Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تبيع القاهرة حصة من "مصر للألومنيوم" رغم تحقيقها الربح؟

يرى مراقبون أن تخارج الدولة من الشركات لا علاقة له بالربحية أو الخسارة

تمتلك الدولة المصرية نحو 92 في المئة من أسهم شركة "مصر للألومنيوم" التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية (موقع الشركة)

تفصح الحكومة المصرية عن خطتها للتخارج من الشركات العامة المملوكة للدولة بشكل تدريجي، فبعد أن طرحت مسودة وثيقة ملكية الدولة على مجتمعات الأعمال، للحوار المجتمعي لمدة 3 أشهر، عقدت النية على التخارج بحصة تقترب من الـ25 في المئة رأسمال قلعة "مصر للألومنيوم" بالوجه القبلي، عبر البيع إلى مستثمر استراتيجي، على الرغم من تحقيق الشركة العريقة أرباحاً قياسية في ظل تعثر سلاسل الأمداد العالمية وارتفاع أسعار خام الألومنيوم إلى مستويات عالية في البورصات العالمية.
وتأسست شركة "مصر للألومنيوم" التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، إحدى شركات قطاع الأعمال العام، في سنة 1975، لتكون الشركة الوحيدة في مصر والوطن العربي والشرق الأوسط في صناعة الألومنيوم في تلك الفترة كمجمع صناعي ضخم يحتوي بداخله على 6 خطوط إنتاج بعدما تم تدشين الخط السادس في عام 1997. وزادت الحكومة المصرية الطاقة الإنتاجية القصوى للمجمّع في عام 2010 لتصل إلى 320 ألف طن سنوياً، فيما تسعى الشركة المُدرَجة في سوق المال المصرية وتعمل بشكل شبه احتكاري في أسواق الألومنيوم إلى تدشين الخط السابع بالشراكة مع القطاع الخاص أو بيع 25 في المئة من رأسمالها إلى مستثمر استراتيجي.
وتمتلك الدولة نحو 92 في المئة من أسهم شركة "مصر للألومنيوم" التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، بينما سمحت بتداول باقي الأسهم في سوق المال المصرية.

التكلفة تصل إلى 699 مليون دولار

وقال رئيس قطاع التسويق بالشركة، إيهاب علواني، إن "مصر للألومنيوم تبحث عن مستثمر استراتيجي لتمويل عملية تدشين خط الإنتاج السابع للشركة بعيداً عن طرح الحصة كطرح عام في البورصة"، موضحاً أن "التكلفة التقديرية لإنشاء خط الإنتاج الجديد تصل إلى 13 مليار جنيه (699 مليون دولار أميركي) بطاقة إنتاجية تصل إلى 250 ألف طن سنوياً، والذي سيتم تنفيذه مع شركة أميركية". وأضاف أنها "تكلفة ضخمة لن تستطيع الشركة أو الدولة تمويلها بمفردها، ولذلك كان القرار دخول مستثمر استراتيجي مقابل 25 في المئة من رأسمال الشركة"، مؤكداً أن "مصر للألومنيوم تسعى لزيادة طاقتها الإنتاجية إلى نحو 570 ألف طن سنوياً مقابل 320 ألف طن تنتجها حالياً".

تصدير 50 في المئة من الإنتاج

وتابع علواني قائلاً إن "البحث عن مستثمر استراتيجي لا يعني أن الشركة تحقق خسائر على الإطلاق"، مشيراً إلى أن "الشركة حققت أرباحاً هائلة أخيراً نتيجة أزمة سلاسل الإمداد على المستوى العالمي، ما دفع سعر خام الألومنيوم في بورصات العالم إلى مستويات قياسية، مما سمح للشركة بتحقيق أرباح جيدة، خصوصاً أن الشركة تصدر 50 في المئة من الإنتاج للأسواق العالمية، بينما تضخ باقي الكمية في السوق المحلية".
أما الخسائر التي سجلتها الشركة في العامين السابقين، فأرجعها رئيس قطاع التسويق إلى ارتفاع تكلفة الطاقة، موضحاً أن "الطاقة تمثل نحو 40 في المئة من إجمالي التكاليف، إذ إن تكلفة الحصول على الكهرباء، وهي عنصر أساسي في التكاليف، تصل إلى 6 مليارات جنيه سنوياً".
وفي مارس (آذار) 2020، خفضت الحكومة المصرية أسعار الطاقة للصناعات الكثيفة ليصل سعر الغاز الطبيعي للصناعة عند 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، بينما أسعار الكهرباء للصناعة، للجهد الفائق والعالي والمتوسط، بقيمة 10 قروش للكيلوواط في الساعة، مع تثبيت وعدم زيادة أسعار الكهرباء لباقي الاستخدامات الصناعية لمدة من 3 إلى 5 سنوات قادمة.
وارتفعت أسعار الألومنيوم في البورصات العالمية خلال سنتين فحسب بنسبة 135 في المئة تقريباً، إذ وصلت إلى مستويات قياسية في أبريل (نيسان) 2022 عندما سجلت 3487 دولاراً مقارنةً بـ1484 دولاراً للطن الواحد في أبريل 2020، بعدما كسرت قيمة الارتفاع حدود الـ2000 دولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


التقييم العادل للحصة مهم

من جانبه، قال الرئيس السابق للشركة القابضة للصناعات المعدنية، مدحت نافع، إن "البحث عن مستثمر استراتيجي في ما يخص مصر للألومنيوم لن يكون أمراً صعباً، خصوصاً إذا تم استهداف شركات عربية في منطقة الشرق الأوسط، ومع تحسن الأداء المالي للشركة مع ارتفاع أسعار معدن الألومنيوم في البورصات العالمية متخطياً نقطة التعادل بين التكاليف والإيرادات للشركة التي تصل إلى 1800 دولار للطن". وأضاف لـ"اندبندنت عربية" أن "الأهم من بيع حصة لمستثمر استراتيجي هو التقييم العادل للحصة محل البيع"، موضحاً أن "عملية التقييم تعتمد إلى حد كبير على السعر السوقي لسهم الشركة في البورصة المصرية، لكن البورصة في الوقت الحالي تحقق أسوأ أداءً في تاريخها".
وعبّر نافع عن خشيته من أن "السعر السوقي للسهم سيرسل إشارات سلبية بكل تأكيد للمستثمرين العرب والأجانب، مما يضغط على القيمة السوقية للشركات المطروحة ويجعل مهمة التخارج الحكومي من القطاعات المختلفة في الاقتصاد، وفقاً لوثيقة ملكية الدولة، مهمة شبه مستحيلة".

قرار التخارج لا علاقة له بالربحية

وحول بيع حصة من الشركة على الرغم من تحقيقها للربح، أوضح الرئيس السابق للشركة القابضة للصناعات المعدنية، أن "قرار تخارج الدولة من قطاعات صناعية بشكل جزئي لا يعتمد على الربحية فقط أو تسجيل الشركات خسائر"، مشيراً إلى أن "لدى الشركة فرصة لتحقيق أرباح أفضل مما تحققه"، مستدركاً أنه "لولا التكلفة الباهظة التي تدفعها الشركة للحصول على الكهرباء، ولو تمت معاملتها بشكل منصف في ظل عمليات التطوير وتحديث الخلايا وزيادة الطاقة الإنتاجية مع الاهتمام بإضافة منتجات أخرى تتعلق بالصناعة مثل تصنيع جنوط السيارات على سبيل المثال أو صناعة عبوات الكانز (التي تحتفظ عادةً بالمشروبات الغازية) لكان للشركة شأن آخر".
وكشفت الحكومة في مايو (أيار) الماضي، عن خطة لمواجهة التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية، استندت إلى 5 محاور رئيسة، تبدأ بتعزيز قيمة المنتَج والصناعة المحلية، وتوطين الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتخارج الدولة من الشركات العامة لإتاحة الفرص أمام القطاع الخاص، وإعادة هيكلة الدين العام، وخطة للنهوض بسوق المال المصرية، واستمرار الحفاظ على البعد الاجتماعي.

الجائحة العالمية تنتشل الشركة من الخسائر

ووفقاً لبيانات البورصة المصرية، حققت شركة مصر للألومنيوم خسائر في العام المالي 2019-2020 اقتربت من مليار جنيه (54 مليون دولار) نتيجة ارتفاع تكلفة حصول الشركة على الكهرباء من الدولة مقابل صافي ربح بلغ 571 مليون جنيه (31 مليون دولار) خلال العام المالي السابق له 2018-2019.
ومع تفشي الجائحة العالمية وما خلفته من تداعيات سلبية تعثرت معها سلاسل الإمداد عالمياً، عبرت الشركة كبوتها لتتخطى أرباحها، خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 2021-2022، حدود الـ814 مليون جنيه (44 مليون دولار) خلال الفترة من يوليو (تموز) 2021 حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتخطط الشركة وفق الموازنة التقديرية للعام المالي المقبل 2022-2023، للوصول إلى صافي أرباح قدرها 1.2 مليار جنيه (64 مليون دولار).