Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"لعبة طويلة الأمد"... ما مدى "مفعول" العقوبات الغربية على روسيا؟

تقديرات انهيار الناتج المحلي الإجمالي هذا العام تتراوح بين 10 و15 في المئة

الاقتصاد الروسي قد انعزل عن العالم الغني في وقت قصير جداً (أ ف ب)

ليس هناك كثير مما يمكن قوله عن الحكم الروسي، وكانت الإحصاءات الاقتصادية الروسية منذ فترة طويلة في مستوى معيار الذهب الدولي، لكن هذا الوضع تغير منذ بداية الحرب في أوكرانيا.

بحسب معهد بنك فنلندا للاقتصادات الناشئة (Bofit)، فإن البيانات الخاصة بالبنوك الفردية لم تعد تُنشر. ولا توجد بيانات مفصلة عن إنتاج النفط، بحسب سيرجي ألكساشينكو، نائب وزير المالية الروسي السابق ونائب محافظ البنك المركزي، الذي توقع وقف الإحصاءات الأخرى إذا قرر الكرملين أنها تعطي رؤية أكثر من اللازم للقوة الاقتصادية ونقاط الضعف.

"إذاً ماذا نعرف عن الاقتصاد الروسي؟"، تساؤل طرحته "فايننشال تايمز".

الصحيفة قالت "نحن نعلم أن الاقتصاد الروسي قد انعزل عن العالم الغني في وقت قصير جداً. ويبدو أن الواردات قد انهارت. وهذا يعكس ثلاثة أشياء على الأقل، التراجع الحاد في الناتج المحلي الإجمالي، والقيود المفروضة على التدفقات المالية مع العالم الخارجي، والعقوبات المفروضة على تداول سلع معينة، لا سيما مدخلات التكنولوجيا الفائقة".

وأضافت الصحيفة، أن "تقديرات انهيار الناتج المحلي الإجمالي لروسيا هذا العام تتراوح بين ما يقل قليلاً عن 10 في المئة إلى 15 في المئة".

الجانب الآخر هو التضخم. ويقول سيرغي غورييف، أستاذ الاقتصاد في معهد "ساينس بو" في باريس، "تحسب روسيا الآن معدل التضخم لكل أسبوع"، لكن المعدل انخفض من 2 في المئة خلال الأسبوع الأول بعد العقوبات المالية مباشرة إلى 0.25 في المئة حالياً.

خسائر بالغة

كما تساءلت الصحيفة عن مدى سوء الضربة، التي وجهتها العقوبات الغربية للاقتصاد الروسي. وقالت إنه من الواضح أن المداخيل الروسية الحقيقية ستعاني، لكن قد يكون التأثير مختلفاً تماماً عبر القطاعات المختلفة، وقد يكون من الصعب التمييز بين آثار العقوبات والتخزين من قبل المستهلكين.

يأتي ذلك بينما يشير تقرير "بوفيت" إلى أن مبيعات التجزئة لشهر مارس (آذار) كانت لا تزال مرتفعة بنسبة 2 في المئة على أساس سنوي، إلى حد كبير على مشتريات المواد الغذائية. كما تم سحب مخزون عديد من العناصر الأساسية، مثل الزيت النباتي والسكر إلى مستويات منخفضة بشكل استثنائي.

في حين حدثت معظم الزيادة الكبيرة في مبيعات السلع غير الغذائية بالفعل في فبراير (شباط)، وانخفضت المبيعات بحلول شهر مارس. لكن مبيعات السيارات تراجعت بنحو الثلثين، وانخفضت أحجام الشحن الجوي بأكثر من 80 في المئة.

الصحيفة أضافت أن "التعقيد هو الذي يقتلك. لقد تعلمنا من الوباء أن سلاسل التوريد معقدة، ويمكن أن تتعطل بطرق مدهشة. وفي روسيا قد تكون القيود المفروضة على استيراد أجزاء التصنيع والمكونات عالية التقنية هي العقوبات ذات الآثار الأكثر ضرراً، حيث تراجعت صناعة السيارات بمقدار النصف على أساس سنوي في مارس الماضي، بحسب (بوفيت). كما يمكن للعقوبات الصناعية أن تحد بشكل مباشر من قدرة روسيا على شن حرب فقد ينفد جيشها من الصواريخ الدقيقة". 

الحرمان من التكنولوجيا

"فايننشال تايمز" قالت، إنه من المثير للاهتمام أن هذا النوع من التأثير يعلمنا أن الصين لا يمكن أن تحل محل التكنولوجيا الغربية، ولم نر كل شيء بعد، في حين يشير ألكساشينكو إلى أن الشركات الروسية غالباً ما تخزن المكونات، لذلك قد لا نرى التأثير الكامل لحرمان روسيا من سلع وبرامج التكنولوجيا الفائقة حتى نهاية العام. بحلول ذلك الوقت، قد تظهر مشاكل أيضاً في إنتاج النفط.

وأوضحت الصحيفة أن هذه الملاحظات تكشف حدود سياسة استبدال الواردات، التي اتبعتها موسكو على مدار العقد الماضي أو نحو ذلك. ويقول ألكساشينكو إنه كان دائماً تصوراً أكثر من الواقع. ويشير بعض الخبراء إلى أنه من خلال متابعة الإنتاج المحلي للسلع التامة الصنع من خلال التخطيط الاقتصادي، ربما تكون الحكومة، للمفارقة، قد جعلت روسيا أكثر عرضة لاضطراب المدخلات والمكونات والآلات المستوردة.

الالتباس في العقوبات المالية

أما العقوبات المالية فيصعب فهمها، فهناك كثير من الالتباس حول كيفية عملها، حيث يتم إجراء كثير من قطع البنوك الروسية عن نظام الرسائل السريع "سويفت" للتحويلات المصرفية عبر الحدود، على سبيل المثال. لكن البنوك لديها طرق أخرى للتواصل. ما يهم هو الحق في التعامل بالعملات الصعبة، من خلال ما يسمى بالبنوك "المراسلة" في نطاق اختصاص العملة المعنية، ويمكن أن يخضع ذلك لعقوبات. ولكن نظراً لأن الاتحاد الأوروبي لا يزال يريد أن يكون قادراً على الدفع مقابل الطاقة، فإنه لم يقطع جميع البنوك الروسية عن البنوك المراسلة المقومة باليورو. 

وبالمثل، فإن الخلاف حول مطالبة روسيا بالدفع بالروبل في شراء الطاقة هو أكثر أهمية لأسباب تعاقدية سياسية وقانونية أكثر من منح الكرملين إمكانية "الوصول" إلى اليورو. مع التذكير بأن ميزانية الحكومة الروسية مقومة بالروبل، فيما تدفع شركات الغاز والنفط المملوكة للدولة بالعملة الصعبة، بإعداد حساباتها وحساب ضرائبها بالروبل، بالتالي لن تواجه مشكلة في استبدال اليورو بالروبل مع شركات أو أفراد روسيين آخرين غير خاضعين للعقوبات بالعملة الخاصة في الأسواق، بغض النظر عن العقوبات المفروضة على البنك المركزي. 

نتيجة لذلك، لا تزال ميزانية الحكومة قوية، ونفقاتها بالطبع بالروبل. (هذا هو السبب في أن إنهاء مشتريات الطاقة الروسية أكثر أهمية من كيفية تحويل أرباح العملة الصعبة). 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل تنقذ المالية المحلية روسيا؟

العقوبات، كما تصفها الصحيفة، متسربة والإنفاذ هو المفتاح برأيها. نتيجة لذلك لن تؤثر العقوبات المالية بشكل مباشر على ما يمكن أن تفعله الحكومة الروسية في الداخل. على عكس ما يمكن أن تشتريه مقابل أرباحها من العملات الأجنبية في الخارج، في وقت تعتمد قوتها المالية المحلية إلى حد كبير على تطور الاقتصاد الروسي الحقيقي (غير المالي). ولكن نظراً لأن ذلك يعتمد بالطبع بشكل كبير على كيفية التعامل مع العالم الخارجي أو عدمه، فإن العقوبات المالية مهمة.

وتضيف الصحيفة أن "النقطة المهمة هي ببساطة أنها قد لا تكون مقيدة كما يعتقد أحياناً. لكن يمكن تشديدها وتطبيقها على مزيد من الأشخاص والكيانات، وقبل كل شيء، يمكن تطبيقها بصرامة".

وللتطبيق، فإنه سيحدث فرق إذا تم الاحتفاظ بإيرادات روسيا من الطاقة في حسابات يمكن للمخابرات الغربية مراقبتها. ومن الصعب معرفة ذلك، لكن البعض يأمل أن تراقب الحكومات الغربية عن كثب التحركات داخل وخارج روسيا، على سبيل المثال، حسابات شركة "غازبروم" في البنوك الموجودة في الاتحاد الأوروبي أو البنوك المراسلة هناك. وستكون فرقة العمل الجديدة عبر الأطلسي لإنفاذ العقوبات حاسمة.

مثل الحرب العسكرية

الصحيفة وصفت العقوبات الاقتصادية بأنها "لعبة طويلة"، وترى أن "الصبر ضروري"، وتعتقد بأن تأثير العقوبات سيتغير بمرور الوقت.

من وجهة نظر الصحيفة تكمن أهمية العقوبات في أن تكون مستدامة، بالتالي فهي بحاجة إلى دعم سياسي، لكنها حذرت من الحجج على طول الخط القائل بأن "العقوبات لم تغير دوافع بوتين، فما الهدف من إلحاق الضرر بأنفسنا؟".

وترى "فايننشال تايمز" أنه يمكن للعقوبات الاقتصادية أيضاً أن تعمل من خلال الاستنزاف وحرمان الجانب الآخر من القدرات المهمة، في الواقع مثل الحرب العسكرية نفسها.

اقرأ المزيد