Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما قصة "تويتر" وكيف بدأ وتطور في سنوات قليلة؟

من مجرد موقع لتبادل الرسائل القصيرة إلى منصة مؤثرة في السياسة وتشكيل الرأي العام

ظل موقع "تويتر" على مدى عامين منصة لتبادل الرسائل القصيرة بين مجموعات المستخدمين (رويترز)

أثارت صفقة عرض استحواذ الملياردير الأميركي، إيلون ماسك صاحب شركة السيارات الكهربائية "تيسلا" وأغنى أغنياء العالم، على موقع التواصل "تويتر" ردود فعل متباينة، خصوصاً وأن ماسك أعلن في عرضه الذي قيم الشركة بنحو 44 مليار دولار أنه ينوي تحويلها من شركة عامة مسجلة في البورصة إلى شركة خاصة. ولم يقتصر الجدل على بعض المشاهير الذين أوقفوا حساباتهم تحسباً لسيطرة ماسك على الموقع، وإنما أعرب البيت الأبيض عن قلقه، وحذرت المفوضية الأوروبية ماسك من أن "تويتر" سيكون ملزماً باتباع قواعد تنظيم المنصات الرقمية في أوروبا. بينما أعرب أحد مؤسسي "تويتر"، جاك دورسي (الذي ارتبط تويتر باسمه رغم أنه كان واحداً من 4 مؤسسين)، عن ثقته في أن مستقبل الموقع لن يكون أفضل إلا وهو في يد ماسك.

يعكس ذلك أهمية موقع "تويتر" في عالم اليوم، ليس فقط من حيث كونه أصبح شركة تكنولوجية كبيرة، ولكن أيضاً لتأثيره في الحياة العامة، وعلى توجهات مئات الملايين ممن يستخدمونه يومياً حول العالم. في صفحة التعريف الثابتة على الموقع تعلن الشركة أن "تويتر خدمة مفتوحة تضم عالماً من المعلومات والناس والتوجهات والأفكار المختلفة". أما المبادئ التي تعلن الشركة أنها تحكم عملها فهي كما ورد على صفحتها: "الاهتمام بالصحة، والصراحة، وكسب ثقة الناس، ومزج الربح بتحقيق الأهداف، وأن نتميز بالسرعة والمرح والحرية".

لكن نظرة سريعة على تاريخ موقع التدوينات المصغر منذ بدايته حتى الآن، ربما تثير جدلاً آخر حول تلك الأهداف والمبادئ التي تعلن الشركة أنها تحكم عملها. فما  "تويتر"، وما قصته، وكيف تحول في فترة لا تتجاوز العقد ونصف العقد من الزمن إلى ما هو عليه الآن؟

البداية

بحسب تعريف الموسوعة البريطانية، فإن "تويتر" هو "خدمة مدونات قصيرة جداً لنشر رسائل قصيرة بين مجموعات من المتلقين باستخدام كمبيوتر شخصي أو هاتف نقال". يبدو التعريف منطقياً إذ إن اثنين من مؤسسي "تويتر" الأربعة كانا يعملان في شركة "غوغل" وأحدهما، إيفان ويليامز، هو الذي ابتكر "المدونة" على الإنترنت. 

في عام 2004 كوّن ويليامز مع زميله السابق من غوغل بيز ستون وشريكهما نواه غلاس شركة "أوديو" للبودكاست (المدونات الصوتية على الإنترنت). في عام 2005 أعلنت شركة "أبل" العملاقة أنها ستضيف خدمة "بودكاست" لمنصتها الرقمية "آي تونز"، ورأت قيادة شركة "أوديو" أنها لا تستطيع منافسة "أبل" وطلبت من العاملين في الشركة التقدم بمشروعات لنشاط آخر. فاقترح أحد العاملين بالشركة، وهو جاك دورسي، خدمة رسائل نصية قصيرة عبر الإنترنت يمكن أن يشاركها المستخدم مع أصدقائه بتحديثات سريعة. واقترح نواه غلاس اسم "Twttr" وأرسل دورسي أول "تغريدة" في 21 مارس (آذار) 2006 وتم إطلاق النسخة المكتملة من موقع "Twitter" في يوليو (تموز) 2006. في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2006 اشترى ويليامز وستون ودورسي شركة "أوديو" وبدأوا شركة جديدة هي "أوفيوس كروب" قبل أن يتم إطلاق شركة "تويتر إنك" الحالية في أبريل (نيسان) 2007.

ظل موقع "تويتر" على مدى عامين منصة لتبادل الرسائل القصيرة بين مجموعات المستخدمين، وتعتمد الشركة على ضخ المال فيها من مستثمرين من دون أن تفكر في إمكانية تحقيق عائدات معقولة توفر ربحاً. وفي عام 2009 أعلنت شركة "فيسبوك"، عملاق مواقع التواصل، أنها حققت أرباحاً لأول مرة في تاريخها. في ذلك العام زاد مستخدمو "تويتر" بنسبة هائلة (1300 في المئة). وبدأ الموقع يفكر في سبل توفير عائدات وربما تحقيق أرباح.

التطوير

في أبريل 2010 كشف موقع "تويتر" عن تقديم خدمة جديدة هي "التغريدات المروجة"، إعلانات تظهر في حالة البحث، كمصدر رئيس للعائدات. ومع نهاية العام أطلق "تويتر" "توجهات (ترندات) مروجة" كخاصية تزرع المحتوى المروج بأجر مدفوع ضمن "الترندات" الأخرى، وأيضاً "حسابات مروجة" في قائمة الحسابات التي يتم ترسيخها للمستخدم كي يتابعها.

في سبتمبر (أيلول) 2013 تقدمت الشركة لطرح أولي للسهم في البورصة، وحين حدث الطرح في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذاك العام جمعت شركة "تويتر" 1.8 مليار دولار، ما جعل قيمتها السوقية عند 31 مليار دولار. وعاد دورسي ليصبح رئيساً تنفيذياً للشركة في أكتوبر 2015، بعدما كان ويليامز أزاحه من المنصب قبل سنوات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حتى ذلك الحين، ورغم العائدات من رسوم الترويج فإن الشركة كانت وما زالت لا تحقق الأرباح بعد. فعمل المطورون فيها على ابتكار أدوات وخصائص جديدة تزيد من تفاعل المستخدمين لزيادة العائدات وبهدف تحقيق أرباح. أضافت "تويتر" خاصية "مومنتس" التي تسمح للمستخدمين وللشركة نفسها بتجميع تغريدات حول موضوع واحد. وتظهر "مومنتس" في زاوية خاصة بها في صفحة الموقع. 

في يناير (كانون الثاني) 2017 استبدل موقع "تويتر" بخاصية "مومنتس" خاصية جديدة هي "إكسبلور" (استكشف) التي يتم فيها تجميع الموضوعات الأكثر تداولاً بما فيها قوائم "مومنتس". وفي ذلك العام أعلن الموقع زيادة عدد الحروف في التغريدة من 148 حرفاً إلى 280 حرفاً.

في نوفمبر 2020، حاول "تويتر" تقليد "فيسبوك" و"سنابتشات" و"إنستغرام" بإضافة خاصية "فليت" التي تشبه خاصية "الستوري" في التطبيقات الأخرى، وهي عبارة عن محتوى يختفي بعد 24 ساعة. لكن الخاصية لم تنجح في "تويتر"، واضطرت الشركة إلى الغائها في أغسطس (آب) 2021.

وفي مايو (أيار) من العام الماضي طرح الموقع خاصية جديدة هي "سبيس"، حيث يمكن لأي مستخدم يزيد عدد من يتابعونه على 600 أن يستضيف حواراً صوتياً على الموقع من خلال حسابه.

لكن التطوير الأهم، هو ما قام به الموقع في مارس 2016 بتغيير طريقة عرض التغريدات على صفحة المستخدم، فبدلاً من الترتيب بتاريخ النشر (الأحدث ثم ما يليه في الوقت) أصبح "التايملاين" يستخدم خوارزميات جديدة لعرض التغريدات بحيث يشاهد المستخدم على حسابه التغريدات الأكثر شعبية، أو التي دخل عليها متابعون للمستخدم أكثر من غيرها.

كان هدف الشركة من ذلك التطوير أن يجعل المستخدمين يتفاعلون أكثر، وربما أيضاً يغردون أكثر. لكن هناك من انتقد تغيير خوارزمية عرض التغريدات لأنها تؤدي إلى حالة يمكن تسميتها "فقاعة معلوماتية"- أي تجمع أصحاب الآراء الواحدة والتوجهات نفسها- في فضاء واحد من دون التعامل مع ما هو خارجه. واعتبر ذلك ضد حرية الرأي والتعبير وتنوع الأفكار، بل وما يمكن أن يؤدي إلى التشدد والتطرف.

التأثير السياسي

في البداية، اقتصر استخدام "تويتر" على المشاهير وبعض المغرمين بالتكنولوجيا وما هو جديد فيها. ثم شيئاً فشيئاً، أصبح الموقع مادة منافسة بين المشاهير- أي من لديه متابعون أكثر. وكانت التغريدات في أغلبها إما خفيفة أو مثيرة. 

لكن انطلاقة "تويتر" الأهم كانت عندما بدأ الصحافيون والإعلاميون يستخدمونه لبث المعلومات والأخبار العاجلة على الفور من موقع الحدث، أو الكشف عما هو جديد من معلومات. وهكذا تحول الموقع من منصة للمشاهير حيث يتبارون لزيادة معجبيهم إلى مصدر للأخبار والمعلومات.

وكان أول من انتبه لأهمية "تويتر" تلك وتأثيره السياسي الهائل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. فقد استخدم "تويتر" بكثافة في حملته الانتخابية عام 2008 ليتمكن من الفوز على منافسه الجمهوري السيناتور الراحل جون ماكين. فقد كان لدى أوباما وقتها متابعون على الموقع يزيدون 20 ضعفاً عما لدى ماكين والحزب الجمهوري.

لكن الحدث الذي قلب مستقبل "تويتر" كان يوم 15 يناير 2009 حين التقط راكب على عبارة صورة لطائرة ""يو أس إيرويز" الرحلة 1549 وهي تهبط في نهر هادسون في نيويورك، ونشر تغريدة فوراً وصورة للركاب وهم يخرجون من الطائرة إلى الماء. وانهار موقع "تويتر" مع محاولة الآلاف الدخول على حساب جانيس كرومس الذي نشر خبر هبوط الطائرة في النهر بوقت واحد.

في ذلك العام وحين أعلن أنصار محمود أحمدي نجاد فوزه بالانتخابات الرئاسية في إيران خرج أنصار مرشح المعارضة مير حسين موسوي إلى الشوارع محتجين واندلعت مظاهرات استدعت تدخلاً عنيفاً من الحكومة الإيرانية أسفر عن قتلى وجرحى. واستخدم أنصار موسوي "تويتر" في تنظيم المظاهرات وبث أخبار القمع الحكومي. ووصل الأمر أن طلبت وزارة الخارجية الأميركية وقتها من "تويتر" تأجيل تحديث للموقع الذي كان سيعني توقفه لمدة ساعة ونصف الساعة، حتى لا يتوقف انسياب المعلومات من احتجاجات طهران.

أما بقية استخدامات "تويتر" في الأحداث السياسية وتشكيل الرأي العام منذ عام 2011 وحتى الآن فتابعناها جميعاً بشكل مباشر في وقتها. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل وصل إلى اتهامات لدول باستخدام مواقع التواصل، ومنها "تويتر" للتلاعب بالعمليات السياسية في البلدان الغربية كما حدث في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير