Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العلاج الشافي للشعور بالذنب جراء تصفح الجوال قبل النوم

تصفح الجوال قبل الذهاب إلى السرير قد يسبب الحرمان من النوم، ماهي الحلول الممكنة لذلك؟

مشاكل لا تحصى ترافق تغلغل الهواتف الذكية في ثنايا الحياة اليومية للبشر (وكالة رويترز)

يدفن أكثر من 90 % من الشباب في أوروبا والولايات المتحدة وجوههم في شاشات هواتفهم النقالة قبل وقت النوم. ويؤدي ذلك في معظم الأحيان إلى قلة النوم. وغالباً ما يشكو الأشخاص الذين يحدقون في الشاشات بشكل متكرر من التأخر بالنوم، وقلته  علاوة على الاستيقاظ أثناء الليل. ولا ترتبط هذه الصعوبات  بالأداء الدراسي الضعيف فحسب، بل تتصل أيضاً بزيادة خطر التعرض لمشكلات صحية مثل السكري وأمراض القلب في وقت لاحق من العمر.

ونتيجة لذلك، يتم التعامل مع استخدام المراهقين للهواتف على أنه إدمان غير صحي في الكثير من وسائل الإعلام. لكن هذا الكلام يعتمد على سوء فهم جوهري للبحث. فالمشكلة لاتكمن في استخدام الشاشات ليلاً، وإنما في كيفية استخدامها.

وبعد أن أظهرت دراسة حديثة أن الحدّ من استخدام الشاشة لمدة أسبوع قد يؤدي إلى استعادة المراهقين وتيرة النوم الطبيعية، أشادت عناوين الأخبار في وسائل الإعلام بهذا الإكتشاف على نطاق واسع معتبرة أنه يمثل فرصة لشفاء للمراهقين الذين يعانون من اضطرابات النوم. وعلى أي حال، تجاهلت تلك الأخبار كلها تقريباً حقيقة أن ارتداء نظارات واقية تحجب الضوء الأزرق يؤدي الى النتيجة نفسها.

ولا شك أن التعرض للضوء الأزرق الذي يحفّز اليقظة هو مشكلة،  فالضوء الذي يصدر من شاشاتنا في الليل، قد يؤدي إلى إضطرابات في الوتيرة الطبيعية لإفراز هرمونات النوم لتحضير أجسامنا للراحة. لكنها مشكلة سهلة الحل أيضاً. وتوجد بالفعل تطبيقات على الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمولة التي تعمل على تخفيف زرقة الضوء مع مرور الوقت خلال اليوم، مُجنّبة المراهقين إلى حد ما التوقع غير المنطقي بأن يقوموا بارتداء النظارات الواقية الخاصة.

أهمية المحتوى

هناك مشكلة أخطر في صميم العلاقة بين النوم و الأجهزة المستخدمة قُبيل الخلود إليه، ليس فقط بين الشباب ولكن بالنسبة لنا جميعاً. فالشاشات التي نشاهدها ليست خالية من المحتوى، ولاشك أن كيفية تفاعلنا معها هي أمر جوهري.

لا تسبّب الأنشطة غير الانفعالية، مثل قراءة محتوى محايد، المشاكل تقريباً،  طالما تمّ توخي الحرص لتجنّب إبقاء المخ في حالة تأهب في وقت متأخر من الليل. والمجال الرئيسي الذي يثير القلق هو مواقع التواصل الاجتماعي. ولعل ما يقرب من نصف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 17 عاماً يعترفون بأنهم متصلون بالإنترنت بشكل دائم تقريباً، وغالباً ما يشكو الأشخاص الذين يحدقون في الشاشات بشكل متكرر، من التأخر بالنوم  علاوة على الاستيقاظ أثناء الليل.

لكن هذه الآثار السلبية تعتمد أيضاً على علاقتنا بوسائل التواصل الاجتماعي، أكثر من مجرد استخدامنا لها. ويشير البحث الذي أجري في مختبرنا ومخابر أخرى إلى أن الآثار السلبية لاستخدام الوسائط الاجتماعية على نوعية النوم قد تكون نتيجة للقلق والاكتئاب والتقليل من احترام الذات،  وهي مشاعر يمكن أن تثيرها كلها الوسائط الاجتماعية. ومن الأهمية بمكان، أن الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية ليست حتمية، ولكنها تعتمد على الطريقة التي نتفاعل بها عبر الإنترنت. ويمكن أن يكون استخدام الشاشة مفيداً حقاً عندما يتم ذلك بالطريقة الصحيحة.

فعلى سبيل المثال، يرتبط الوقت المستهلك في استخدام المنصات، التي تُشكل الصور قوامها مثل انستاغرام وسناب تشات (ولكن ليس المنصات التي قوامها الكتابة مثل تويتر)، بتدني الإحساس بالوحدة، وقد يرجع ذلك إلى زيادة الشعور بالحميمية والترابط. ومع ذلك، يُعتبر توفر هذه الفائدة مشروطاً  باستخدام المنصة للتفاعل مع الآخرين، إذ يشكو أولئك الذين يقتصر نشاطهم على النشر  من الشعور بالوحدة. ويعتمد الأمر أيضاً على متابعة الأشخاص الذين تعرفهم، فكلما ارتفع عدد الغرباء الذين تتابعهم، كلما زاد احتمال تعرضك لأعراض الاكتئاب.

وقد يكون من المفاجىء لك أيضاً أن تعرف أن المقارنات الاجتماعية ليست إشكالية على الدوام، فالمهم هو كيف نعقد هذه المقارنات. وقد تؤدي المقارنات في القدرات إلى الاكتئاب والحسد ، مثل مقارنة الشخص نفسه مع صور تنشرها مواقع "التشجيع على اللياقة" لأجساد نموذجية لايملك سوى القليلين منا الوقت والقدرة الكافيين لجعل أجسادهم شبيهة بها. لكن من ناحية أخرى، يمكن للمقارنات التي تتعلق بوجهات النظر، حيث يبحث مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي عن آراء الآخرين لفهم العالم من حولهم، أن تثير الشعور بالإلهام والتفاؤل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نصائح لتصفح ليلي صحي

وبعد أخذ كل ما سلف بالاعتبار، إليكم بعض النصائح التي تستند إلى أحدث الأبحاث عن استخدام الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي لمساعدتكم على الاستفادة  إلى الحدّ الاقصى من تصفحكم المسائي والتمتع بنوم جيد في الليل.

• استخدموا المنصات الخاصة بكم لتكوين جماعات والمحافظة على علاقاتكم من خلال التفاعل، علماً أن الإكثار من التصفح الصامت والبث الذاتي قد يؤدي إلى إقلاق راحة بالكم وبالتالي التأثير سلباً بسلاسة نومكم. وتذكروا أن أفضل صور الأشخاص التي ترونها لا تمثل الحياة الحقيقية.

• حاولوا أن تتجنبوا قضاء آخر نصف ساعة قبل النوم في فعل أي أشياء محفزة للغاية. وضع الهاتف جانباً قبل وقت النوم بقليل هو عادة يُستحسن اتباعها، ولكن إن كنتم ستستخدمون الهاتف، فاستعملوا تطبيقاً يحجب الضوء الأزرق، واحرصوا على أن يكون نشاطكم  من نوع غير انفعالي وغير عاطفي ما سيتيح لكم الاستسلام للشعور بالنعاس.

• إذا كنتم تعتقدون أن الأنشطة تعيق شعوركم بالنعاس  أو أن الروتين خلال وقت النوم في المنزل لا يتواءم معكم، عليكم التحدث إلى شخص ما. النوم مهم ولكن إرسال الآباء أبناءهم إلى الفراش قبل أن يكونوا مستعدين للنوم لايعتبر الخطة المُثلى دائماً.

نحن بحاجة إلى الابتعاد عن الكلام السائد الذي يشيع  أن استخدام الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي هو شر محدق وعائق في وجه النمو الصحي. ولا ينبغي أن يكون استخدامنا للأجهزة قبل النوم محفزاً لشعورنا بالذنب. فعالم الإنترنت غني ومتنوع.

واستخدام الوسائط الاجتماعية، مثله مثل أي تفاعل اجتماعي، قد أن يكون ضاراً إذا تم توجيهه بالاتجاه الخطأ. ولكن العالم الافتراضي الذي تفتحه أمامنا هذه الوسائط يمكن أن يكون أيضاً مُرْضياً وغنياً بالمعلومات ومُشجعاً. لذا، دعونا ننشىء مجتمعاً يستخدمها بشكل صحي، وذلك  ليس فقط عن طريق حجب الضوء الأزرق، ولكن أيضاً عن طريق حجب الأشياء التي تجعلكم ترون أنفسكم من خلال الضوء الأزرق الضار.

هيذر كليلاند وودز أستاذ محاضرة في علم النفس بجامعة غلاسكو. هولي سكوت تحمل شهادة الدكتوراه في علم النفس من جامعة غلاسكو. نُشر هذا المقال لأول مرة في موقع ’المحادثة - The Conversation’ الإخباري الأسترالي.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من علوم