Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينقذ "الموز الحبشي" أفريقيا من الجوع؟

يتوفر كغذاء لأكثر من 100 مليون شخص وبإمكانه تعويض "الخبز"

نبات "إنسيت" المعروف أيضاً بالموز الكاذب أو نبات الموز الإثيوبي (غيتي)

تتفق آراء استراتيجيين أفارقة على أهمية أن تستغل القارة السمراء ظروف الأزمة الغذائية، التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية، في اعتمادها على نفسها بإنتاج أغذية محلية تكفل لها وضعاً مستقلاً بعيداً من التبعية الغذائية.

وتعد إثيوبيا من الدول ذات الفرص الواعدة في إعطاء دفعات قوية بهذا الاتجاه لأفريقيا بأكملها، بسبب "الموز الحبشي" أو "الموز الكاذب" (الإنسيت)، الذي قد يصبح بديلاً غذائياً للقارة في ظل أزمة نقص الغذاء. فما هو هذا النبات؟

الموز الحبشي

"موز الحبشة" أو "موز إثيوبيا"، اسمه العلمي "Musa ensete"، ويطلق عليه الأهالي "الموز الكاذب"، لأنه يشبه فاكهة الموز، لكنه لا يؤكل كموز. وهو نبات معمر من فصيلة الموزيات يصل طوله حتى عشرة أمتار، يقطع لمرات عديدة، وينمو في المرتفعات في جنوب غربي إثيوبيا، ويشكل غذاء لما يزيد على 20 مليون من السكان في مناطق مختلفة. كما تتواجد له أنواع أخرى في دول عدة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وآسيا.

"موز الحبشة" ذو قيمة غذائية عالية، ويتوفر كغذاء لأكثر من 100 مليون إنسان في أفريقيا. يزرع كمحصول غذائي فقط في إثيوبيا. وحسب دراسات جديدة، فهو غير معروف في أي منطقة أخرى، باستثناء إقليم واحد في جنوب غربي إثيوبيا، الذي يمثل البيئة الطبيعية لانتشاره، ويستخدمه السكان المحليون هناك لصنع وجبة الإفطار بخلطه مع الحليب.

وعلى الرغم من أن الأجزاء الشبيهة بالموز فيه تعد غير قابلة للأكل، إلا أن جذوره ولباب سيقانه تطحن وتعجن بالماء وتستخدم كدقيق لصنع الخبز.

بديل غذائي لأفريقيا

ضمن دراسة حديثة، أشار باحث إثيوبي إلى أنه "من الممكن أن يشكل الموز الحبشي بديلاً غذائياً لكل القارة الأفريقية في ظروف نقص الغذاء". وأكد أديسو فيقادو، المحاضر في جامعة أربا ميننتش بإثيوبيا، أن محصول "موز الحبشة" أو (الإنسيت) هو بلا منازع محصول إثيوبي من المحتمل أن يشكل ضماناً للأمن الغذائي، ويمنع إعاقة النمو.

وأشار فيقادو، في مقابلة أجراها مع وكالة الأنباء الإثيوبية، مايو (أيار) الحالي، إلى أن "المحصول، الذي يضمن تحقيق الأمن الغذائي الضخم للبلاد لم يتم استخدامه بالكامل".

جدير بالذكر أن إثيوبيا لا تزال تعمل ضمن خططها الغذائية المستقبلية معتمدة على غذاء القمح، وكشفت الحكومة الإثيوبية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن خطة لزراعة 400 ألف هكتار بهدف الحصول على 16 مليون قنطار قمح. وقال وزير الزراعة الإثيوبي، عمر حسين، إن بلاده تستورد ما يقدر بـ 17 مليون قنطار من القمح سنوياً.

وأوضح الباحث الإثيوبي فيقادو، أن "الموز الحبشي (الإنسيت) غني بمختلف العناصر الغذائية"، مضيفاً أن له تأثير بالغ الأهمية، خصوصاً في مكافحة إعاقة النمو في أجزاء مختلفة من إثيوبيا، كما أنه مرن للمناخ". وأضاف "لذلك سواء اتفقنا أم لا، سيكون محصول الموز الحبشي هو المحصول المستقبلي أو الغذاء الفائق، لأنه لا يوجد محصول آخر يمكنه مقاومة الجفاف".

وأشار الباحث الإثيوبي إلى "أن إثيوبيا استوردت قمحاً بقيمة مليار دولار أميركي في عام (2020/2021)، في حين أن هناك احتياطياً ضخماً في الجزء الجنوبي من البلاد"، مضيفا أنه "يمكنني القول بثقة أن (الإنسيت) محصول مهمش للغاية".

ظروف وصدمات

وبحسب الأمم المتحدة، وضمن حيثيات ما يعانيه العالم من أزمة الغذاء الحالية، بلغت أسعار المواد الغذائية العالمية أعلى مستوياتها على الإطلاق منذ شهر مارس (آذار) 2022 نتيجة الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا، ومن المتوقع أن تستمر في الارتفاع عالمياً وفق التوقعات.

وتعتمد بلدان منطقة الشرق الأوسط وأجزاء واسعة من أفريقيا على أوكرانيا وروسيا في الغذاء، خصوصاً القمح والحبوب، وتعد روسيا وأوكرانيا من أبرز مصدري الحبوب حول العالم.

في عام 2020، بلغت حصة روسيا من إجمالي صادرات القمح العالمية  18.7 في المئة، فيما بلغت حصة أوكرانيا خلال العام نفسه 9.1 في المئة، وأن 40 في المئة من صادرات أوكرانيا من القمح والذرة تذهب إلى بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتعاني القارة الأفريقية ظروفاً وصدمات عدة، فقبل الحرب الأوكرانية دفعت الاضطرابات الناجمة عن جائحة كورونا بما يقدر بنحو 55 مليون أفريقي إلى دائرة الفقر المدقع، وفقاً للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا (ECA) في تقريرها الاقتصادي السنوي، الذي أطلق على هامش مؤتمر وزراء المالية والتخطيط الاقتصادي والتنمية 11 إلى 17 مايو الحالي في العاصمة السنغالية داكار. وحمل عنوان "مكافحة الفقر ومكامن الضعف في أفريقيا"، وكشف التقرير عن أسباب وعواقب زيادة الفقر بسبب جائحة "كوفيد-19"، فضلاً عن الصدمات العالمية الأخرى.

ووفقاً لوكالة الأنباء الإثيوبية، أكد فيقادو أنه "في غضون السنوات الخمس المقبلة، سيكون محصول الموز الكاذب (الإنسيت) من بين أفضل 10 محاصيل يمكن تصديرها إلى العالم". وحث وكالة التحول الزراعي وغيرها من المؤسسات ذات الصلة على إيلاء الاهتمام الواجب لتوسيع نطاقه في جميع أنحاء البلد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكر الباحث أن "جامعة أربا مينتش بإثيوبيا تعمل على الترويج للأطعمة المنتجة من داخل البلاد وخارجها"، مؤكداً أن محصول الموز الكاذب (الإنسيت) سيكون واحداً من أكبر محاصيل التصدير الإثيوبية في السنوات القليلة المقبلة".

وقال فيقادو، "نحن نروج للمنتجات الغذائية القائمة على الإنسيت أو الموز الإثيوبي، مما يعني المنتجات عالية الجودة والقيمة المضافة، التي يتم تطويرها في جامعة أربامنتش، وتم إرسال منتجاتنا كترويج إلى كينيا والولايات المتحدة الأميركية".

وتشير دراسات أخرى إلى أنه من الممكن التوسع في زراعة الموز الحبشي بمساحات واسعة من قارة أفريقيا، وفق الأستاذ وينداويك أبيبي، من جامعة هاواسا الإثيوبية، الذي أشار إلى أن "محصول (الإنسيت) يمكنه لعب دور شديد الأهمية في تطوير مصادر الطعام، وتوفير الأمن الغذائي".

الباحث في الشؤون الدولية، عادل عبد العزيز حامد، يرى أن "للأزمات في كثير من الأحيان مردوداً إيجابياً في خلق فرص لم تكن متاحة في السابق، وأن ما تعانيه القارة الأفريقية في أزمة الغذاء لفت انتباه دول ومؤسسات عالمية لأهمية إيجاد حلول ناجعة لمشكلة الغذاء".

وقال حامد، إن "أفريقيا غنية ببيئات مناخية تكسبها تنوعاً في إنتاج محاصيل غذائية، سواء في الحبوب أو الفاكهة، وينبغي على دول القارة استكشاف ما لديها من إمكانيات طبيعية في إنتاج الغذاء. كما أن من واجب المنظمات العالمية والإقليمية مساعدة أفريقيا في ترقية وعيها الغذائي عبر الوسائل العلمية المتخصصة، وإنشاء مراكز دراسات تهتم بالجوانب الزراعية في استكشاف الفرص الحقيقية لإنتاج الغذاء".

وأضاف الباحث في الشؤون الدولية، أن "فصائل الموز معروفة في أفريقيا لدى بعض الدول التي تستخدمه كغذاء مثل كينيا وأوغندا ورواندا". مشيراً إلى أن "العلماء يتوقعون إمكانية نشر زراعة الموز الحبشي، الذي يأتي في مقدمة الأنواع المطلوبة في مساحات أكبر خلال العقود المقبلة ليوفر الغذاء لملايين الأفارقة، سواء في إثيوبيا، أو دول أخرى تعاني من مشكلات في الغذاء".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات