Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الموز الكاذب"... هل يصبح محصول إثيوبيا العجيب في أزمة المناخ؟

ما هو هذا النبات الشبيه بالموز، وما أسباب قدرته الشديدة على الصمود في مواجهة التغير المناخي، ولماذا لا يزرع سوى في منطقة صغيرة نسبياً؟

نبات "إنسيت" المعروف أيضاً بالموز الكاذب أو نبات الموز الإثيوبي (غيتي)

فاقمت أزمة المناخ، التي ازدادت حدة نتيجة جائحة "كوفيد"، انعدام الأمن الغذائي لدى ملايين الناس، لا سيما في البلاد الواقعة في جنوب الكرة الأرضية [ذات الدخل المنخفض].

وتحذر الأمم المتحدة من أن يتعرض الإمداد والأمن الغذائيان في الأعوام الثلاثين المقبلة لتهديد شديد الخطورة في حال لم تبذل الجهات المعنية إجراءات إضافية تتصدى للاحترار العالمي، وهشاشة المحاصيل الغذائية جراء أزمات [مناخية] قصوى من قبيل الجفاف الطويل الأمد وموجات الحر والفيضانات السريعة وانتشار الحشرات.

مثلاً، من المتوقع أن تشهد المحاصيل العالمية للذرة والقمح على حد سواء انخفاضاً كبيراً جراء تأثيرات مناخية تخلفها انبعاثات كربونية يطلقها حرق الوقود الأحفوري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتستهلك دول أفريقيا وأميركا الوسطى نحو 950 مليون طن متري من الذرة سنوياً، ذلك أن هذا الغذاء يضطلع بدور محوري في النظم الغذائية اليومية الخاصة بشعوب تلك البلاد. أما القمح فيوفر حالياً أكثر من 20 في المئة من المواد الغذائية الغنية بالسعرات الحرارية والبروتينات في العالم.

بناءً عليه، يصب خبراء البستنة والزراعة تركيزاً مطرداً على محاصيل زراعية أقل شهرة إنما ذات قدرة شديدة على التحمل، ومتعددة الاستعمالات يمكن أن توفر الدعم لسكان المعمورة الآخذين بالتزايد في عالم متسارع الاحترار.

1. ما هو "الموز الكاذب" الذي ينمو في إثيوبيا؟

"إنسيت" enset، المعروف أيضاً بـ"الموز الكاذب" false banana أو "الموز الإثيوبي"، نبات معمر يصل طوله حتى عشرة أمتار، وينمو في جنوب غربي المرتفعات الإثيوبية، حيث يشكل غذاءً أساسياً لـ20 مليون شخص.

ليس هذا النبات من نوع الفاكهة. ففي الواقع الجزء الشبيه بالموز منه غير صالح للأكل، ولكن في المستطاع استعمال اللباب النشوي للسيقان والجذور كغذاء. يتطلب استهلاكه، تخمير تلك المادة الناعمة والرطبة وتحويلها إلى عجينة تستخدم في إعداد أطباق مثل العصيدة و"الكوتشو"، والأخير خبز مسطح بطعم الجبن يؤكل عادة على وجبة الفطور.

لا يزرع نبات "إنسيت" خارج منطقته المعتادة على الرغم من أنه ينمو من تلقاء نفسه على نحو بري في وديان الأنهار والمسالك الضيقة بين التلال والجبال في أقصى الجنوب وصولاً إلى جنوب أفريقيا.

في حين أن طعم النبات البري حاد ولاذع وغير مستساغ، يشير شكله إلى أنه في مناخات معينة في المستطاع زراعته على مساحة أكبر بأشواط مقارنة مع المنطقة التي يشغلها حاضراً.

كذلك يعتبر نبات "إنسيت" ناجعاً جداً كمصدر غذائي، مع قدرة كمية قليلة منه لا تتعدى 15 نبتة على إطعام شخص واحد طوال سنة من الزمن.

المجتمعات الإثيوبية تسمي هذا النبات "الشجرة المكافحة للجوع" لأنها تشكل المحصول الوحيد الذي يمكن الاستعانة به عندما تخفق المحاصيل الأخرى.

2. لماذا يتمتع "الموز الكاذب" بقدرة شديدة على الصمود أمام تغير المناخ؟

يمكن أن يوفر "إنسيت" الغذاء لما يربو على 100 مليون شخص في المستقبل، حتى مع اشتداد حدة التأثيرات المناخية.

خلصت إلى تلك النتيجة دراسة حديثة نهض بها الدكتور جيمس إس بوريل وزميله أولف كوك في هيئة "الحدائق النباتية الملكية في كيو" Royal Botanic Gardens Kew، ونشرت الشهر الماضي في المجلة البريطانية للبحوث البيئية" إنفايرومنتل ريسرتش" Environmental Research.

في دراستهما، أشار العالمان بوريل وكوك إلى أن "إطعام عدد ما انفك يتزايد من السكان في ظل مستوى معيشي أعلى، مع مواجهة آثار تغير المناخ، سيختبر قدرة أنظمتنا الغذائية ومدى صمودها. على الرغم من أن حجم هذا التحدي غير مسبوق، إلا أن ذلك لا ينطبق على براعة الإنسان".

ويضرب العالمان مثلاً بالبطاطس والطماطم، اللذين يعود منشؤهما إلى أميركا الجنوبية، ولكنهما يزرعان الآن على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم.

ومعلوم أن موز "إنسيت" يتميز بقدرته على مقاومة الجفاف وتحمل الآفات، فضلاً عن أنه سهل التخزين لأنه ينمو على مدار العام.

ويرد في الدراسة أن إمكانات زراعة موز "إنسيت" ربما تتراجع ما بين 37 و52 في المئة بحلول عام 2070 جراء نشوب ظواهر مناخية متطرفة، غير أن مساحات شاسعة من المناطق ستبقى مناسبة لزراعته في المرتفعات الإثيوبية، وفي كينيا وأوغندا، لا سيما حول بحيرة فيكتوريا وسلسلة جبال دراكنزبرغ، المنطقة الرئيسة لسلسلة جبال جنوب أفريقيا.

هكذا، "عند دمج الإمكانات الجينية للمجموعات البرية [للموز الكاذب]، ربما تثبت زراعة نبات "الإنسيت" جدواها بالنسبة إلى ما يتراوح بين 87.2 و111.5 مليون شخص إضافي، منهم ما بين 27.7 و33 مليوناً في إثيوبيا يسكنون خارج نطاق المناطق التي تشهد زراعة الأنست حالياً"، كما كتب الباحثان.

لماذا لا يزرع "الموز الكاذب" سوى في منطقة صغيرة نسبياً؟

وفق الفريق البحثي في "الحدائق النباتية الملكية في كيو"، تعزى الوفرة المحدودة لنبات "إنسيت" إلى مزيج من العوامل التاريخية والثقافية والجغرافية.

الحال أن المرتفعات الإثيوبية، التي تشكل موطن 80 في المئة من أطول الجبال في أفريقيا، تعتبر منطقة منعزلة. بسبب التضاريس الوعرة، بقيت تلك النباتات على حالها إلى حد كبير وفي منأى من أي تأثير خارجي طوال قرون عدة.

صحيح أن نبات "الإنسيت" ينمو بصورة جيدة في تلك المنطقة، بيد أنه غير صالح للزراعة في أجزاء أخرى من هذا البلد غير الساحلي، مثل الأراضي المنخفضة الجافة.

كذلك تطلبت زراعة موز "الإنسيت" الاضطلاع بمعرفة محلية كبيرة في هذا الشأن، ما شكل حاجزاً آخر أمام التوسع في زراعته، على ما أضاف الباحثان بوريل وكوك.

© The Independent

المزيد من بيئة