Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يحاول إيمانويل ماكرون قلب بريكست خلسة؟

علينا أن نلبي دعوة ماكرون فحتى الحروب التجارية لا بد أن تخلص إلى اتفاقية

ماكرون يلمح أيضاً إلى إعادة تفاوض على بريكست ("وكالة الصحافة الفرنسية" عبر "غيتي")

ربما فاتكم الأمر، لكن الاثنين [الماضي] صادف يوم أوروبا، وكان إيمانويل ماكرون في مزاج سمح له الاحتفاء [بوحدة الجذور الأوروبية]. فهذا اليوم يوافق الذكرى السنوية لـ"إعلان شومان" عام 1950، عندما اقترح رجل الدولة الفرنسي روبرت شومان تأسيس ما أصبح في ما بعد الاتحاد الأوروبي [بشكله الحالي].

وبطبيعة الحال، وصل ماكرون، وهو المنادي الأوّل في القارة لإنشاء "منظمة أوروبية أوسع"، إلى البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، ليطلق "إعلان ماكرون" الرامي إلى إنشاء "منظمة سياسية أوروبية". وقال: "من شأن هذه المنظمة الأوروبية الجديدة أن تسمح للبلدان الأوروبية الديمقراطية الملتزمة بمجموعة القيم خاصتنا بإيجاد حيز جديد للتعاون في العمل السياسي، والأمن، والطاقة، والنقل، والاستثمار، والبنية التحتية، وحركة الناس، ولا سيما الشباب".

تتلخص الفكرة هنا في أن بعض البلدان، مثل أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا، تستطيع أن تكون جزءاً من العائلة الأوروبية مع بعض التعاون الأمني، حتى ولو لم تكن مستعدة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أو حتى حلف شمال الأطلسي، وهذا أمر ليس صعباً جداً. وبسوء نية ربما، كان ماكرون يفكر بصوت عال في كيفية ضم بلدان أكثر تخلفاً من أن تلتحق بالاتحاد الأوروبي لمدة "عقود" أو أسخف من أن تبقى فيه، مثل المملكة المتحدة، إلى هذه الدائرة الخارجية الجديدة.

لا شك في أن الرئيس صادق في رغبته بتوسيع أفق أوروبا، ولكن ليس إلى درجة استقطاب مزيد من الأعضاء المحرجين المحتملين، مثل هنغاريا، إلى النادي. وتبدو الفكرة أيضاً وسيلة مناسبة لإعادة المملكة المتحدة إلى مدار الاتحاد الأوروبي، بالحنكة الفرنسية. فعلى رغم كل شيء، ألم يشتكِ البريطانيون دوماً من أنهم تصوروا أنفسهم ينضمون إلى منطقة للتجارة الحرة أو اتحاد جمركي، أي مجموعة أوروبية فضفاضة كما كان يُطلَق عليها من قبل، وليس إلى دولة فوق الأمم تُدعَى الاتحاد الأوروبي؟ حسناً! ها هي مجموعتكم الأوروبية الجديدة، حيث يمكنكم أن تجتمعوا مع أصدقائكم الجدد، الأوكرانيين وغيرهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قد تكون هذه المحاولة لإعادة المملكة المتحدة إلى إطار التعاون الأوروبي مجرد شائعة إلى حد ما، لكنها لن تكون بالأمر السيء. وإذا كان بريكست خطأ، وإذا لم يكن من الممكن التراجع عنه عملياً في أي وقت قريب، فالعلاقة الأوثق والأكثر ودية مع الاتحاد الأوروبي قد تكون وسيلة لتحسين الأمور.

بعبارة أخرى، إذا كان ماكرون يلمح أيضاً إلى إعادة التفاوض على بريكست، ولو وفق شروطه، فهذا أمر قد يستحق المتابعة.

ليس السؤال "كيف يسير بريكست؟" مجرد طريقة للتخلص من أمثال [رئيس حزب بريكست] نايجل فاراج، بل هو أمر يتساءل كثر عنه. تشير استطلاعات الرأي إلى شعور بالندم لدى المؤيدين. وثمة تحالف يتكون من القلقين من بريكست. هناك أولئك الذين لا يزالون يؤمنون به، لكنهم يعتقدون بأنه تعرض إلى الخيانة لأنه لم يكن نهائياً بالقدر الكافي – "ليس بريكست الذي صوتنا له". هم ليسوا سعداء. وهناك أولئك الذين لم يتصوروا قط أنه فكرة جيدة، وعدد متزايد من الناس الذين يشعرون ببساطة بخيبة أمل عملية ويتصورون أن الوضع الحالي ليس أفضل من وضعنا السابق.

والواقع أن الصفقة الأفضل التي تصور البعض أنها قد تنجم عن صدمة بريكست لم تنشأ، والصفقة لا تسمح للبريطانيين بالسير في مسار راديكالي جديد، ولا تبدو جذابة إلى حد كبير. لذلك غيروا رأيهم. وفي كل الأحوال، أياً كان الدافع، ينعكس الشعور المثبط بأن بريكست كان بمثابة فشل في شكل بالغ السوء على [رئيس الوزراء] بوريس جونسون وحزبه [المحافظين]. فهما لم يتوصلا إلى بريكست "منجز"، والآن بات لزاماً عليهما أن ينقذا بريكست. ولكي يفعلا هذا هما في حاجة إلى مساعدة الاتحاد الأوروبي.

وهذا يعني أن مشروع بريكست ذاته معرض إلى خطر بسبب ردود الفعل العنيفة من جانب عامة الناس. فحقيقة أن الحكومة لا تزال تحاول بلورة منافع بريكست وسن قوانين لمحاولة العثور على هذه المنافع تبدو دليلاً كافياً على الفشل. وفي شكل مناسب، أرسلا الوزير الجديد لفرص بريكست، جاكوب ريس-موج، في مهمة عقيمة لاكتشاف هذه المنافع. وتبدو الاتفاقات التجارية الجديدة هزيلة. وهي كذلك.

ويبدو أن الناس نسوا أيضاً أن المملكة المتحدة تعهدت رسمياً بموجب اتفاقية التجارة والتعاون الأوروبية البريطانية بالحفاظ على "فرص متكافئة" مع الاتحاد الأوروبي. نحن لا يجوز لنا في شكل قانوني أن نقلل من الجوانب التنظيمية والبيروقراطية أو نخفض المعايير الخاصة بالأغذية أو رفاه الحيوانات أو حقوق العمال، إذا أعطى ذلك المملكة المتحدة ميزة غير عادلة – أي في رأي المفوضية الأوروبية. فنار الضوابط البريطانية يمكن أن تخمدها بروكسل بدلو من المياه الباردة في أي وقت تشاء. ونحن نأمل بألا يلاحظ الأوروبيون الأشياء التي وردت في خطاب الملكة في شأن التحرير. هذه هي خطة الحكومة لتحقيق النمو؛ أن أولئك البيروقراطيين الناعسين والأغبياء في بروكسل لا يقرأون الصحف أو المواقع الإلكترونية. لكن مما يدعو للأسف أن هذه المخلوقات البيروقراطية الأوروبية المسترضية لذاتها لا وجود لها إلا في مخيلة رئيس الوزراء الثرية، تماماً كما هي الحال مع الموز المستقيم.

من الواضح أن هناك "تحديات" وكثير من المسائل غير المحلولة في شأن بريكست، أياً كان الطرف المخطئ. وسينشأ مزيد من التحديات مع ابتعاد المملكة المتحدة عن قواعد السوق الموحدة. والمشكلات القائمة سيئة بما فيه الكفاية: بروتوكول إيرلندا الشمالية؛ صيد الأسماك؛ أزمة اللاجئين عبر القنال الإنجليزي؛ الضوابط والتأخيرات في موانئ القنال الإنجليزي؛ إنقاذ أوكرانيا – هذا كله من شأنه أن يستفيد من بقاء بريطانيا "طرفاً عند الطاولة"، واستعادتها النفوذ الذي كانت تتمتع به ذات يوم، وفي المقام الأول من الأهمية، إعادة بنائها الثقة مع الاتحاد الأوروبي.

لا شك في أن خطة ماكرون تستحق فرصة. فالمواجهة لا يمكنها أن تنجح. أما التحركات الحالية التي تهدد [وزيرة الخارجية] ليز تروس باتخاذها للتخلي من جانب واحد عن أجزاء من اتفاقية الانسحاب البريطانية الأوروبية التي لا تعجبنا فمجرد خداع. ولن ينجح التهديد "بالابتعاد" إلا إذا ضمن المهدد بأنه لن يكون أسوأ حالاً نتيجة لذلك، وإذا عنى ما يقول. ويحفل سجل حزب المحافظين بالخضوع إلى بروكسل وواشنطن عندما يجد الجد.

لكن حتى لو عنينا حقاً ما نقول، وبعيداً تماماً من خرق معاهدة دولية (من النوع الذي يقوم به بوتين)، قد يثير ذلك انتقاماً وحواجز جديدة تحول دون صادرات المملكة المتحدة إلى كبرى أسواقنا على الإطلاق. وحتى لو لم نكن في مستنقع من الركود التضخمي، سيشكل ذلك تصرفاً آخر يتسبب بضرر ذاتي لا ضرورة له.

قد نتمنى أن نُعامَل بوصفنا "شريكاً متساوياً" مع الاتحاد الأوروبي، وعلى صعيد آداب السلوك الدبلوماسية إن المملكة المتحدة كذلك، لكن اقتصاد الاتحاد الأوروبي يعادل نحو ثمانية أضعاف اقتصاد المملكة المتحدة، وهو سوق ثمينة ومصدر للأغذية والمكونات والمواد الخام: هذه هي الحقائق الاقتصادية وراء الدبلوماسية.

يتعين علينا أن نلبي دعوة ماكرون لأن الحروب كلها، بما فيها التجارية، كما يذكرنا فولوديمير زيلينسكي، لا بد وأن تخلص إلى اتفاقية.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل