Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معرض المغرب للكتاب يفتح أبوابه أمام الثقافة الأفريقية

مثقفون يعترضون على تكرار أسماء المشاركين... ومنع رواية عن المثلية

معرض الكتاب في الرباط يستضيف الأدب الإفريقي (صفحة المعرض - فيسبوك)

انطلقت اليوم الدورة السابعة والعشرون من المعرض الدولي للكتاب في المغرب. غير أنها لم تنظم في الدار البيضاء كما جرت العادة منذ انطلاق هذه التظاهرة الثقافية الكبرى، بل انتقلت خيام العارضين إلى فضاء السويسي في الرباط لأول مرة في تاريخ المعرض. وعزت وزارة الشباب هذا الانتقال إلى عدم شغور الفضاء المخصص لمعرض الكتاب بالدار البيضاء، حيث يتم استغلاله في الفترة الأخيرة كمستشفى ميداني لمعالجة المصابين بداء كورونا، فضلاً عن غياب دعم مجلس الدار البيضاء للدورات السابقة من المعرض، واستمرار الإشغال في كثير من شوارع المدينة، لكن تصريح الوزير بأنه غير متأكد إن كان المعرض سيعود إلى الدار البيضاء في العام المقبل، أم سيظل تنظيمه في العاصمة، يرسخ ما ذهب إليه كثيرون بخصوص تهريب هذه التظاهرة الثقافية الكبرى من العاصمة الاقتصادية للمغرب إلى عاصمته الإدارية، من أجل ترسيخ فكرة الرباط عاصمة للثقافة. وهي الفكرة التي انطلقت قبل سبع سنوات في سياق مبادرة وطنية حملت شعار "الرباط مدينة الأنوار والعاصمة الثقافية للمغرب". وتزامن هذا الانتقال بالمعرض مع تسمية الرباط عاصمة للثقافة الأفريقية، وعاصمة ثقافية للعالم الإسلامي لعام 2022.

كل هذا سيجعلنا أمام حقيقة قد يقبلها كثيرون، ويرفضها آخرون بالضرورة، وهي أن المعرض الدولي للكتاب انتقل إلى الرباط، ولن يعود أبداً إلى الدار البيضاء.

الاحتفاء بالأدب الأفريقي

انفتح المغرب في السنوات الأخيرة على البلدان الأفريقية بشكل لافت، ليس على مستوى التعامل الاقتصادي فحسب. فعديد من دول جنوب الصحراء شريك اقتصادي للمغرب، لكن الانفتاح أيضاً شمل المجالين الثقافي والفني، باعتبار أن البعد الأفريقي مكون أساسي للثقافة المغربية، فضلاً عن الأبعاد الأخرى، خصوصاً الأمازيغية والعربية، لذلك نظمت كثير من الهيئات الحكومية والأهلية عدداً لافتاً من التظاهرات التي تحتفي بالثقافة الأفريقية بمختلف مجالاتها، من سينما وأدب وموسيقى وأزياء. وتأتي الدورة الجديدة للمعرض في سياق ترسيخ سياسة الدولة، بخصوص تجسير وتعميق علاقاتها مع البلدان الأفريقية على مختلف الصعد. وتعود غاية هذا الانفتاح إلى الرغبة في تعويض ما خسره المغرب سياسياً واقتصادياً وثقافياً بسبب انسحابه من منظمة الاتحاد الأفريقي سنة 1984، احتجاجاً على قبول منظمة الوحدة الأفريقية عضوية جبهة البوليساريو الانفصالية تحت مسمى "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية".

تحتفي الدورة الجديدة بالثقافة الأفريقية، وتضم برنامجاً حافلاً على هذا المستوى. يقدم خالد رزق وعصمان ديارا من مالي محاضرة حول دور الأدب الأفريقي في بناء الهوية لدى الأجيال الجديدة من الأفارقة، ويلقي محمد زين العابدين من تونس وإريك جويل إدوارد من الغابون محاضرة حول الرواسخ القارية للأدب الأفريقي وأثرها في مستقبله. وتسهم هيلين كلودو هواد من النيجر وهونورين بيي أبيسولو من الغابون بمداخلتين عن أفق الفكر بأفريقيا. ويؤطر المغربيان فؤاد سويبة وكبير مصطفى عامي وكايا ماخيلي من الكونغو ندوة حول أثر الثقافة والفن في الحياة السوسيو اقتصادية بأفريقيا. ويفتح سيني موموني من النيجر وعبد القادر حيضرة من مالي وعبد الإله بنمليح من المغرب النقاش حول طريق الذهب "بامبوك... تامبوكتو... سجلماسة". ويشارك الكتاب المغاربة إدريس كراوي وعبد الله ساعف والعربي الجعيدي في ندوة حول النموذج التنموي الجديد بالمغرب وامتداده الأفريقي. ويتدخل كل من أوجين إيبدو من الكاميرون ومابيتي سوما من غينيا ونور الدين بوصفيحة من المغرب للحديث عن الطفرة الجيو سياسية في أفريقيا.

من بين الندوات التي تحتفي بالثقافة السمراء ندوة المرأة الأفريقية وتجربة الكتابة، تشارك فيها البوركينية مونيك إيبودو والمغربية المقيمة في كندا سندس الكتاني والفرنسية لوسي موشيتا، بينما يؤطر كل من السنغالي عبد الله توري والنيجيري الخضر عبد الباقي محمد والمغربي هشام حافظ لقاء حول القوة الناعمة الأفريقية ومسألة التصور الدولي لصورة القارة. وتتواصل الندوات المنصبة على الشأن الأفريقي طيلة أيام المعرض بشكل مكثف، بحيث يكون متاحاً لزوار المعرض الحضور للقاءات أخرى عن الهوية الأفريقية الجديدة، وحضور الثقافة المغربية في أفريقيا وأدب الصحراء وحضور التراث الأفريقي في النصوص الحديثة وإشكاليات العنف والهجرة واللغة والحدود، وغيرها من المواضيع التي يثري النقاش حولها متدخلون من بلدان أفريقية مختلفة.

في المقابل يتم تنظيم لقاء مفتوح مع الكاتبة الرواندية شولاستيك موكاصونغا ولقاء آخر مع الكاتب الموريتاني محمد معيوف، فضلاً عن تقديم الكتاب الجماعي "أفريقيا تفصح عن نفسها"، وهو كتاب يناقش التحولات السياسية والسوسيو اقتصادية والثقافية في بلدان القارة السمراء. وسيتم أيضاً تقديم كتاب "رحلة مع الحياة" للعلامة الموريتاني محمد المختار ولد باه.

احتجاجات ومنع رواية 

وفضلاً عن الحضور الأفريقي، يلتقي زوار المعرض مع عدد من الكتاب العرب المعروفين، ومنهم المغربيان أحمد المديني ومحمد الأشعري والتونسي كمال العيادي والمصري ناصر عراق للحديث عن كتابة المكان. واللبنانية علوية صبح والمغربيتان عائشة البصري ولطيفة لبصير والتونسية رجاء بنسلامة للحديث عن الكتابة وتأنيث العالم. والسوريان جمال شحيد ومعاوية عبد المجيد والمغربي عبد الرحيم حول لمناقشة تجاربهم في الترجمة. والتونسي حسونة المصباحي والسعودي معجب الزهراني والمغربيان بنسالم حميش وسعيد بنكراد للحديث عن السيرة الذاتية الذهنية والفكرية. والعراقي جواد الأسدي والمغربيان مسعود بوحسين وبوسلهام الضعيف لمناقشة راهن المسرح العربي بين القطائع والاستمرارية.

ويلتقي الجمهور مع الكاتبين عبد السلام بنعبد العالي وعبد الفتاح كيليطو للحديث عن تجربة نقل الأثر الأدبي من لغة إلى أخرى، ومع عبد اللطيف اللعبي متحدثاً عن روايته "الهروب إلى سمرقند"، والطاهر بنجلون للحديث عن مساره في الكتابة وحضوره في الحياة الثقافية الفرنكوفونية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشهد الدورة الجديدة إحياء ليالٍ شعرية تشارك فيها أسماء عديدة تنتمي إلى هذا الجنس الأدبي أبرزها: تسولا كراجورجيو من اليونان، وسيف الرحبي من سلطنة عمان، وماريا أتانسيو من إيطاليا، ورشيد المومني ومحمد علي الرباوي ورشيد منسوم من المغرب، وجميلة الماجري من تونس، وفاتنة الغرة من فلسطين، وعارف السعدي من العراق، وروي كوياس من البرتغال، وعلي مصطفى لون من نيجيريا.

وقبل افتتاح الدورة الجديدة من المعرض الدولي للكتاب، تزامناً مع إعلان الوزارة عن برنامجها الرسمي، أبدى عدد كبير من المعنيين بالشأن الثقافي استياءهم من تكريس الوزارة لأسماء بعينها ودعوتها باستمرار للمشاركة في برامج المعرض من دون غيرها. وعبر بعض الكتاب عن تهميش الوزارة مدناً وجهات غير مركزية، والاقتصار على الأسماء التي تنتمي إلى العاصمة والمدن الكبرى. وتمنى كثيرون أن تنفتح الوزارة على الأجيال الجديدة، وتتيح لها مساحة أكبر، بدل الارتكاز الدائم على الأسماء الأساسية وحدها في الحياة الثقافية في المغرب. وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي ومعها مواقع الصحافة المحلية بكثير من الانتقادات التي شملت بالأساس مسألة الانتقاء والمركزية.

لكن اللافت في هذه الدورة هو منع رواية عن المثلية، والغريب أن المغرب من البلدان العربية القليلة التي تشكل فيها الرقابة على الكتب هامشاً صغيراً، وتكاد تكون غير واردة بالأساس، فقد أعلنت دار أكورا أن اللجنة العلمية للمعرض الدولي للكتاب قد سحبت رواية "مذكرات مثلية" للكاتبة فاطمة الزهراء أمزكار، وألغت حفل توقيعها الذي كان مبرمجاً بعد غد الأحد. ورأى ناشر الرواية أن الوزارة منعت الكتاب بسبب ما كتبه بعض المحافظين عن رواية لم يقرأوها أصلاً، وعاب على اللجنة العلمية أنها تعاملت مع عمل إبداعي كما لو أنه كتاب فتوى.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة