Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التعدد بإذن قضائي... "الزوجة الثانية" تقلب أحوال الأسرة المصرية

مشروع قانون يعطي المرأة حق التطليق إذا رفضت "الضرة" وأزهريون ينتقدون

مشروع قانون يشترط إذنا قضائيا لتنظيم تعدد الزوجات في مصر  (أ ف ب)

أثار مشروع قانون مقترح بشأن الأحوال الشخصية في مصر حالة من الجدل إعلامياً وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، لما يتضمنه من منع تعدد الزوجات إلا بإذن قضائي بعد استدعاء قاضي محكمة الأسرة للزوجة ومعرفة رأيها في الموافقة على الزواج من عدمه.

الزواج بإذن

وجاء منع تعدد الزوجات إلا بإذن قضائي في المادة 14 من مشروع القانون، الذي تقدمت به عضوة مجلس النواب نشوى الديب، وتنص على أنه "إذا رغب الزوج بالتعدد، يتقدم بطلب لقاضي محكمة الأسرة بصفته قاضياً للأمور المستعجلة، لإخطار الزوجة برغبته بالزواج بأخرى على أن تمثل لإبداء الرأي بالموافقة أو الرفض، كما تخطر من يريد الزواج بها بأن لديه زوجة أو أخريات".

ونصت المادة 16 على "حق الزوجة في حالة رغبة الزوج  بالارتباط بأخرى أن تقوم المحكمة بمراجعتها، والحصول منها على موافقة، فإذا رفضت يحق للمحكمة أن تتدخل وتحاول الصلح بينهما، وفي حالة إصرار الأخير على الأمر، يحق للأولى طلب تطليقها بأمر المحكمة والحصول على كل حقوقها المادية المقررة للمطلقة. أما في حالة موافقتها، فتطلب المحكمة منه التزام توفير نفقاتها ونفقات أولادها، وكذلك حقوقها الشرعية ومتابعة تربية الأبناء، وتقرّ المحكمة للزوج بالتعدد، وفي حالة تقصيره أو تقاعسه يحق لها التطليق، وتحصل أيضاً على كافة حقوقها كمطلقة".

وكانت مؤسسة "قضايا المرأة المصرية"، وهي حقوقية معنية بهذا الشأن، كشفت عن مشاركتها في إعداد مشروع القانون، مؤكدة أنها صاغت مقترح القانون تحت شعار "قانون أسرة أكثر عدالة"، وأقامت حوارات ومناقشات في مختلف المحافظات للحصول على رأي وتوافق مجتمعي بشأنه.

محاولة لإقامة العدل

وقالت الديب، عضوة البرلمان المصري ومقدمة مشروع القانون إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، في تصريحات صحافية، إن "مشروعها ألزم الزوج الحصول على إذن من القاضي حال رغبته بالارتباط بأخرى، واعتبرت ذلك محاولة لإقامة العدل، وللحفاظ على الأسرة المصرية وحق المرأة في معرفة أن زوجها سيُقبل على هذا الأمر".

وأشارت إلى أن "تعدد الزوجات في الدين الإسلامي حلال ورخصة إلهية، لكنها مشروطة بتحقيق العدل، ما يعني أن مشروع القانون ينظم التعدد ولا يمنعه". وأوضحت أن "المادة المتعلقة بالزواج الثاني وغيرها من المواد وما يستجد فيها من الناحية الشرعية يأتي في إطار تجديد الخطاب الديني، ليتواكب مع المتغيرات التي تحدث في عالمنا الحالي، بخاصة أن الشرع يتلاءم مع ظروف الزمان والمكان". وأقرّت أنها "توقعت انتقادات عدة، بخاصة من أصحاب الفكر الظلامي، الرافضين لتجديد الخطاب الديني والرافضين لظهور تسامح الإسلام"، بحسب تعبيرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مناصفة الثروة والممتلكات

كما تضمنت المادة 19 من مشروع القانون أنه "يجوز كتابة نص عند الزواج على اقتسام ما يتم تكوينه من ثروات وممتلكات وأموال خلال فترة الزوجية. وفي حالة الطلاق، يجري تقسيمها مناصفة أو بشكل نسبي وبحسب الاتفاق، هذا بخلاف الحقوق الأخرى للزوجة المترتبة على الطلاق، ولا يدخل في الاتفاق الميراث أو الهبة التي تؤول لأحد الزوجين، أو ما تم تكوينه قبل الزواج". وهي المادة التي تعيد إلى الأذهان مطالبات شيخ الأزهر أحمد الطيب بإعادة إحياء فتوى "حق الكدّ والسعاية للمرأة"، وهي فتوى تقضي بنصيب معلوم لها في مال زوجها، سواء في حالة الطلاق أو الوفاة، نظير عملها ومشاركتها له في تكوين تلك الثروة.

مخالف للشرع

من جانبه، قال عبد الشافي الشيخ، أحد علماء الأزهر، إن المقترح التشريعي مطروح من أجل صناعة "بروباغندا إعلامية ليس إلا"، مشيراً إلى أن "مقدمة مشروع القانون لو لديها خوف حقيقي على المجتمع المصري والأسر، فعليها إيجاد حلول منطقية للمشكلات الأسرية، بعيداً من الشطحات".

وأوضح، في تصريحات خاصة، أن "مشروع القانون الجديد بما احتواه من بنود، سيفتح باباً خلفياً للزواج العرفي والخيانات الزوجية بدلاً من حل المشكلات المعاصرة"، لافتاً إلى "ضرورة احترام مواد قانون الأحوال الشخصية للشريعة الإسلامية، بخاصة أن التعديل الجديد لن يدرّ نفعاً على الأسرة بعكس ما يتم ادعاؤه".

وشدد العالم الأزهري على أن "مشروع القانون الجديد ومواده المختلف عليها مخالِفة للشريعة الإسلامية"، مؤكداً أن "الدين الإسلامي لم يشترط إذن القاضي للزواج الثاني أو إلزامه تطليق الزوجة الأولى إذا لم توافق". واعتبر أن "الخوف على انهيار الأسرة هو السبب الحقيقي لإخفاء غالبية الأزواج زواجهم الثاني"، لافتاً إلى أنه "بدلاً من تشريع قوانين جديدة تساعد في هدم الأسرة المصرية، علينا البحث عن حلول للمشكلات المجتمعية بالحكمة، وفي إطار المودة والرحمة"، ومشيراً إلى أن "القوانين لن تساعد في حل الأزمات الأسرية".

كذلك، انتقد نقيب المأذونين إسلام عامر، المقترح التشريعي، واصفاً النص على إلزام الإذن القضائي للزواج الثاني بأنه مخالف للشرع ولا يمكن إقراره. وقال عامر، في تصريحات صحافية، إن "الشرط الجديد للزواج الثاني بموافقة الزوجة الأولى أو تطليقها سيكون باباً خلفياً للزواج العرفي"، مشدداً على أن "الزواج الثاني حق أصيل للرجل كفلته الشريعة الإسلامية، من دون وجود شروط لإذن الأولى".

محاولات متكررة

محاولة إصدار تشريع ينظم عملية الزواج الثاني في مصر، ليست الأولى، ففي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تقدمت الحكومة المصرية للبرلمان بمشروع قانون تنظيم عمل المأذونين، الذي شمل على مادة تنظم الزواج الثاني، من خلال إلزام المأذون الشرعي عدم إتمام العقد لمن يقوم بالزواج للمرة الثانية، إلا إذا أحضر إذناً كتابياً من الأولى، لحفظ حقها. ولم يصدر مشروع القانون حتى الآن بعد اختلاف المتخصصين على عدد من المواد، ومطالبتهم بعقد حوار مجتمعي لم يتم.

كما تقدمت عضوة مجلس النواب هالة أبو السعد، بمشروع لتعديل قانون الأحوال الشخصية في نوفمبر من العام الماضي، نص على حبس الزوج الراغب بالزواج مرة أخرى مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاثة أعوام، وبغرامة لا تقلّ عن 20 ألف جنيه (1079.8 دولار) ولا تزيد على 50 ألف جنيه (2699.5 دولار)، في حالة عدم إقراره باسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته أو أقرّ بمحل إقامة غير صحيح لهن، أو حاول بأي طريقة أخرى إخفاء الزواج بأخرى أو ذكر معلومات خاطئة أو مغلوطة. ولم تتم مناقشة الاقتراح التشريعي الذي أثار جدلاً إعلامياً واسعاً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير