Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حظر تصدير زيت النخيل الإندونيسي حتى إشعار آخر

قفزات قياسية وإرباك في الأسواق العالمية

يمثل زيت النخيل واحداً من بين المواد الخام الأكثر استخداماً في العالم (رويترز)

أعلنت إندونيسيا، أكبر مصدر لزيت النخيل على مستوى العالم، أخيراً، عن حظر تصدير زيت الطهي ومواده الأولية متضمنة زيت النخيل الذي يشكل 40 في المئة من صادرات زيت النخيل الإندونيسي بدءاً من 28 أبريل (نيسان)، وتسبب قرار الحظر في إرباك الأسواق العالمية التي تعتمد في أغلبها على صادرات إندونيسيا من زيت النخيل، فهي المصدر الأول للسائل الذهبي، وتصل نسبة صادراتها لزيت النخيل حوالى 52 في المئة من إجمالي الصادرات العالمية.

ويهيمن زيت النخيل على الاستهلاك العالمي، فمكوناته أساسية في مختلف الصناعات الغذائية والجمالية وغيرها، كما تجني إندونيسيا نحو ثلاثة مليارات دولار شهرياً من صادراته ما قد يسبب لها خسائر اقتصادية كبيرة. في وقت يسعى قرار المنع الإندونيسي لكبح جماح أسعار زيت الطهي محلياً الذي ارتفع سعره إلى حوالى 40 في المئة عن العام الماضي، ما أثر سلباً على مستوى الرضا الشعبي عن أداء الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو الذي يسعى لولاية جديدة، في وقت أوضحت الحكومة الإندونيسية أن قرار حظر تصدير زيت النخيل يضر دولاً أخرى لكنه ضروري للتحكم في الأسعار المرتفعة لزيت الطعام في البلاد، وتتجه الأسواق العالمية للبحث عن بدائل لصادرات زيت النخيل الإندونيسي في الوقت الراهن، وسيكلف حظر التصدير لزيت النخيل جاكرتا حوالى مليار ونصف مليار دولار شهرياً.

زيت النخيل غذاء وتجميل

يمثل زيت النخيل واحداً من بين المواد الخام الأكثر استخداماً في العالم، وذلك نتيجة لخصائص المنتجات الوظيفية، حيث يستخدم زيت النخيل في مكونات كثير من المنتجات، فنصف السلع الموجودة على رفوف المحال التجارية تحتوي مركباتها على زيت النخيل متضمنة منتجات الطعام وغيرها.

يدخل زيت النخيل في تصنيع زيت الطعام ومنتجات غذائية عدة كالوجبات الخفيفة والشوكولاتة، إلى جانب منتجات العناية الشخصية ومستحضرات التجميل إلى جانب الوقود الحيوي والطاقة وطعام الحيوانات والأدوية والمنتجات الصناعية وخدمات الغذاء وخدمة التصنيع، وتعتمد العديد من الشركات ذات العلامات التجارية الكبرى على زيت النخيل الذي يعد أساسياً لمنتجاتها.

إندونيسيا المصدر الأول

تعتبر إندونيسيا أكبر مصدِّر في العالم لزيت النخيل، فمنذ عام 2006 أصبح الأرخبيل المنتج الأول عالمياً لزيت النخيل ووصل إنتاج إندونيسيا حوالى 43 مليون طن سنوياً، وتصل نسبة الصادرات الإندونيسية لزيت النخيل نحو 52 في المئة من إجمالي الصادرات العالمية، تليها ماليزيا بحوالى 31 في المئة، ثم هولندا وغواتيمالا وكولومبيا، التي تصل نسبتها مجتمعة إلى ستة في المئة فقط من إجمالي صادرات زيت النخيل، كما تجني إندونيسيا ما بين 2.5 وثلاثة مليارات دولار شهرياً من صادرات زيت النخيل ما يجعل زيت النخيل من أهم الموارد الاقتصادية الرئيسة للبلاد.

تشير الإحصائيات الحديثة إلى أن الهند والصين وباكستان من بين أكثر الدول اعتماداً على زيت النخيل الإندونيسي، في وقت تذكر إحدى الشركات اليابانية أن الفيليبين وكوريا الجنوبية تعتمدان بنسبة كبيرة على واردات زيت النخيل المقبلة من إندونيسيا ما ينبئ بتأثر أكبر لتلك الدول من القرار الإندونيسي.

تعول دول عربية وخليجية، بشكل رئيس على زيت النخيل الإندونيسي في وارداتها، فبحسب الإحصائيات الخاصة بعام 2020 لإحدى المنظمات الاقتصادية، تصل صادرات إندونيسيا إلى مصر من زيت النخيل حوالى 8.2 مليار دولار، بينما وصلت قيمة واردات المملكة العربية السعودية من زيت النخيل الإندونيسي إلى 3.27 مليار دولار، وبلغت قيمة واردات زيت النخيل الإندونيسي إلى الإمارات حوالى 1.74 مليار دولار، وتستورد عمان زيت النخيل من إندونيسيا بقيمة 977 مليون دولار.

أزمة زيت الطعام

على الرغم من صدور قرار الرئيس الإندونيسي بحظر تصدير المواد الأولية لزيت الطعام بشكل مفاجئ، فقد سبقت ذلك أزمة ممتدة في إندونيسيا، ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي، تتعرض إندونيسيا لأزمة كبرى في منتجات زيت الطعام، إذ ارتفعت أسعار زيت الطعام لمستويات قياسية وصلت لزيادة 40 في المئة عن العام الماضي، ما جعل الحكومة تتدخل لمحاولة حل الأزمة، وأقدمت الحكومة الإندونيسية على اتخاذ العديد من الخطوات في محاولة لخفض سعر زيت الطعام داخلياً، وبداية، فرضت الحكومة التزاماً إجبارياً على الشركات المنتجة لزيت الطعام ببيع 20 في المئة من صادراتها إلى السوق المحلية، ثم رفعت الالتزام المحلي إلى نسبة 30 في المئة في ما بعد، إلى جانب ذلك، خفضت إندونيسيا من صادراتها لزيت النخيل لمدة ستة أشهر بداية من مارس (آذار) أملاً في استقرار أسعار زيت الطعام بالأسواق المحلية.

لكن الأزمة استمرت وتفاقمت بخاصة مع تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد وارتفاع أسعار زيت النخيل، وظهر في أواخر مارس الماضي اشتباه في وجود ممارسات احتكارية من جانب شركات منتجة لزيت الطعام كانت سبباً في رفع أسعار منتجات زيت الطعام محلياً، بينما فتح المدعي العام الإندونيسي هذا الشهر تحقيقاً في قضية فساد مرتبطة بتصدير زيت النخيل في وسط الأزمة التي يمر بها الأرخبيل، بينما أمر الرئيس الإندونيسي بفتح تحقيق مع المسؤولين والمشتبه بهم في القضية باعتبارهم سبباً في نقص إمدادات زيت الطهي في البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما تسببت هذه الأزمة في انخفاض نسب تأييد الرئيس الإندونيسي في استبيان أُجري أخيراً، حيث سجل مستوى الرضا عن أداء الرئيس جوكو ويدودو انخفاضاً بنسبة 12 في المئة عن استبيان مماثل في فبراير (شباط) الماضي، ووجد الاستبيان أن 66 في المئة من المشاركين يفضلون حظر صادرات زيت الطعام لضمان الإمدادات الداخلية.

كانت أزمة زيت الطعام المتفاقمة هي الدافع الرئيس لقرار الرئيس الإندونيسي، في 22 أبريل، حظر تصدير زيت الطعام ومواده الأولية والداخل حيز التنفيذ في 28 من الشهر نفسه في محاولة لحل الأزمة التي طال أمدها في إندونيسيا، وذكر في قراره أن الحظر مستمر حتى "إشعار آخر".

إجراء قاس وضروري

ترك قرار الحظر الأسواق العالمية في اضطراب، بخاصة مع الاعتماد الكبير على صادرات إندونيسيا من زيت النخيل، وعلى الرغم من توضيح الحكومة الإندونيسية، لكون الحظر يشمل الزيت المكرر ولا يتضمن زيت النخيل الخام ومشتقاته، فإن ذلك لم يكن كافياً لتهدئة الأسواق، وتشير التقديرات إلى أن 40 في المئة من الشحنات المصدرة لمنتجات زيت النخيل الإندونيسي من "أولين النخيل" المستهدف بقرار الحظر، ولا يقتصر التأثير على الأسواق العالمية وحدها، إذ قد يتسبب القرار الجديد في خسائر اقتصادية مليارية لمنتجي ومصدري زيت النخيل في إندونيسيا وفق تقديرات بعض المحللين الاقتصاديين. وبحسب ما يذكر خبير السياسة العامة، أجوس بامباجيو، فإن قرار الحظر قد يسبب زيادة في المعروض من زيت النخيل بإندونيسيا بخسائر لحوالى 2.7 مليون مزارع من صغار المزارعين والمسؤولين عن إنتاج 40 في المئة من زيت النخيل.

 لكن اتحاد مزارعي نخيل الزيت الإندونيسي أعرب، مطلع الأسبوع الجاري، عن تأييده الحظر الذي فرضته الحكومة، واصفاً إياه بأنه إجراء مؤقت وضروري لضمان توفير زيت الطهي والقدرة على تحمل تكاليفه في السوق المحلية، في وقت أوضحت وزيرة المالية الإندونيسية، سيري مولياني إندراواتي، أن قرار حظر تصدير زيت النخيل سيضر دولاً أخرى، ولكنه ضروري للتحكم في الأسعار المرتفعة لزيت الطعام داخل إندونيسيا، ووصفت القرار باعتباره من "أكثر الإجراءات قسوة" التي تتخذها الحكومة، مؤكدة في تصريحات لها أن القرار ليس جيداً على المدى المتوسط أو الطويل، لكنه يخدم البلاد على المدى القريب، ولم تذكر الحكومة الإندونيسية المدى الزمني لقرار الحظر، لكن بعض المؤشرات تشير إلى أن الحظر إجراء مؤقت تتخذه الحكومة حتى تتمكن من السيطرة على أسعار زيت الطعام داخلياً ومن ثم يمكنها مراجعته، وفي تصريحات لنائب الرئيس الإندونيسي معروف أمين، ذكر أن الحكومة ستعمل على تقييم هذه السياسة بشكل دوري لحماية مصالح جميع الأطراف.

تتجه الأسواق العالمية للبحث عن بدائل لصادرات زيت النخيل الإندونيسي في الوقت الحالي، وتبرز ماليزيا، باعتبارها المصدر الثاني عالمياً، كملاذ للبلدان والأسواق المتضررة من الحظر، لكن التقارير تظهر تقييد حجم الإنتاج الماليزي بنقص الأيدي العاملة ما يخلق تساؤلات عن البدائل للصادرات الإندونيسية.