Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يقصي الرئيس التونسي أحزابا من المشاركة في الانتخابات؟

يجمع الباحثون على أن المشاركة السياسية حق طبيعي لكل مواطن

الغنوشي لدى وصوله إلى مقر الشرطة القضائية في العاصمة التونسية، حيث خضع للاستجواب، في 1 أبريل الحالي (أ ب)

تتفاعل في المشهد السياسي التونسي، ارتدادات خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد، بمناسبة إعلانه حل البرلمان، حيث جدد التأكيد على أن الانتخابات ستجري في موعدها في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مستغرباً القراءات الدستورية التي أكدت أنه في صورة حل البرلمان تجرى الانتخابات خلال 3 أشهر.

وكان سعيد قال في الكلمة التي توجه بها إلى الشعب التونسي، وقرر خلالها حل البرلمان، أن الأحزاب التي شاركت في الجلسة الافتراضية، لمجلس نواب الشعب، لن تشارك في الانتخابات المقبلة. كما شدد على أن الحوار الوطني الذي سيُبنى على مخرجات "الاستشارة الوطنية الإلكترونية" لن تشارك فيه الأحزاب التي "حاولت الانقلاب على الدولة"، وذلك خلال لقائه، الجمعة 1 أبريل (نيسان) الحالي، بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي. فهل ينوي رئيس الجمهورية فعلاً إقصاء بعض الأحزاب من الحوار الوطني ومن المشاركة في الانتخابات؟ وهل يمكن بناء ديمقراطية عبر الإقصاء؟

الاستيلاء السياسي

مثلت فكرة "الاستيلاء السياسي" في التاريخ التونسي المعاصر، ثقافة كامنة في العقل السياسي لدولة الاستقلال وما بعدها، بدءاً بالزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الذي اختزل الدولة والوطن وحركة التحرر الوطني، ثم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، الذي أقصى معارضيه، وأسس نظاماً شمولياً يقوم على الحزب الواحد وبعض أحزاب المعارضة الكرتونية.
وعرف المشهد السياسي في تونس بعد عام 2011، حكماً ائتلافياً (الترويكا الحاكمة 2011-2014)، ثم توافقاً هشاً (النداء والنهضة 2014-2018)، وهي تجربة حكم طغت عليها الحسابات السياسية وتقاسم السلطة، إلى أن ساد مناخ من عدم الثقة في الطبقة السياسية هيأ لمسار الخامس والعشرين من يوليو (تموز) 2021.

لحظة 25 يوليو

 مثلت لحظة الخامس والعشرين من يوليو 2021، محطةً فارقة في تاريخ تونس ما بعد عام 2011، فابتهج قسم كبير من التونسيين بالتخلص من عبء سياسيين يتجادلون ويتصارعون دون فائدة، وتحمسوا لـ"تصحيح المسار" الذي اختارته البلاد بعد انتفاضة عام 2011، عبر إعلان "الإجراءات الاستثنائية" من قبل الرئيس سعيد، والذهاب إلى انتخابات تسبقها إصلاحات دستورية ضرورية حتى لا يُعاد إنتاج المشهد نفسه. وعلى الرغم من طول أمد الإجراءات الاستثنائية، وتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي بقي سعيّد متصدراً لنوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية، بينما تتآكل قواعد "حركة النهضة"، التي بات رئيسها راشد الغنوشي الشخصية الأقل ثقة بالنسبة إلى التونسيين.

وفي ظل وضع اجتماعي واقتصادي هش، وسط جمود سياسي تحت سقف الإجراءات الاستثنائية، وحالة الطوارئ، يتخوف التونسيون على مستقبل بلدهم الذي يعيش صراعات سياسية وانقسامات حادة تغذيها تصريحات الرئيس بإقصاء أحزاب من المشاركة السياسية، واحتكار السلطة ما يعيد إلى أذهانهم فكرة الاستيلاء السياسي.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


المشاركة السياسية حق طبيعي

ويُجمِع الباحثون في العلوم السياسية على أن "المشاركة السياسية حق طبيعي لكل مواطن، ويبقى القضاء وحده هو الفيصل في كل نزاع". وأكد أستاذ القانون الدستوري في الجامعة التونسية، خالد الدبابي، أن "مسألة مشاركة الأحزاب، من عدمها في الانتخابات التشريعية، ليست من اختصاص رئيس الجمهورية"، لافتاً إلى أن "مخالفة القانون تترتب عليها عقوبات جزائية أو مالية من المحاكم التونسية".

ودعا الدبابي رئيس الجمهورية، إلى "عدم التدخل في العملية الانتخابية"، وأن "يختزل المرحلة الاستثنائية التي طالت ورسم ملامحها لوحده"، مشدداً على أن "الصندوق هو الفيصل، والشعب هو الوحيد الذي يُعاقب أي جهة سياسية بسبب عدم قدرتها على إدارة الشأن العام، ولا يمكن لرئيس الجمهورية أن يكون في الوقت ذاته الخصم والحكم".

حوار وطني مع داعمي مسار 25 يوليو

في هذه الأثناء، تدعم بعض الأحزاب المساندة لرئيس الجمهورية في مسار 25 يوليو، إبعاد أحزاب أخرى لا تتفق مع هذا المسار، عن المشاركة في الحوار الوطني. وتدعو إلى التعجيل بإحالة الأحزاب المتورطة في المنظومة التي حكمت تونس طيلة 10 سنوات مضت، على القضاء لتُحاسب على الجرائم التي يتهمونها بارتكابتها.

وصرح سرحان الناصري، رئيس حزب "التحالف من أجل تونس"، أن "القضاء وحده هو من يقصي بعض الجهات السياسية من المشاركة في الانتخابات، من خلال أحكام قضائية نهائية"، مضيفاً أن حزبه يدعم "الديمقراطية التشاركية دون إقصاء"، بينما يتفق مع الرئيس في "إبعاد الأحزاب التي تلاعبت بقوت التونسيين، من الحوار الوطني".

لا ديمقراطية

في المقابل، رأى أستاذ القانون سمير بن عمر، أن سعيد، "يعبر عن رغبة في إقصاء الخصوم السياسيين من الانتخابات المقبلة"، مشيراً إلى أن "رئيس الجمهورية وضع يده على السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهو يعمل الآن على تزوير إرادة الناخبين والانقلاب على الصندوق".

وأكد أنه "لا يمكن الحديث عن ديمقراطية في تونس مع مشروع قيس سعيد"، مرجحاً "إبعاد بعض الأحزاب من المشاركة السياسية". ولفت إلى أن "الانتخابات التشريعية ستكون مهزلة ولن يتم الاعتراف بها محلياً ودولياً".

المزيد من العالم العربي