في ضربة أمنية قوية، نجحت مصالح الأمن المغربي بمدينة طنجة (شمال) أمس الأربعاء في ضبط كميات ضخمة من المخدرات كانت في طريقها إلى أوروبا، مما أعاد إلى الأذهان عدداً من محاولات التهريب الدولي الكبرى التي أجهضتها الشرطة.
واللافت في محاولة تهريب المخدرات المضبوطة أنه إضافة إلى كونها ضخمة قام المهربون بإخفائها بطريقة ذكية ومبتكرة، إذ وضعوها في "مجسمات" تحاكي حجم أنواعاً مختلفة من الفواكه والخضراوات وألوانها، وهي محاصيل زراعية معروفة بتصديرها إلى القارة العجوز.
محاربة الجريمة
وفي تفاصيل العملية الأمنية أن عناصر فرقة الشرطة القضائية بمنطقة أمن بني مكادة بمدينة طنجة أجهضت عملية كبرى للتهريب الدولي للمخدرات، وحجزت شحنة قياسية بلغت 31 طناً و197 كيلوغراماً من مخدر الحشيش.
وأوقفت الشرطة المشتبه فيه الرئيس في محاولة تهريب تلك الشحنة وفق بلاغ لمديرية الأمن المغربي، وهو ستيني يشتبه في ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في التهريب الدولي للمخدرات، وكذلك حجز الأمن مقطورة كبيرة للتبريد تضم عشرات الأكياس والرزم المملوءة بمخدر "الشيرا."
ووضعت مصالح الأمن أطنان المخدرات المحجوزة رهن الجهات الجمركية المتخصصة، بينما احتجز المشتبه فيه بقصد تحديد هوية جميع المتورطين المفترضين، ورصد جميع الامتدادات الوطنية والدولية لهذه الشبكة الإجرامية.
وقال والي أمن مدينة طنجة محمد أوهتيت في تصريحات للصحافة، إن عملية إجهاض تهريب المخدرات المذكورة تندرج ضمن استراتيجية المديرية العامة للأمن المغربي لمحاربة الجريمة العابرة للحدود.
ووفق المسؤول الأمني فإن الأمن المغربي يترصد الشبكات الإجرامية الدولية التي تنشط في الجريمة العابرة للحدود، مشيراً إلى أن "البحث متواصل تحت إشراف النيابة العامة المتخصصة للوصول إلى جميع أفراد الشبكة وتوقيف المتورطين في القضية".
"بطيخ محشش"
من جهته، أفاد مصدر أمني فضل عدم الكشف عن هويته، بأن تلك العملية الجديدة نوعية بكل المقاييس، سواء من حيث الكميات الكبيرة القياسية المحجوزة أو "الطريقة الفنية" التي لف بها المهربون الممنوعات.
ويشرح المتحدث ذاته بأن المخدرات لفت بعناية وبراعة في مجسمات تشبه كثيراً أشكال وأحجام الفواكه والخضراوات المغربية التي تصدرها البلاد إلى أوروبا، مثل فواكه البطيخ والخوخ وغيرهما، وذلك لإبعاد أي شبهة وإيهام رجال المراقبة بأنها مجرد بضائع فلاحية معدة للتصدير مثل أية سلع أخرى.
ولفت المصدر الأمني إلى أن الرجل الستيني الموقوف لن يكون سوى واحد من عناصر أخرى متورطة في محاولة تهريب تلك المخدرات، موضحاً أنه بالنظر إلى أطنان المحجوزات فلا يمكن لشخص واحد أن يكون وراء لفها وحشوها وتهريبها بمفرده، وهو ما تسعى إلى تحديده أبحاث الجهات الأمنية والقضائية المتخصصة.
وختم المتحدث كلامه بالإشادة بيقظة مصالح الأمن، سواء فرق مكافحة العصابات أو قوات التدخل أو الشرطة العلمية والتقنية، ورجال الشرطة القضائية وبالتنسيق بين تلك الفروع الأمنية الذي كُلل بتلك العملية النوعية التي تظهر مدى التزام المغرب بمحاربة الجريمة العابرة للحدود، سواء كانت تهريباً للمخدرات أو للأقراص المهلوسة وغيرها من المواد الخطرة.
مخدرات في "شباكية"
وأعادت العملية الجديدة إلى الأذهان سلسلة من عمليات سابقة لإجهاض تهريب المخدرات من المغرب إلى الخارج، ففي شهر مارس (آذار) الماضي نجحت فرقة محاربة العصابات بمدينة فاس (وسط البلاد) في إحباط تهريب لمخدر "الشيرا" كانت محشوة بعناية داخل حلوى "الشباكية"، وهي حلوى شهيرة في المغرب تعد بشكل خاص بمناسبة شهر رمضان.
وقبل تلك العملية بشهر واحد، أي في فبراير (شباط)، أحبطت عناصر القوات المسلحة الملكية قرب "الحزام الأمني" بالصحراء محاولة للتهريب الدولي لمخدرات تبلغ ستة أطنان.
وفي يناير (كانون الثاني) بمدينة العيون أحبط الأمن تهريب نصف طن من مخدر "الشيرا" إلى أوروبا وحجز سيارات رباعية الدفع وأدوات وأجهزة للملاحة البحرية، فضلاً عن مبالغ مالية محصلة من عائدات التهريب.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة الماضية حققت المصالح الأمنية بمدينة كلميم الصحراوية عملية نوعية بإحباط محاولة تهريب ثلاثة أطنان من مخدر "الشيرا" انطلاقاً من سواحل سيدي إفني باتجاه جزر الكناري، وهي العملية التي تورط فيها ناشط تابع لجبهة "بوليساريو" المطالبة بانفصال الصحراء.وفي سبتمبر (أيلول) الماضي اهتدى المهربون إلى إخفاء وتعبئة 23 كيلوغراماً من مخدر الكوكايين داخل شحنة من التجهيزات المنزلية بعد وصولها إلى المحطة البحرية طنجة المتوسط، على متن رحلة قادمة من أحد الموانئ الإسبانية.
