاك.

وأوضح حسن حينها أن "مرسوم تعيينه والوزيرة لميا يمين في ملاك الجامعة اللبنانية، يأتي حفظاً لحقوق الأساتذة المتفرغين في الجامعة، بعد انتدابهم إلى موقعهم الوزاري".

الفرق بين وزراء حكومة حسان دياب وحكومة ميقاتي، أن حسن ويمين كانا متفرغين، أما في حالة الوزير حمية فهو أستاذ متعاقد. وكان حمية قد اجتمع مع زملائه في لجنة التنسيق ووعد بمساعدتهم في طرح ملف التفرغ بالحكومة، لكن ما حصل أن الحكومة هربت مرسوم تعيينه شخصياً في الجامعة اللبنانية، وبقي المرسوم طي الكتمان طوال الفترة الماضية.

مرحلة تصريف الأعمال

واللافت أنه في الحالتين لم تسرب القرارات إلى الإعلام إلا بعد الدخول في مرحلة تصريف الأعمال، أي في الوقت الذي لا تستطيع فيه الاجتماع لبحث ملف التفرغ بشكل عام، مما يعني أن الأساتذة سيدخلون مرة جديدة إلى مربع الانتظار حتى تتشكل حكومة، ومن ثم يعاد طرح الملف من جديد.

هذا الأمر أثار حفيظة أكثر من فريق سياسي، منهم موجود داخل الحكومة، وعلى ما يبدو أن "حزب الله" فرض كلمته من دون العودة إلى أحد، حيث صدر بيان عن الحزب التقدمي الاشتراكي (ووزير التربية عباس الحلبي من حصته) تساءل فيه "ماذا قدم وزير الأشغال من عمل استثنائي؟ وما الذي يميزه عن غيره من أساتذة الجامعة اللبنانية المتعاقدين الذين ينتظرون منذ سنوات تفريغهم؟ وقال إن مثل هذا القرار ليس إلا تحدياً سافراً لمشاعر وحقوق كل اللبنانيين من دون استثناء، وهو إمعان في سياسات الفشل والمحسوبيات، وهو إمعان أيضاً في ضرب ما بقي من هيبة واستقلالية للجامعة اللبنانية ولفرص إنقاذها".

وأضاف "أياً كان الطرف أو الأطراف التي غطت واتخذت مثل هذا القرار، فإنه عمل معيب ومرفوض، والمطلوب بأقصى سرعة العودة عنه إذا ما كان فعلاً للحكومة ورئيسها أي حرص حقيقي على المؤسسات، وعلى مساواة الجميع في الحقوق والواجبات".

"تراجعت عن القرار"

بدوره، أصدر الوزير حمية بياناً قال فيه "بعد أن درجت العادة في مجلس الوزراء، أن تصدر مراسيم بحق الوزراء تقضي بتثبيتهم في أعمالهم التي كانوا يمارسونها، لأجل ذلك قررت الحكومة منحي مرسوم التعيين في الجامعة اللبنانية. ولكن بعد الضجة التي أثيرت، وإحساساً مني بالمسؤولية، وقطعاً لأية افتراءات أو افتراضات خاطئة أطلقها ويطلقها البعض، فإنني اليوم قد توجهت إلى رئيس مجلس الوزراء، لأطلب منه، رغبة مني، التراجع عن القرار أعلاه".

"اندبندنت عربية" حاولت الاتصال بالوزير على حمية، لكنه لم يجب على هاتفه ولا على الرسائل.

الجامعة اللبنانية ترد

وبالنسبة للجامعة اللبنانية، أشار رئيسها بسام بدران في حديث صحافي إلى أنه أرسل ملف التفرغ، الذي يضم أسماء 1520 أستاذاً، إلى وزير التربية، عباس الحلبي، منذ يناير الماضي، وهو يتضمن اسم حمية، ولم يرسل ملفاً خاصاً به. وقال "كنت أتمنى أن يتم تفريغ نحو 1525 أستاذاً متعاقداً في الجامعة رفعتُ أسماءهم لوزارة التربية ومجلس الوزراء لا أن تتم الموافقة على اسم واحد منهم فقط، وهذا الفعل تتحمل مسؤوليته الحكومة، التي تحصر بها صلاحية إقرار تفريغ الأساتذة"، مستغرباً حصر الموافقة بوزير الأشغال العامة والنقل على حمية.

وقال بدران، إن ملف التفريغ هو ملف من أربعة ملفات عالقة في الجامعة اللبنانية، حصلت على أثرها إضرابات واعتصامات عدة لفك أسرها، لذلك وبعد كل ما حصل اليوم، أطالب باستعادة صلاحيات الجامعة من أجل إفساح المجال لها في البت بملفاتها بنفسها، لا سيما ملف التفرغ، لأن ضمن الأسلوب المتبع، تقر الحكومة وتفعل ما تريد من دون أن يكون لنا الحق القانوني في منعها أو في اتخاذ القرار المناسب، ولكن مجلس الوزراء يأذن بالتفرغ ولا يفرغ، والقرار الأخير يعود إلى رئيس الجامعة.

وأشار بدران بهذا الخصوص إلى أن "القرار لم يصل إلى الجامعة بعد، ولم أكن شخصياً في جوه، بل سمعت به في الإعلام، لذا أنتظر معرفة تفاصيله كي أبني على الشيء مقتضاه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حملة غير بريئة

واستغربت مصادر في هيئة التعليم العالي في "حزب الله" الضجة المثارة حول القرار واعتبرتها حملة غير بريئة، "بل هناك حملة منظمة تستهدف حمية ومن يمثله".

ونفت المصادر أن يكون حمية نسق مع الحزب في هذا الموضوع، إذ لم يكن لدينا علم مسبق به، إنما تابع حمية الملف شخصياً مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لكن ذلك لا يعني أن الخطوة غير مستحقة وغير قانونية، وتساءلت "هل أتى تفرغ حمية فعلاً على حساب أساتذة آخرين؟ وهل كانت هناك نية لدى مجلس الوزراء بتفريغ الأساتذة وأتى حمية وقطع الطريق على زملائه؟".

لكن قرار الوزير حمية "بالعودة عن القرار" قد لا يجدي نفعاً، علماً بأنه كان يفترض أن تخصص حكومة ميقاتي جزءاً من الجلسة الأخيرة لإقرار ملفات الجامعة اللبنانية العالقة منذ سنوات، كما وعد الأساتذة.

سياسة مافياوية

ويقول أحد الأساتذة المتعاقدين، إن "خبر تسريب تعيين حمية يضع الحكومة بكل وزرائها، والجامعة اللبنانية، في قفص الاتهام. وجاء تسريب خبر تعيين حمية في الجلسة الأخيرة للحكومة من دون علم أحد، عمداً، كي يتذرعوا أن الحكومة أصبحت في مرحلة تصريف الأعمال، بالتالي غير قادرة على القيام بأي رد فعل".

ويتابع أن "هذه المنظومة الحاكمة تنتهج السياسة المافياوية والميليشياوية عينها منذ أكثر من أربعين عاماً".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات