Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطنان الحشيش و"الرمان المفخخ" يهددان العلاقات السعودية - اللبنانية

وزير الداخلية اللبناني لـ"اندبندنت عربية": أدعو إلى مزيد من التعاون بين الأجهزة الأمنية في الرياض وبيروت لحماية شعبي البلدين

عنصر في الجمارك السعودية يفحص عينات الرمان من الشحنة المضبوطة في ميناء جدة الإسلامي في 23 أبريل الحالي (أ ب)

لم تكد تمر ساعات قليلة على إعلان السعودية وقف تصدير الخضار والفواكه من لبنان إليها بسبب العثور على كميات كبيرة من المخدرات المهربة إليها من لبنان والمخبأة في الفواكه، أعلنت اليونان، ليل الجمعة، عن ضبط 4 أطنان من مخدر الحشيش مخبأة في شحنة آلات لصنع الحلوى متجهة من لبنان لسلوفاكيا.
وذكرت اليونان أن ضبط شحنة المخدرات المقبلة من لبنان إلى سلوفاكيا تم بعد معلومات وردت من الجانب الأميركي، كما تلقت مساعدة من السعودية. وتقدر القيمة السوقية لشحنة المخدرات المضبوطة بـ نحو 35 مليون دولار.
وأثار القرار السعودي ردود فعل واسعة في لبنان، حيث تخوفت مصادر دبلوماسية أن يشكل هذا القرار مقدمة لسلسلة قرارات تؤدي إلى قطع الرياض علاقتها مع بيروت، الأمر الذي قد يدفع أيضاً دولاً أخرى للانضمام إلى قرار المقاطعة، مضيفةً أن سمعة لبنان باتت في وضع غاية في الخطورة، بعد ما بات هذا البلد في السنوات الأخيرة ممراً لتجارة المخدرات العالمية.

من سوريا إلى لبنان

في السياق، أوضح مصدر أمني في بيروت (طلب عدم كشف اسمه) أن "الشعب اللبناني يدفع ثمن انفلات الحدود اللبنانية - السورية، وعصابات التهريب التي تحظى بغطاء سياسي وتقف عائقاً في وجه إقفال تلك الحدود"، كاشفاً أن "بعض الشاحنات تأتي من سوريا إلى مرفأ بيروت من دون أن تُفتش عند أي نقطة حدودية"، ومتهماً "مافيات لا تزال تهيمن على مرفأ بيروت وتغطي المهربين". ورجح المصدر ذاته أن تكون "مستودعات صناديق الرمان دخلت لبنان من سوريا"، مضيفاً أن "العصابات قادرة على توضيبها ودس المخدرات داخلها بطريقة محترفة في مناطق باتت معروفة بصناعة الكبتاغون قرب الحدود اللبنانية"، مشيراً إلى أنه "منذ أشهر ضبط أكثر من 8 أطنان من مخدر الحشيش، وأكثر من 8 ملايين قرص كبتاغون في حاوية شحن بميناء بور سعيد آتية من مرفأ بيروت"، وقال إن "الفضيحة الكبرى هي أن السلطات المعنية في لبنان لم تفتح أي تحقيق ولم يتم توقيف أي شخص علماً أن خيوط العملية مكشوفة".

"حزب الله" متهم

وتتهم أوساط سياسية وأمنية في لبنان "حزب الله" بالمسؤولية عن تجارة المخدرات في لبنان وتصديرها إلى الخارج، كونه هو من يمسك بمعابر عدة على الحدود اللبنانية- السورية كما يسيطر على مناطق حدودية واسعة تقع ضمن الأراضي السورية. وتعتبر تلك الأوساط أن للحزب باعاً طويلاً في تجارة المخدرات مستندةً إلى مصادرة دول عدة شحنات مخدرات سواء في أميركا الجنوبية أو أفريقيا والدول العربية وأوروبا، حيث ضبطت السلطات الإيطالية أكبر شحنة مخدرات في العالم وقدرت قيمتها بنحو مليار دولار، متهمة "الحزب" بالوقوف وراءها.
ونفى "الحزب" تماماً هذه الاتهامات في أكثر من مناسبة، في حين لم توجه الرياض أصابع الاتهام بعد إلى جهة معينة في هذه الحادثة.
واعتبر الإعلامي القريب من "الحزب" فادي أبو دية، أن "قرار السعودية بمنع الخضروات اللبنانية ومنع مرور الشاحنات اللبنانية على أراضيها بذريعة تهريب المخدرات، هو قرار جائر بحق اللبنانيين لأنه لا يجوز التعميم بهذا الشكل، بخاصة في مثل هذه الظروف التي يحتاج فيها اللبنانيون إلى كل مساعدة". ووضع أبو دية هذا القرار في إطار "إطباق الحصار على اللبنانيين"، معتبراً أنه "ينسجم مع سياسة العقوبات على لبنان". وأضاف "من الواضح أنها ذريعة بهدف زيادة الحصار على اللبنانيين. وعلى وزارة الزراعة معالجة الوضع أو إيجاد أسواق بديلة".

حالة حرب

وأكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، لـ"اندبندنت عربية" أن "لبنان يبذل جهوداً جبارة في محاربة تهريب المخدرات عبر أراضيه"، مشيراً إلى أن "قوات الأمن اللبناني سبق أن أحبطت عمليات تهريب مخدرات عدة إلى مختلف الدول ومنها دول عربية"، مشدداً على استعداد بلاده للتعاون مع كل الدول لمكافحة تهريب المخدرات. واعتبر فهمي أن "لبنان في حالة حرب مع كارتيلات تهريب المخدرات ويبذل الأمن اللبناني جهوداً جبارة في موضوع محاربة عمليات تهريب المخدرات، وفي هذه الحرب قد ينجح المهربون في بعض الأحيان". وأسف فهمي للقرار السعودي حظر دخول وعبور الفاكهة والخضار اللبنانية أراضي المملكة بسبب تزايد تهريب المخدرات، داعياً إلى "مزيد من التعاون بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والسعودية لحماية شعبي البلدين". وشدد فهمي على أنه لن يتهاون "في كشف تلك الشبكات التي تضر بمصالح لبنان وأشقائه العرب".

رمي الكرة

من جانبه، أكد وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبة أنه "تسلم مذكرة من المملكة العربية السعودية توضح أسباب اتخاذ قرار حظر الخضار والفاكهة اللبنانية من قبل سلطاتها"، مطالباً القضاء اللبناني بوضع يده على هذا الملف ومحاسبة المتورطين.
وأشار وهبة إلى أنه أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون بالأمر، وشرح خطورة الموضوع لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ووزير الداخلية محمد فهمي، ووزيرة الدفاع زينة عكر، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ووضعهم في أجواء المذكرة التي تلقاها من السعودية.
وطالب وزير الخارجية اللبناني السلطات السعودية تزويد لبنان بالمعلومات التي استخلصتها من الموقوفين لديها في هذه القضية من سائقين أو موردين ومصدرين وجنسياتهم، ومن دبر العملية، وكيف تم توضيب البضاعة، وأين، ومن هو الرأس الكبير في هذه العصابة، حتى تقوم السلطات اللبنانية بواجبها إذا كانوا في لبنان.

موقف خجول

في المقابل، استنكر عضو لجنة الدفاع البرلمانية، النائب وهبي قاطيشا، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، "الموقف الخجول لوزارة الخارجية، والذي لا يرقى إلى مستوى خطورة الموقف"، معتبراً أن "تماهي الحكومة الحالية مع حزب الله تسبب في أزمات دبلوماسية مع الأشقاء العرب والأسرة الدولية".
وأبدى قاطيشا تفهماً بالنسبة لـ"قرار السعودية المرتبط بحماية استقرارها وسلامة شعبها"، معتبراً أن "الدولة اللبنانية هي المسؤولة، كونها لا تراقب المواد المصدرة من أراضيها ولا تراقب شبكات المخدرات الموجودة في البلد، في حين أن الجميع يعرف أين تصنع المخدرات، ومعامل تصنيعها، وكيف يتم توزيعها"، مؤكداً أن "الدولة اللبنانية تعرف المعامل ومالكيها ومن ينقل المخدرات ويروجها، لكن لا تأخذ أي تدابير جدية للقضاء عليها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ضربة كبيرة

في سياق متصل، أوضح رئيس "هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية – السعودية" إيلي رزق لـ"اندبندنت عربية"، أن "هذا القرار يشكل ضربة كبيرة للاقتصاد الوطني، حيث تبلغ قيمة صادرات لبنان إلى السعودية نحو 700 مليون دولار سنوياً، ويستورد منها في حدود المليار و200 ألف دولار من المشتقات النفطية"، مشيراً إلى أن "الضرر لا يقف فقط على عدم استقبال منتجات لبنان الزراعية من خضروات وفاكهة، بل يشمل أيضاً عبور دول خليجية أخرى مثل الكويت والإمارات".
ولفت رزق إلى أن "القطاع الزراعي في لبنان يعول أولاً على تصريف إنتاجه عبر تصديره إلى السوق السعودية، التي تعتبر الأكبر والأقرب والأقل كلفة"، مشدداً على أن "ما يحدث هو نتيجة عدم وجود حكومة وسلطة فاعلة وقادرة على ضبط حدودها ومعابرها". وقال "طفح كيل السلطات السعودية من استهتار الجانب اللبناني وعدم احترامه أبسط قواعد التعامل بين الدول"، مضيفاً أن "عدم وجود سلطة قوية وقادرة على ضبط البلد وسيادته، أدت إلى فقدان المجتمع الدولي ثقته في الدولة اللبنانية".

فضيحة "الرمان"

وكشف رئيس "اللجنة الاقتصادية في غرفة التجارة والزراعة والصناعة في زحلة والبقاع" طوني طعمة، أن "لبنان ليس دولة مصدرة للرمان"، مطالباً السلطات اللبنانية بالتحقيق في مصدره، مؤكداً أنه "سيتقدم بإخبار للقضاء لمعرفة كيف دخلت صناديق الرمان إلى لبنان". وقال طعمة إنه "يرجح أن يكون مصدر الرمان سورياً أو إيرانياً". وأضاف أن عملية التهريب "حصلت عن طريق مستوعبات خاصة للمنتوجات المصدرة من لبنان وتمت عن طريق البحر، قبل ضبطها في ميناء الدمام". وطالب طعمة "القنوات الدبلوماسية في الدولة اللبنانية، المباشرة بالتحرك والاتصال بالجانب السعودي لتجنيب المزارعين كارثة حقيقية كون أكثر من 50 في المئة من المنتجات الزراعية في لبنان تصدر إلى المملكة".

تقديم ضمانات

من جانب آخر، تابع السفير اللبناني لدى الرياض الدكتور فوزي كبارة، مع الجهات السعودية الرسمية، القرار الذي صدر بشأن منع دخول الخضروات والفاكهة اللبنانية إلى الأراضي السعودية أو عبرها. وقال كبارة لـ"اندبندنت عربية"، إنه ينسق الموضوع مع وزارتي الخارجية اللبنانية والسعودية للوصول إلى تقديم الضمانات المطلوبة في أسرع وقت ممكن، كي لا يصيب القرار منتجات أخرى.
وأوضح كبارة أنه يسعى إلى تدارك تدهور الأمور وألا يطال قرار الحظر قطاعات أخرى ما يسبب كارثة بالنسبة للاقتصاد اللبناني، لا سيما أن "قيمة صادرات لبنان إلى السعودية تتجاوز 250 مليون دولار ضمنها 20 مليون دولار من قطاع تصدير الخضار والفواكه".

المزيد من العالم العربي