استقال رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني صلاح قوش من المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس عمر البشير. وقد أعلن المجلس ذلك. وكذلك أُعلِن قبول الرئيس الجديد للمجلس العسكري الفريق عبد الفتاح البرهان، استقالة قوش.
وقال المجلس في بيان "صادق الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن رئيس المجلس العسكري الانتقالي على الاستقالة"، مساء الجمعة.
وكان قوش أشرف على حملة قمع واسعة قادها جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني ضد المتظاهرين الذين يشاركون في تظاهرات حاشدة انطلقت قبل أربعة أشهر وأدت إلى الاطاحة بالرئيس البشير الخميس 11 أبريل.
وتم اعتقال آلاف المتظاهرين وناشطي المعارضة وصحافيين بموجب هذه الحملة.
وتأتي استقالة قوض بعد ساعات من إعلان رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان عوض بن عوف تنحيه من منصبه، مشيراً إلى أنه "جرى اختيار الفريق عبد الفتاح البرهان رئيساً للمجلس الانتقالي".
وفور الإعلان عن إستقالة بن عوف، بدأ المعتصمون أمام هيئة أركان الجيش السوداني يحتفلون بتنحي بن عوف عن رئاسة المجلس الانتقالي، كما رحبت قوى من المعارضة السودانية بالإستقالة. واعتبر تجمّع المهنيين السودانيين، إعلان رئيس المجلس العسكري الانتقالي تنازله عن منصبه واختياره الفريق أول عبد الفتاح برهان عبد الرحمن خلفاً له هو "انتصار لإرادة الجماهير".
وقال هشام علي، المتحدث باسم الشرطة السودانية، في بيان صدر في وقت متأخر من ليل الجمعة، إن ما لا يقل عن 16 شخصاً قتلوا يومي الخميس والجمعة "بأعيرة نارية طائشة في الاعتصامات والتجمهرات".
ويواصل آلاف السودانيين اعتصامهم أمام مقر قيادة الجيش في العاصمة الخرطوم في تحدٍّ لحظر المجلس العسكري التجوّل. وأكدت المعارضة أن الاعتصام مستمر ولن ينفضّ "حتى تتحقق أهداف الثورة".
صلاة الغائب
وأدى آلاف المتظاهرين صلاة الغائب على أرواح "شهداء الثورة"، الذين سقطوا منذ اندلاع الاحتجاجات قبل نحو أربعة أشهر، وخلال خطبة الجمعة، دعا الشيخ السوداني مهران ماهر، إلى تحقيق العدالة ومحاربة الفساد وإزالة الظلم. وشدّد ماهر على ضرورة القصاص من كل ظالم حتى لو كان حاكماً، وقال "يجب أن يقام القصاص على كل ظالم حتى لو سافر إلى الخارج، فلا حصانة في الإسلام لرئيس أو وزير".
ووزّع ناشطون صوراً ومقاطع فيديو عن رفع مسيحيين مظلات كبيرة من "المشمعات" فوق رؤوس المصلين لحمايتهم من أشعة الشمس الحارقة.
حكومة مدنية مرتقبة
وأعلن مسؤول في المجلس العسكري الانتقالي، الاستعداد لتكوين حكومة مدنية وتقليص الفترة الانتقالية بالتوافق مع القوى السياسية، وأكد التحفظ على الرئيس المعزول عمر البشير واعتقال غالب رموز النظام السابق.
وقال رئيس اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري الفريق عمر زين العابدين خلال مؤتمر صحافي إن الحكومة المرتقبة ستكون "مدنية" وسيجري تشكيلها بتوافق الكيانات السياسية وأن الجيش لن يتدخل في تشكيلها وتعيين أعضائها، لكن القوات المسلحة ستحتفظ بوزارتي الدفاع والداخلية لمواجهة المخاطر الأمنية.
وأشار إلى أن المجلس سيعقد مشاورات ودعا القوى السياسية إلى التشاور باستثناء المؤتمر الوطني باعتبار أنه المسؤول عما حدث ولا يمكن إشراكه في الحل، وقال إن المجلس الانتقالي "مع مطالب الناس وجاء لترتيب تداول السلطة في شكل سلمي". وتابع "نحن حماة مطالب الكيانات السياسية ولن نملي شيئاً على الناس، جئنا من أجل المحتجين والمعتصمين ولن نسمح بالفوضى".
على طريق سوار الذهب
وأوضح أن وزير الدفاع عوض بن عوف ومدير جهاز الأمن صلاح قوش ومدير عام الشرطة وقائد الدعم السريع على الرغم من أنهم كانوا جزءاً من النظام السابق إلا أنهم قادوا التغيير بعد التشاور مع الوحدات التابعة لهم. ورأى زين العابدين الاتهامات للمجلس بأنه صنيعة حزب المؤتمر الوطني الذي كان حاكماً ليس سوى "ترهات" وأنهم أبناء المؤسسة العسكرية ويمضون على نهج المشير الراحل عبد الرحمن سوار الذهب.
وسوار الذهب هو الذي حكم فترة انتقالية مدتها عام واحد حين ثار الشعب السوداني على نظام الرئيس الراحل جعفر نميري وسلم الحكم طواعية في العام 1986 لحكومة الصادق المهدي المنتخبة.
الأمر خاضع للنقاش
وأكد المسؤول العسكري إن تحديد المجلس الانتقالي فترته بعامين خاضع للنقاش والتشاور وإنها يمكن أن تتقلص إلى شهر واحد في حال جرى اتفاق كامل بين المكونات السياسية، وأعلن عزمه على الجلوس مع الشباب المعتصمين أمام مقر القيادة والتفاوض معهم والاستماع لرؤاهم.
وفي شأن مصير الرئيس المعزول عمر البشير قال زين العابدين إنه "متحفّظ عليه" من دون مزيد من التفاصيل، كما أكد اعتقال غالبية رموز النظام السابق متحاشياً الخوض في الأسماء.
قيادات عسكرية في ساحة الاعتصام
وشوهدت قيادات من الجيش في ميدان الاعتصام بينهم المفتش العام عبد الفتاح برهان الذي التقى إبراهيم الشيخ القيادي في حزب المؤتمر السوداني المعارض، وطلب إبراهيم من برهان المتوقع تسميته عضواً في المجلس العسكري الانتقالي تأييد مطالب المتحتجين.
تجمع المهنيين يرفض
وسارع تجمع المهنيين الذي ينسق للاحتجاجات في السودان لإعلان رفضه ما جاء في المؤتمر الصحافي للفريق زين العابدين وعده "أسلوب خداع ومسرحاً للهزل والعبثية". وقال في بيان "إن النظام عجز حتى أن يخرج بسيناريو مسبوك يربك الحركة الجماهرية ويهز وحدتها، فهو لم يستطع بمسرحيته هذه حتى بذر بذرة شكٍ عابر في أن ما حدث لم يكن سوى تبديل أقنعة النظام ذاته الذي خرج الشعب ثائراً عليه وساعياً إلى إسقاطه واقتلاعه من جذوره".
وأضاف "مطالبنا واضحة وعادلة ومشروعة، إلا أن الانقلابيين بطبيعتهم القديمة الجديدة ليسوا أهلاً لصُنع التغيير، ولا يراعون في سبيل البقاء في السلطة سلامة البلاد واستقرارها، ناهيك عن تحقيق المطالب السلمية المتمثلة في تسليم السلطة فوراً إلى حكومة مدنية انتقالية كأحد الشروط الواجبة النفاذ، وأكد التجمع عزمه مقاومة الطوارئ وحظر التجوال وكل الإجراءات التي أعلنها الانقلابيون.
قائد (الدعم السريع) يعتذر
واعتذر قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان حميدتي، عن عدم المشاركة في المجلس العسكري الانتقالي الذي يتولى إدارة الحكم بعد إطاحة الرئيس عمر البشير. وكان وزير الدفاع السوداني، عوض محمد أحمد بن عوف، أعلن اتخاذ اللجنة الأمنية التي يرأسها قراراً بعزل البشير الذي واجه أربعة أشهر من الاحتجاجات، وتعتبر قوات الدعم السريع جزءاً من اللجنة الأمنية التي قررت الاستيلاء على الحكم.
وقال حميدتي، في تصريح على صفحة (الدعم السريع) في "فيسبوك" يوم الجمعة "أود أن أعلن لعامة الشعب السوداني بأنني كقائد لقوات الدعم السريع اعتذرت عن عدم المشاركة في المجلس العسكري"، وأوضح أن الدعم السريع ستظل جزءاً من القوات المسلحة وستعمل على وحدة البلاد واحترام حقوق الإنسان، وأنها ستبقى منحازة لخيارات الشعب بكل أطيافه.
وفي بيان سابق أعلن حميدتي، انحيازه إلى الشارع السوداني في مطالبه بنقل السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية، وقال إن قواته ترفض أي حلول لا ترضي الشعب السوداني. وطالب قيادة تجمع السودانيين المهنيين ورؤساء الأحزاب المختلفة وقادة الشباب، بفتح باب الحوار والتفاوض للوصول لحلول ترضي الشارع السوداني وتجنب البلاد الانزلاق نحو الفوضى.