Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف خسرت بورصة مصر 2.3 مليار دولار في 5 جلسات؟

أجمع باحثون على أن غياب المحفزات سبب أساسي للخسائر

البورصة المصرية تتعرض لخسائر فادحة خلال الأيام العشر الأوائل من أبريل الحالي (أ ف ب)

تعرضت بورصة مصر لخسائر مدوية في الأيام العشر الأوائل من أبريل (نيسان) الحالي، بعدما فقد رأسمالها السوقي للأسهم المقيدة في سوق المال ما يزيد على الـ43 مليار جنيه (نحو 2.3 مليار دولار) على مدى خمس جلسات.

وتراجع رأس مال البورصة السوقي من 739 مليار جنيه (39.9 مليار دولار) في مطلع أبريل إلى 696 مليار جنيه (37.6 مليار دولار) أمس الاثنين، قبل أن تدخل السوق المصرية خمس صفقات إماراتية، للاستحواذ على شركات مدرجة في البورصة بقيمة إجمالية تصل إلى ملياري دولار.

وصعد رأس المال السوقي بمقدار ثمانية مليارات جنيه (432 مليون دولار) عند مستوى 704 مليارات جنيه (38 مليار دولار) مع ختام جلسة اليوم الثلاثاء، ليصعد مع إعلان مجلس إدارة البورصة اليوم إتمام الصفقات الإماراتية الخمس، بعد أن استحوذ صندوق الثروة السيادي "القابضة" (ADQ) المملوك لحكومة أبو ظبي، على أسهم وحصص في خمس شركات مدرجة بالبورصة المصرية، بقيمة إجمالية تقترب من الملياري دولار وفقاً لبيان رسمي صادر من البورصة.

صفقات إماراتية

وتنوعت صفقات اليوم بين بيع أسهم لشركة أبوقير للأسمدة (المملوكة للدولة) بنسبة 21 في المئة إلى 271.573 ألف سهم بقيمة 391.9 مليون دولار، إلى جانب الاستحواذ على 17.5 في المئة من أسهم البنك التجاري الدولي (الذراع الاستثمارية الكبرى من القطاع الخاص) بقيمة إجمالية بلغت 911 مليون دولار، إضافة إلى استحواذ القابضة على 20 في المئة من أسهم شركة موبكو للأسمدة (التابعة للدولة) بقيمة 266.6 مليون دولار، كما استحوذت الشركة الإماراتية على نحو 32 في المئة من أسهم شركة الإسكندرية لتداول الحاويات (مملوكة للدولة) بقيمة 186 مليون دولار، وأخيراً الاستحواذ على 12.6 في المئة من أسهم شركة فوري بقيمة 68.6 مليون دولار.

نفق الخسائر

وقبل الصفقات الإماراتية دخلت بورصة مصر في نفق الخسائر مع بداية الشهر الحالي، إذ حققت في جلسة الثلاثاء الخامس من أبريل خسائر بلغت نحو 15 مليار جنيه (811.5 مليون دولار)، ثم واصلت الخسائر في الجلسة التالية الأربعاء 6 أبريل بقيمة 1.5 مليار جنيه (82 مليون دولار)، وأغلقت في جلسة نهاية الأسبوع الماضي الخميس على خسائر بلغت نحو 11 مليار جنيه (595 مليون دولار).

وافتتحت سوق المال المصرية أولى جلسات الأسبوع الحالي بخسائر أيضاً يوم الأحد الماضي بقيمة بلغت نحو عشرة مليارات جنيه (541 مليون دولار) ليهبط رأسمالها السوقي إلى نحو 711 مليار جنيه (38.4 مليار دولار)، وواصلت في اليوم التالي مع ختام جلسة أمس الاثنين 11 أبريل تحقيق الخسائر بقيمة بلغت نحو 15 مليار جنيه (811.5 مليون دولار) ويقبع رأس المال السوقي عند مستوى 696.3 مليار جنيه (37.6 مليار دولار).

أين المحفزات؟

أوجاع بورصة مصر رصدها المحللون والمتخصصون في حديثهم لـ"اندبندنت عربية"، وأرجعوا الأداء المتدني إلى عدة أسباب، أبرزها عدم تراجع الحكومة عن تطبيق الضريبة على الأرباح الرأسمالية للبورصة التي طبقت رسمياً في الأول من يناير (كانون الثاني) 2022.

وقالت المتخصصة في شؤون سوق المال، حنان رمسيس، "إن عوامل عدة أسهمت في التراجع الذي تعانيه السوق منذ بداية العام"، مؤكدة "أن أبرز تلك العوامل هو غياب المحفزات التي تنشط السوق، خصوصاً مع صغار المستثمرين والأفراد، في ظل تشبث الحكومة المصرية بتطبيق ضريبة على الأرباح الرأسمالية للبورصة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت "أن الخسائر تتعلق أيضاً بالتقارير الاقتصادية السلبية أخيراً، ومنها تراجع رصيد الاحتياطي النقدي الأجنبي، وكذلك معدلات التضخم المرتفعة التي وصلت إلى 12 في المئة خلال مارس (آذار) الماضي، مما أربك حسابات المستثمرين العرب والمصريين والأجانب، خوفاً من تكرار الأزمة المصرفية اللبنانية في القاهرة، وهو ما أثر سلباً في حركة التداول في السوق"، ولفتت إلى "أن حركة وحجم التداول في رمضان يتسمان بالبطء والتراجع أيضاً".

تفاعل إيجابي

وحول تأثير الصفقات الإماراتية اليوم، أكدت "رمسيس" أن المؤشرات الرئيسة بدأت في التفاعل الإيجابي مع إتمام الاستحواذات الإماراتية في جلسة اليوم على بعض الأسهم، مما دعم حركة التداولات وقيمتها، وتحولت المؤشرات إلى المنطقة الخضراء، بعد أن قفز المؤشر الرئيس للسوق بنحو 1.33 في المئة ليصل إلى مستوى 10871 نقطة وسط توجه من المستثمرين العرب والأجانب نحو البيع بقيمة بلغت 24 مليار جنيه (1.2 مليار دولار) مقابل حركات بيع بلغت 29.5 مليار جنيه (1.5 مليار دولار)، بينما بلغت قيمة التداول نحو 29.7 مليار جنيه في حين بلغت كمية التداول نحو 1.6 مليون ورقة منفذة على 6.98 ألف عملية.

وتراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي الشهر الماضي بنحو أربعة مليارات دولار ليهبط عند مستوى 37 مليار دولار وفقاً لبيان رسمي.

في مطلع العام الحالي 2022 طبقت القاهرة ضريبة الأرباح الرأسمالية على التعاملات بالبورصة بنسبة عشرة في المئة مع إعفاء المستثمرين المحليين من ضريبة الدمغة بعد تأجيل لمدة ست سنوات، إذ إنها طبقت للمرة الأولى في عام 2014، مما تسبب وقتها في اضطراب في سوق المال المصرية حول طريقة احتسابها، لتقرر الحكومة في مايو (أيار) عام 2015 تأجيلها للمرة الأولى لمدة عامين، ومع قرب انتهاء فترة التأجيل عادت لتأجيلها للمرة الثانية، لكن هذه المرة لمدة ثلاث سنوات مع فرض ضريبة دمغة عوضاً عنها، وضغطت جائحة كورونا لتأجيل الضريبة للمرة الثالثة حتى نهاية عام 2021.

هوية اقتصادية غير واضحة

من جانبه، قال المحلل المالي، عيسى فتحي، إن "البورصة في مصر تعاني بسبب الأزمات التي تواجه الاقتصاد بشكل عام، إذ إن البورصة دائماً هي مرآة الاقتصاد"، موضحاً "أن الهوية الاقتصادية للدولة غير واضحة"، متسائلاً، "هل نتبع نظام الاقتصاد الحر أم الاشتراكي؟"، لافتاً إلى أن "تلك الحالة تربك المستثمرين، خصوصاً العرب والأجانب، مطالباً الدولة بتحديد القطاعات الاقتصادية التي تعمل بها ودون ذلك هو نطاق عمل القطاع الخاص"، مشيراً إلى أن "تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية منذ بداية يناير الحالي إحدى الأزمات التي عمقت من أوجاع السوق المصرية".

الصفقة الإماراتية تحت القصف

وعبر بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي من المتخصصين وغيرهم عن غضبهم من استحواذ صندوق الثروة الإماراتي على بعض الشركات المصرية، بحجة أن الشركات المستحوذ عليها رابحة وليست خاسرة، إلى جانب تدني أسعار بيع الأسهم داخل الصفقات.

وهو ما رد عليه نائب رئيس لجنة الاستدامة بالاتحاد العالمي للبورصات السابق، مدحت نافع، بأنه "اعتراض غير مبرر". مشيراً إلى أن "الحجج التي استند إليها المعترضون واهية"، لافتاً إلى أن "أبزر أسباب الاعتراض هو أن شركات الصفقة الإماراتية من الشركات الرابحة متسائلاً: هل كتب على المستثمرين الاستثمار في الشركات الخاسرة أو المتعثرة فحسب"، مؤكداً أن هذا "يعد تربصاً بالتحرك الحكومي لجذب استثمارات لسوق المال".

وأضاف "أن صناعات الأسمدة من الصناعات الكبرى التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة ورؤوس أموال كبيرة للتطوير والتشغيل، ومن الممكن أن تعتمد على شركتي (أبو قير) و(موبكو) في تمويل احتياجاتها المستقبلية في ظل أزمة الغاز العالمية في أقل تقدير"، مشيراً إلى "أن بعض الشركات التي جرى الاستحواذ على حصص منها كانت بالفعل مدرجة ضمن برنامج الطروحات الحكومية، الذي تعثر تحت وطأة الظروف العالمية المحلية في سوق المال".

وحول اعتراض البعض على تدني أسعار الصفقات والأسهم المباعة قال نافع، "قوانين الاستثمار المعلومة للجميع تؤكد أن البيع والشراء يرجعان إلى التفاوض بين طرفين من حق المستثمر أن يقتنص الفرصة المناسبة له، ومن حق البائع أن يفاوض وأن يتخير عدداً من بدائل التقييم العادل للسهم، بعيداً من آلية السوق الثانوية، أو في الأقل عدم الركون إلى أسعار الأسهم في البورصة بشكل حصري عند إتمام صفقة البيع".

وأمس الاثنين، اجتمع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي برئيس مجلس إدارة البورصة المصرية محمد فريد، لمناقشة محاور لزيادة قيمة وحجم استثمارات المؤسسات الحكومية الكبرى في البورصة، وعلى رأسها هيئتا التأمينات الاجتماعية والبريد لتنشيط التداول وتعزيز السيولة.

ووفقاً لبيان رسمي قال رئيس الوزراء "إن حكومته تحرص بشكل دائم على التنسيق مع إدارة البورصة المصرية، وتبني ودعم الخطط الطموحة التي تستهدف تحقيق الشمول المالي والاستثماري، وتيسير الخدمات من خلال التحول الرقمي، لزيادة قدرة السوق المصرية على جذب الاستثمارات".

استثمارات المؤسسات الحكومية ضعيفة

ومن جانبه، قال رئيس البورصة المصرية، محمد فريد، "إن استثمارات المؤسسات الحكومية لا تزال ضعيفة جداً مقارنة بنسب استثمارها في الأسواق الإقليمية والعالمية، وإن زيادة هذا النوع من الاستثمارات يطمئن المستثمرين الأجانب، ويجذبهم إلى السوق مرة أخرى بعد الخروج الكبير في الفترة الأخيرة".

وعرض فريد قائمة من المقترحات على رئيس الوزراء التي قد تسهم في زيادة أعداد الشركات المقيدة، وأعداد المستثمرين للنهوض بسوق المال المصرية، وزيادة قدرتها التنافسية والتوسع في قدرتها على توفير التمويل لقطاعات اقتصادية مختلفة، بالإضافة إلى زيادة نسبة مكون الاستثمار المؤسسي الحكومي في سوق الأوراق المالية، وتطور الطروحات الحكومية كعنصر رئيس في زيادة أعداد المستثمرين في السوق، فضلاً عن جذب رؤوس الأموال الأجنبية، بما يسهم في دعم خطط الدولة لإحراز أهداف التنمية الشاملة المستدامة.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة