Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتراع للأفراد في تونس يمكن الأثرياء ويعزز منطق الولاءات

البعض يعتبر أن "نظام الاقتراع هذا سيفرز في حال إقراره برلماناً أكثر تشتتاً ولن يمثل قوة موازنة مع السلطة التنفيذية"

قرار الرئيس قيس سعيد الاقتراع على الأفراد يثير جدلاً واسعاً في تونس (أ ف ب)

قبل أقل من أربعة أشهر على موعد الاستفتاء المرتقب في 25 يوليو (تموز) المقبل، للتصويت على القانون الانتخابي والنظام السياسي، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد أن التصويت في الانتخابات التشريعية المقبلة سيكون على الأفراد، وليس على القوائم، وفي دورتين، وذلك على قاعدة نتائج الاستشارة الوطنية.

تصريح سعيد جاء على هامش زيارته ضريح الزعيم الحبيب بورقيبة في ذكرى وفاته، وأثار القرار حول النظام الانتخابي جدلاً واسعاً في صفوف المهتمين بالشأن العام، أولاً بخصوص استباق الرئيس الحوار الوطني المزمع تنظيمه خلال الفترة المقبلة لرسم الخطوط السياسية الكبرى للخروج من الأزمة السياسية، وثانياً بخصوص طريقة الاقتراع في حد ذاتها، والتي قسّمت الآراء بين مؤيد ومعارض.

الولاءات القبلية 

ومن خصوصيات التصويت على القوائم (النظام الانتخابي الذي اعتمدته تونس منذ انتخابات 2014، وهو نظام يكون غالباً ممثلاً لأحزاب سياسية) أن يجد الناخب نفسه مخيراً بين برامج انتخابية لعدد من الأحزاب السياسية أو القوائم المستقلة، لكن في هذا النوع من الاقتراع يجهل الناخب المرشحين على خلاف الاقتراع على الأفراد، الذي يمكن الناخب من معرفة المرشحين فرداً فرداً، وإن يرى البعض أن الاقتراع على الأفراد تدخل فيه اعتبارات أخرى عند التصويت، منها الولاءات العائلية والقبلية، وغيرها، في حين يرى البعض الآخر أن التصويت على القوائم يحرم الناخبين من فرصة التصويت على شخصيات من أكثر من قائمة، وتطعيم قوائم الأحزاب بشخصيات مستقلة.

في هذا الصدد، يقول العضو السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات سامي بن سلامة، "لا يمكن الحديث عن نظام انتخاب على الأفراد في غياب تقسيم جديد للدوائر الانتخابية"، مفسراً، "وذلك عن طريق تقسيم الدوائر الانتخابية، بحيث يتم مسبقاً تحديد عدد النواب المطلوب".

وميزة نظام التصويت على الأفراد، بحسب ابن سلامة، هو أنه "يحد من مساحة الدوائر، خصوصاً عندما يكون مدروساً، فإنه يراعي التقسيم الترابي العشائري أو القبلي، بالتالي يصبح التصويت مواطنياً، وليس قبائلياً، أو عشائرياً".

كما يعتقد ابن سلامة أن "هذا النظام المطروح يقرب النائب المنتخب من المواطن"، وهو نظام فيه سلبيات طبعاً كأي نظام انتخابي آخر، لكن إيجابياته كثيرة جداً، وفق ما صرح به.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف أنه حان الوقت كي يعرف التونسيون لمن صوتوا من خلال الكشف عن المرشحين، وانتخابهم مباشرة، عكس نظام الانتخاب على القوائم.

كما يعتقد أن شروط الترشح ستعدل في مسألة كثرة عدد الترشحات أو الترشحات المشكوك في كفاءتها أو في احترامها للقانون.

صفوة القوم 

إلا أن أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي لها رأي مخالف تماماً، بل رأي رافض لنظام الاقتراع على الأفراد، موجهةً السؤال التالي: "لمن يصر على الاقتراع على الأفراد، هل هو مقتنع بأن هذا الاقتراع يضمن لنا صعود نواب من صفوة القوم؟"، مفسرةً، "عندما يترشح شاب متخرج في الجامعة في دائرة انتخابية ويكون منافسه أو منافسوه في نفس الدائرة من أعيان القوم، وخصوصاً إذا كانوا من ميسوري الحال، ستكون حظوظ الشاب قليلة جداً"، مواصلةً، "إذا ترشحت مثلاً في الدائرة شخصية مرموقة ومعروفة بدماثة أخلاقها، وتجد نفسها في منافسة مهرب أو مجرم ميسور الحال، فلن تكون لها حظوظ أيضاً".

وأظهرت القليبي تخوفها من تراجع تمثيلية المرأة في البرلمان بسبب نظام الاقتراع، لا سيما أن نظام الاقتراع على القوائم يفرض التناصف. وأوضحت أن "الاقتراع على الأفراد لا يمكن أن يكون أداة تضمن تمثيل الأفضل، إلا في ذهن الأشخاص التي تتوسم في نفسهم أن المرأة تملك أحقية المشاركة في الانتخابات والفوز فيها"، مضيفةً، "في مجتمعنا الاقتراع على الأفراد يزيد من تقويض فكرة أن على الدولة أن تكون قائمة على مؤسسات، وليس على علاقات شخصية، بالتالي هذا النوع من الاقتراع سيعمق منطق الولاء لابن العم والخال والعرش والقبيلة، وغيرها"، بالتالي اعتبرت أستاذة القانون أن "نظام الاقتراع على الأفراد سيفرز في حال إقراره برلماناً أكثر تشتتاً من برلمان 2019، ولن يمثل قوة موازنة مع السلطة التنفيذية".

مشكل ديموغرافي - اجتماعي

من جهتها، ترى أستاذة القانون العام هناء بن عبدة أن الاقتراع على الأفراد يعطي عدم توازن كلياً في تمثيلية المواطنين، متحدثة عن وجود مشكل ديموغرافي - اجتماعي آخر، وهو العروشية أو القبلية في المناطق الداخلية، كما عبّرت عن مخاوف أخرى هي أن الحالة المادية للمرشحين ستلعب دوراً كبيراً في صعود الأغنياء وأصحاب الجاه والمهربين مقابل عدم قدرة من لا يملكون المال على المنافسة".

المشكلة الاجتماعية الأخرى، بحسب بن عبدة، هي أن الاختيار لن يكون لا على البرنامج، ولا على مستوى المرشح، وإنما على صيته في منطقته ومدى قدرته على التعبئة الزبائنية"، على حد تعبيرها.

يُذكر أن نتائج الاستشارة الوطنية الإلكترونية في تونس كشفت قبل أيام وبخصوص نظام الاقتراع المفضل، عن اختيار 70.7 في المئة من المشاركين، نظام الاقتراع على الأفراد، في حين فضّل 21.8 في المئة نظام الاقتراع على القوائم.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي