Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بنك السودان المركزي يقهر سوق الدولار الموازية... فهل يصمد؟

صادرات الذهب تنعش الخزائن ومطالبات باستغلال تحويلات المغتربين والاستثمار في الغذاء

المقر الرئيس لبنك السودان المركزي (حسن حامد)

لا يزال الجنيه السوداني صامداً بعد موجة من الارتفاع الجنوني لسعر الدولار، بسبب توقف المساعدات الخارجية من قبل الدول الغربية ومؤسساتها المالية، عقب إعلان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) حالة الطوارئ وتعطيل الشراكة مع المدنيين، حيث قاربت قيمة الدولار الواحد 800 جنيه سوداني في السوق الموازية، بعد أن كان سعره في حدود 460 جنيهاً.

كان بنك السودان المركزي أعلن في 27 مارس (آذار) الماضي، بدء توفير احتياجات المصارف من النقد الأجنبي لمقابلة طلب عملائها، فانخفض سعر الدولار واستقر لأكثر من ثلاثة أسابيع عند حدود 560 جنيهاً، من دون أن يكون هناك فارقاً سعرياً يذكر بين المصارف والسوق الموازية.

ويتساءل متابعون لسوق الصرف السودانية عن مدى قدرة البنك المركزي على الاستمرار في توفير احتياجات المصارف اليومية من العملات الأجنبية لتغطية طلبات عملائها، في ظل الأوضاع التي يعانيها الاقتصاد، نتيجة للعقوبات المفروضة على حكومة الخرطوم، فضلاً عن تدني عمليات الإنتاج، ما يعني شح قنوات النقد الأجنبي.

حصائل الذهب

حسن بشير نور، أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعات السودانية، يوضح أن "استقرار سعر الصرف يعتمد بشكل أساسي على مدى توافر احتياطات النقد الأجنبي لمواجهة الطلب عليه بنسبة معقولة، وكذلك تدفق الصادرات"، مستدركاً "يبدو أن الاستقرار الحالي لسعر الصرف يرجع لحصول بنك السودان المركزي على حصائل صادر الذهب، بخاصة أن المكون العسكري يسيطر على جزء كبير من النشاط الاقتصادي".

يضيف نور: "في الغالب، يرتبط ارتفاع سعر الدولار وانخفاضه بعوامل سياسية، حيث تلجأ جهات سياسية لحملة مضاربات في السوق الموازية للضغط على الحكومة، وهذا ما حدث مطلع مارس (آذار) الماضي، حينما قفز سعر الدولار من 460 جنيهاً إلى 800 جنيه قبل أن يستقر الآن منذ أسبوعين في حدود 570 جنيهاً".

ويعتقد نور أن عائدات كل من الذهب، والمؤسسات الاقتصادية التابعة للأجهزة الأمنية والعسكرية، فضلاً عن توقف نشاط المضاربات الذي تتحكم فيه جهات سياسية، يمثل لاعباً أساسياً في ثبات سعر الصرف، لكنه حذر من ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني لرقم قياسي من جديد، إذا حدث عجز في النقد الأجنبي.

الاستثمار والمغتربون

من جهته، يقول محمد الناير، الباحث الاقتصادي، "ما أستطيع تأكيده أن بنك السودان المركزي يلبي حالياً كل الطلبات المتعلقة بالنقد الأجنبي التي تُقدم له من المصارف السودانية بالكامل، بخاصة طلبات الاستيراد، وهذا مؤشر إيجابي، لكن إذا لم يكن ذلك الانسياب من النقد الأجنبي عبر قنوات ومصادر مستمرة في تغذيتها للبنك المركزي وبطريقة منتظمة، فإن السودان سيستنزف ما لديه من احتياطي ويعود إلى المربع الأول، وأعتقد أن القائمين على البنك يدركون ذلك، ولا أظنهم يقعون في هذا الخطأ الجسيم".

وأضاف الناير: "معلوم أنه لا توجد حالياً عائدات من الصادرات الزراعية، بالتالي فالاعتماد على توفير النقد الأجنبي يكون بالدرجة الأولى على مورد الذهب، وهو ما يتطلب إنشاء بورصة للحد من تهريبه"، متسائلاً: "لماذا لا تستفيد الدولة من تحويلات المغتربين السودانيين في الخارج بمنحهم حوافز وامتيازات مشجعة، كإدخال سيارة ووحدات سكنية وتأمين طبي واجتماعي، بخاصة أن قطاع المغتربين يشكل مصدراً مهماً لكثرة أعدادهم وارتباطهم بالسودان".

كذلك، طالب ناير الحكومة السودانية بوضع عينها على الاستثمار المباشر، بخاصة في الجانب الغذائي الذي تأثر بالحرب الروسية- الأوكرانية، على أن تعول على السوق الخليجية لما تمتاز به من قرب المسافة، وتوقع عودة القروض والمنح الخارجية التي أوقفها المجتمع الدولي بعد انقلاب 25 أكتوبر، خلال الفترة القريبة المقبلة، بخاصة مع مساع لتشكيل حكومة جديدة من الكفاءات الوطنية برئاسة رئيس وزراء مدني، مشيراً إلى أن الغرب يخشى من توجه السودان نحو روسيا في حال فرض عزلته على الخرطوم.

وأبدى ناير استياءه من القطاع الخاص وغياب دور الدولة الرقابي عليه، قائلاً إنه ليس منطقياً أن يتراجع سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني ولا ينعكس ذلك إيجاباً على سعر السلع، إذ يظل ثابتاً من دون أن يشهد انخفاضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحرير سعر الصرف

وكان البنك المركزي السوداني أعلن في السابع من مارس تحرير سعر صرف الجنيه السوداني في محاولة لتحسين وضعه أمام العملات الأجنبية، وقفز سعر الدولار في أول يوم لتنفيذ قرار التحرير في المصارف الرسمية من 467 إلى 530 جنيهاً، بينما بلغ في السوق الموازية 560 جنيهاً، وواصل الارتفاع ليكسر حاجز الـ700 جنيه، وأعلنت الحكومة تشكيل لجنة للطوارئ الاقتصادية برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو الذي قال في حديث بثه تلفزيون السودان، "لدينا احتياط من النقد الأجنبي والذهب في بنك السودان"، لكنه لم يعط أي أرقام.

أما المصارف التي كان يُفترض أن تعود إلى النظام الدولي بعد رفع العقوبات الأميركية في نهاية 2020، فلم يعد لديها منذ انقلاب 25 أكتوبر أي صلة بالبنوك الأوروبية أو الأميركية، في وقت حذر ممثل الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس من أن البنك الدولي أمهل السودانيين حتى يونيو (حزيران) ليصلوا إلى حل للأزمة السياسية كي يستكمل خطة إعفاء السودان من ديونه، وإلا سيوقف سياسة الأيدي الممدودة.

اقرأ المزيد