Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب "المنهوب" يعلن الحرب على مافيا تهريب الآثار والحفريات

ضبط 580 كيلوغراماً من عظام حيوان عاش قبل 60 مليون عام

إحدى الحفريات المضبوطة قبل تهريبها من المغرب (وكالة المغرب العربي للأنباء)

تواصل السلطات الجمركية والأمنية في المغرب شن حرب شرسة ضد تهريب مواد وقطع أثرية وأنواع محمية من الحيوانات، وبينما تكشفت تدخلات شرطة الحدود والجمارك ضخامة ما يُهرب من مواد تراثية وحفريات غير المرخص لها بالتصدير، يحذر مختصون من أخطار مافيا التهريب، مطالبين باستحداث شرطة للسياحة والآثار، على غرار بلدان أخرى.

إحباط محاولات تهريب

وكشف تقرير سنوي جديد لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في المغرب، إحباط السلطات محاولة تصدير 200 كيلوغرام من العظام الأثرية المكونة من عظام الفكين والفقرات والأضلع وعظام الفخذ للفقريات.

وأورد التقرير ذاته أنه حُجز 580 كيلوغراماً من الحفريات غير المصرح بها، مكونة من ثلاثية الفصوص أصلية مرصعة على قطعة صخرية، وعدد من الأمونيت الأصلية، بالإضافة إلى جزء من الهيكل العظمي والعمود فقري لـ"مموزاصو" Mosasaurus  (نوع منقرض من السحالي المائية آكلة اللحوم).

وتبعاً للمصدر عينه، فإن رجال الجمارك أحبطوا تهريب أصناف من الحيوانات والنباتات ذات الحماية الخاصة، من بينها 1700 كيلوغرام من بيض قنفذ البحر المحظور، و12 صقراً حياً مخدراً، وفروي نمر مرقط.

واعتبرت إدارة الجمارك المغربية، ضمن التقرير السنوي نفسه، أن عمليات الإحباط والحجز هذه تأتي في سياق "مكافحة الإتجار الدولي في قطع التراث الثقافي المسروقة والنباتات والحيوانات المهددة بالانقراض".

حماية الأركيولوجيا

وقال مصدر جمركي مسؤول، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية" إن السلطات المختصة المغربية عازمة على عدم التساهل مع عصابات التهريب أفراداً أو مجموعات، والتي تستنزف المخزون الوطني من القطع الأثرية، وذلك يتسق مع هدف حماية التراث الوطني الذي لا يقدر بثمن، سواء كان مادياً أو غير مادي".

وأردف المسؤول المغربي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لعدم تخويله الحديث إلى الإعلام، بأن "تهريب القطع الأثرية، أو أجزاء من نباتات نادرة أو حيوانات في طور الانقراض، يدر في العادة أموالاً كثيرة على المهربين".

واستطرد المتحدث ذاته بأن حرب السلطات المغربية ضد هؤلاء المهربين في النقاط الحدودية وفي الموانئ، ومحاربة الإتجار بالقطع الأثرية والتراثية والتاريخية، أسهمت في حماية جزء رئيس من التراث الجيولوجي والأركيولوجي للبلاد.

مخاطر التهريب

من جهته، يقول الباحث الأركيولوجي في جامعة الرباط، سعيد غنان، لـ"اندبندنت عربية"، إن تهريب أو تصدير أجزاء من "موزاصور" على سبيل المثال، يعني بشكل مباشر تدميراً ممنهجاً للمخزون الأثري للمملكة، ما يشكل خطراً محدقاً لسلامة الآثار المغربية وبقائها.

ورجح الباحث ذاته أن تكون قطع "الموزاصور" التي أُجهض تهريبها عام 2021، أجزاء من الاكتشاف الذي سبق لعلماء أجانب ومغاربة أن أعلنوه في بداية العام الماضي، ويتعلق بسحلية مائية كانت تعيش في العصر الطباشيري قبل أكثر من 60 مليون سنة.

واقترح الباحث أن تتضافر الجهود المحمودة المبذولة من طرف مصالح الجمارك المغربية في الترصد لمهربي القطع الأثرية، بإحداث شرطة تكون خاصة بالآثار، مثل شرطة السياحة والآثار في مصر، على حد قوله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التهريب وكورونا

وليس تهريب الآثار وحده الذي يؤرق السلطات المختصة المغربية، بل أيضاً تهريب العملة الأجنبية، وهو ما كشف عنه التقرير الجديد للجمارك بخصوص حصيلة عمل 2021، إذ صودرت عملات أجنبية أثناء عمليات مراقبة المسافرين.

ووفق الأرقام الرسمية ذاتها، بلغت قيمة العملات المحجوزة 58 مليون درهم مغربي (الدولار الأميركي يساوي 9.85 درهم) مقابل 40.6 مليون درهم عام 2020، ما يعني زيادة في محاولات تهريب العملات.

وبخصوص تهريب السلع المغربية، حُجزت كميات كبيرة من المنسوجات، والملابس، والأحذية الرياضية، والأجهزة، والمعدات الإلكترونية، والمنتوجات الغذائية، واختبارات الكشف عن فيروس كورونا، بقيمة مالية تبلغ 152 مليون درهم، مقابل 242 مليون درهم عام 2020.

ولفت التقرير المذكور إلى أن "وباء كورونا، وتعزيز عمليات المراقبة الجمركية، وتشديد العقوبات ضد المخالفين، كان لها تأثير رادع على أنشطة التهريب عام 2021، فضلاً عن كون إغلاق المعبرين الحدوديين في مدينتي سبتة ومليلية أسهم في الحد من ظاهرة التهريب، ورفع المداخيل الجمركية بمقدار 4 ملايين درهم".

محاولات استرجاع قطع أثرية

وفي محاولة حكومية سابقة لاسترجاع قطع أثرية تعرضت للتهريب، أعاد المغرب حفريات تعود إلى أكثر من 56 مليون عام، كانت هُربت إلى فرنسا والولايات المتحدة الأميركية.

وتضم الحفريات التي أعيدت، جمجمة تمساح، وقطعاً حجرية مصقولة، ونقوشاً صخرية وأدوات حجرية تنتسب إلى حقبة ما قبل التاريخ، علاوة على حيوانات مائية، مثل رؤوس سلاحف وحشرات بحرية.

وجاء هذا الاسترجاع المهم بفضل اتفاقية سبق توقيعها بين المغرب والولايات المتحدة الأميركية في يناير (كانون الثاني) من عام 2020، بهدف حماية التراث الثقافي المغربي.

وكشفت الحكومة المغربية في مارس (آذار) الماضي، على لسان وزير الثقافة محمد مهدي بنسعيد، أن الآثار المسترجعة التي طاولها التهريب، تحظى بأهمية تراثية وأثرية مهمة، حيث يحلل خبراء مغاربة قراءتها لتحديد واستكشاف الوضع التاريخي والأركيولوجي للمملكة في تلك الحقبة.

وترى السلطات الحكومية المغربية أن الآثار المسترجعة والآثار التي توجد في حوزة التراث الوطني، تعد استثماراً ليس فقط تاريخياً وأركيولوحياً وعلمياً فقط، بل أيضاً استثماراً اقتصادياً، إذ بإمكان هذه الآثار أن تشكل عامل جذب للسياحة الثقافية والأثرية، عبر استحداث متاحف خاصة بالحفريات المكتشفة.

وفي عام 2021 تمكن المغرب من استرجاع أكثر من 25 ألف قطعة أثرية مختلفة الأشكال والأحجام والأهمية، لكنها ذات أهمية أركيولوجية كبيرة، تنتمي إلى جبال الأطلس وسط البلاد، وإلى مناطق في الجنوب المغربي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي