Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يدخل الاقتصادان البريطاني والأميركي في ركود؟

الناتج المحلي الإجمالي لم يحقق الشهر قبل الماضي أي نمو ويكاد ينكمش

تم خفض توقعات النمو الحقيقي للاقتصاد البريطاني خلال الربع الأول من 1.3 في المئة إلى 1 في المئة (أ ف ب)

أظهرت الأرقام التي أصدرها المكتب الوطني للإحصاء، الإثنين 11 أبريل (نيسان)، أن الناتج المحلي الاجمالي في بريطانيا لم يحقق أي نمو يذكر في شهر فبراير (شباط) الماضي، وبلغت نسبة النمو بمعدل شهري 0.1 في المئة فقط، في وقت كانت آراء الاقتصاديين في استطلاع لوكالة "رويترز" قبل صدور البيانات توقعت نمواً بنسبة 0.3 في المئة، وكان النمو الاقتصادي لشهر يناير (كانون الثاني) عند نسبة 0.8 في المئة.

وتم خفض توقعات النمو الحقيقي للاقتصاد البريطاني في الربع الأول من 1.3 في المئة سابقاً إلى واحد في المئة، بانتظار صدور أرقام النمو لشهر مارس (آذار) لحساب الرقم النهائي. يذكر أن الأرقام الصادرة لا تأخذ في الاعتبار تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا على الاقتصاد بعد، إذ إنها تتناول الفترة السابقة على بداية الحرب نهاية شهر فبراير.

ويتوقع محللون واقتصاديون في استطلاعات الرأي المختلفة ألا يزيد النمو الاقتصادي في بريطانيا للربع الأول عن نسبة 0.9 في المئة، وذلك أيضاً من دون حساب التأثير الكامل للحرب في أوكرانيا. ودفعت الأرقام الأخيرة المعلقين إلى الحديث مجدداً عن احتمال دخول الاقتصاد البريطاني في ركود في الربعين المقبلين من العام، ويعني الركود تقنياً انكماش الناتج المحلي الاجمالي لربعين متتاليين.

أسباب التراجع

من تفاصيل بيان مكتب الاحصاء الوطني بشأن نمو الاقتصاد في الشهر قبل الماضي، يتضح أن السبب في تراجع النمو في الفترة من يناير إلى فبراير يرجع إلى الضعف الشديد في النشاط الاقتصادي في قطاعات مثل الرعاية الصحية وعائدات السياحة التي تبطأت بسبب العواصف إضافة إلى تعطل سلاسل التوريد.

وقال مدير الاحصاءات الاقتصادية في المكتب الوطني للإحصاء دارن مورغان، "لم يتغير وضع الاقتصاد تقريباً في فبراير على الرغم من تخفيف القيود على السفر الدولي وزيادة ثقة الناس في إمكان حجز عطلات لهم في بريطانيا وهو ما أدى إلى زيادة نشاط وكالات السفر والرحلات والفنادق". وبالفعل، حقق قطاع الرحلات السياحية نمواً بنسبة 33 في المئة وحقق قطاع الفنادق نمواً بنسبة 23 في المئة في تلك الفترة، لكن ذلك لم ينعكس في الرقم الاجمالي للناتج الاقتصادي في ارتفاع معدلات التضخم والعوامل السلبية الأخرى.

وتشير الأرقام إلى أن الصورة العامة للاقتصاد "في وضع هش وستزداد ضعفاً مستقبلاً"، كما يقول جورج لاغارياس كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات العالمية "مازارس" في مقابلة مع صحيفة "فايننشيال تايمز"، بينما تقول سوزانا ستريتر من مجموعة "هارغريفز لانسداون" المالية إن "الاقتصاد البريطاني بدأت تظهر عليه علامات الضعف والهشاشة أكثر من الاقتصاد الأميركي"، الذي يواجه احتمالات الركود في الفترة المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع أرقام النمو الاقتصادي، أعلن مكتب الاحصاء الوطني أرقام التجارة البريطانية التي أظهرت زيادة العجز في الميزان التجاري في الأشهر الثلاثة المنتهية في فبراير، وظلت الصادرات البريطانية أقل من مستواها في الفترة المقابلة عام 2018، أي قبل تأثير خروجها من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، وأزمة وباء كورونا، وإجمالاً تراجعت الصادرات بنسبة 12 في المئة تقريباً عما كانت عليه في ذلك الوقت.

توقعات متشائمة

وتواصل معدلات التضخم الارتفاع بوتيرة متسارعة بما يجعل معظم الاقتصاديين والمحللين يرون احتمال أن يزيد المعدل عن توقعات بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) عند نسبة 7.5 أو ثمانية في المئة، ويقدر بعض المحللين أن يتجاوز معدل التضخم نسبة 10 في المئة قبل نهاية العام الحالي، وفي ظل توقعات استمرار ارتفاع معدلات التضخم وزيادة كلفة المعيشة التي يواجهها البريطانيون يمكن أن يتراجع الناتج البريطاني أكثر نتيجة "هبوط الطلب من المستهلك النهائي مع زيادة قلقه من ارتفاع كلفة المعيشة"، كما تقول كيتي أوشر كبيرة الاقتصاديين في معهد المديرين والوزيرة السابقة في وزارة الخزانة البريطانية.

إضافة إلى الأسباب التي ذكرها مكتب الاحصاء الوطني للتراجع الشديد في النمو الاقتصادي يتوقع المحللون أن يكون لعوامل أخرى أساسية تأثير في مزيد من تراجع النمو، ويقول كلايف دوكرا من شركة الاستشارات "بينز" إن من بين تلك العوامل "مزيداً من المخاوف الجدية بشأن استمرار ارتفاع اسعار الطاقة، كما أن تعطل الامدادات نتيجة الحرب في أوكرانيا واستمرار ارتفاع معدلات التضخم يقود إلى انزعاج حقيقي لدى المستثمرين".

ويتوقع صامويل تومبس، من شركة "بناثيون ماكرو إيكونوميكس" أن ينكمش الناتج المحلي الاجمالي البريطاني في الربع الثاني من هذا العام، أي ينمو بالسلب تحت الصفر، ويرجع السبب إلى "توقف التعافي في إنفاق المستهلكين وتراجع الناتج في قطاع الرعاية الصحية إلى الصفر تقريباً".

الاقتصاد الأميركي

وعلى الرغم من أن الاقتصاد الأميركي، أكبر اقتصاد في العالم، في وضع أفضل من نظيره البريطاني إلا أن التوقعات تجمع الاقتصادين معاً في احتمالات الركود الاقتصادي وتقريباً للعوامل نفسها: ارتفاع معدلات التضخم بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء ومشكلات سلاسل التوريد التي زادت مع الحرب في أوكرانيا، هذا طبعاً مع احتمالات مزيد من التدهور في الانفاق الاستهلاكي نتيجة ارتفاع كلف المعيشة.

وبلغت معدلات التضخم في الاقتصاد الأميركي أعلى مستوى لها في 40 عاماً، وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين لشهر فبراير بنسبة 7.9 في المئة. وتتوقع الأسواق أن تأتي قراءة المؤشر لشهر مارس عند نسبة ثمانية في المئة، في الوقت نفسه، ارتفع مؤشر الانفاق الشخصي على الاستهلاك بنسبة 6.4 في المئة في فبراير، في أعلى مستوى له منذ عام 1982، ويتوقع استمرار ارتفاعه.

في مقابلة مع تليفزيون "ياهو فاينانس" يقول كبير الاقتصاديين في شركة "دريفوس أند ميلون" فينس راينهارت، "أتصور أن الأمر أشبه بحظ رمي العملة، أن الاقتصاد يتجه نحو الركود قبل نهاية العام"، وكان أول من توقع ركود الاقتصاد الأميركي الاقتصادي في "دويتشه بنك" ماتيو لوزيتي مشيراً إلى استمرار ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي وتيرة رفع عر الفائدة لمواجهة التضخم.

ومع توقع أن يلجأ الاحتياطي لرفع سعر الفائدة بنصف نقطة مئوية، وليس ربع نقطة، واحتمال أن يفعل ذلك ثلاث مرات متتالية، فإن ذلك قد يؤثر بالفعل على النشاط الاقتصادي بشكل عام ويقود إلى توقف النمو. والأهم، أنه في ظل ارتفاع كلفة المعيشة وتضييق المناخ الائتماني سيأخذ الانفاق الاستهلاكي في التراجع، على سبيل المثال يبلغ معدل الفائدة على قرض عقاري لمدة 30 سنة حالياً نسبة خمسة في المئة في المتوسط، ومع رفع سعر الفائدة الأساسي سترتفع كلفة الاقتراض أكثر ما يضغط على دخول الأسر الأميركية ويقلل إنفاقها، وأهمية ذلك أن الانفاق الاستهلاكي هو المكون الأكبر لنمو الناتج المحلي الإجمالي.

لكن التوقعات تتباين بشأن احتمالات الركود في الاقتصاد الأميركي، فيرى عدد قليل من المحللين والاقتصاديين أن أميركا قد تدخل في ركود بنهاية هذا العام، إنما الأغلبية تتوقع أن يكون الركود الاقتصادي العام المقبل أو حتى 2024.