Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وفد بايدن الرفيع إلى الخليج يحمل رسائل أبعد من "التعزية"

نائبة الرئيس هاريس وأعضاء مثل وزيري الخارجية والدفاع ومدير المخابرات في مهمة رسمية نحو أبوظبي التي انتخبت حديثاً الشيخ محمد بن زايد رئيساً للدولة

رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ووزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد يتلقيان التعزية من نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن في قصر المشرف في أبو ظبي، الإثنين 16 مايو الحالي (أ ف ب)

أعلنت الإدارة الأميركية تمثيلها بوفد رفيع إلى الإمارات العربية المتحدة، في مراسم العزاء المقامة لرحيل زعيمها الشيخ خليفة بن زايد، إلا أن أسماء الوفد الذي ضم نخبة صناع القرار في البيت الأبيض، فُهم على نطاق واسع كما لو أنه يحمل رسائل سياسية أبعد من "التعزية" في الفقيد وتهنئة خلفه، أهمها تعبير الرئيس بايدن عن رغبة جادة في إصلاح علاقاته المتوترة مع حلفائه التقليديين في الإمارات والسعودية. 

وأعلن البيت الأبيض أن الوفد الذي يقوم بالمهمة نيابة عن الرئيس جو بايدن "تترأسه نائبة رئيس الولايات المتحدة الأميركية كامالا هاريس، بعضوية كل من القائم بالأعمال المؤقت في السفارة الأميركية في أبوظبي السيد شون مورفي، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، والمبعوث الرئاسي الخاص لشؤون المناخ جون كيري، ومساعد الرئيس ومستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس فيليب غوردن، ومدير وكالة المخابرات المركزية ويليام برنز"، وآخرين حسب البيان الأميركي الذي عددهم بالأسماء.

محمل الجد

وقالت هاريس قبل التوجه إلى أبو ظبي للصحافيين، إنها تسافر نيابة عن الرئيس جو بايدن لتقديم التعازي في وفاة الشيخ خليفة المريض منذ فترة طويلة، ولتعزيز علاقة أميركا مع الإمارات العربية المتحدة، مؤكدة أن "الولايات المتحدة تأخذ على محمل الجد قوة علاقتنا وشراكتنا مع الإمارات...سنذهب إلى هناك بالتعبير عن تعازينا ولكن أيضاً كتعبير عن التزامنا بقوة تلك العلاقة"، التي أقر سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة أنها ومثيلاتها في الخليج  "تمر بامتحان"، مشيراً إلى أن ذلك تطور يحدث حتى بين "الحلفاء".

وانتخب اتحاد الإمارات السبت الماضي، الشيخ محمد بن زايد رئيساً للدولة الغنية، وهو المعروف على نطاق واسع قبل منصبه الجديد بوصفه قائداً للدولة الخليجية التي تشكل مع جارتها الكبرى السعودية تحالفاً متنامياً، أفضى إلى تنسيق عديد من المواقف المحورية بينهما حول القضايا الإقليمية والدولية مثل الحرب الأوكرانية والتدخلات الإيرانية ودعم الحكومة الشرعية في اليمن، سواء بشكل ثنائي أو عبر منظومة "مجلس التعاون الخليجي" الذي يضم أيضاً معهما كلاً من عمان والكويت والبحرين وقطر. 

حضور ولي العهد السعودي

يأتي ذلك تزامناً مع إعلان الديوان الملكي السعودي توجه ولي عهد البلاد الأمير محمد بن سلمان كذلك إلى أبوظبي "بناءً على توجيه الملك سلمان لتقديم واجب العزاء والمواساة في وفاة الشيخ خليفة بن زايد"، بعد أن بعث الملك برقية تهنئة إلى رئيس الإمارات فور انتخابه أعرب فيها عن تطلعه "لاستمرار العمل على توطيد أواصر الأخوة والصداقة بين البلدين والشعبين الشقيقين، والعمل معاً على تعزيز العلاقات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمتين العربية والإسلامية". 

ومع أن وفوداً رسمية عدة وزعماء عالميين قادتهم المناسبة إلى الإمارة الخليجية، إلا أن صفة الأميركي ظلت تحمل طابعاً لافتاً، مما رجحت مصادر معه أن يكون الهدف استثمار المناسبة "لتحسين واشنطن علاقتها بدول الخليج المعتدلة" وفق تعبير الكاتب السعودي الكبير عبدالرحمن الراشد الذي اعتبر أن الوفد الرفيع يمثل "تحولاً تدريجياً من إدارة بايدن" وسعياً منها لإنهاء الإشكال القائم. 

نقاط الخلاف

ويرى مراقبون في الإقليم أن أبرز الخطوات التي دفعت علاقة السعودية والإمارات مع أميركا إلى التراجع، رفع بايدن فور وصوله إلى السلطة الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران من قائمة الإرهاب الأميركية، وهم  الذين أطلقوا صواريخ وطائرات من دون طيار على الإمارات والسعودية، إلى جانب حماسته لإحياء اتفاق طهران النووي بعد تمزيقه في عهد ترمب، وسط خشية دول الخليج أن تشجع خطوة بايدن طهران على دعم جهودها التخريبية في المنطقة العربية، كما حدث إبان فترة أوباما الرئاسية الأخيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعث كذلك الانسحاب الأميركي المفاجئ والفوضوي من أفغانستان الصيف الماضي وهدف سياستها الخارجية طويلة المدى المتمثل في الابتعاد عن الشرق الأوسط نحو الصين، مخاوف دول الإقليم، خصوصاً وأنه جاء مع خطوات عملية من إدارة بايدن بسحب بعض بطاريات الصواريخ من مواقعها في السعودية، لإحباط هجمات الحوثيين العدوانية على الأهداف المدنية في مدن البلاد مثل المطارات ومنشآت النفط. 

لكن الأميركيين على الرغم من ذلك لم يتخلوا مطلقاً عن تعهدهم دعم حلفائهم في الخليج، وفق تأكيدات المسؤولين في البيت الأبيض والدفاع والخارجية في واشنطن، إلا أن ترجمة ذلك ليست بالمستوى الذي يروق للرياض وأبوظبي التي اتخذت موقفاً محايداً غير متوقع من الغرب في ظل الصراع الدائر في أوكرانيا بين روسيا والغرب بالوكالة، عززته الدولتان الخليجيتان برفضهما الاستجابة للضغوط الأميركية بضخ مزيد من النفط، رغبة في إغناء مخزونات الطاقة العالمية عن الإمدادات الروسية والدفع بالأسعار نحو الانخفاض. 

التوترات ضمن جدول الوفد

وفي هذا السياق ذكرت "لوس أنجليس تايمز" الأميركية أن "من المتوقع على نطاق واسع أن يتعامل المسؤولون مع الإحباطات المستمرة منذ فترة طويلة بشأن الحماية الأمنية الأميركية في المنطقة، فضلاً عن التوترات التي نشأت بشأن حرب روسيا على أوكرانيا".

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلت عن مسؤولين أميركيين وسعوديين لم تسمهم أن مدير المخابرات الأميركية بيرنز، زار السعودية أخيراً في مهمة سرية، جاءت في مسعى لـ"إصلاح العلاقات" بين البلدين.

وأشارت إلى أن الزيارة جرت في منتصف أبريل (نيسان) في مدينة جدة الساحلية. وذكرت أن تفاصيل ما ناقشه الرجلان لم تكن متاحة، إلا أنه من المتوقع أن تكون المحادثات دارت "حول المصادر الأخيرة للتوتر الأميركي السعودي التي تشمل إنتاج النفط، والحرب الروسية الأوكرانية، والاتفاق النووي الإيراني، والحرب في اليمن".

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي، قوله "إن المحادثات كانت جيدة، وأجريت بلهجة أفضل من المحادثات السابقة".

وعرفت المنطقة العربية نشاطاً سياسياً معتاداً في مناسبات توديع الزعماء، في ما كان يطلق عليه "دبلوماسية الجنائز"، بوصفها تشكل مبرراً منطقياً للأطراف غير المتوافقة لكسر الحواجز في ما بينها، مثلما فعل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي يوثق عنه بعض الباحثين من مواطنيه أنه استخدم كثيراً هذا النوع من السياسية في سبيل تصفية أجواء العلاقة بينه مع دول الخليج عقب حرب تحرير الكويت، التي كان موقفه فيها منحازاً إلى صدام حسين، عكس المتوقع منه. 

وعلى الرغم من أن أميركا وهي الدولة العظمي ليست في موقف ضعف، إلا أن استراتيجية علاقتها التاريخية بمثل السعودية والإمارات وانعكاسات حرب أوكرانيا، تجعلان من توظيف المناسبة لتحسين العلاقة أمراً وارداً، خصوصاً وأنها استبقت الخطوة بمبادرات حسن نية ورسائل سياسية مباشرة عبر أطراف دولية أخرى، مثل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لدى زيارته المنطقة أخيراً، وفقاً للتكهنات الإعلامية.  

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير