Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في بحر من المرشحين أشباه ترمب.. بات صادق خان يبدو وكأنه رئيس وزرائنا المقبل

إنه الوحيد الذي يملك الشجاعة للوقوف في وجه الرئيس الأميركي، والوحيد الذي لم يتأثر بفوضى أزمة الخروج من الاتحاد الأوروبي

صورة أرشفية للرئيس الأميركي دونالد ترمب يستعرض الحرس الملكي خلال زيارته الرسمية إلى لندن (أ.ف.ب)

قرأت أن الحلوى التي قُدّمت خلال مأدبة الغداء التي أُقيمت في مقر رئاسة الوزراء بعشرة داونينغ ستريت على شرف الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 4 يونيو (حزيران) الجاري، كانت من النوع المسمى بـ "إيتون ميس" (Eton Mess). أحيي مدير خدمات الطعام في مقر رئاسة الوزراء على دعابته الساخرة. فعلى مدى ثلاث سنوات، كنا نتعشى حصريا على "إيتون ميس" التي ورثناها عن ديفيد كاميرون (كناية عن الفوضى التي خلّفها كاميرون التلميذ السابق في مدرسة إيتون الشهيرة).

وإذا تمكن المرشح المفضل في انتخابات زعيم حزب المحافظين من الفوز، سنكون مرغمين على تحمل ما لا نحب من الفوضى لمزيد من الوقت. فالبلاد برمتها عالقة في مستنقع الفوضى التي تركها لنا تلميذ مدرسة إيتون. وعمد الرئيس دونالد ج. ترمب بونسبورز (purs Bones مرض عظمي قيل إنه تذرّع به لعدم تأدية الخدمة) الذي جاء إلينا بوصفه القائد الأعلى للمتهربين من الخدمة العسكرية الإلزامية، للاحتفال بالذكرى السبعين لمعركة النورماندي، إلى مباركة بوريس جونسون شخصياً كخليفة لتيريزا ماي.

وبينما صرف جونسون، محافظ لندن السابق، انتباهه عن الانتظار بأعصاب مشدودة للمثول أمام الرئيس قبل أن تأتيه الدعوة، فقد خطف المحافظ الحالي الضوء منه. ومع أن إعادة انتخاب صادق خان السنة المقبلة بدت مرجحة قبل ان يشرع بالملاسنة الأخيرة مع الكائن القادم من البحيرة البرتقالية، فإن إعادة انتخابه باتت مضمونة بعدها، هذا إذا لم يتسلم وظيفة أكثر أهمية بكثير.

 أما الزعيم الحالي لحزب العمال، فقد ذهب إلى ساحة ترافلغار لإلقاء خطاب في مظاهرة مناهضة لترمب. فجيريمي كوربين، مثله مثل ترمب، يشعر بالراحة التامة فقط عندما يقدم المواعظ لمن حفظوها عن ظهر قلب.

لذلك، كان متوقعاً أن يخرج من جديد ببعض الأفكار المهترئة حول كراهية ترمب للنساء. وللقيام بذلك، تغيب كوربن عن اجتماع للكتلة البرلمانية العمالية كان سيفرد أجندته لموضوعين، وهما التغطية على إساءة أحد موظفي الحزب معاملة النساء، إضافة إلى كارثة الانتخابات الأوروبية. فترمب، وهو الأنقى الذي يردّ على الضغط الهائل بصورة تلقائية، بركوب طائرة "إير فورس وان" الرئاسية والإقلاع باتجاه قلعة من قلاع التخلف، وإثارة المخلصين بشعارات من قبيل "احبسوها" و"أمريكا أولا".

ومن الصعب القول ما إذا كان يتعين على كوربن التغيب عن الولائم وعن زملائه أعضاء البرلمان، بسبب المشاركة في حملات التسييس الطلابية. وإذا أُجبر خريج إيتون الآخر الفوضوي (بوريس جونسون)، أو أي شخص غيره، على الدعوة إلى إجراء انتخابات ، فإن كوربن سيكون رئيساً للوزراء في غضون أشهر. وفي تلك الحالة سيكون للواقعية السياسية أثرها، إذ لا يمكن لأي رئيس حكومة أن يتجنب لقاء قادة آخرين مهما كان ينفر منهم أو ينعتهم بـ "الأوغاد". فنحن لا نعيش في أحد أفلام المخرج ريتسارد كورتيس الكوميدية. ويتوجب على من هو مرشح لرئاسة الوزراء في وقت وشيك، أن يفهم ذلك.

وكوربن يفهم لذلك في سياقات أخرى. ويشير إلى الحاجة للتعامل معهم والتحدث إليهم (وحتى تكريمهم "كأصدقاء") عندما يتعرض للهجوم بسبب قربه من بعض الأشخاص البغيضين. غير أن بوسع رئيس وزراء محتمل ليس في عجلة من أمره أن يفعل ما يريد. وخان أثار قدراً أكبر من الإعجاب بتوجيه ضربة مزدوجة، عبر مقال صحافي وسالة مصورة، ضد موقف بغيض استهدفه شخصياً.

قلّل ترمب من أهمية كوربين حين تجاهله، لكنه رفع من قدر خان عندما ردّ على تغريدة المحافظ التي اشتملت على وصفه بـ "فاشيي القرن 20".  فترامب لم يغرد فقط بكلمات من قبيل "خاسر بارد" و" أحمق كريه"، وهذا ما يمنح خان تقدما على دوقة ساسيسكس ميغان ماركل "الكريهة" على حدّ تعبير الرئيس، التي قاطعت الوليمة التي أقيمت على شرف ترمب في قصر باكنغهام، شأنها في ذلك شأن كورن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 وكطفل يبكي خلال نزهة في شاطئ البحر بسبب رمل تم رميه في وجهه، اشتكى الرئيس لجيريمي هانت انتقادات خان. وكان هانت قد امتعض من وقاحة خان التي وجدها مسيئة لها " في الوقت الذي أسعى بوصفي وزيراً للخارجية أن يحلّ السلام في اليمن".  لكن من هو قاطن البيت الأبيض باعتقاد هانت الذي ألغى حظر الكونغرس على بيع الأسلحة للسعودية لتمكينها من الاستمرار في حربها في اليمن؟

وجاءت خطوة هانت الأخيرة في أرض البلاهة القاحلة لتذّكر بأن زيارة الدولة، رغم بشاعتها، جاءت في وقت جميل. ويبدو السباق للوصول إلى زعامة حزب المحافظين أشبه بسلسلة من البرنامج التلفزيوني البليد "ذي أبرنتيس" وقد تم تمويهها لتظهر وكأنها تمثل صراعاً سياسيا ذا أهمية كبيرة. كلنا نعرف من سيوظفه النصّاب الهش المعجب بنفسه، ليكون أقرب شبيه له. لكن نايجل فراج ليس مشاركا في هذه اللعبة على الأقل حاليا.

فهانت، تلك الحلوى الرديئة (حلوى اسمها هانت)، المقرب من دوائر السلطة، يبدو نسخة من ترمب رسم معالمها الكاتب الإنكليزي الساخر بي جي وودهاوس (تعاون مع النازية)، والذي كان يستمتع برسم الأطفال "السود" وهم يبتسمون "ابتسامات لها شكل البطيخ" كما وصفها بوريس جونسون، سيفي بالمطلوب كخيار ثاني لقيادة حزب المحافظين.

من البديهي أن يعتقد ترمب أن بوريس سيكون مديرا تنفيذيا متحمسا وفي درجة أعلى بقليل من سارة ساندرز وقليلا أدنى من جاريد كوشنر وإيفانكا ترمب؛ وأنه سيتناول الدجاج الأميركي المعالج بالكلور أمام الكاميرات ليدافع عن استيراده، ويفتح أبواب خدمة الصحة الوطنية البريطانية أمام شركات الصيدلة الأمريكية الضخمة. وربما كان محقا.

في ظل هذا الرئيس، أو أي رئيس مقبل، لاشكّ أن مقاومة التنمر الذي طبع العلاقات الخاصة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بطابعه منذ أن أرسل فرانكلين روزفلت زورقاً حربياً إلى كيب تاون لأخذ ذهب بريطانيا، ستكون مهمة صعبة على بريطانيا فقيرة وعاجزة بعد البريكست، بقدر ما هي مهمة أساسية. ولن يعتبرها أي من المتسابقين خيارا مطروحا (باستثناء روي ستيوارت، الذي يعد مرشحا مهما لكن بدون أمل). ولا ينبغي أن تتم هذه المقاومة من خلال المواقف الاستعراضية الفارغة في المظاهرات ومقاطعة الآخرين وهم يتحدثون وتعزيز عزلة البلاد.

هل من سياسي بريطاني يتمتع بالشجاعة والذكاء، ويحمل الأهداف المثالية والواقعية، لعبور حقل الألغام، أو، ربما من الأفضل، لتجنب عبوره؟

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء