Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تطبيقات البث المباشر من منصات المحاكم إلى المنافسة الرمضانية

بداية صادمة لأحداث مسلسل "لايف شو" وصناعه يتبرأون من "المحاكمة الأخلاقية"

"لايف شو" مسلسل رمضاني جديد يناقش ظاهرة تطبيقات البث المباشر المثيرة للجدل (الخدمة الإعلامية)

لم تكتسب تطبيقات البث المباشر في مصر شهرة كبيرة، إلا بعد ظهور قضايا عدة تداولتها المحاكم تتعلق بها، فعلى الرغم من أن برامج اللايف (المباشر) دخلت حياة المستخدمين شيئاً فشيئاً منذ عام 2016، لكن انتشارها الحقيقي كان منذ سنتين على الأرجح بعدما ارتبطت بأحكام قضائية وتُهَم مثل استغلال الأطفال والإتجار بالبشر والاعتداء على قيم الأسرة، ليتحوّل الأمر من وسيلة للتسلية والمشاركات الطريفة أو التوعوية، إلى عالم مخيف يقود مرتاديه إلى السجن ويقضي على مستقبل المنخرطين فيه. بالتالي، تحذر العائلات أبناءها من تلك اللعبة التي تبدو لوهلة بريئة ومصدراً سهلاً للربح المادي، ولكنها أصبحت مصدراً للرعب. إذاً هي توليفة مثالية للدراما، فكل هذا الجدل الذي يشغل الرأي العام المصري حول مشاهير "تطبيقات اللايف"، تحوّل إلى مسلسل يعرض أيضاً عبر الإنترنت خلال موسم دراما رمضان 2022.

بداية شائكة

مع بداية المشاهد الأولى، تتصاعد الأحداث سريعاً، وتبدو المشاهد غير متوقعة، لدرجة أن أحد المشتركين يقرر الانتحار على الهواء، بعدما زادت حدة الغضب والانفعال، فهل المشروع هو مجرد استغلال لقضية رائجة، لا تزال جوانبها غامضة بالنسبة إلى كثيرين، ممَن يعتبرون تلك التطبيقات وحشاً سيفترس أبناءهم ويجرهم إلى الرذيلة بسبب مغرياته المادية ومغريات الشهرة كذلك؟

السؤال مشروع ومن المفترض أن تجيب عنه بقية حلقات مسلسل "لايف شو"، المقرر عرضه خلال موسم رمضان عبر تطبيق "يوتيوب"، ولكن مخرجه ومؤلفه محمود جمال حديني يؤكد أن التحضير للمسلسل بدأ قبل أن تنتشر تلك القضايا بهذا الشكل، وقبل أن يسلّط الإعلام الضوء عليها، مضيفاً أن "العمل لا يعطي حكماً أو تقييماً أخلاقياً لمَن يظهرون على تلك التطبيقات ولا على مَن يشاهدونها، فنحن لسنا مع أو ضد تطبيق معين، ولا نهاجم أي فئة، فالمسلسل محاولة لتحليل ورصد وفهم ظاهرة منتشرة، بطريقة درامية، لمعرفة ما يدور في هذا العالم، والمؤكد أن تفاصيل بقية الحلقات ستصدم الجمهور كذلك".

المسلسل أنتجه أعضاء فرقة "1980 وانت طالع" التي تشكلت بعد نجاح العمل المسرحي الشهير الذي حمل الاسم ذاته، واستمر عرضه لمدة 8 أعوام على المسرح، تدور أحداثه حول برنامج جديد يعِد المشتركين فيه بالحصول على مبلغ مالي قدره 5000 دولار أميركي، مقابل الظهور لمدة 360 ساعة طوال شهر كامل، من خلال بث مباشر عبر أحد التطبيقات الإلكترونية التي باتت ظاهرة تنتشر سريعاً. وبالفعل، يقرر 6 أشخاص خوض التجربة، فيكون الحد الأدنى لظهورهم يومياً 12 ساعة متواصلة، وفي حال قلّ عدد الساعات المفترضة يجب عليهم تعويضها في الأيام التالية سريعاً لأنه إذا تم حساب الساعات، وجاء أقل من 360 ساعة ولو بدقيقة واحدة، فسيُحرَمون من المكافأة المادية، وهو تحدٍّ يحمل تشويقاً وإثارة وخوفاً أيضاً، ويضع المشتركين الذين تتم مراقبتهم على مدار الساعة من قبل ستة أشخاص تحت ضغط كبير، فهل هذا ما يحدث على أرض الواقع، حيث يبدو الأمر في المسلسل وكأنه سجن وتعذيب ولا تمت الأجواء بأي صلة لفكرة الفكاهة التي تنتشر عبر تلك التطبيقات؟ فهل هذا ما يحدث في الكواليس حقاً أم أن هناك مبالغة غير واقعية؟ يرى المخرج محمود جمال حديني أن "فكرة المسلسل بالطبع شائكة"، لكنه يشدد على أن "الحلقات حقيقية للغاية، والنماذج المعروضة موجودة بالفعل في الحياة. لا نتحدث بالطبع عن شخصيات بعينها، ولكن نوعيات مَن يظهرون يمكن مشاهدتهم طوال اليوم عبر تلك التطبيقات، فهناك مَن يحلمون بالانتشار الواسع على غرار مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي السابقين، بالتالي يحاولون تقليدهم بشتى الطرق، فنحن نعرض ما يجري في هذا المجتمع بكل مشكلاته وأزماته الحقيقية وراء الكاميرا، ونركز بشكل خاص على مواجهة الإنسان لذاته حينما يخوض تجربة مثل هذه، وهذا شق نفسي مهم".

سيكولوجية المستخدمين والمتابعين أيضاً

هناك العشرات من تطبيقات البث المباشر، وبحسب بيان رسمي لشركة "بيغو لايف" التي تمتلك تطبيقاً يحمل الاسم ذاته، فإنه حتى الربع الأول من العام الماضي، وصل عدد مستخدمي التطبيق الذي انطلق قبل ستة أعوام إلى 400 مليون شخص حول العالم، بينهم نجوم معروفون، أما عدد مرات تحميل برنامج "لايكي"، فوصل في الربع الأول لعام 2020 إلى 130 مليون مستخدم، وكلاهما يتبعان لشركات من سنغافورة، وبحسب بيان لـ"تيك توك"، أحد أشهر تطبيقات الفيديوهات التي أصدرته شركة صينية شهيرة، وصل عدد مستخدميه إلى مليار ونصف المليار عام 2019. هذه الأرقام تزداد بشكل مستمر بالطبع، بخاصة مع الإمكانات الجاذبة التي تتمتع بها تلك التطبيقات والتي تجعلها لدى كثيرين تتفوق على وسائل التواصل التقليدية، مثل التقنيات التي تظهر الفيديوهات قريبة إلى المستوى الاحترافي، وأيضاً المقابل المادي، إذ إن بها هدايا افتراضية مقابل أموال يمنحها المشاهدون لصاحب البث، والأخير بدوره يعيش حياته بينهم، وكأنه في غرفة مفتوحة على الدوام لكل السائلين. وبحسب تصريحات متداولة لممثلي أكثر من تطبيق، فإن نصف المستخدمين تقريباً من المراهقين ومَن هم في منتصف العشرينيات، ولكن هذا لا يمنع أيضاً أن هناك مخضرمين يخوضون هذه اللعبة مقابل الحاجة للمال، مثلما حدث مع بعض مشاهير التمثيل الذين لجأوا إلى الظهور لساعات طويلة على تلك البرامج، بل ويطلبون من المتفاعلين معهم إرسال الهدايا الثمينة لهم، وهي هدايا افتراضية تتحول إلى أموال لحساب المستخدم الذي يحظى بشعبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فمثلما هناك سيكولوجية بحاجة للدراسة تتعلق بالشخص الذي يختار أن تصبح حياته على الملأ معروضة طوال ساعات، يدور تساؤل حول سيكولوجية المتابع الذي ينفق من أمواله ليدفع لآخر لن يستفيد منها، فغالبية محتوى تلك الفيديوهات المباشرة هي ببساطة "لا شيء"، إذ يظهر الشخص وهو صامت أو يمارس مهماته اليومية، أو يطبخ أو يغني من دون محتوى مدروس أو خطة ظهور حقيقية، فكل ما يهمه هو تضييع الوقت ليحقق "التارغت" (الوقت المستهدَف). ويؤكد مؤلف ومخرج "لايف شو" مرة أخرى أن "التفاصيل تكون مثيرة للجدل في ما يتعلق بالتحليل النفسي لرواد هذا المجتمع، فكل شخص له ميوله سواء مجرد متابع لما يجري أو متورط في اللعبة بعينها". وأضاف "إذا كان بطل الفيديوهات يحاول الاستفادة وتحقيق الثروة والشهرة، ولكن ماذا يستفيد المشاهد نفسياً ومعنوياً حينما يرسل أمواله إلى شخص يظهر بالساعات يرقص أو يقرأ أو يقف صامتاً؟ ما نوع الارتياح الذي يحصل عليه حينما يرسل دعماً مادياً لرواد تلك التطبيقات؟ فتلك الأسئلة نحاول أن نجيب عنها من خلال التعمق في هذا العالم".

اختبار صعب لنجوم واعدين

كل هذه الوعود تضع العمل بحد ذاته على منصة المحاكمة، فمثلما يحاول صناعه الذين أنتجوه بجهودهم الذاتية ومن دون الاستعانة بمؤسسة كبيرة، الوصول إلى تفاصيل دقيقة حول ظاهرة تثير الجدل والغضب والحيرة بالنسبة إلى بعض الأشخاص، هم أيضاً في اختبار صعب، فيعرضون مسلسلهم على منصة مفتوحة مجانية في موسم خطير مثل سباق رمضان، وهنا يقول حديني "نحن نحاول أن نسير على الطريق الذي سار عليه كثيرون ممَن حققوا نجاحهم الحقيقي عبر يوتيوب مثل الدحيح ومروان بابلو وويغز وغيرهم، وبرامج تُصنَع للسوشيال ميديا خصيصاً، كما أننا قررنا منذ البداية أن العمل إذا لم يُعرَض على منصة كبيرة، فمن مصلحتنا أن يطرح عبر منصة مفتوحة، بخلاف أن شهر رمضان هو شهر للفرجة، فالجمهور يهيّئ نفسه لمشاهدة أكثر من عمل، بالتالي نرى أن فكرة المسلسل مناسبة للعرض الرمضاني بلا شك".

"لايف شو" مجرد سلسلة في مشروع من مواسم عدة، يتناول علاقة الإنسان بمواقع التواصل الاجتماعي، ومن بطولة نجوم فرقة "1980 وأنت طالع"، وبينهم سالي سعيد ومحمد خليفة وهبة الكومي وحاتم صلاح ووليد عبد الغني ومحمد جبر ونور سليمان، ويُعتبَر المسلسل الثاني الذي يجمع الفريق بعد "سجن اختياري"، الذي عُرض قبل ثلاثة أعوام كأول مسلسل مصري يُعرض حصرياً عبر "يوتيوب".

المزيد من منوعات