Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أردوغان في السعودية بعد أن قدم "عربون التنازلات"

أخذت تركيا عدة مواقف خفضت فيها حدة الخلاف مع السعودية في الملفات الخلافية

وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السعودية، الخميس 28 أبريل (نيسان)، في أول زيارة له للمملكة منذ 2017، والتي يأمل في أن تبشر بعهد جديد في العلاقات بعد جهود مكثفة لإصلاحها بعدما شابها من توتر في السنوات القليلة الماضية.

واستقبل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود أردوغان.

واجتمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في قصر السلام بجدة مساء الخميس مع أردوغان.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أنه جرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات السعودية - التركية، وفرص تطويرها في مختلف المجالات، إضافة إلى بحث مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.

وذكرت الوكالة أن الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، كان في استقبال أردوغان في مطار جدة.

وقالت الرئاسة التركية إن أردوغان سيبحث في اجتماعات خلال الزيارة علاقات أنقرة مع المملكة وكذلك سبل زيادة التعاون.

وبلا شك فإن هذا التطور في تحسن العلاقات بين البلدين لم تأت من دون مقدمات، فمنذ عام 2021 بدأت أنقرة في السعي لتسوية خلافاتها الكثيرة مع دول المنطقة من ضمنها الرياض، من خلال اتباعها لسياسة خارجية جديدة، استهدفت من خلالها دول مصر والإمارات وأيضاً السعودية.

وعملت على تحسين علاقاتها معها وتطويرها بشكل ملحوظ، في حين زار الرئيس التركي أبوظبي في فبراير (شباط) الماضي وتم توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية بين البلدين.

مصالحة الرياض كانت الأعقد

أما مع الرياض، فقد بدأت تركيا بالعمل على خطوات ملموسة لتحسين العلاقات، لا سيما في تغيير أسلوب ونمط تعاملها في عدد من الملفات التي تسببت في توتير العلاقات على مدار السنوات الأربع الماضية.

ويمكن القول إن تغير موقفها من قضية مقتل جمال خاشقجي كان نقطة مفصلية لبناء علاقات جديدة مع الرياض، فموقفها الذي وصفته الرياض بأنه "غير متعاون" في القضية، وبررته أنقرة بعدم إيمانها بالإجراءات السعودية، كان سبباً لعدم جدوى العلاقة بينهما لغياب الموثوقية.

إلا أن المدعي العام التركي طلب من محكمة إسطنبول، في مطلع الشهر الجاري، تعليق محاكمة غيابية لسعوديين "مشتبه فيهم" في الجريمة التي وقعت في عام 2018، ونقل القضية إلى السلطات السعودية.

وقالت المحكمة، إنها ستطلب رأي وزارة العدل النظر في هذا الطلب. وحددت موعد الجلسة المقبلة في السابع من أبريل (نيسان).

واعتبر المحلل السياسي، مبارك العاني، هذه الخطوة بالمهمة في استعادة العلاقة، وقال "من شأنها أن تسهم في إذابة جزء من الجليد، الذي يعتري العلاقات السعودية- التركية".

كسر الجليد

وعلى الرغم من أن التحول في الموقف التركي من القضية، يعد خطوة إيجابية، إلا أنها عملت منذ مطلع عام 2021 على تحسن العلاقة مع الرياض تحديداً، إذ اتصل الرئيس التركي بالعاهل السعودي الملك سلمان مرتين، وزار وزير الخارجية، مولود تشاويش أوغلو، الرياض في العاشر من مايو (أيار) 2021، وبحث العلاقات الثنائية مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.

ومع بداية العام الحالي 2022 بدأت تركيا في التقارب بشكل أكبر، إذ قال رئيسها في مطلع يناير (كانون الثاني) إنه سيزور الرياض في فبراير (شباط)، والتي توقع مراقبون حينها أنها تتزامن مع زيارته المعلنة لأبو ظبي من دون أن تتم الزيارة ومن دون صدور أي بيان حولها.

وأتى حديثه حول زيارة الرياض أثناء لقائه بمستثمرين أتراك اشتكوا من عقبات في التصدير إلى الدولة الخليجية الكبيرة بسبب مقاطعة شعبية بدأت منذ سنتين للمنتجات التركية، جراء سياساتها في المنطقة.

إذ أظهرت البيانات أن تركيا تراجعت من المرتبة الـ11 من حيث الواردات التركية إلى السعودية في ديسمبر (كانون الأول) 2019، لتحتل المرتبة 58 في ديسمبر 2020. واستمر التراجع عام 2021، إذ كشفت بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية أن الواردات التركية بلغت 14.1 مليون ريال (3.76 مليون دولار) في يناير، انخفاضاً من 50.6 مليون ريال (13 مليون دولار) في ديسمبر، ومن 622 مليون ريال (165 مليون دولار) في يناير 2020.

إلا أن الزيارة لم تتم، ليعقبها بتصريحات نقلتها وكالة الأناضول التركية، قال فيها "إن حوارنا مع الرياض مستمر وننتظر تقدماً من خلال خطوات ملموسة في الفترة المقبلة". 

وهنا يعلق العاني بالقول "إن العلاقات السعودية - التركية شهدت في الفترة الأخيرة عدداً من التطورات الإيجابية لا سيما أن كلا الطرفين يخطون خطوات ملموسة لتحسين العلاقات والتي شهدت بروداً وتوتراً في السنوات الماضية تهدف إلى تنقية الأجواء بينهما".

إثبات حسن النوايا

وفي سياق متصل يرى مبارك العاني، أن الرياض تريد من أنقرة "مزيداً من الخطوات الحقيقية والتي تثبت فيها عدم رغبتها في التدخل في الشأن الداخلي السعودي بوجه الخصوص، أو الخليجي والعربي بصفة عامة".

ولفت إلى أنه يتوجب على أنقرة أن تثبت أنها "تقف على مسافة واحدة من الجميع في المنطقة العربية، والتأكيد على حرصها على سلامة المنطقة، لا سيما أن الواقع يشير إلى أنها لا تزال موجودة في الداخل الليبي وتقصف شمال العراق، ولم تثبت فعلياً أنها تحترم سيادة القرار العربي والدول العربية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعاد ليؤكد أنه يتوجب على تركيا "إثبات حسن النوايا باتجاه الرياض وكافة الدول العربية"، وأضاف "لا بد لها من التأكيد على حرصها لإيجاد علاقات متينة على المدى البعيد وليس الفترة القريبة الحالية، لذا يتطلب الأمر التأكيد على حسن النوايا من خلال خطوات ملموسة وحقيقية، مع الأخذ في الاعتبار جميع المخاوف العربية الأمنية وعدم التعاطي مع التنظيمات التي تراها دول عربية مهددة لأمنها القومي".

خطوة في الطريق الصحيح

من جانبه قال المحلل السياسي عبدالله الجنيد، "هي بالتأكيد مرحب بها، وخطوة في الاتجاه الصحيح لإعادة الدفء للعلاقات بين البلدين".

وأضاف "لم تكن الدبلوماسية السعودية تقليدية، أو حدث أن قبلت بالمناكفات العبثية عبر تاريخها السياسي، وهي براغماتية انطلاقاً من إدراكها لموقعها القيادي، لذلك لم تعتمد الرياض دبلوماسية تماثل دولاً مثل إيران أو تركيا نتيجة تباينات واختلافات. وتركيا دولة محورية في المعادلة الإقليمية في الصورة الأشمل للشرق الأوسط، لذلك من الطبيعي أن تشجع الرياض أي خطوات تقارب مع تركيا لحيوية مركزها سياسياً وموقعها جغرافياً، إلا أن على أنقرة الاستفادة من دروس الأمس التي كلفت تركيا قيمة ذلك الموقع السياسي، والتعاطي مع القضايا الإقليمية من منطلقات المصالح المشتركة لعموم دول المنطقة لخدمة أجندات حزبية ضيقة". 

الاقتصاد جانب مهم

ولا تتوقف أهمية الزيارة على جانبها السياسي، بل يمكن أن تكون بداية جديدة للتعاون التجاري والاستثماري بين البلدين، وهنا يعلق الجنيد بالقول "إن أنقرة تنظر للسعودية كأكبر سوق في الشرق الأوسط، وتطمح لإعادة جذب رؤوس الأموال السعودية باتجاه الأسواق التركية".

وقال "الرئيس أردوغان يعي خطورة الوضع الراهن للاقتصاد التركي، فلذلك يعول على حدوث مثل هذه الزيارة لأنها أحد أهم المفاتيح الضامنة لإعادة انتخابه في حال نجح في انتشال الاقتصاد التركي من أزمته الحالية، وإعادة الحياة للشراكة السعودية- التركية اقتصادياً مفتاح الرئيس أردوغان السياسي".

ترميم علاقات الشرق الأوسط

وتعد هذه الخطوة هي الأخيرة في سلسلة من الخطوات التي اتخذتها أنقرة منذ مطلع عام 2021 في استعادة علاقاتها المتعثرة في المنطقة العربية.

إذ بدأت العام المنصرم سلسلة حوارات من القاهرة، قال عنها أردوغان إنها ضرورية لأجل "الروابط التاريخية بين الشعبين".

وأضاف أن بلاده "بدأت مساراً جديداً مع مصر. أجرت أجهزة الاستخبارات محادثات، ومن ثم وزارتا الخارجية. سنواصل (هذا المسار)، ونوسعه".

وكانت تقارير صحافية مقربة من تركيا، قد قالت إن أنقرة تقترب من تسمية سفير جديد لها في مصر بعد أكثر من ثماني سنوات على طرده.

فيما استقبلت أبو ظبي أردوغان في فبراير الماضي، بعد 10 سنوات من القطيعة بحزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين في مجالات متعددة، منها "الصناعات الدفاعية".

وخلال الزيارة تم توقيع "13 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم بين عدة جهات في الإمارات ونظيراتها في تركيا"، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، وهو ما أكدته أيضاً وكالة "الأناضول" التركية.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط