Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أهراءات القمح تودع بيروت بعد 52 عاما

تم افتتاحها عام 1970 وقدمت الكويت التمويل اللازم لبنائها

بعد مرور عام ونصف العام على انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) 2021، وفي وقت لا تزال أسبابه وهوية الفاعلين مجهولة، قرر مجلس الوزراء اللبناني هدم أهراءات القمح المتصدعة وما تبقى منها بعدما تمكنت من امتصاص جزء كبير من ضغط الانفجار، وجنبت العاصمة مزيداً من الضحايا والدمار، وعملاً بتوصيات اللجنة التي يرأسها وزير العدل هنري خوري التي استندت إلى تقرير فني لشركة "خطيب وعلمي" ينصح بالهدم، كلفت الحكومة مجلس الإنماء والإعمار الإشراف على عملية الهدم، وتم تكليف وزارتي الثقافة والداخلية إقامة نصب تذكاري تخليداً لشهداء المرفأ، وقرار هدم أهراءات بيروت الشاهدة القوية على زلزال العصر والحاضرة في المرفأ منذ عام 1970 عندما تم افتتاحها، وقدمت الكويت التمويل اللازم لبنائها، انقسمت حوله الآراء واعترض عليه أهالي ضحايا المرفأ الذين اعتبروا أن الهدم يطوي صفحة الانفجار قبل معرفة الحقيقة.

أسباب هدم الأهراءات

يشرح المدير العام للحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد جريس برباري لـ"اندبندنت عربية"، انطلاقاً من مسؤوليته عن الإدارة المالية للأهراءات والمؤيد لتوصيات اللجنة الفنية، أن أهراءات بيروت من الناحية العلمية لم تعد قابلة للإصلاح وهي مرشحة أن تهبط لوحدها مع الزمن، وبحسب برباري الذي هو مهندس معماري أيضاً، فإن انفجار الرابع من أغسطس، قد ضرب ما يعرف بـ"PILES" الأهراءات وكسر أساساتها وتضعضعت وتحركت من مكانها، كاشفاً عن أن المهندس الفرنسي للشركة السويسرية "AMANN" التي كلفت بدراسة واقع الأهراءات قد رفع تقريراً ذكر فيه أن الأهراءات، وبسبب الأمطار، فهي تميل يومياً بين سبعة وثمانية سنتيمترات، وكشف برباري عن أن خيار التدعيم لم يؤخذ لأنه مكلف ولا يعطي نتيجة، كما أن الدولة لا تملك السيولة وقد جرت محاولات أولية لتدعيم الأهراءات ولم تنجح.

الهدم يحتاج إلى أموال

على الرغم من أن القرار الرسمي بهدم أهراءات بيروت قد اتخذ، فإن التنفيذ لا يزال يحتاج إلى الوقت والتمويل، بحسب المعلومات، فإن مجلس الإنماء والإعمار الذي كلف بعملية الهدم سيعمد في المرحلة المقبلة إلى وضع دراسة لكلفة عملية الهدم، ويفترض أن تجرى مناقصة وعرض للأسعار، والكلفة المقدرة، بحسب المدير العام لإدارة الحبوب والشمندر جريس برباري لن تكون أقل من عشرة ملايين دولار، وقد يتطلب الأمر الاستعانة ببعض المانحين أو الهبات الخارجية، وبتكليف من مجلس الوزراء، يعمل وزير الثقافة محمد مرتضى على الخيار البديل الذي ينص على إنشاء معلم عالمي ملاصق للمرفأ عبارة عن حديقة عامة تحتضن نصباً تذكارياً للانفجار من تصميم الفنان رودي رحمة الذي كشف لـ"اندبندنت عربية" عن أن القسم الأسفل من النصب التذكاري سيكون على ارتفاع 16 متراً، وسيكون كناية عن متحف يضم كل معالم الانفجار ومشاهد تجسد ما حصل في ذلك اليوم المشؤوم، وفوق المتحف سيرتفع تمثال بعلو يصل إلى 35 متراً يجسد الحالات الإنسانية والضحايا، لينتهي بالأمل الجديد وقيامة لبنان عبر أجيال وأجيال ستستمر بيروت باحتضانها وتقديمها.

هل من أهراءات بديلة؟

يقول برباري إن الخطة الأساسية التي وضعت لإعادة إعمار المرفأ قد لحظت إعادة تشييد أهراءات جديدة لكن ليس في المكان الذي كانت فيه سابقاً، لأن الحاجة، كما قال، وفق الشركات الأجنبية التي أبدت اهتمامها بالمرفأ، هي استحداث مساحات، وبالتالي، فإن الأهراءات الجديدة قد تكون أصغر، وفي زاوية أخرى من المرفأ، لكن يفترض أن تكون على مسافة قريبة من البحر، مراعاة للتقنيات الحديثة في نقل القمح من البواخر مباشرة إلى الأهراءات، وبحسب برباري، لا يمكن الاستغناء عن بناء أهراءات في بيروت والكلام عن تشييدها خارج العاصمة هو غير منطقي متسائلاً إذا بنينا أهراءات في صور، كيف ننقل القمح منها إلى عكار في أقصى الشمال؟

تمويل بناء الأهراءات

علماً أن دولة الكويت كانت أعلنت بعد الانفجار عن استعداد بلادها لإعادة تمويل بناء الأهراءات، إلا أن الأمور بقيت حتى الآن في إطار إعلان النيات، والمعلوم أن قرار إعادة إعمار مرفأ بيروت لا يزال على الورق فقط، وقد تمت فرملته بانتظار إنجاز الرؤيا الوطنية للمرافئ والمخطط التوجيهي لمرفأ بيروت والإطار القانوني الجديد لقطاع المرافئ، وفق ما أكد أكثر من مرة وزير الأشغال والنقل علي حمية، وعلى الرغم من تقدم شركات عالمية ومحلية باقتراحات لإعادة إعمار المرفأ، فإن لا شيء قد بتّ بعد بانتظار المخطط التوجيهي الكامل للمرفأ، ووحده الشق المتعلق بإدارة وتشغيل الحاويات قد حسم منذ نحو شهرين، بعدما رسا عقد إدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات لمدة عشر سنوات على مجموعة الشحن الفرنسية "سي أم سي جي أم"، المملوكة من عائلة "سعادة" اللبنانية الفرنسية.

التحقيقات في الانفجار ما تزال معلقة

ويربط وليم نون شقيق جو نون أحد ضحايا فوج إطفاء بيروت، اعتراض أهالي ضحايا انفجار المرفأ على قرار هدم مبنى الأهراءات بتوقف التحقيقات، ويقول إن "اعتراضنا ليس على خطوة هدم الأهراءات بل على اتخاذ القرار قبل انتهاء التحقيقات وقبل صدور القرار الظني"، ففي الوقت الذي انتظر فيه الأهالي قراراً من مجلس الوزراء يحثّ فيه وزير المال على توقيع التشكيلات القضائية الاستثنائية ليتمكن قاضي التحقيق طارق بيطار من استكمال تحقيقاته، إذ بالحكومة، بحسب نو، تصدر قراراً يقضي بمحو آثار الجريمة التي أودت بأشقائنا وأهلنا، الأمر الذي لن نقبل به أبداً، كاشفاً عن تحرك باتجاه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الأيام المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

معلوم أن التحقيقات في انفجار المرفأ متوقفة منذ نحو خمسة أشهر، ولم يتمكن القاضي بيطار منذ نهاية العام الفائت من النظر في القضية، ولم يتمكن من الدعوة إلى أي جلسة تحقيق جديدة مع أي من المدعى عليهم، فآخر جلسة تحقيق كانت مع وزير الأشغال السابق غازي زعيتر لكنها أرجئت بعد تبلغ بيطار دعوى الرد بحقه، وبلغت الدعاوى المقدمة بحق بيطار نحو 27 دعوى بين مخاصمة ونقل ورد، ودعوى أمام التفتيش القضائي، التي كانت نتيجتها تعطيلاً مستمراً للتحقيقات.

التعيينات القضائية

وعلى خط التأخير في البت في مصير هذه الدعاوى، دخل عنصر جديد تمثل بعدم توقيع وزير المال على التعيينات القضائية الاستثنائية لملء الشواغر في الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي يعود إليها قرار البت بدعوى مخاصمة الدولة المقدمة بحق بيطار، ويفسر البعض عدم توقيع خليل على مرسوم التشكيلات القضائية الجزئية بأنها استكمال لمسار التعطيل نفسه لا سيما أن الشغور في بعض الغرف في محكمة التمييز يبقي القاضي بيطار خارج ملف تحقيقات المرفأ، كون وزير المال محسوباً على رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو من حصة حركة "أمل" في الحكومة التي ادعى بيطار على اثنين من نوابها، هما وزير المال السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر.

الميثاقية

في المقابل، تؤكد مصادر مقربة من وزير المال أنه لا يزال يدرس مرسوم تعيينات محاكم التمييز القضائية، وترد أسباب عدم التوقيع إلى عدم مراعاة المرسوم الميثاقية المطلوبة في قرارات كهذه، والمقصود بذلك المناصفة بين المسيحيين والمسلمين بحيث سيكون عدد أعضاد الهيئة العامة لمحكمة التمييز 11 عضواً، ستة مسيحيين وخمسة مسلمين، بدلاً من خمسة مسلمين وخمسة مسيحيين، ويستند أصحاب هذا الرأي إلى الفتوى الاستثنائية التي اتخذت سابقاً والتي قضت بتعيين قاضٍ مسيحي لترؤس الغرفة الأولى بدلاً من رئيس مجلس القضاء الأعلى، ومع بقاء هذه الفتوى وعدم تمكن القاضي سهيل عبود من ترؤس الغرفة الأولى التي أحيلت بحسب التشكيلات إلى القاضي ناجي عيد، فإن عدد المسيحيين فاق عدد المسلمين. 

المزيد من تقارير