Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البنك الدولي يؤمن القمح لمصر بـ500 مليون دولار

دعم الخبز في القاهرة يتطلب توفير 9 ملايين طن من القمح سنوياً ما يمثل 75 في المئة من وارادتها

صورة التُقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 12 مايو الماضي لسهول القمح قرب منطقة سلوفيانسك الأوكرانية (أ ف ب)

تكثف الحكومة المصرية من تحركاتها الداخلية والخارجية لتعزيز أمنها الغذائي من السلع الاستراتيجية الأساسية، وعلى رأسها القمح، وهو ما يدعم خطتها للوصول إلى مستوى متقدم في مؤشر الأمن الغذائي العالمي، في ظل زيادة الضغوط التضخمية التي دفعت أسعار القمح إلى الارتفاع عالمياً من 280 دولاراً أميركياً للطن في النصف الأول من عام 2020، لتسجل 500 دولار أميركي للطن في فبراير (شباط) وأبريل (نيسان) الماضيين، مما دفع القاهرة إلى الدخول في برنامج مع البنك الدولي تحصل منه على 500 مليون دولار، لدعم الأمن الغذائي والقدرة على الصمود في حالات الطوارئ بتأمين حاجتها من القمح، علاوة على زيادة السعات التخزينية، عبر التوسع في تدشين الصوامع الحديثة أو زيادة سعات تلك القائمة منها.
وتعد مصر أكبر مستورد في العالم للقمح، الذي يعتبر السلعة الرئيسة في البلاد. وتحتل المرتبة 62 من بين 113 دولة، على مؤشر الأمن الغذائي العالمي.

500 مليون دولار من البنك الدولي

وكشفت وثيقة رسمية أصدرها "البنك الدولي" عن طلب الحكومة المصرية الحصول على قرض بقيمة 500 مليون دولار في 18 مايو (أيار) الماضي، في إطار تنفيذ برنامج أو مشروع بالتعاون مع الجهة المقرضة لدعم الأمن الغذائي والقدرة على الصمود في حالات الطوارئ.
وأوضحت الوثيقة أن الهدف الإنمائي للبرنامج يتمثل في "ضمان الإمداد قصير الأجل بالقمح من أجل استمرارية وصول الخبز وعدم انقطاعه عن الأسر الفقيرة، وتعزيز قدرات البنية الأساسية للدول للصمود في مواجهة الأزمات الغذائية".
وأشارت إلى أن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود يزيد من الضغوط التضخمية والعبء المالي، مع ارتفاع التضخم إلى 8.8 في المئة في فبراير الماضي، ثم 10.5 في المئة خلال مارس (آذار) 2022، وهي نسبة أعلى من متوسط التضخم البالغ 6 في المئة في بداية العام المالي 2021-2022، مما يعكس التداعيات المبكرة للحرب في أوكرانيا.
واقترب معدل التضخم السنوي في القاهرة خلال أبريل الماضي، من حدود 15 في المئة مقابل 12.1 في المئة في مارس، و10.5 في المئة في فبراير، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء في مايو الماضي.

تضاعف فاتورة استيراد القمح

حددت وثيقة البنك الدولي أبرز العوامل المؤثرة على الأمن الغذائي في مصر، مؤكدة أنها تتعلق بإمكانية الحصول على الغذاء والقدرة على تحمل تكاليفها لذوي الدخل المنخفض من الأسر وتغير المناخ وآثاره المباشرة على كل من سلسلة الإمداد الغذائي والإنتاجية الزراعية، علاوة على ارتفاع مستويات الفاقد والمهدر من الأغذية.
وأشارت الوثيقة إلى أن علاج تلك الثغرات يتطلب زيادة توافر الغذاء والقدرة على تحمل تكلفته، وتقليل الخسائر وبناء القدرة الإنتاجية وصمود صغار المزارعين، مضيفة أن برنامج دعم الخبز في مصر يتطلب توفير 9 ملايين طن من القمح سنوياً، وهو ما يمثل 75 في المئة من وارادت القاهرة، و50 في المئة من الاستهلاك. ولذلك تخصص القاهرة 3 مليارات دولار أميركي تقريباً لتوفير تلك الكميات، بحسب الوثيقة التي لفتت أيضاً إلى الأزمة الجيوسياسية الحالية وما خلفتها من تداعيات قد ترفع مضاعفة تلك المخصصات إلى نحو 5.7 مليار دولار أميركي، وهو ما ينذر بتعطل برنامج دعم الخبز في مصر.

ثلاثة محاور رئيسة

وكشفت وثيقة البنك الدولي أن البرنامج المصري لدعم الأمن الغذائي والقدرة على الصمود في حالات الطوارئ يعمل مع البنك على إصلاح 3 محاور رئيسة، المحور الأول هو تلبية تدابير الاستجابة للطوارئ بقيمة 380 مليون دولار أميركي، لمعالجة النقص في واردات القمح وتقليل الاضطرابات في دعم الخبز، عبر تمويل شراء نحو 700 ألف طن من القمح.
أما المحور الثاني، للبرنامج فيهدف إلى تعزيز التأهب والاستجابة للصدمات بتمويل قدره 117.5 مليون دولار أميركي، لتقليل خسائر القمح، وتحسين إنتاج الحبوب المحلي، وتعزيز المرونة على مستوى المزرعة، والقدرة على تحمل الصدمات من خلال زيادة سعة تخزين القمح في الصوامع الحديثة، وتمويل عمليات البحث والتطوير، ونشر أصناف القمح الملائمة ذات الإنتاجية العالية، علاوة على تجربة خدمات الإرشاد المناخية الذكية في فترات متأخرة، وأخيراً رفع مستوى النظام الوطني للإنذار المبكر للأرصاد الجوية الزراعية.
أما المحور الثالث والأخير، فيدعم إدارة المشروعات والمعرفة بتكلفة 2.5 مليون دولار أميركي لدعم الإدارة والمشتريات والرصد والتقييم والامتثال للمعايير البيئية والاجتماعية، مؤكدة أن إدارة البرنامج مسؤولية وزارة التموين والتجارة الداخلية، بينما الصوامع الجديدة وتوسيع الصوامع القائمة مسؤولية "الشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين".

وارتفعت أسعار القمح منذ عام 2020 بسبب اضطرابات سلسلة التوريد الناجمة عن الجائحة، وبلغ متوسط أسعار القمح 280 دولاراً أميركياً للطن خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2021، ووصلت إلى 317 دولاراً أميركياً للطن بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، ومع نشوب الحرب الروسية– الأوكرانية زاد السعر إلى نحو 500 دولار أميركي في أبريل الماضي.
ويعتمد العالم على خمس دول للحصول على 60 في المئة من الغذاء العالمي، وهي "الولايات المتحدة، والهند، والصين، والبرازيل، والأرجنتين". كما أن نصف السعرات الحرارية كمتوسط في النظام الغذائي العالمي يتكون من القمح والأرز والذرة وفول الصويا. ويشكل الأرز والقمح مجتمعين 37 في المئة من تلك السعرات، ولهذا تزيد أهمية القمح والأرز لدى كثير من شعوب العالم في سلة الغذاء العالمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


260 ألف فدان زيادة في الرقعة الزراعية

وقال رئيس "البرنامج القومي للقمح" في وزارة الزراعة المصرية، رضا محمد، إن "الحكومة تسعى إلى تأمين احتياجاتها من القمح بكل الطرق، سواء بتكثيف الإنتاج المحلي وزيادة المساحات المزروعة بالقمح، لتقليل الفجوة الاستهلاكية التي يجري سدها عبر الاستيراد الخارجي"، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية" أن "الإنتاج المحلي هذا العام يشهد طفرة غير مسبوقة، بعد اتساع الرقعة الزراعية المزروعة بالقمح بنحو 260 ألف فدان مقارنة بالعام الماضي 2021، لتصل إلى نحو 3.6 مليون فدان في 2022"، متوقعاً أن تصل تلك المساحة إلى 4 ملايين فدان العام المقبل نتيجة التوسع في الزراعة عبر المشروعات القومية في الأراضي الصحراوية على غرار "توشكى شرق العوينات" و"الدلتا الجديدة" و"المنيا". وأضاف أن متوسط إنتاجية الفدان ارتفعت إلى 20 إردباً (وحدة قياس قديمة مستخدمة في مصر وتساوي عند الجمهور 84.96 كيلو غرام) العام الحالي، مقابل 19 إردباً العام الماضي. وسجل أعلى مستوى للفدان في بعض المحافظات 26 إردباً.
وأكد محمد أن الحكومة تسلمت ما يقرب من 3.6 مليون طن قمح حتى الآن من المزارعين، متوقعاً أن تصل تلك الكمية إلى 5.5 مليون طن مع انتهاء موسم الحصاد في ظل استمرار عمليات الحصاد والتوريد حتى الآن مقارنة بـ3.5 مليون طن العام الماضي.
ويبدأ موسم زراعة القمح في مصر في نوفمبر (تشرين الثاني)، والحصاد في مايو (أيار)، وتستمر عمليات التوريد حتى نهاية أغسطس (آب) من كل عام.

زيادة السعة التخزينية إلى 5 ملايين طن

وحول أعمال التوسعة وزيادة السعات التخزينية قال مدير "البرنامج القومي للقمح"، إن "أعمال التوسعة مستمرة أفقياً ورأسياً. السعة التخزينية كانت العام الماضي 1.5 مليون طن فحسب ومع أعمال التطوير المستمرة خلال العام الحالي قد تصل تلك السعة إلى 5 ملايين طن"، مشيراً إلى أن "القاهرة ستحصل على تمويل من البنك الدولي بقيمة 500 مليون دولار لاستكمال أعمال التوسعة مع تجنيب جزء من القرض لصالح العمليات الاستيرادية". وأكد أن "الدولة تكثف جهودها للعمل على زيادة المساحة والسعة التخزينية إلى أكثر من 6.5 مليون طن العام المقبل"، مضيفاً أن "الدولة تعمل على استراتيجيتين الأولى حتى 2025 للوصول بالاكتفاء الذاتي من القمح إلى نحو 65 في المئة، بينما الاستراتيجية الثانية حتى عام 2030 تستهدف الوصول بالاكتفاء الذاتي من القمح إلى 80 في المئة فحسب في إطار خطة الدولة للحفاظ على أمنها الغذائي في ظل عالم يعاني اضطرابات جيوسياسية".
من جانبه، قال رئيس جهاز التجارة الداخلية التابع لوزارة التموين المصرية، إن "المخزون الاستراتيجي من القمح يكفي حتى فبراير 2023"، موضحاً لـ"اندبندنت عربية" أنه "قبل اندلاع الحرب الأوروبية في أوكرانيا كان مخزون القاهرة من القمح يكفي لمدة تتراوح بين 4 و6 أشهر"، مضيفاً أنه بعد انتهاء موسم الحصاد مع نهاية أغسطس المقبل "سيكفي المخزون لمدة تتراوح بين 7 و9 أشهر بعد إضافة نحو 5 ملايين طن من الإنتاج المحلي، خصوصاً مع الصرف الفوري لمستحقات المزارعين بعد زيادتها بقيمة 100 جنيه (5.37 دولار)، علاوة على تشديد الرقابة على مخالفي ‏قرار منع تداول القمح المحلى من دون الحصول على تصريح مسبق من جانب مديريات التموين".‏

100 ألف طن من الهند

وحول أزمة استيراد القمح من الخارج، كشف رئيس جهاز التجارة الداخلية أن "الحكومة نجحت في التعاقد على صفقة قمح هندية بكمية تتراوح بين 70 و100 ألف طن قمح"، مشيراً إلى أنها قد تصل إلى الموانئ المصرية قبل نهاية الشهر الحالي. وأوضح أنه عقب قرار الهند حظر تصدير القمح "تواصنا مع المسؤولين هناك لاستثناء القاهرة من قرار الحظر". وتابع أن وزارة التموين "تتواصل حالياً مع مسؤولي الحكومة الأوكرانية بعد أن وعدت الأخيرة بالتوصل إلى طرق لشحن القمح الأوكراني إلى القاهرة في أقرب وقت ممكن".
وتهدد التغيرات المناخية دلتا مصر مستقبلاً، إذ إنها معرضة لتآكل الإنتاج الغذائي بنحو 30 في المئة بحلول عام 2030، وتشير الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن التغيرات المناخية ستؤدي إلى انخفاض إنتاج الأغذية الزراعية بنسبة قدرتها بـ6 في المئة، علاوة على ارتفاع الأسعار بنسبة لا تقل عن 19 في المئة بحلول 2050.