Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مجلس النواب اللبناني الجديد يواجه اختباره الأول

"حزب الله" يعمل على خطى بري وباسيل لتأمين اتفاق قبل الجلسة

أُزيلت الجدران من محيط مجلس النواب اللبناني استعداداً لجلسته الأولى (غيتي)

يستعد مجلس النواب المنتخب حديثاً في لبنان للاستحقاق الأول له والمتمثل في انتخاب رئيس جديد ونائب الرئيس وأعضاء هيئة مكتب المجلس، التي تضم إضافة إلى الرئيس ونائب الرئيس أميني سر وثلاثة مفوضين. ويعود لتلك الهيئة إعداد جداول أعمال الجلسات التشريعية.
وإذا كانت إعادة انتخاب نبيه بري رئيساً للمجلس للمرة السابعة أمراً محسوماً كونه المرشح الشيعي الوحيد، لا سيما أن التمثيل الشيعي في البرلمان محصور بثنائي حركة "أمل" و"حزب الله"، إلا أن استحقاق انتخاب نائب رئيس مجلس النواب والمخصص للروم الأرثوذكس، وكان يُنتخب بتعيين مبطن من خلال توافق القوى وفقاً لمصالحها، يشهد للمرة الأولى معركة على خلفية التوازن الجديد الذي خلفته الانتخابات النيابية. وسيشكل انتخاب نائب رئيس مجلس النواب، إضافة إلى الأوراق البيض التي ستسقط في صندوق رئاسة المجلس، الاختبار الأول للقوى السيادية المتمثلة في الأحزاب غير الحليفة مع "حزب الله" والمستقلين والقوى التغييرية، ومدى قدرتها على التنسيق وتكريس أكثرية نيابية موحدة خسرها "حزب الله" وحلفاؤه في الانتخابات.

النصاب مؤمَّن لكن بأي أكثرية؟

عملاً بأحكام المادة 44 من الدستور معطوفة على المادة 34 منه، فإن النصاب المطلوب لعقد جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وأعضاء هيئة المكتب هو الأكثرية العادية أي 65 نائباً من عدد النواب الـ128. أما انتخاب الرئيس فيحتاج، وفق المتخصص في الشأن الدستوري سعيد مالك، في الدورة الأولى إلى الأكثرية المطلقة من عدد المقترعين. ما يعني أنه إذا ما حضر 80 نائباً فإن الأكثرية المطلقة تكون 41 نائباً. وبحسب مالك، فإن عملية احتساب الأصوات نفسها تُعتمد في الدورة الثانية، فيما تُعتمد الغالبية النسبية في الدورة الثالثة. ويبقى تأمين النصاب وهو 65 نائباً شرطاً أساسياً في الدورات الثلاث، وإلا فتتعطل الجلسة. وهي الشروط نفسها لعملية انتخاب نائب الرئيس وأميني السر الموزعين بين درزي وماروني. ونصاب الـ65 نائباً يبدو مؤمناً حتى الآن، خصوصاً أن فكرة تعطيل الجلسة وعدم تأمين النصاب غير مطروحة لدى أي فريق سياسي، لأن الاستحقاقات المقبلة بدءاً من الاستشارات النيابية لتسمية رئيس للحكومة، وتشكيل الحكومة لا يمكن أن تتم إلا بالتشاور مع رئيس مجلس النواب، وبالتالي فإن الحاجة ملحة إلى انتخاب رئيس جديد للمجلس. وقد يكون نصاب الأكثرية المطلقة مؤمناً لكن السؤال بأي أكثرية سيتم انتخاب رئيس مجلس النواب؟ وهل يمكن أن يحتاج انتخاب بري إلى دورة ثالثة؟ وهل سيقبل صاحب أطول ولاية في رئاسة للمجلس في العالم العربي بأكثرية تجاور الستين صوتاً؟

هاجس بري عدد الأصوات والميثاقية

صحيح أن لا مفاجأة متوقعة على صعيد رئاسة مجلس النواب وأن بري الذي يتولى رئاسة المجلس منذ ثلاثين عاماً يستعد للدخول في ولايته السابعة، إلا أنه بحسب المعلومات ووفق التوزيع الجديد للكتل النيابية لا سيما "السيادية" و"التغييرية" منها، لن يحظى للمرة الأولى في تاريخه على الأصوات التي حصل عليها في الدورات السابقة. ويقف رئيس "حركة أمل" للمرة الأولى أمام تحدي عدم الخسارة المعنوية الذي قد تُترجَم بعدد الأصوات التي سيحصل عليها والتي لن تتخطى، بحسب المعلومات، الـ65 صوتاً، وربما أقل من ذلك، إذا ما بقي "التيار الوطني الحر" على موقفه المعلَن بعدم انتخابه، وسط خشية من فقدان الميثاقية المسيحية بإعلان كتلة "القوات اللبنانية" عدم التصويت لبري، وكذلك كتلة حزب "الكتائب" ومستقلون مسيحيون، وأمام هذا الواقع لن يتعدى عدد النواب المسيحيين الذين سيقترعون لبري عدد الأصابع. وللتذكير، فإن بري كان انتُخب في عام 2018 بأصوات 98 نائباً، فيما حصل عام 2000 على أعلى عدد من الأصوات بحيث بلغ 124، وحصل عام 1992 على 105 أصوات، و122 في 1996، و90 صوتاً في عامي 2005 و2009. وتكشف مصادر نيابية لـ"اندبندنت عربية" أن تريث بري، كونه الأكبر سناً، في الدعوة إلى الجلسة الأولى لمجلس النواب، مرده إلى إجراء مزيد من الاتصالات ومحاولة إقناع بعض الكتل بانتخابه وسط معلومات عن دور لحليفه "حزب الله"، لا سيما على خط "التيار الوطني الحر". وفيما تؤكد مصادر نيابية أن الجلسة قد تحصل في نهاية المهلة الدستورية المحددة بـ15 يوماً، أي في نهاية الأسبوع المقبل، تكشف مصادر نيابية عن أن اتصالاً حصل بين رئيس لجنة الارتباط في "حزب الله" وفيق صفا ورئيس "التيار الوطني" النائب جبران باسيل، لإقناع الأخير باقتراع كتلة التيار لبري وسط معلومات عن مطالبة باسيل بتسوية شاملة تتخطى نيابة رئاسة المجلس ومرشح التيار للمركز النائب المنتخب إلياس بو صعب، لتشمل الحكومة المقبلة والتعيينات الخاصة بالمراكز الأساسية، ومنها حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش وغيرها من المواقع التي ستسمح للتيار بالاستمرار بالإمساك بالسلطة بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وما يشي بغياب أي اتفاق بين الحليفين اللدودين تجنب كتلة "التيار الوطني الحر" في اجتماعها الأول طرح موضوع رئاسة المجلس، كما غاب عن الاجتماع موضوع نائب الرئيس، وسط معلومات عن عدم اكتفاء باسيل بطرح بو صعب للمنصب بل النائب المنتخب جورج عطا الله أيضاً.

رئاسة المجلس خارج التداول

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يؤكد عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب قاسم هاشم، لـ"اندبندنت عربية"، أن الرئيس بري ملتزم بالدستور، وأن الدعوة إلى جلسة انتخاب الرئيس ونائب الرئيس وأعضاء هيئة مكتب المجلس ستكون ضمن المهلة الدستورية. ويجزم أن رئاسة المجلس هي لبري وأنها "خارج التداول"، فبري هو مرشح الكتلة وكل القوى المقتنعة بدوره على المستوى الوطني والبرلماني. لكن هاشم لا يبدو واثقاً من عدد الأصوات التي ستقترع لرئيس كتلته، "فالظروف تبدلت"، كما يقول، مضيفاً "نحن واقعيون وموضوعيون بالنسبة إلى الأصوات التي سينالها الرئيس بري، خصوصاً أن هناك تحولاً جديداً في الواقع السياسي اللبناني نتيجة الانتخابات النيابية، ومن الطبيعي أن تكون انتخابات رئاسة المجلس متوافقة مع النتائج التي أفرزتها الانتخابات وإن بحدود معينة". ويكشف هاشم عن اتصالات يجريها بري و"حزب الله" مع القوى الحليفة والصديقة من دون أن يستبعد نسج تحالفات اللحظة الأخيرة نتيجة تقاطع في المصالح، مذكراً بـ"أننا في لبنان بلد العجائب والمفاجآت والرمال المتحركة". وينفي هاشم أي مقايضة مع "التيار الوطني الحر" ورئيسه في شأن هذه المسألة، بينما يبدو متأكداً من موقف "الحزب التقدمي الاشتراكي" الداعم لبري. ويقول "هذا الموضوع مفروغ منه". أما عن موعد الجلسة فهو، بحسب هاشم، "يحتاج إلى مزيد من الاتصالات"، ملمحاً إلى أن "حسم الموعد مرتبط بمركز نائب الرئيس الذي يأخذ حالياً كل السجال". ويؤكد أن "الجدل في هذا الموضوع يحتاج إلى بعض النضج"، كاشفاً عن أن بري سينتظر لبعض الوقت حتى يوجه الدعوة إلى الجلسة، فإذا وصل النقاش إلى نضج كامل، ما يعني إلى اتفاق على اسم نائب الرئيس، تتم الأمور بسلاسة، "وإلا فلتأخذ اللعبة الديمقراطية مجراها"، على حد قول هاشم.

اسم نائب الرئيس غير محسوم

في الأيام الفاصلة عن موعد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، تكثر في الأروقة السياسية الأسماء المرشحة لنيابة رئاسة المجلس على وقع استخدام بعض القوى هذه الورقة في إطار التفاوض لكسب بعض الأرباح الخاصة. "كل نائب أرثوذكسي هو مرشح طبيعي لنيابة رئاسة المجلس"، يقول هاشم، في إشارة إلى عدم تفضيل اسم على آخر، تاركاً حسم الأمر إلى الموقف النهائي للكتلتين المسيحيتين الأكبر، أي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، كما يقول. والمعلوم أن من بين الأسماء المتداول بها النائب المنتخب غسان حاصباني من كتلة "القوات اللبنانية"، والنائب المنتخب إلياس بو صعب من كتلة "التيار الوطني الحر"، فيما يتردد اسم النائب المنتخب المنضوي تحت راية القوى التغييرية ملحم خلف، والمعروف بصداقته مع بري. وهو بحسب المعلومات يسعى لتأمين توافق حول اسمه، فيما يذكر النائب هاشم بأن خلف فاز في "نقابة المحامين" بعد انتفاضة 17 أكتوبر 2019 بمساعدة أصوات محامي حركة "أمل". ويؤكد هاشم أن لا مرشح لدى ثنائي "أمل" و"حزب الله" لنيابة رئاسة المجلس، فيما سُجلت في الساعات الماضية زيارة أحد المرشحين لمنصب نائب الرئيس إلى عين التينة، وهو النائب المنتخب سجيع عطية عن المقعد الأرثوذكسي في عكار. واللافت أن عطية كان مرشحاً على اللائحة المدعومة من "التيار الوطني الحر"، وهو مقرب من نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس، وقد أعلن من مقر الرئاسة الثانية وقوفه إلى جانب بري، بعدما كان نفى انضمامه إلى تكتل "التيار الوطني".

المطالبة بالسيادة أولاً

في مقلب قوى التغيير، تتحدث مصادر نيابية لـ"اندبندنت عربية" عن اجتماعات تحصل لتشكيل كتلة نيابية قد يصل عددها إلى 14 نائباً. ويقول النائب المنتخب رامي فنج عن المقعد السني في طرابلس إن الهدف ليس المراكز بقدر ما هو الحفاظ على مبدأ أساسي، هو عدم المساعدة في إيصال أي رمز من رموز المنظومة الحالية وعدم الدخول في أي تسويات على حساب المبادئ العامة التي رفعتها ثورة 17 أكتوبر.

من جهته، يبدو حزب "القوات اللبنانية" غير متمسك بترشيح حاصباني. وأعلن رئيسه سمير جعجع انفتاحه على أي اسم تسميه قوى التغيير، محدداً نقاطاً سيادية يجب أن يلتزم بها نائب الرئيس الجديد مرتبطة في معظمها بحصر السلاح بيد القوى الأمنية الشرعية وحصر قرار السلم والحرب والسياسة الخارجية بيد الدولة اللبنانية. وهي الشروط التي اعتبر جعجع أنها لا تنطبق على بري قبل أن يعلن عدم تصويت كتلة "القوات اللبنانية" له.

وعلى هذه المطالب يرد النائب هاشم معتبراً أن أكثرية من يطرح الموضوع السيادي هي ممن يطعنون السيادة.

المزيد من العالم العربي