Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفلسطينيون يحييون الذكرى الـ74 للنكبة بـ5 لغات

تدشين حملة إلكترونية يشارك بها أكثر من 100 مؤسسة دولية حول العالم وسط فعاليات شعبية في رام الله

يحاول اللاجئون الفلسطينيون إحياء مأساتهم بالصور والحكايات وما تبقى من الذكريات  (اندبندنت عربية)

مع شروق شمس الخامس عشر من مايو (أيار) من كل عام يتذكر الفلسطينيون يوم "النكبة" التي حلت بهم عند قيام دولة إسرائيل عام 1948، حيث قام 760 ألفاً منهم بالفرار أو أجبروا على ترك منازلهم إلى المنفى. وكما هي الحال منذ سنوات، يحاول اللاجئون الفلسطينيون إحياء مأساتهم بالصور والحكايات وما تبقى من الذكريات.

قرى مهجورة

الفلسطيني من قرية لفتا المهجرة عام 1948 سعد ذيب (85 سنة) لا يخرج كما آلاف اللاجئين الفلسطينيين إلى مدينة رام لله حيث يقام المهرجان المركزي لإحياء ذكرى النكبة 74، بل يفضّل اصطحاب زوجته وأبنائه وأحفاده في هذا اليوم والعودة ليتجول وسط قريته القديمة، الواقعة على الطريق الرئيس بين القدس ويافا، ويستعيد ذكريات طفولته بالمسجد القديم ومعصرة الزيتون والمدرسة ومنازل القرية وباحتها الكبيرة، التي كانت ذات يوم، أمراً أساسياً بالنسبة لحياة مجتمع القرية التقليدي، بخاصة أن "لفتا" هي الوحيدة بين القرى التي هُجر الفلسطينيون منها إبان النكبة عام 1948، بقيت من دون مساس تقريباً حتى الآن، فلم تهدم بيوتها أو يسكنها مستوطنون يهود، ولا تزال منازلها الحجرية التي تفوق السبعين منزلاً موجودة، ولكنها مهجورة ومتهالكة.

يقول ذيب، وهو من حملة بطاقة الهوية المقدسية لـ"اندبندنت عربية"، "تركنا بيوتنا هرباً وخوفاً من الموت، لكن ذاكرتي وقلبي وطفولتي بقيت هناك. تحولنا بين ليلة وضحاها من أثرياء القرية إلى لاجئين فقراء نبحث عن شربةِ ماء ومأكل وملاذ في بيوت أناس لا نعرفهم. أحرص على زيارة القرية بشكل منتظم مع عائلتي منذ سنوات، سعياً للحفاظ على روايتنا وحقوقنا في قرية لفتا التي تواجه الهدم والاندثار والإهمال".

 

 

على أنقاض التاريخ 

تعتبر قرية لفتا بوابة القدس الشمالية والغربية، وتمتد على مساحة 12 مليون متر مربع، حتى وصلت أراضيها باب العامود وشارع صلاح الدين، وأقيم عليها الكنيست (البرلمان) وجزء من الجامعة العبرية، ومحطة الحافلات المركزية، ومركز قيادة شرطة إسرائيل، ومستشفى هداسا، ورغم أن الصندوق العالمي لحماية الآثار صنفها كواحدة من 25 موقعاً معرضاً للخطر حول العالم، لا يزال نشطاء وأكاديميون ومعماريون إسرائيليون يحاربون إلى جانب أحفاد الفلسطينيين في لفتا، ضد خطة لتحويل الموقع إلى منازل فخمة، حيث تسعى سلطة "دائرة أراضي إسرائيل" منذ عام 1995 لبناء حي ضخم يقضي ببناء 259 فيلا ومؤسسة عامة ومجمع تجاري وفندق.

ووفقاً لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فقد ردت بلدية القدس نهاية العام الماضي على التماس قدمه مهجرو لفتا ومجموعة من السكان في القدس ضد مخطط البناء الذي تدفعه "سلطة أراضي إسرائيل". بالقول، إن "المخطط يدوس على مناطق خضراء كثيرة وذات أهمية تاريخية من الدرجة الأولى". وأشارت البلدية في ردها إلى "أنه يجب تطوير منطقة القرية المهجرة، ولكن بشكلٍ حذر، ومن خلال الحرص على الحفاظ على الطبيعة الخاصة للمنطقة، القيمة التاريخية والمصلحة العامة".

يقول محامي الملتمسين الفلسطينيين سامي رشيد، في تصريح خاص، "المسح الأثري الأخير الذي أجرته سلطة الآثار الإسرائيلية، كشف عن ميزات خاصة للقرية، وأن فيها مواقع كبيرة تحت سطح الأرض وآثار يعود تاريخها إلى العصر الهليني، قبل أكثر من ألفي عام". يضيف، "تنفيذ هذا المخطط بحسب خبراء ومهندسي الآثار والبيئة، سيتسبب في انهيار المباني التاريخية والأثرية القديمة نتيجة التجريف والحفر، ما سيؤدي إلى طمس معالم قرية لفتا الأثرية، خصوصاً المدرجات الزراعية الفريدة. يجب استبدال هذا المخطط المدمر بمخطط للحفاظ على القرية تماشياً مع اعتبار أنها موروث حضاري عالمي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تراث يهودي

سلطة أراضي إسرائيل وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، لم تأبه بهذه الاكتشافات والآثار المهمة، وقررت دفع المخطط الاستيطاني قدماً والبناء عليها، بزعم أن المناقصة لم تُنشر حتى الآن، وأن الملتمسين لا يعرفون تعليمات الحفاظ على المباني في القرية.

ورداً على مطالبة أهالي قرية لفتا بتحرك الدبلوماسية الفلسطينية لمنع تهويد القرية، أكد منير انسطاس، المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونيسكو"، "أن المنظمة لا تستطيع القيام بإجراءات إلزامية ضد إسرائيل فيما يتعلق بقرية لفتا شمال غربي القدس. كونها غير مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونيسكو من جهة، وأن جزءاً كبيراً منها يقع في أراضي عام 1948، التي تعتبر جزءاً من (دولة إسرائيل) وفق القانون الدولي". وأشارت المنظمة إلى أن أكاديميين إسرائيليين كانوا قد أضافوا لفتا على القائمة التمهيدية الإسرائيلية للتراث العالمي، لحماية معالمها التي تريد الجمعيات الاستيطانية محوها.

بداية مارس (آذار) الماضي، وبحسب ما أفاد الموقع الإلكتروني الإسرائيلي "كول هعير"، "تصدى السكان اليهود الذين سكنوا قرية المالحة المهجرة مكان العائلات الفلسطينية خلال النكبة، لمخطط مشروع استيطاني تدفع به بلدية القدس، سيتم بموجبه بناء عمارات من 4 طوابق تقام فوق مواقف للسيارات ومخازن، إلى جانب إقامة 8 وحدات استيطانية، على أنقاض المنازل التاريخية والمباني والمواقع القديمة لقرية المالحة الفوقا، التي تقع على سفح تلة جبلية مرتفعة يحدها من الجهة الشرقية بلدة بيت صفافا، وحي القطمون".

القدس 2000

وفقاً للموقع، "فإن الاعتراضات التي قُدمت إلى لجنة التنظيم والبناء المحلية التابعة للبلدية، تشير إلى أن المشروع قد يتسبب في هدم وتدمير العديد من المنازل القديمة، ومسجد المالحة التاريخي، ومنازل يعود إعمارها للقرن الماضي". وأشارت الاعتراضات اليهودية، إلى "أن الحي قد تم تحديده كجزء من (المدينة التاريخية) في مخططات البلدية، وكموقع يجب الحفاظ عليه في المخطط التفصيلي الشامل (القدس 2000)".

بدوره قال مقرر لجنة قرى القدس المهجرة ضياء معلا، "مخططات إسرائيل لن تمر لأن الفلسطيني هو صاحب هذه الأرض وصاحب هذا الموروث الثقافي، وما يجري من اعتراضات على أراضينا ما هو إلا محاولة إسرائيلية بائسة لإثبات أن الأرض لمن سكن عليها واستوطنها، إلا أن الشواهد المعمارية والتاريخية والحضارية التي لا تزال قائمة حتى اليوم، من مساجد ومقابر ومنازل بطابع عربي تدلل على من هم أصحاب المكان الأصليين. هجرتنا من تلك المنازل منذ 74 عاماً بسبب الجرائم والمجازر الإسرائيلية، لا تعني أننا لن نعود إليها. هي مسألة وقت لا أكثر فالعودة حتمية". يضيف، "المعترضون على المشروع لم يتطرقوا بكلمة إلى حقوق أصحاب هذه المنازل من الفلسطينيين الذين طردوا منها، وحولتهم إسرائيل بعد النكبة إلى لاجئين، وسلبتهم حقوقهم وأراضيهم ومنازلهم".

في حين قالت الناشطة السياسية اليهودية نعومي تسور لوسائل إعلام إسرائيلية، "في مرحلة من المراحل بالشرق الأوسط، لا بد من أن نقبل بوجود البعض هنا، ووجود الآخر هناك. وليس بإمكاننا جميعاً أن نحلم بالعودة إلى المكان الذي كنَّا فيه من قبل، لأن الأشياء تغيَّرت ومضت إلى الأمام".

فعاليات شعبية

بداية مايو (أيار) الحالي، أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قراراً برفع علم فلسطين فوق المقار والمؤسسات الحكومية الرسمية المدنية والأمنية والمرافق العامة، إحياء للذكرى الـ74 للنكبة. وأعلن رئيس اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة أحمد أبو هولي، أن الفعاليات الشعبية لإحياء الذكرى ستكون مزيجاً بين الجماهيرية والفنية والتراثية. ومن المقرر انطلاق مسيرة و"مهرجان العودة"، اليوم، من أمام ضريح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إلى وسط مدينة رام الله.

وأشار أبو هولي، خلال مؤتمر صحافي، إلى "أنه سيتم تنظيم معرض للصور بمشاركة 120 رساماً فلسطينياً لرسم صورة العودة، إضافة إلى فعاليات ووقفات ومسيرات ستنظم على مداخل المخيمات الفلسطينية في لبنان ومخيمات الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، علاوة على وقفات ستنظمها الجاليات الفلسطينية بالتنسيق مع سفارات دولة فلسطين، وفعاليات ثقافية وفنية ومعارض تراثية". وأوضح، "أن دائرة شؤون اللاجئين تنسق العمل مع الجاليات الفلسطينية في الدول الأوروبية ومختلف دول العالم لإحياء هذا اليوم"، ولفت إلى أن حملة إلكترونية كانت قد انطلقت في 13 من مايو ستستمر حتى يوم 17 من الشهر ذاته، لترسل من خلالها رسالة للعالم حول استمرار النكبة وحق الفلسطينيين المقدس في العودة، والذي لا يسقط بالتقادم، وسياسة المجتمع الدولي بالكيل بمكيالين". على حد تعبيره.

حملات خارجية

من جهتها، أعلنت اللجنة الإعلامية للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، أن المؤتمر الذي أطلق في فبراير (شباط) 2017 بتركيا، ويتخذ من بيروت مقراً له، يستعد لإطلاق حملة (نكبة 74) بخمس لغات، وبمشاركة ما يزيد على 100 مؤسسة دولية حول العالم.

ودعا القائمون على الحملة إلى المشاركة الواسعة في الفعاليات، وتداوُل الوسوم الخاصة بها على جميع منصات التواصل الاجتماعي، الهادفة بحسب بيان الحملة رسمي" إلى التعريف بالقضية الفلسطينية، ولفت الأنظار إليها؛ بالرواية الحقيقية، وبلسان أبنائها والمتضامنين معها، وإلى تجديد التمسك بحق عودة اللاجئين وتقرير المصير، وتأكيد الوحدة بين فلسطينيي الخارج وأبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 48".

وتواصل حركة "زوخروت" (يتذكرن) الإسرائيلية، المبادرة إلى فعاليات تعتبر غير مألوفة في المشهد الإسرائيلي، سيما في هذه المرحلة التي يشهد فيها المجتمعان الإسرائيلي والفلسطيني احتقاناً نحو الآخر يكاد يكون غير مسبوق، حيث كثفت الحركة هذا العام سلسلة أنشطتها التي أطلقت عليها "10 أيام من العودة"، اشتملت على مسيرات وجولات وندوات وورش عمل وأفلام وثائقية "من أجل دراسة النكبة والتأثير في وعي الإسرائيليين وفتح عيونهم على الرواية الفلسطينية بعدما حجبت الحركة الصهيونية رؤية أو سماع سواها مع سبق الإصرار بهدف طمس الحقيقة وتزوير التاريخ". وفقاً لميثاقها المعلن في نشراتها وفي موقعها على الشبكة المعلوماتية.

تقول إحدى الناشطات في جمعية "زوخروت"، "هدفنا أن يعي اليهود الإسرائيليون موضوع النكبة، التي اقتلعت مئات الآلاف من الفلسطنيين من جذورهم، في ظل الواقع الحالي، الذي يتعرض فيه المدافعون عن القضية الفلسطينية إلى الملاحقة ويشعرون بالتهديد العام للأنشطة أو التخوف من مقولات سياسية، تصر الجمعية على طرح حوار النكبة وحق العودة على جدول الأعمال سنوياً رغم كل التهديدات والمعوقات".

وشكلت مسألة حق العودة للاجئين الفلسطينيين نقطة شائكة في المفاوضات المتوقفة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني منذ أبريل (نيسان) 2014، وتخشى إسرائيل بحسب صحيفة" تايمز أوف إسرائيل، "أن إظهار مرونة في هذه القضية، من شأنه أن يفتح الأبواب أمام فيضان من ملايين اللاجئين، مما سيشكل تهديداً ديموغرافياً على "الطابع اليهودي والديمقراطي" للدولة.

المزيد من تقارير